واشنطن تلغي اجتماع القاهرة مع وفد الحكومة السودانية
تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT
قال المبعوث الأميركي للسودان توم بيريللو، إنه تم بشكل مفاجئ إلغاء اللقاء الذي كان من المقرر عقده مع وفد الحكومة السودانية في مصر يوم الأربعاء، بسبب "خرق الوفد للبروتوكولات"، لكن بيان صادر عن الحكومة السودانية قال إن عدم عقد الاجتماع جاء لظروف تتعلق بوفد الولايات المتحدة الأمريكية.
وأوضح بيريللو في تغريدة على منصة "إكس" حددت الحكومة المصرية موعدًا لعقد اجتماع مع وفد من بورتسودان، لكن قيل لنا إنه سيتم إلغاء الاجتماع بعد أن خرق الوفد البروتوكولات".
السودان يشارك في اجتماع السادس لآلية التنسيق العربية للحد من مخاطر الكوارث متحدث الصحة "للوفد": اتخذنا جميع الإجراءات الاحترازية حيال القادمين من السودان
وأردف: "نحن متحمسون لمواصلة رؤية نتائج جهودنا مع مصر والشركاء الدوليين في جنيف لتوسيع نطاق الوصول الإنساني والبرامج الأخرى لتخفيف معاناة الشعب السوداني".
روايات متباينة
على الجانب الآخر، قالت حكومة السودان إنها قررت إرسال وفد حكومي للقاهرة للقاء الوفد الأميركي، وقد وصل اثنان من أعضاء الوفد إلى القاهرة يوم الاثنين.
وأضافت "هذا تأكيد على جديتنا ورغبتنا الصادقة في استمرار التشاور السابق الذي ابتدرناه مع الولايات المتحدة بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية في الفترة من 9 وحتى 10 أغسطس الجاري".
وفيما أكدت تقارير إعلامية إن طبيعة تكوين الوفد كانت أحد الأسباب التي أدت إلى إلغاء الاجتماع، وأن الولايات المتحدة والوساطة قالت إنها تريد وفدا يمثل الجيش السوداني، أسندت الحكومة السودانية رئاسة الوفد لوزير المعادن محمد بشير أبو نمو القيادي في حركة مني أركي مناوي المتحالفة مع الجيش والذي ترأس وفدا التقى بالوساطة في جدة قبل نحو أسبوعين دون تحقيق اي تقدم.
تداعيات
وفقا للكاتبة الصحفية صباح محمد الحسن، فإن ما يحدث من كر وفر في ميادين التفاوض ما هو إلا تراكم تخوف "أشبه بمرض الرهاب الاجتماعي".
وفي حين قال مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة السوداني إن المشاورات التي كان من المزمع عقدها مع الوفدين الأميركي ليست لديها علاقة بمفاوضات جنيف، بل "تهدف توضيح رؤيتنا حول تنفيذ إعلان جدة. ترى الكاتبة السودانية أن القيادة العسكرية "أضاعت فرصة جدة وجاءت حاليا لتبحث عنها في حين تقول واشنطن إنها تحترم رغبته في العودة الي جدة، ولكنها تؤكد له بشدة على أن محادثات جنيف مبنية على ما جرى التوصل إليه في منبر جدة (...) أي أن الولايات المتحدة تكتم سخريتها بأن ليس هناك مهرب وأن ليس ثمة فرق بين اتفاق جدة وجنيف لطالما أن الوساطة هي الراعي لجدة وجنيف".
ووصف الناشط السياسي حسن بكري تصريحات عقار بـ "الكارثية"، وقال إنه لا يمكن فهمها بمعزل عن “طريقة التفكير الرسمي حول موقفهم الحقيقي من جنيف والتفاوض عموما (...) فالجيش يريد أن يحقق من التفاوض ما فشل في تحقيقه عبر المعارك".
ويرى بكري أن الأمر سينتهي بتدخل أممي، متوقعا فشل رهان الجيش السوداني على روسيا بمنع أي خطوة قد تقود إلى عودة السودان للبند السابع.
وأضاف "مالم يحدث اختراق في الأيام القادمة، فإننا سندخل لمربع مختلف كليا عن كل ما سبق، وستتعقد الأمور بشكل مُربك وستحول الحرب الى حروب متعددة وتكون الفوضى هي عنوان القادم".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: واشنطن وفد الحكومة السودانية الحکومة السودانیة الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
هل تنجح تشكيلة الحكومة السودانية بالتعامل مع الملفات الساخنة؟
الخرطوم- بعد نحو شهرين منذ تعيينه رئيسا للوزراء في السودان، اقترب كامل إدريس من استكمال تشكيل حكومته بشكل متدرج عبر 5 مجموعات، وبات الشعب ينتظر أفعالا سريعة تغير واقعه المعقد، بعد أكثر من 27 شهرا من اندلاع القتال في بلاده، مما يضع إدريس فوق صفيح ساخن حسب مراقبين.
وفي مطلع يونيو/حزيران الماضي أعلن كامل إدريس عن هيكل "حكومة الأمل" المكون من 22 وزارة، بعدما حل الحكومة المكلفة منذ يناير/كانون الثاني 2022، مع استحداث هيئة للشفافية والنزاهة لمكافحة الفساد، وتعهد بالتقشف والعدل والتسامح ومحاربة التطرف.
وخلال نحو شهرين عين إدريس 20 وزيرا ، آخرهم 5 وزراء لشؤون مجلس الوزراء، والطاقة، والتحول الرقمي والاتصالات، والتعليم والتربية الوطنية، والشباب والرياضة، كما شملت هذه المجموعة لأول مرة وزراء دولة للخارجية، والمالية، والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
وبينما غاب 6 وزراء عن مراسم أداء اليمين الدستورية، يستمر الغموض حول غياب وزير الزراعة والثروة الحيوانية أحمد التجاني المنصوري بعد أسابيع من تعيينه ونفيه اعتذاره عن الوزارة، وكذلك غاب وزير الصحة المعز عمر بخيت، الذي أصيب بكسر بقدمه في مقر إقامته في البحرين وانتقل إلى بريطانيا للعلاج المتوقع أن يستمر شهورا.
لا تزال وزارتا الخارجية والبيئة والاستدامة شاغرتين، وسط أحاديث رائجة عن أن إدريس سيتولى حقيبة الخارجية مؤقتا إلى جانب رئاسة الوزراء، مما أثار تساؤلات في منصات ومواقع التواصل الاجتماعي حول دوافع ذلك، في ظل ظروف تستدعي تسمية وزير خارجية لمجابهة ظروف معقدة تواجه السودان دوليا.
ومن أبرز الملاحظات على تشكيلة الحكومة عودة 5 وزراء إلى مواقعهم، وهم وزراء المال جبريل إبراهيم، والإعلام والثقافة خالد الإعيسر، والحكم الاتحادي محمد كورتكيلا، والصناعة والتجارة محاسن يعقوب، والتعليم والتربية الوطنية التهامي الزين حجر، الذي أمضى في موقعه أقل من شهر قبل إقالته بحل الحكومة.
إعلانوفي خطوة لافتة، شملت المجموعة الوزارية الأخيرة تعيين لمياء عبد الغفار وزيرة لشؤون مجلس الوزراء، وذلك لأول مرة تاريخيا، وبذلك يرتفع عدد النساء في الحكومة إلى 3، وهو أقل تمثيل نسائي في الحكومة خلال عقود خلت.
ومن الملاحظات البارزة أيضا عودة السفير عمر صديق إلى وزارته في منصب وزير دولة للشؤون الخارجية والتعاون الدولي، بعد أن شغل منصب الوزير لفترة قصيرة امتدت من أواخر أبريل/نيسان وحتى نهاية مايو/أيار الماضيين.
وقد تعاقب على الوزارة منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير عام 2019، 7 وزراء، 4 منهم خلال فترة الحرب الحالية.
ورغم أن رئيس الوزراء، قال في أول خطاب له إن "الشباب يمثلون 65% من الأمة" لم تضم الحكومة الجديدة سوى وزير شاب واحد، هو المهندس أحمد الدرديري غندور وزيرا للتحول الرقمي والاتصالات، وهو الذي تخرج في الجامعة عام 2004، حيث انتقد شباب ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي ضعف تمثيلهم وعدم مراعاة تركيبة المجتمع السوداني.
هشاشة سياسية
يوضح المحلل السياسي فيصل عبد الكريم، أن حكومة إدريس تواجه ملفات شائكة من حيث:
هشاشة المجموعات السياسية التي تدعمها، وظهر ذلك خلال مشاورات تشكيل الحكومة، مما يشير إلى تباين مواقف القوى المساندة للجيش التي تشعر بأن رئيس الوزراء لم يمنحها الاهتمام الكافي. إلى جانب الاستقطاب والانقسام السياسي، الأمر الذي يضعف الدعم السياسي للحكومة ويعطل جهود أي عملية سياسية لإنهاء الأزمة في البلاد.ووفقا لحديث المحلل للجزيرة نت فإن ثمة شكوكا حول التزام المكون العسكري تعهده بعدم التدخل في مهام واختصاصات رئيس مجلس الوزراء، حيث لم تغب أصابعهم عن مشاورات تشكيل الحكومة، ومن الصعب كذلك الحصول على دعم خارجي في ظل استمرار الحرب في أجزاء من البلاد وتقاطع الأجندة الإقليمية بشأنها، الأمر الذي يضع الحكومة أمام امتحان قاس.
وفي الشأن ذاته يعتقد خبير العلاقات الدولية والشؤون الأمنية عامر حسن، أن أمام الحكومة تحديات داخلية بالإضافة للخارجية، أبرزها:
تشغيل الجهاز التنفيذي والمؤسسات الخدمية لتحسين حياة المواطنين وتخفيف الأعباء التي فرضتها الحرب. استغلال موارد السودان ومقدراته الكبيرة لتغيير حياة المواطنين.وتحتاج الحكومة كما يقول الخبير للجزيرة نت إلى رؤية اقتصادية فاعلة تعيد البنية التحتية والقطاع الصناعي الذي تدمر، وتتجاوز مهام الوزارات الداخلية نحو الشؤون الخارجية، حيث لم يعد المجتمع الدولي والإقليمي مهتما بالسودان، حتى صار الإعلام يعدها "حربا منسية"، وهو ما انعكس على المساهمات في المساعدات الإنسانية وجعلها محدودة وبلا أثر.
يقول الخبير الاقتصادي محمد الناير للجزيرة نت، إن تشغيل دولاب العمل في الدولة واستعادة الخدمات -وخاصة الكهرباء- بعد دمار محطات التوليد والشبكات الناقلة يُعد من أهم الملفات، لأن الكهرباء هي محرك الإنتاج، إلى جانب تأهيل القطاع الزراعي وبناء القطاع الصناعي الذي تأثر بنسبة 80%، وإعادة توزيعه على الولايات بعدما كان مركّزا في العاصمة.
إعلانويعتقد الناير أن رئيس الوزراء يحتاج إلى:
تفعيل مجلس الوزراء وربط وزرائه مع الولايات. امتلاك الجرأة في اتخاذ قرارات تتعلق بالاتجاه شرقا وبناء شراكات اقتصادية والانضمام إلى مجموعة "بريكس". وقف تهريب الذهب والتحول من التعدين التقليدي للمنظم، لتحقيق استقرار اقتصادي والدخول في استثمارات كبيرة.من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم شقلاوي، أن اكتمال تشكيل الحكومة الذي تأخر نتيجة تعقيدات التوازنات السياسية والمجتمعية، يعكس محاولات جادة لإعادة هيكلة الدولة وإعادة ثقة السودانيين في مؤسساتهم.
وتحدث الكاتب للجزيرة نت عن آمال معقودة على قدرة الحكومة أن تتجاوز الأزمات التي تواجه السودان، حيث إنها صارت أمام اختبار حقيقي لفعالية الكفاءات التي تم اختيارها في تحويل الإرادة السياسية إلى نتائج ملموسة على الأرض، وقدرتها على بناء مؤسسات فاعلة، إلى جانب استعادة الثقة الشعبية، وإرساء أسس دولة العدالة والتنمية والسلام.