يعمل البنك الدولي للوصول إلى أهداف واضحة، تتمثل في القضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة في جميع أنحاء العالم، إلا أنه وفق تحليل لمجلة "فورين بوليسي" الأميركية، فإن البنك "فشل" في تحقيق تلك الأهداف، رغم "العقود الذهبية" حتى عام 2014، التي شهدت تراجعا في معدلات الفقر.

ويعتبر التحليل الذي كتبه أستاذ الاقتصاد والسياسات العامة في كلية بلافاتنيك للإدارة الحكومية بجامعة أكسفورد، بول كولير، أن عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت عتبة الفقر "مرشح للارتفاع، بسبب التفاوتات الاقتصادية بين الدول والشعوب، التي لا تزال تشكل تحديا كبيرا".

وأنشئ البنك الدولي عام 1944، لتمويل إعادة الإعمار والتنمية بعد الحرب العالمية الثانية، لكن بحلول عام 1973، عندما تراجعت الحاجة إلى إعادة الإعمار وأصبحت العديد من الدول المستقلة حديثا أعضاء، تم تحديد أهداف منقحة تستهدف تسريع النمو الاقتصادي، والقضاء على الفقر المدقع.

ولحساب تحقيق هذا الهدف، يستخدم البنك الدولي تقديرا لعدد الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 2.15 دولار في اليوم، وهو المبلغ الذي يعتبر ضروريا لتجنب الجوع، وفق التحليل، الذي يعتبر أن هذا المقياس "متحفظ للغاية" ويمكن تحقيقه "إذا وصل أفقر الناس في العالم إلى هذا الحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة".

ويضيف: "لكن حتى وفقا لهذا المقياس غير الكافي، كان البنك يفشل قبل عام 1990 في تحقيق هدفه، حيث إنه من 1960 إلى 1990، كانت دخول الدول الفقيرة تتباعد عن الدول الأغنى".

ويشير إلى أن "عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع بلغ ذروته في عام 1980 واستمر حتى أوائل التسعينيات، قبل أن تحقق الصين والهند والأسواق الناشئة الآسيوية الأخرى طفرات اقتصادية بسبب الإصلاحات التي فتحت اقتصاداتها للتجارة، وساعدت على انتشال ملايين الأشخاص من الفقر".

وحسب التقرير، فإنه "لم يكن ذلك نتيجة المساعدات الصغيرة المقدمة إلى هذه البلدان من البنك الدولي، والتي ذهبت أيضا بشكل غير متناسب إلى إفريقيا".

بالأرقام.. البنك الدولي يحذر من "عقد الفرص الضائعة" كشف أحدث تقرير للبنك الدولي بخصوص الآفاق الاقتصادية العالمية، أنه من المتوقع أن يتم تسجيل الأداء الأضعف في فترة خمس سنوات على مدار 30 عاما، وهو أمر لم تسلم منه منطقة الشرق الأوسط بالطبع التي تعاني من الصراعات والأزمات المتتالية. "مليار القاع"

ويقول كولير في تحليله: "عندما عملت لأول مرة على مشكلة التباعد العالمي في الدخل عام 2003، وجدت مشكلة أخرى لم تتم ملاحظتها في ذلك الوقت، حيث لم تتمكن مجموعة من 60 دولة فقيرة، متمركزة في إفريقيا وآسيا الوسطى وفي أماكن أخرى، من إشعال النمو الاقتصادي، وكانت تتراجع تدريجيا خلف الجميع".

ويضيف: "هذه البلدان كان لديها عدد سكان يبلغ حوالي مليار شخص، وصفتهم بمليار القاع".

ويشير كولير الذي نشر كتابا اقتصاديا بعنوان " مليار القاع: لماذا تفشل أفقر البلدان وما يمكن فعله حيال ذلك" في عام 2007، إلى أن النجاح الذي تحقق في الصين والهند وأميركا اللاتينية أيضا لم يمتد إلى "مليار القاع"، حيث استمرت دخول هؤلاء في التباعد عن مليارات الأشخاص في البلدان الناشئة و"مليار المحظوظين" في البلدان الغنية.

ويتابع: "نظرا لأن عملية النمو الاقتصادي لم تشتعل أبدا بين مليار القاع، فقد أصبح استغلال وتصدير مواردها الطبيعية الشكل الرئيسي لمشاركتها في الاقتصاد الدولي، وبالتالي لم يتغير دخلها منذ عام 2014".

ويؤكد التحليل على أنه "إذا استمر هذا الاتجاه، فإن عدد الفقراء في العالم سيعود قريبا إلى مساره الصعودي القاتم قبل عام 1990".

ويقول: "اعتبارا من عام 2035، وحسب توقعات التضخم، فإن عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر البالغ 2.15 دولارا للبنك الدولي، سيزداد بلا هوادة".

ويحذر كولير من أن "الفقر سيتركز في أماكن مختلفة تماما عن الماضي، فبدلا من الصين والهند وأميركا اللاتينية، فإن المناطق الفقيرة الجديدة هي إفريقيا وآسيا الوسطى".

وبالنظر إلى هدف البنك الدولي، فإن احتمال ازدياد الفقر في هذه المناطق التي ركز عليها منذ فترة طويلة، يجب أن يحفزه على التحرك، وفق التحليل.

"مسار جديد جريء"

ومع ذلك، ورغم هذه الصورة قاتمة، فإن بعض البلدان الواقعة بين "مليار القاع" حظيت بالثقة اللازمة للتفكير بنفسها، وهي تزدهر الآن، وفق كولير، الذي يشير إلى رواند وإثيوبيا وزامبيا، التي بدأت تعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية.

ويضيف: "بعد 30 عاما من تراجع الفقر العالمي، خدع البنك الدولي نفسه واعتقد أنه راضٍ عن هذه الإحصاءات العالمية، أو بعبارة أخرى، لابد وأنها دليل على نجاح برامجه".

ويستطرد: "لكن الواقع أن البنك الدولي كان ينفذ برامج صغيرة في الصين والهند وأميركا اللاتينية، والتي كانت برامج هامشية بالنسبة للنمو الاقتصادي والحد من الفقر في هذه المناطق"، وفق التحليل.

ويقول: "كان النفوذ الرئيسي للبنك، من خلال المشورة السياسية، والمساعدات، في أفريقيا وآسيا الوسطى. وتثبت البيانات أن هذه المناطق على وجه التحديد هي المناطق التي فشلت في تحقيق النمو وزيادة دخول أفرادها".

البنك الدولي يحذر من "شرخ" بين الدول "يعمق" الفقر حذر رئيس البنك الدولي، أجاي بانغا، الثلاثاء، من أن الشرخ المتزايد بين الدول الغنية والفقيرة يهدد بتعميق الفقر في العالم النامي، وذلك خلال اجتماع لوزراء المال وحكام المصارف المركزية لدول مجموعة العشرين تستضيفه الهند.

ويطالب كولير، البنك الدولي بإعادة هيكلة برامجه أسوة بصندوق النقد الدولي، الذي أجرى تقييما مستقلا لأدائه عام 2018، بعد أن وجد أن برنامجا واحدا فقط من كل 7 من برامجه كان ناجحا.

ويقول: "لكن بدلا من الاعتراف بنصف قرن من الفشل، واكتشاف أسبابه، وإطلاق عملية تغيير مؤسسي شامل، اتخذ البنك الدولي الخيار الشرير لإعادة تعريف أهدافه إلى شيء أسهل، كتحقيق التنمية الاقتصادية وتقليص الفجوة بين الدخل".

ويضيف التحليل: "لقد غيّر البنك الدولي ببساطة مقاييسه للفقر حتى لا تكون هناك حاجة للإبلاغ عن ارتفاع معدلات الفقر العالمي. فيما يتصاعد الغضب بسبب فشله في الاستجابة للأزمات المتعددة التي تجتاح البلدان الفقيرة".

ويؤكد كولير في تحليله أن "البنك الدولي في ظل موارده المالية الهائلة وموظفيه الأكفاء، أمامه مهمة نبيلة تنتظر من يتبناها"، ويتساءل في ختام تحليله: "فهل يتمتع رئيسه الجديد بالطموح اللازم لرسم مسار جديد جريء، أم يتراجع إلى موقف دفاعي في مواجهة البيروقراطية؟".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: البنک الدولی الصین والهند

إقرأ أيضاً:

نانت في «القاع»!

أنجيه (أ ف ب)

أخبار ذات صلة منتخب المغرب وقائده الملهم المرشح الأبرز لكأس أفريقيا الركراكي يعلن قائمة المغرب لكأس أفريقيا


زاد أنجيه محن ضيفه نانت، عندما أكرم وفادته، ومدربه الجديد المغربي أحمد القنطاري 4-1، في افتتاح المرحلة السادسة عشرة من بطولة فرنسا في كرة القدم.
وسجل الجزائري حيماد عبداللي (17 من ركلة جزاء)، وصديقي شريف (60)، والكاميروني هارونا دجيبرين (85)، وليليان راوليسوا (90+4) أهداف أنجيه، وفابيان سنتونز (81) هدف نانت.
في أول مباراة تحت قيادة القنطاري، أظهر نانت ثغراته المعتادة، وسقط بشكل ثقيل ومنطقي أمام أنجيه، وهي نتيجة تركت الضيوف في وضع حرج، إذ يحتلون المركز السابع عشر برصيد 11 نقطة، وهو نفس رصيد متذيل الترتيب متز الذي يستضيف باريس سان جيرمان «حامل اللقب» السبت، ما يعني أنه سيقضي فترة التوقف الشتوية في منطقة الهبوط.
أما أنجيه، صعد مؤقتاً إلى النصف الأول من جدول الترتيب، وتحديداً المركز التاسع برصيد 22 نقطة.
بعد أسبوع عاصف بلغ ذروته بإقالة مدربه البرتغالي لويس كاسترو، كان خليفته القنطاري تحت الأضواء، المساعد السابق لأنطوان كومبواريه في النصف الثاني من الموسم الماضي، اختار القطيعة مع أسلوب سلفه، متخلياً عن خطة 4-3-3 التي اعتمدها البرتغالي لمصلحة 4-4-2 كلاسيكية.
هذا الخيار جاء مع مفاجآت في التشكيلة، إذ أعاد الدولي المغربي السابق إلى الواجهة فابيان سنتونز الذي لم يشارك أساسياً هذا الموسم ولعب سوى مرتين في الموسم الماضي، وكذلك ياسين بنحطاب الذي نادراً ما كان ضمن المجموعة منذ المرحلة السابعة.
كما كانت مفاجئة مشاركة مصطفى محمد أساسياً بعد جلوسه على دكة البدلاء في آخر سبع مباريات، وهو يستعد للمغادرة قريباً للمشاركة مع منتخب بلاده مصر في كأس إفريقيا في المغرب.
لكن كل ذلك لم يثمر، إذ لم يكن هدف سنتونز الرائع من زاوية ضيقة قبل عشر دقائق من النهاية كافياً لتغيير النتيجة (1-2 وقتها).
فلم يحتج أنجيه إلى الكثير ليحسم المواجهة أمام نانت بلا روح.
وزاد سوء حظ نانت مع لمسة يد غير مقصودة من تايلل تاتي بعد ربع الساعة الأول، منحت أنجيه ركلة جزاء نفذها عبدلي بثقة في الزاوية اليمنى لمرمى البرتغالي أنطوني لوبيش (16).
وجاء الهدف الثاني في نهاية الربع الأول من الشوط الثاني، إثر اختراق من شريف أنهاه بتسديدة قوية خدعت لوبيش (60).
وقلص نانت الفارق مستغلاً فترة تراجع في أداء أصحاب الأرض (81)، قبل أن يعيد دجيبرين الفارق إلى سابق عهده مستغلاً كرة مرتدة من لوبيش، إثر تسديدة قوية لعبدلي (87)، وفي الوقت بدل الضائع، أضاف البديل راوليسوا الهدف الرابع من مسافة قريبة (94).

 

مقالات مشابهة

  • نانت في «القاع»!
  • وزيرا التخطيط والاستثمار يبحثان مع البنك الدولي إعداد الاستراتيجية الوطنية للاستثمار الأجنبي
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • البنك الدولي يرفع توقعاته لنمو الصين في 2025 بمقدار 0.4 نقطة مئوية
  • عاجل | البنك التجاري الدولي CIB يطلق شهادة جديدة بعائد 17.25%
  • البنك التجاري الدولي يرفع أسعار الفائدة على شهادات الادخار حتى 17.25%
  • خالد حنفي: 500 مليار دولار حجم مشروعات إعادة الإعمار التي تستهدفها مبادرة عربية - يونانية جديدة
  • البنك الدولي: الاقتصاد الصيني حافظ على قوته في الربع الثالث
  • مباحثات ليبية مع البنك الدولي لتعزيز بيئة الأعمال وإطلاق أجندة تعاون 2026
  • الحكومة الوطنية تبحث مع البنك الدولي خطط تطوير الاقتصاد