الجبل الأخضر .. مقومات سياحية تنافسية يجب استثمارها
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
تشير أغلب المصادر إلى أن بداية تسمية الجبل الأخضر تعود إلى عهد اليعاربة وإلى تنوع المحاصيل الزراعية التي جلبت إليه، ومنها على سبيل المثال: الخوخ، والرمان، واللوز، والجوز، والمشمش، والتين والكمثرى والبوت، إلى جانب تميزه بزراعة الورد.
الجبل الأخضر هو إحدى ولايات محافظة الداخلية ويتميز بالحرارة المعتدلة في الصيف والبرودة في الشتاء وهو ضمن سلسلة جبال الحجر ويبعد عن العاصمة مسقط ما يقرب من (170) كيلومترا ويقدر ارتفاعه بنحو (3000) آلاف متر عن مستوى سطح البحر.
بوابة الطريق إلى الجبل الأخضر تبدأ من نيابة بركة الموز، هذا الطريق يعطي دلالة على الجهود الكبيرة التي تم بذلها في تهيئته ليكون سالكًا في كل الأوقات باستخدام سيارات الدفع الرباعي وبعض أنواع الشاحنات. ولتطبيق معايير الأمن والسلامة تمت إضافة مخارج للطوارئ على جانبي الطريق، حيث يستطيع السائق استخدام تلك المخارج لإيقاف السيارة في حال حدوث طارئ- لا سمح الله. أيضًا عند نقطة التفتيش هناك جهود مقدرة من الجهات الأمنية في التأكد من المركبات التي يمكنها صعود الجبل. ولكن قد يكون أكثر مناسبًا إعطاء تعليمات كتابية للسائقين توضح كيفية التعامل مع السيارة في حالتي الصعود والنزول، لأن البعض من السائقين قد لا تكون لديهم المهارة الفنية، ولم يتعودوا على قيادة السيارة في مثل هذه السلسلة الجبلية. وبالتالي كتيبات الإرشادات الفنية التي توضح معايير الأمن والسلامة سوف تكون إضافة مهمة تعطي الطمأنينة لمستخدمي الطريق.
هناك الكثير من الميزات التنافسية التي ينفرد بها الجبل الأخضر منها: الطقس المعتدل، والمناظر الخلابة، وكونه ملاذًا للاستجمام ولمحبي المغامرات وتسلق الجبال واكتشاف الكهوف، وقد أصبح أيضًا مقصدًا سياحيًا لجميع الجنسيات. عليه قد يكون من المناسب نظرًا لما يزخر به الجبل الأخضر من تلك الميزات التنافسية الإسراع في استكمال مناقصة تنفيذ الطريق المقترح الذي يربط الجبل الأخضر بجنوب الباطنة، والذي طرحت مناقصته الاستشارية في شهر سبتمبر من العام الماضي. الطريق المقترح يعتبر استراتيجيًا لأنه يعمل على إيجاد مداخل ومخارج بديلة لمرتادي الجبل الأخضر باستخدام كافة أنواع السيارات، وأيضًا يعمل على تعظيم العائد على الإنفاق في السياحة الداخلية، ويعمل على تنشيطها على مدار العام سواء للعمانيين الذين يستطيعون قضاء إجازاتهم الأسبوعية، أو القادمين من خارج السلطنة الذين يقصدون الجبل لأجل السياحة، وممارسة سياحة المغامرات، والمشي والاستمتاع بجمالات الطبيعة بعيدًا عن صخب الحياة التي عادة ما تكون في المدن الرئيسية.
حسب بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات فقد بلغ عدد زوار الجبل الأخضر خلال عام (2023) ما يزيد على (205) آلاف، منخفضًا بنسبة بسيطة بلغت (1.1%) عن العام الذي سبقه، الذي بلغ فيه عدد الزوار ما يزيد على (208) آلاف. شكل العمانيون نسبة (49.6%) من الزوار، ثم تأتي الجنسيات الأجنبية بنسبة (38.9%)، والزوار من دول الخليج والدول العربية نسبة (11.5%). كما يلاحظ بأن الجنسيات الأجنبية احتلت النسبة الأعلى بعد العمانيين، الأمر الذي لا يتسق مع إحصاءات زوار خريف ظفار الذي أشرنا إليها في المقال السابق، والتي كانت نسبة الجنسيات الأجنبية هي الأقل.
الإحصاءات السابقة تشير إلى أن العدد الأكبر من الذين يزورن الجبل الأخضر هم من الجنسيات الأجنبية التي احتلت المرتبة الثانية بعد العمانيين وأكثر من الجنسيات الخليجية والعربية، ولعل السبب يكمن في أن الجبل الأخضر، هو بيئة تضاريسية لعشاق ممارسة تسلق الجبال، والمغامرات، ورياضة المشي على المدرجات، التي تستهوي الجاليات الأجنبية أكثر من الجنسيات العربية. ولأن تلك الجاليات تهتم كثيرًا بالأدلة التعريفية والكتيبات الإرشادية، عليه نقترح على الجهات المختصة بالسياحة إعادة النظر في تكثيف الإرشادات التوضيحية، بحيث تكون بلغات مختلفة يستطيع من خلالها السائح أو الزائر اتخاذ قرار التوغل في تلك المسارات، مع تقديم الدعم اللوجستي والفني في حالات الطوارئ. وقد يكون من المناسب تحديد مركز اتصال يستطيع الزائر التواصل معه للاستفسار عن الأماكن التي يمكن زيارتها. بمعنى أن يكون بالجبل الأخضر منظومة متكاملة من الخدمات التي تقدم للزائر أو السائح بحيث تساهم في الرقي بمستوى السياحة التي ينشدها الزوار. تلك الخدمات سوف تشجع السياح الذين يأتون من جميع الدول على نقل الصورة الإيجابية لجودة ونوعية الخدمات للآخرين، الأمر الذي يساهم في تعزيز حجم السياحة للقادمين من خارج السلطنة.
ونأخذ مثالا على ذلك: عند الذهاب لزيارة قرية «السويجرة» وهي أحدى قرى الجبل ذات التضاريس والسلسلة الجبلية الوعرة، فإن الطريق يحتاج إلى إرشادات توضيحية للزائرين عند نقطة البداية، توضح طبيعة الطريق وكيفية القيادة والأوقات التي ينصح فيها بزيارة تلك القرية التي هي على سفح الجبل، حيث إنه من الصعوبة الذهاب ليلا إلا للسكان الذين تعودوا على ذلك المكان. ونشير هنا إلى أن الطريق بحاجة إلى رصف وتأهيل ليكون أكثر انسيابية وسهولة للوصول لتلك القرية التي بها نزل تراثية تم افتتاحها في شهر أغسطس من العام الماضي. كما أن المناظر وطبيعة الطريق تجعلك تغوص في أعماق منطقة تستحق مزيدًا من الاهتمام والدعم، وخاصة لرواد الأعمال الذين استثمروا في النزل التراثية ذات القيمة السياحية والبيئية المتميزة.
هناك استثمارات متواصلة من القطاع الخاص في الاستثمار في القطاع السياحي والفندقي، وفي إنشاء المنتجعات السياحية وأيضًا الاستراحات الفندقية والنزل التراثية التي يستثمر فيها قاطنو الجبل. وبالتالي هناك تنوع من الخيارات المتاحة للزائرين للإقامة كل حسب مقدرته المالية. في الجانب الآخر، تلك الاستثمارات من قبل القطاع الخاص ورواد الأعمال بحاجة إلى خطط سنوية لتعزيز البنية الأساسية من الخدمات الأساسية من الطرق الداخلية، والتي البعض منها بحاجة إلى السرعة في معالجتها نظرًا لظهور التصدعات على أكتاف الطرق، مع تكوين فريق عمل للمتابعة والرقابة على بعض المطاعم ذات التصنيف المنخفض لتكون جميعها ذات جودة عالية في تقديم خدماتها، تتوافق مع الميزة التنافسية التي يتمتع بها الجبل الأخضر.
ختامًا، ولأغراض المقارنة والتخطيط المستقبلي، فإن الأرقام تشير في عام (2015) بلغ الذين زاروا الجبل الأخضر أكثر من (163) ألفا، وفي عام (2023) وصل العدد إلى أكثر من (203) آلاف، وبالتالي الزيادة في عدد الزوار بين تلك الفترة التي تصل (8) سنوات، بلغ (42) ألفا تقريبا. وإن كان العدد في مستوى تصاعدي بشكل سنوي، ولكنه يعتبر أقل من التوقعات، وأقل من المقومات التنافسية السياحية التي يزخر بها الجبل الأخضر. ولعل التوجيهات السامية برفع المستوى الإداري للجبل الأخضر من نيابة إلى «ولاية»، تعطي انطباعًا بأن الخطة التطويرية للسياحة الداخلية للجبل الأخضر سوف تكون لها الأولوية. كما أن موقعه الاستراتيجي الوسيط بين أغلب المحافظات يعطيه بعدًا تنافسيًا وجغرافيًا متميزًا من حيث سهولة زيارته ليس في الفترات الموسمية، وإنما متاح في كل أيام السنة، الأمر الذي يأمل معه الجميع بأن يكون لهذا الموقع السياحي الفريد من نوعه، المزيد من الاهتمام في خطط السياحة الداخلية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الجنسیات الأجنبیة الجبل الأخضر الأخضر من أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
22 مؤسسة سياحية عُمانية تستعرض برامجها في جولة ترويجية بشنغهاي
◄ وكيل "السياحة" يبحث تعزيز التعاون مع مجموعة "Trip.com" العالمية
مسقط- الرؤية
انطلقت بمدينة شنغهاي ثاني محطات الجولة الترويجية التي تنظمها وزارة التراث والسياحة في الصين، بوفد يترأسه سعادة عزان بن قاسم البوسعيدي وكيل وزارة التراث والسياحة للسياحة، وذلك بعد نجاح الجولة التي أقيمت في بكين.
وتستمر الجولة حتى 5 ديسمبر 2025؛ بمشاركة ممثلي 22 من مؤسسات ومنشآت القطاع السياحي العُماني، إلى جانب حضور واسع من الشركات الصينية العاملة في تنظيم الرحلات والسفر والتسويق السياحي.
والتقى سعادة عزان بن قاسم البوسعيدي- خلال حلقة العمل في شنغهاي- جيمس تانغ النائب الأول لرئيس مجموعة Trip.comالعالمية، وجرى خلال المقابلة استعراض مجالات التعاون المشترك، وبحث فرص تعزيز حضور سلطنة عُمان على منصات السفر العالمية التابعة للمجموعة، التي تُعد من أكبر شركات السفر الإلكترونية في العالم وتمتلك تأثيرًا واسعًا في السوق الآسيوي والسوق الصيني على وجه الخصوص. كما عقد سعادته، سلسلة من اللقاءات مع نخبة من الشركات المتخصصة في مجال السفر والسياحة وعدد من الشركات الاستثمارية في مجال الفندقة ومجال الطيران.
وشملت اللقاءات مجموعة فنادق جينجيانغ الدولية، إحدى أكبر المجموعات الفندقية في الصين التي تدير فنادق بمختلف الفئات وتقدّم خدمات متكاملة تشمل السفر والسياحة، بالإضافة إلى مجموعة "علي بابا" وشركة "فليجي" التابعة لها، والتي تعد من أبرز المنصات الرقمية للحجز السياحي في الصين، إضافة إلى مجموعة شنغهاي التي تقدم خدمات سياحية متكاملة للسياح الأجانب، لمناقشة خطوط الطيران وبحث سبل التعاون في مجال السفن السياحية.
كما التقى سعادة عزان بن قاسم البوسعيدي بمعالي جاو تشنغ نائب وزير الثقافة والسياحة في جمهورية الصين الشعبية، وتناول اللقاء أهمية تدشين الخط الجوي المباشر الجديد لشركة China Eastern Airlines بين مسقط وبكين، وبحص إمكانية توسيع شبكة الرحلات المباشرة خلال المرحلة المقبلة لتشمل مدنًا صينية أخرى. واستعرض الطرفان فرص تعزيز التعاون المشترك في القطاع السياحي، إلى جانب الاستفادة من اتفاقية الإعفاء المتبادل من التأشيرات بين مواطني البلدين في دعم النمو السياحي، وتسهيل التنقل، ورفع معدلات التبادل السياحي والثقافي خلال السنوات المقبلة.
وتهدف هذه الجولة إلى تعزيز مكانة سلطنة عُمان في السوق الصينية، من خلال بناء علاقات جديدة مع شركات السفر، وتطوير برامج سياحية تستجيب لتوجهات السائح الصيني الذي أظهر اهتمامًا متزايدًا بالوجهات التراثية والبيئية.
وشهدت حلقة العمل حضورًا لافتًا من مسؤولي شركات تنظيم الرحلات ومنصات الحجز الإلكتروني والمؤسسات المتخصصة في سياحة الاجتماعات والحوافز والمؤتمرات والمعارض (MICE)، إضافة إلى مؤثري منصات التواصل الاجتماعي الصينية الذين يؤدون دورًا رئيسيًا في توجيه اختيارات المسافرين.
وتضمنت فعاليات شنغهاي تنظيم جلسات أعمال ثنائية جمعت الشركات العُمانية بنحو 100 شركة سفر وسياحة صينية، تم خلالها استعراض المنتجات السياحية العُمانية من سياحة المغامرات، والسياحة التراثية، والسياحة البيئية، والسياحة الفاخرة.