تشير أغلب المصادر إلى أن بداية تسمية الجبل الأخضر تعود إلى عهد اليعاربة وإلى تنوع المحاصيل الزراعية التي جلبت إليه، ومنها على سبيل المثال: الخوخ، والرمان، واللوز، والجوز، والمشمش، والتين والكمثرى والبوت، إلى جانب تميزه بزراعة الورد.

الجبل الأخضر هو إحدى ولايات محافظة الداخلية ويتميز بالحرارة المعتدلة في الصيف والبرودة في الشتاء وهو ضمن سلسلة جبال الحجر ويبعد عن العاصمة مسقط ما يقرب من (170) كيلومترا ويقدر ارتفاعه بنحو (3000) آلاف متر عن مستوى سطح البحر.

أيضًا بعض الرواة ذكروا أنه كان يسمى بجبل اليحمد أو جبل بني ريام. وللمؤرخ الإنجليزي س. ب. مايلز صاحب كتاب الخليج بلدانه وقبائله رأي آخر، حيث يشير إلى أن أصل قبيلة بني ريام من اليمن حيث هاجروا إلى الشرق ثم استولوا على سلسلة الجبل العظيم وسموه «رضوان». ولعل ما ذكره المؤلف يمكن ربطه بمسمى قرية «حيل اليمن» وهي إحدى قرى الجبل الأخضر، وإن كنت لم أجد من المصادر ما يثبت ذلك. والشاهد في الأمر أن الجبل الأخضر ليس مكانًا سياحيًا استراتيجيًا وإنما له تاريخ سياسي وأثري وكان حصنًا منيعًا يستخدم في أوقات الحروب وذلك لصعوبة الوصول إليه. وبالتالي، دراسة إنشاء مركز ثقافي يسرد تاريخ الجبل الأخضر ويقدم خدمات متنوعة للزوار والسياح سوف يعمل على إحداث نقلة نوعية في المحافظة على التراث العماني الضارب في القدم.

بوابة الطريق إلى الجبل الأخضر تبدأ من نيابة بركة الموز، هذا الطريق يعطي دلالة على الجهود الكبيرة التي تم بذلها في تهيئته ليكون سالكًا في كل الأوقات باستخدام سيارات الدفع الرباعي وبعض أنواع الشاحنات. ولتطبيق معايير الأمن والسلامة تمت إضافة مخارج للطوارئ على جانبي الطريق، حيث يستطيع السائق استخدام تلك المخارج لإيقاف السيارة في حال حدوث طارئ- لا سمح الله. أيضًا عند نقطة التفتيش هناك جهود مقدرة من الجهات الأمنية في التأكد من المركبات التي يمكنها صعود الجبل. ولكن قد يكون أكثر مناسبًا إعطاء تعليمات كتابية للسائقين توضح كيفية التعامل مع السيارة في حالتي الصعود والنزول، لأن البعض من السائقين قد لا تكون لديهم المهارة الفنية، ولم يتعودوا على قيادة السيارة في مثل هذه السلسلة الجبلية. وبالتالي كتيبات الإرشادات الفنية التي توضح معايير الأمن والسلامة سوف تكون إضافة مهمة تعطي الطمأنينة لمستخدمي الطريق.

هناك الكثير من الميزات التنافسية التي ينفرد بها الجبل الأخضر منها: الطقس المعتدل، والمناظر الخلابة، وكونه ملاذًا للاستجمام ولمحبي المغامرات وتسلق الجبال واكتشاف الكهوف، وقد أصبح أيضًا مقصدًا سياحيًا لجميع الجنسيات. عليه قد يكون من المناسب نظرًا لما يزخر به الجبل الأخضر من تلك الميزات التنافسية الإسراع في استكمال مناقصة تنفيذ الطريق المقترح الذي يربط الجبل الأخضر بجنوب الباطنة، والذي طرحت مناقصته الاستشارية في شهر سبتمبر من العام الماضي. الطريق المقترح يعتبر استراتيجيًا لأنه يعمل على إيجاد مداخل ومخارج بديلة لمرتادي الجبل الأخضر باستخدام كافة أنواع السيارات، وأيضًا يعمل على تعظيم العائد على الإنفاق في السياحة الداخلية، ويعمل على تنشيطها على مدار العام سواء للعمانيين الذين يستطيعون قضاء إجازاتهم الأسبوعية، أو القادمين من خارج السلطنة الذين يقصدون الجبل لأجل السياحة، وممارسة سياحة المغامرات، والمشي والاستمتاع بجمالات الطبيعة بعيدًا عن صخب الحياة التي عادة ما تكون في المدن الرئيسية.

حسب بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات فقد بلغ عدد زوار الجبل الأخضر خلال عام (2023) ما يزيد على (205) آلاف، منخفضًا بنسبة بسيطة بلغت (1.1%) عن العام الذي سبقه، الذي بلغ فيه عدد الزوار ما يزيد على (208) آلاف. شكل العمانيون نسبة (49.6%) من الزوار، ثم تأتي الجنسيات الأجنبية بنسبة (38.9%)، والزوار من دول الخليج والدول العربية نسبة (11.5%). كما يلاحظ بأن الجنسيات الأجنبية احتلت النسبة الأعلى بعد العمانيين، الأمر الذي لا يتسق مع إحصاءات زوار خريف ظفار الذي أشرنا إليها في المقال السابق، والتي كانت نسبة الجنسيات الأجنبية هي الأقل.

‏الإحصاءات السابقة تشير إلى أن العدد الأكبر من الذين يزورن الجبل الأخضر هم من الجنسيات الأجنبية التي احتلت المرتبة الثانية بعد العمانيين وأكثر من الجنسيات الخليجية والعربية، ولعل السبب يكمن في أن الجبل الأخضر، هو بيئة تضاريسية لعشاق ممارسة تسلق الجبال، والمغامرات، ورياضة المشي على المدرجات، التي تستهوي الجاليات الأجنبية أكثر من الجنسيات العربية. ولأن تلك الجاليات تهتم كثيرًا بالأدلة التعريفية والكتيبات الإرشادية، عليه نقترح على الجهات المختصة بالسياحة إعادة النظر في تكثيف الإرشادات التوضيحية، بحيث تكون بلغات مختلفة يستطيع من خلالها السائح أو الزائر اتخاذ قرار التوغل في تلك المسارات، مع تقديم الدعم اللوجستي والفني في حالات الطوارئ. وقد يكون من المناسب تحديد مركز اتصال يستطيع الزائر التواصل معه للاستفسار عن الأماكن التي يمكن زيارتها. بمعنى أن يكون بالجبل الأخضر منظومة متكاملة من الخدمات التي تقدم للزائر أو السائح بحيث تساهم في الرقي بمستوى السياحة التي ينشدها الزوار. تلك الخدمات سوف تشجع السياح الذين يأتون من جميع الدول على نقل الصورة الإيجابية لجودة ونوعية الخدمات للآخرين، الأمر الذي يساهم في تعزيز حجم السياحة للقادمين من خارج السلطنة.

‏ونأخذ مثالا على ذلك: عند الذهاب لزيارة قرية «السويجرة» وهي أحدى قرى الجبل ذات التضاريس والسلسلة الجبلية الوعرة، فإن الطريق يحتاج إلى إرشادات توضيحية للزائرين عند نقطة البداية، توضح طبيعة الطريق وكيفية القيادة والأوقات التي ينصح فيها بزيارة تلك القرية التي هي على سفح الجبل، حيث إنه من الصعوبة الذهاب ليلا إلا للسكان الذين تعودوا على ذلك المكان. ونشير هنا إلى أن الطريق بحاجة إلى رصف وتأهيل ليكون أكثر انسيابية وسهولة للوصول لتلك القرية التي بها نزل تراثية تم افتتاحها في شهر أغسطس من العام الماضي. كما أن المناظر وطبيعة الطريق تجعلك تغوص في أعماق منطقة تستحق مزيدًا من الاهتمام والدعم، وخاصة لرواد الأعمال الذين استثمروا في النزل التراثية ذات القيمة السياحية والبيئية المتميزة.

هناك استثمارات متواصلة من القطاع الخاص في الاستثمار في القطاع السياحي والفندقي، وفي إنشاء المنتجعات السياحية وأيضًا الاستراحات الفندقية والنزل التراثية التي يستثمر فيها قاطنو الجبل. وبالتالي هناك تنوع من الخيارات المتاحة للزائرين للإقامة كل حسب مقدرته المالية. في الجانب الآخر، تلك الاستثمارات من قبل القطاع الخاص ورواد الأعمال بحاجة إلى خطط سنوية لتعزيز البنية الأساسية من الخدمات الأساسية من الطرق الداخلية، والتي البعض منها بحاجة إلى السرعة في معالجتها نظرًا لظهور التصدعات على أكتاف الطرق، مع تكوين فريق عمل للمتابعة والرقابة على بعض المطاعم ذات التصنيف المنخفض لتكون جميعها ذات جودة عالية في تقديم خدماتها، تتوافق مع الميزة التنافسية التي يتمتع بها الجبل الأخضر.

‏ختامًا، ولأغراض المقارنة والتخطيط المستقبلي، فإن الأرقام تشير في عام (2015) بلغ الذين زاروا الجبل الأخضر أكثر من (163) ألفا، وفي عام (2023) وصل العدد إلى أكثر من (203) آلاف، وبالتالي الزيادة في عدد الزوار بين تلك الفترة التي تصل (8) سنوات، بلغ (42) ألفا تقريبا. وإن كان العدد في مستوى تصاعدي بشكل سنوي، ولكنه يعتبر أقل من التوقعات، وأقل من المقومات التنافسية السياحية التي يزخر بها الجبل الأخضر. ولعل التوجيهات السامية برفع المستوى الإداري للجبل الأخضر من نيابة إلى «ولاية»، تعطي انطباعًا بأن الخطة التطويرية للسياحة الداخلية للجبل الأخضر سوف تكون لها الأولوية. كما أن موقعه الاستراتيجي الوسيط بين أغلب المحافظات يعطيه بعدًا تنافسيًا وجغرافيًا متميزًا من حيث سهولة زيارته ليس في الفترات الموسمية، وإنما متاح في كل أيام السنة، الأمر الذي يأمل معه الجميع بأن يكون لهذا الموقع السياحي الفريد من نوعه، المزيد من الاهتمام في خطط السياحة الداخلية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الجنسیات الأجنبیة الجبل الأخضر الأخضر من أکثر من إلى أن

إقرأ أيضاً:

في فيلم عبر الجدران.. الفقراء الذين لا يستحقون الستر

تعكس السينما الكورية الجنوبية التناقضات الطبقية، والعزلة الاجتماعية، مستخدمةً الرمزية السردية والبصرية لنقد الظلم المتجذر في بنية المجتمع. وتكشف أفلام مثل "طفيلي" 2019 (Parasite)، و"احتراق" 2018 (Burning) عن خرافة الترقي الاجتماعي، كما ترصد الأثر النفسي للضغوط الاقتصادية، وذلك من خلال سرد يمزج بين الميلودراما والكوميديا والأكشن. وتصور الأفلام القادمة من جنوب الجزيرة الكورية الحياة اليومية بعد أن تحولت إلى ساحة معركة تحدد الرأسمالية ملامحها وقواعدها، وتنهار خلالها الأحلام بين جدران خرسانية وآمال ضائعة.

ويأتي فيلم "عبر الجدران" (Wall to Wall)، الذي يعرض حاليا على شاشة منصة نتفليكس، لينضم إلى قائمة أفلام تشبه الصرخات المتوالية، وتتشابه في قضاياها، لكنها تختلف في حكاياتها، إذ تلتقط سكان الهامش غير المرئيين، لتقدمهم بعدسة إنسانية.

العمل يقدّم  رعبا وجوديا يُختزل في ضحكة يائسة وسط فراغ، حيث يتحوّل النجاح إلى عبء (روتن توماتوز)رحلة الصعود إلى الهاوية

تدور أحداث "عبر الجدران" حول الشاب الكوري ذي الأصول الريفية ووسونغ، والذي يحقق أخيرا ما يعتقد أنه علامة فارقة في نجاح الطبقة المتوسطة، حين يتمكن من امتلاك شقة بمساحة 84 مترا مربعا في مجمع سكني حديث الإنشاء في سيول، لكنه يلجأ -في سبيل ذلك- إلى قروض ضخمة، ويبيع مزرعة الثوم التي تملكها والدته، ويستنفذ مدخراته.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"عالم الديناصورات: إحياء"… حين تصبح العودة إلى الماضي موتًا لسلسلة سينمائيةlist 2 of 2"الشيطان يرتدي برادا 2" عودة الثلاثي الذهبي بقصة تعكس تحولات الموضة والإعلامend of list

يفرح وو سونغ بحياته الجديدة، لكن سرعان ما يبدأ ضجيج متواصل غير محدد المصدر في إزعاجه، ويلجأ للشكوى، فينكر الجيران الضجيج ويعاملونه بشك. ومع تدهور حالته النفسية، تتدهور حالته المالية أيضا، وتنهار قيمة الشقة، وكذلك استثماراته في العملات المشفرة، ويصبح عاطلا عن العمل ويائسا. يلتقي جين-هو، جاره الصحفي ويُحققان فيما قد يكون مخطط احتيال عقاري أكبر يشمل مسؤولين حكوميين ومستثمري بناء.

إعلان

يكتشف المشاهد أن أون-هوا، رئيسة جمعية السكان والمدعية العامة السابقة، تشتري الشقق تحسبا لمشروع سكة حديد حكومي من شأنه أن يرفع قيمة شقق العقار. وتُمثّل أون-هوا النخبة التي تستغل أزمة المبنى لتحقيق الربح. أما وو سونغ، العالق بين جنون العظمة والحقيقة، فيزداد اضطرابا. مع تصاعد التوتر، تندلع مواجهة عنيفة. ينهار فهم وو-سونغ الهش للواقع، ويصبح الضجيج رمزا لنظام مُصمّم لسحقه. وفي ذروة الفيلم المتفجرة، يعكس الدمار المادي الانهيار الداخلي للبطل، ومجازيا، الحلم الذي آمن به يوما ما.

طفيلي آخر

يشبه فيلم "عبر الجدران" في تناوله لتلك التناقضات الفيلم الأيقوني "الطفيلي"، الذي يمثل قمة النجاح للسينما الكورية عالميا بحصوله على أوسكار أفضل فيلم عام 2020. كلا العملين ينتقد وهم الحراك الاجتماعي في ظل الرأسمالية، باستخدام المساحات الضيقة لتعكس الانقسامات الطبقية والضغط النفسي. ويقدم "الطفيلي" التراتب الطبقي الرأسي من خلال التباين المعماري بين قصر ثري وقبو تحت الأرض يستخدم كمأوى سكني، في حين يحاصر فيلم "عبر الجدران" بطله داخل الجدران الأربعة في شقة مساحتها 84 مترا مربعا، يعتبرها المجتمع رمزا مفترضا للنجاح لكنها تتحول إلى قفص خانق. وفي الفيلمين، يصبح المنزل ساحة معركة تغطيها الدماء، ويصبح المكان سجنا حقيقيا ويبلى الحلم تحت وطأة الديون المتزايدة والضوضاء.

وتدور كلتا القصتين حول عائلات أو أفراد في أدنى درجات المجتمع، يطمحون بشدة إلى الاستقرار، ليجدوا أن النظام يستغل جهودهم ويلتهمهم في النهاية. ويمزج كل فيلم الواقعية بالرعب والسخرية، مستخدما التشويق ورهاب الأماكن المغلقة والتصميم البصري الغني بالاستعارات لتعميق التأثير العاطفي والسياسي. وفي حين يتناول فيلم "الطفيلي" الاعتماد الكامل لطبقة على أخرى في عيشها، فإن "عبر الجدران" يبين كيف تنهار أوهام الطبقة المتوسطة من الداخل، ويُقدم الفيلمان صورة واضحة للظلم المعاصر، تتداخل فيها آلة الطموح مع عوامل اليأس.

فوضى المشاعر وانضباط الأداء

يكشف النصف الأول من "عبر الجدران" باعتباره فيلم إثارة نفسية بامتياز، إذ تُضخّم كل إشارة بصرية وسمعية العزلة والتوتر الطبقي، لكن في منتصفه، يتحوّل السرد إلى مؤامرة أوسع نطاقا من العنف السياسي والمالي، تُتوّج بانفجار. وقد يبدو هذا التحول مزعجا، لكنه يعكس حقيقة أعمق تكمن في الأنظمة الرأسمالية.

ويعكس مسار الفيلم الانقسام الطبقي في المجتمع الكوري الحديث، إذ تسيطر نخبة صغيرة على معظم الممتلكات، بينما يظل الكثيرون "فقراء المساكن"، وتستنزف تكاليف السكن دخلهم. ويُظهر فشل وو سونغ النهائي كيف تبيع الرأسمالية سبل الهروب من الديون بديون أخرى.

ولا يصور فيلم "عبر الجدران" الصراع الطبقي الخارجي فحسب، بل يُسلّط الضوء على الآثار الداخلية للخداع الرأسمالي. وتتحول الشقة، التي كانت محط رغبة ومكانة اجتماعية، إلى "كابوس" مع اجتماع كارثتي الضجيج مجهول المصدر والخراب المالي.

ورغم أن "الضجيج" الذي يشكو منه البطل حقيقي، لكنه مجازي في الوقت ذاته، وهي فكرة مبدعة تحسب للمخرج والسيناريست كيم تاي جون الذي يشير إلى فشل الوعود الرأسمالية.

Just finished watching #WallToWall in Netflix and woah, that movie feels so weird but at the same time, you can relate to woo sung. I really hoped tho that he was able to sell those crypto coin in the right time ????pic.twitter.com/oBrqliZrto

— airenwizdive ???? (@lsg_airen13) July 25, 2025

إعلان

واستطاع المخرج أيضا أن يحول شقة سكنية إلى نظام بيئي خانق للبطل والمشاهد معا، عبر تعزيز الإضاءة الباردة والظلال المُزخرفة بأنماط البارات والطابع المعماري القمعي للمبنى. وقد لعبت هذه العناصر البصرية مع "الضوضاء" دورا حاسما كما لو كانت جميعها أسلحة في حرب وحشية ضد الشاب المسكين بعد تورطه في منظومة تضم في بنيتها أسلحة صممت لتدميره واستنزافه حتى آخر قطرة دم.

وينبثق رعب الفيلم من ضبط النفس. لا مؤثرات خاصة مبهرة، وإنما مجرد تأطير دقيق، وإضاءة إبداعية، وفترات صمت ممتدة بما يكفي لإثارة الرعب. ممرات الشقة الخافتة، ومصابيحها المتذبذبة، وقضبانها المظللة تُعزز الانهيار النفسي للبطل.

ولعل الأداء الذي قدمه فريق الممثلين هو العنصر الأقوى في العمل، والأكثر جذبا للمشاهد، وقد يتميز الأبطال بالتحولات العنيفة التي تمكنهم من استعراض قدراتهم، لكن مستوى الأداء لدى الجميع يكاد يكون متساويا، وقد استطاع الممثل الكوري الجنوبي كانغ هانيول أن يقدم أداء قويا جسديا وعاطفيا في دور وو سونغ، وبلغ ذروة الأداء في تحوله من مالك منزل متفائل إلى عامل توصيل قلق من خلال التعرق والارتعاش والتحقق القهري من مخططات العملات المشفرة، بينما تعكس كل إيماءة جسدا منهكا من التوتر. وتقدم الممثلة يوم هي ران في دور أون هوا انعكاسا مرعبا لتواطؤ الطبقة تحت مظهرها الهادئ الذي يخفي طموحا لا يرحم؛ إنها "المدعية العامة السابقة" التي تحولت لامتلاك الأصول، فبدأت بجمع الشقق للاستفادة من مشروع خط سكة حديد، ورأت المستأجرين مجرد "حثالة".

ويؤدي الممثل سيو هيون في دور جين هو، شخصية الجار الموشوم في الطابق العلوي والمتنكر في زي حليف، دور صحفي شبه مهووس، ورغم أنه يبحث عن الحقيقة إلا أن قصصه الملفقة تُوقع وو سونغ في فخ العنف والخيانة، ليُصبح الصحفي رمزا لاستغلال "المُبلغين عن المخالفات"، ويتحول إلى ممثل آخر لطبقة حاكمة تستغل المظلومين لتحقيق انتقامها الخاص.

يقدم العمل رعبا وجوديا، إذ يصبح النجاح بلا معنى عندما تُفرض ضريبة على الفرح وتدفع بعملة اسمها الضوضاء والديون والاغتراب الاجتماعي، وتُجسّد ضحكة وو سونغ الأخيرة في شقته الفارغة، ردا على ضجيج لا ينبغي أن يوجد، اليأس المطلق، لنتأكد أن الفساد ينتصر بالانهيار الصامت للمقاومين.

مقالات مشابهة

  • الجبل الأخضر قمم شامخة وتنمية مستدامة
  • مناقشة مشروعات الاستثمار الزراعي بولاية الجبل الأخضر
  • المكتتبون الذين ضيعو كلمة السر للولوج إلى منصة عدل 3..هذه طريقة استرجاعها
  • سقوط لعبة 360 في متنزه ‎الجبل الأخضر بالطائف.. والجهات الأمنية تحقق - عاجل
  • فتاة تروي لحظات الرعب التي عاشتها مع سقوط لعبة 360 في منتزة الجبل الأخضر بالطائف.. فيديو
  • في فيلم عبر الجدران.. الفقراء الذين لا يستحقون الستر
  • مؤشرات تنافسية عُمان وتحديات تعزيز الأداء المؤسسي
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • الجمعة.. بدء فعاليات "مهرجان الجبل الأخضر" لتسليط الضوء على المقومات السياحية وجذب الزوار
  • بعد غد.. افتتاح فعاليات مهرجان الجبل الأخضر 2025