ومع ذلك، تعرضت استثمارات الصين في القارة لانتقادات شديدة من قبل المنتقدين الذين يتهمون مبادرة الحزام والطريق بإثقال كاهل الدول بديون باهظة أو تمويل مشاريع تضر بالبيئة.

وهنا نلقي نظرة على 5 مشاريع رئيسة لمبادرة الحزام والطريق في إفريقيا: السكك الحديدية غير المكتملة في كينيا يربط خط السكك الحديدية القياسي الكيني -الذي تم بناؤه بتمويل من بنك إكسيم الصيني- العاصمة نيروبي بمدينة مومباسا الساحلية، وقد قلص أوقات الرحلة من 10 ساعات إلى 4 ساعات منذ افتتاحه في 2017.

بتكلفة 5 مليارات دولار، يعد هذا المشروع أغلى مشروع للبنية التحتية في البلاد منذ حصولها على الاستقلال قبل أكثر من 60 عامًا.

لكن المرحلة الثانية التي كان من المفترض أن تستمر الخط إلى أوغندا لم تتحقق أبدا حيث كافح كلا البلدين لسداد ديون مبادرة الحزام والطريق. في العام الماضي، طلب الرئيس الكيني ويليام روتو من الصين قرضًا بقيمة مليار دولار وإعادة هيكلة الديون القائمة لإكمال مشاريع بناء أخرى متوقفة في إطار مبادرة الحزام والطريق.

وتدين البلاد الآن للصين بأكثر من 8 مليارات دولار مرافق الموانئ في جيبوتي بعد أن أنشأت الصين أول قاعدة بحرية دائمة لها في الخارج في جيبوتي في 2016، ساعدت أيضًا في تطوير ميناء دوراليه متعدد الأغراض القريب من الدولة الواقعة في شرق إفريقيا.

وتقع القاعدة العسكرية التي تبلغ تكلفتها 590 مليون دولار في موقع إستراتيجي بين البحر الأحمر وخليج عدن. وقالت بكين إن القاعدة تستخدم لإعادة إمداد السفن البحرية ودعم عمليات حفظ السلام الإقليمية والعمليات الإنسانية ومكافحة القرصنة، على الرغم من أن قربها من قاعدة عسكرية أمريكية أثار مخاوف من التجسس.

وفي الوقت نفسه، تمتلك شركة ميرشانتس بورت هولدينجز الصينية جزءًا من دوراليه، لكن حصة التكتل البالغة 23.5 % أثارت الدهشة عندما تم منحها بعد أن استولت الحكومة الجيبوتية على السيطرة على محطة الحاويات من شركة موانئ دبي العالمية ومقرها الإمارات العربية المتحدة. أطول جسر معلق في إفريقيا وفقًا لقناة CCTV الحكومية، ساعد استثمار مبادرة الحزام والطريق في إفريقيا في بناء أكثر من 12000 كيلومتر (7500 ميل) من الطرق والسكك الحديدية، ونحو 20 ميناء، وأكثر من 80 منشأة للطاقة. في موزمبيق، بنت شركة الطرق والجسور الصينية أطول جسر معلق في إفريقيا، يربط العاصمة مابوتو بضاحيتها كاتيمبي.

وفي السابق، كانت أسرع طريقة لعبور خليج مابوتو هي العبارة. كان السفر على الطرق يتطلب القيادة لمسافة 160 كيلومترًا على طرق غير ممهدة معرضة للفيضانات. وتكلف الجسر، الذي افتتح في 2018، ما يقدر بنحو 786 مليون دولار، تم تمويل 95 % منها بقروض صينية.

لكن المنتقدين اقترحوا أن المشروع كان مبالغًا في سعره وأن أسعار الفائدة على القروض مفرطة. المعادن في بوتسوانا وخارجها في السنوات الأخيرة، تحول استثمار مبادرة الحزام والطريق في إفريقيا إلى استخراج المعادن اللازمة لتغذية الصناعات عالية التقنية والخضراء في الصين، مثل المركبات الكهربائية.

وفي 2023، استثمرت الصين 7.8 مليار دولار في التعدين في إفريقيا، وفقًا لمؤسسة الأبحاث الأمريكية American Enterprise Institute. ويشمل ذلك صفقة بقيمة 1.9 مليار دولار، تم التوصل إليها العام الماضي، من قبل شركة MMG المملوكة للدولة لشراء منجم في بوتسوانا، أحد أكبر مناجم النحاس في العالم. في يوليو، وافقت شركة JCHX Mining Management الصينية على شراء منجم Lubambe النحاسي المثقل بالديون في زامبيا مقابل دولارين فقط. كما استثمرت الصين في مناجم الكوبالت والليثيوم في زامبيا وناميبيا وزيمبابوي.

الفحم والطاقة النظيفة شمل التمويل الصيني في إفريقيا عشرات الاستثمارات في توليد الطاقة، ما أدى إلى انتقاد التأثير البيئي لمبادرة الحزام والطريق. ففي كينيا، تم التعاقد مع شركات صينية في 2015 لبناء محطة طاقة تعمل بالفحم بالقرب من موقع التراث العالمي لليونسكو في مدينة لامو القديمة.

لكن حكومة كينيا ألغت المشروع في 2020 بعد الاحتجاجات والمعارضة لتأثيره البيئي. وقد سرعت الشركات الصينية الاستثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة. في نيجيريا، وتسهم القروض المقدمة في تمويل جزء من بناء محطة مامبيلا الكهرومائية التي تبلغ تكلفتها 4.9 مليار دولار، التي ستكون أكبر محطة طاقة في البلاد.ويقول كتاب أبيض أصدره مكتب معلومات مجلس الدولة الصيني إن البلاد ستركز على استخدام مبادرة الحزام والطريق لدعم مشاريع التحول الأخضر

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: مبادرة الحزام والطریق ملیار دولار فی إفریقیا

إقرأ أيضاً:

الابتكار في زمن الأزمات.. البوصلة والطريق

عندما يعلَن عن ابتكار تكنولوجي فإن الأنظار تتجه إلى المبتكرين الذين يمثلون العقول العلمية وراء ذلك الابتكار، وتتراءى في المخيلة صورة مختبرات التطوير بمعداتها الدقيقة والمعقدة، والتي أسهمت في تحويل الفكرة وبلورتها إلى منتج بإمكانه تغيير حياة الإنسان.

ولكن في الواقع ليست جميع الابتكارات التحويلية الحاسمة وليدة الأوساط العلمية المرموقة؛ فالقيمة الكامنة للابتكار لا تتجلى سوى في أوقات الأزمات، وفي أوساط مغايرة للصورة النمطية لوحدات البحث والتطوير؛ لأن التحديات الكبيرة والملحة هي التي تتطلب حلولا مبتكرة وحاسمة. ولكن ما البوصلة التي يمكن أن توجه الابتكارات نحو التميز خلال فترات عدم اليقين؟

يشهد العالم تقدما تكنولوجيا غير مسبوق، وكذلك تنشأ تطورات، وتغييرات، وتوترات على مختلف المستويات. ولكي نفهم بشكل أعمق المشهد الديناميكي للابتكار في أوقات الأزمات؛ لا بد من الاستعارة الاستراتيجية لشواهد من التاريخ الإنساني. فالابتكارات التي غيّرت وجه العالم خلال العقد الماضي مثل اكتشاف الرادار، وعقار (البنسلين)، وعلاجات مرض (الملاريا) قد حدثت في أوج فترات الحرب العالمية الثانية.

وهذه الابتكارات التي خرجت وسط الأحداث الكبرى هي التي قد مهدت لأجيال الابتكارات التكنولوجية التي تنعم بالبشرية باستخدامها في تفاصيل الحياة اليومية. وهذا يؤكد المقولة الشهيرة «الحاجة هي أم الاختراع». وتُعد الدروس المستفادة من الحرب العالمية الثانية بشأن الاستجابة للمتطلبات الناشئة والطارئة من أهم موجهات اغتنام الفرص الاستراتيجية للابتكار في جميع الأزمات التي تواجه البشرية. ولعل أهم هذه الدروس هي أهمية تحديد الأولويات بمنظور مختلف عن النهج المعتاد، وتعريف البوصلة والطريق نحو الهدف؛ إذ تُشكِّل الأزمات أرضا خصبة للابتكار، وقليلة هي اللحظات المِفصلية التي تُجسِّد الالتقاء بين عمق الأزمات، وقوة العلوم، والتكنولوجيا، والابتكار.

إذن يتمحور الأمر كله حول معرفة الأولويات الاستراتيجية، ولكن تعريف هذه الأولويات التي تمثل البوصلة ليس بالأمر الهيّن. ففي الوقت الذي يظن الكثيرون أن الابتكارات الناشئة في زمن الأزمات تتعلق بشكل مباشر بالقضايا المصيرية الكبرى مثل: الأمن الغذائي، والأمن المائي، وأمن الطاقة؛ تبدو الأولويات الابتكارية أبسط من ذلك بكثير، ولكن تكمن الصعوبة في التعرف عليها كأولويات.

وعلى سبيل المثال؛ تمثل الابتكارات الموجهة لتحسين النقل اللوجستي من أهم نقاط التركيز خلال التوترات الجيوسياسية. وبنفس القدر من الأهمية تكتسب الابتكارات في التعليم عن بعد، وفي مجالات الخدمات المصرفية الأولوية.

كما أن هناك نقطة عمياء في عملية تحديد أولويات الابتكار التي قد لا يلتفت إليها المبتكرون وهي القدرة على ترجيح الأولويات التي تمثل جانب الطلب على الابتكار حتى بعد انتهاء الأزمة. وهذه الجزئية هي بمثابة حجر الأساس في تحقيق أقصى العوائد من الابتكار في زمن الأزمات؛ فاتخاذ القرار الصحيح بشأن الأولويات يتطلب النظرة المستقبلية الثاقبة بشأن جدواها مع تباطؤ الأزمة، وبعد انحسارها.

وهذا يقودنا إلى التحدي الأساسي الذي يعترض الجهات المنتجة للابتكارات، والمعرفة التطبيقية في المجمل، وهو معرفة الدوافع والموجهات التي تسهم في توليد هذا الكمّ الهائل من الابتكارات في الأوقات الاستثنائية للأزمات مقارنةً بالفترات الاعتيادية. في الواقع؛ هناك عدة تحوّلات تحدث أثناء الأزمات، وتُهيئ البيئة التحفيزية للتفكير بمنظور جديد وموجه نحو إحداث التأثير بشكل سريع وملموس، أي أن عامل الزمن هو المحرك الرئيس خلال هذه الفترة.

ومن جهة أخرى تلهم الأزمات بالميل نحو العمل التشاركي من منطلق وحدة الهدف؛ فعندما تكون البوصلة واضحة في تحديد الأولويات المستهدفة يمكن حينها حشد الطاقات، والموارد، وتقدير الجهد المُتخيَّل للوصول إلى المستهدفات، وتوحيد العمل مع الأخذ في الحسبان أهمية عامل الزمن. وغالبًا ما تشهد فرق العمل ظهور موجة من الأفكار الجديدة كليا وذات أبعاد مختلفة تتم مشاركتها مع فرق ابتكارية أخرى؛ لتضمين جميع الأبعاد أو التخصصات. ففي وقت الأزمات يتغلب الهدف على التنافس، والعمل التشاركي هو الخيار الوحيد الذي يُساعد قادة الابتكار على اغتنام الفرصة الاستثنائية التي يمكنها تغيير قواعد اللعبة، وهو ما يُمثل جوهر الابتكار.

ولأن الأزمات في واقعها تحمل سمة عدم اليقين؛ يصعب التكهن بالمدى الفعلي لآثارها. ولذلك فإنه من الأهمية بمكان تدعيم دور منظومات الابتكار في الفترات الاعتيادية، وتمكينها كعنصرٍ حاسم في تعزيز الاستجابة وقت الأزمات. ولا بد من إدراك أن التحديات الكبرى لا تتطلب الاستجابة وحسب، ولكنها بمثابة وقفة للمراجعة، والتقييم، والتحليل.

وكما يستعين قادة العمل بخبراء ومستشارين من خارج مؤسساتهم؛ للحصول على منظور جديد ومحايد في قراءة التحديات، وإيجاد فرص التطوير كذلك يمكن للأزمة أن تُحدث التأثير نفسه؛ فهي تُسلط الضوء على نقاط الضعف، ومجالات التحديات الصغيرة التي تم تجاهلها في السابق مقابل طرق مختصرة لحلها بشكل مؤقت. ولكن عندما تقع الأزمة تصبح مواجهة التحديات حقيقة لا مفر منها، وبذلك تبدأ عملية تبني التفكير المختلف، وإعادة ترتيب الأوضاع. وفي هذه اللحظة تلوح الفرص الذهبية للتغيير الإيجابي، وابتكار الحلول الجذرية والمستدامة.

فإذا كان تحديد الأولويات يمثل البوصلة في قيادة الابتكار في زمن الأزمات؛ فإن التعلم هو بمثابة الطريق الذي يمكنه ضمان الوصول للأهداف الاستراتيجية. فالأزمات تفرض على المبتكرين ومنظومات الابتكار ضرورة البحث عن مسارات أكثر انفتاحًا في أساليب التفكير، والتعاطي مع التحديات.

وهي في الوقت ذاته تتطلب بناء المهارات اللازمة لتجربة خيارات عديدة، والبحث العميق عن الحلول المتعددة الأثر، واتخاذ القرارات المناسبة مع ضيق الوقت المتاح، وجميع هذه الجوانب بحاجة إلى عقلية التعلم المستمر. وبالإضافة إلى هذه المهارات؛ فإن التموضع ضمن ابتكارات الأزمات ليس امتيازا يمنح للمبتكرين اللامعين، ولكنه استحقاق لا يصل إليه سوى قلة من المبتكرين الذين يمتلكون البوصلة والطريق.

ومن أجل تحقيق ذلك لا بد من تشكيل البنية الابتكارية المرنة التي تتميز بقدرات متكافئة في ترتيب الأولويات، وتوظيف الأدوات والبدائل. وهنا تظهر أهمية ترسيخ ثقافة الرشاقة الاستراتيجية، والجاهزية اللازمة لتعزيز بنية الابتكار قبل حدوث أية أزمات، أو تحديات كبرى؛ لأن تحقيق العوائد الاقتصادية، والاجتماعية للابتكار خلال الأزمات هو عمل استثنائي، وليس متاحا لكل منظومات الابتكار.

مقالات مشابهة

  • الابتكار في زمن الأزمات.. البوصلة والطريق
  • رئيس هيئة الدواء: مصر تمتلك أكبر سوق دوائي في إفريقيا بـقيمة 6.2 مليار دولار
  • رئيس هيئة الدواء مصر تمتلك أكبر سوق دوائي في إفريقيا بقيمة تتجاوز 6.2 مليار دولار
  • «تنفيذ مشاريع ضخمة».. بوتين: التبادل التجاري بين دول بريكس تجاوز تريليون دولار
  • رئيس هيئة الدواء: مصر تستحوذ على 23 مليار دولار من سوق أفريقيا ونحقق 91% اكتفاء ذاتيا
  • الخطيب: مصر تسمح للشركات الصينية باستخدام اليوان في التعاملات المالية بدعم من المركزي
  • مصر بين القوى الصاعدة في سباق الصناعة النظيفة.. واستثمارات عالمية بـ1.6 تريليون دولار تبحث عن التمويل
  • 13 شركة ناشئة تستعرض مشاريعها ضمن مبادرة "بذرة" في جامعة الملك عبدالعزيز
  • شركة العاصمة الإدارية تحصد جائزة مبادرة المدينة الذكية
  • محافظ جدة يتابع سير العمل في مشاريع شركة المياه الوطنية