أكد الخبير القانوني ومدير مركز السودان لحقوق الإنسان، منعم آدم، أن النتائج التي توصلت إليها لجنة تقصي الحقائق جاءت بعد استلام عدد كبير من التقارير، مشيرًا إلى الحاجة للاستمرار في التحقيق بسبب نقص الأدلة المتاحة..

وأشار آدم في مقابلة مع «التغيير» إلى أن أفضل نموذج لتحقيق العدالة في ظل الظروف الحالية في السودان هو تشكيل محكمة هجين تضم قضاة جنائيين دوليين وسودانيين.

وأضاف أن المحكمة الجنائية الدولية قد فشلت على مدى 18 عامًا في إلقاء القبض على أي متهم في قضايا دارفور.

ودعا آدم إلى الضغط الدبلوماسي على الدول التي تمد طرفي النزاع بالسلاح، وكذلك على منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإكس، لحظر خطاب الكراهية الذي يساهم في تمديد أمد الحرب.

التغيير: نيروبي : حوار أمل محمد الحسن

ما هو تعليقك على التوصيات التي خرجت بها لجنة تقصي الحقائق خاصة فيما يتعلق بنشر قوات أممية؟

“توصيات لجنة تقصي الحقائق مهمة جداً. التفويض الذي شكلت بموجبه اللجنة منحها سلطات واسعة، منها التحقيق والتعاون مع طرفي الحرب واستقبال الأدلة ثم تقديم التوصيات. لكن في تقديري، يمكن أن تكون هناك توصيات أكثر دقة حال تم تمديد ولايتها.”

ما هو سبب وصفك للتقارير بغير المكتملة؟

في دورتها الأولى، استقبلت اللجنة تقارير ضخمة من المجتمع المدني السوداني، ولكن كانت هناك مشكلة في الحصول على الأدلة، حيث تمت معظم المقابلات عبر الهاتف، بالإضافة إلى أن المجتمع الدولي يفتقر إلى الخبرة الكافية في التعامل مع المعلومات من المصادر المفتوحة.

 هل يمكن أن تتم إحالة تقارير اللجنة إلى محكمة العدل الدولية مثلما حدث مع لجنة تقصي الحقائق في قضية دارفور سابقا؟

هناك عدد من السودانيين يطالبون بإحالة ملف السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية، وهو أمر لن يتم إلا بموافقة حكومة السودان أو عبر إحالة الملف عبر مجلس الأمن الدولي. “حال تسليم القضية للمحكمة الجنائية، سيرى المجتمع الدولي أنه قدم كل ما يمكن تقديمه للسودان، ولن تكون هناك طريقة للتراجع”. أنا ضد إحالة القضية للمحكمة الجنائية الدولية نظرًا لأنها لم تقدم الكثير لملف دارفور على مدى 18 عامًا.

ما هي البدائل التي يمكن أن تحقق العدالة للسودانيين الذين تعرضوا لانتهاكات واسعة خلال حرب 15 أبريل؟

من وجهة نظري، أنسب الطرق لتحقيق العدالة هي تكوين محكمة هجين خاصة بالسودان. رغم أنه ليس النموذج المثالي، لكنه الأنسب للواقع السوداني الحالي. في تجربة كمبوديا، كانت هناك مشاكل مرتبطة بهيمنة القضاة الجنائيين الدوليين؛ لكن في النهاية، ما قدمته المحكمة الهجين هناك كان أفضل بكثير مما قدمته الجنائية الدولية لضحايا دارفور.

منعم آدم: أنسب الطرق لتحقيق العدالة هي تكوين محكمة هجين خاصة بالسودان

ما هو رأيك حول توصية اللجنة بدخول قوات أممية، وإلى أي درجة يمكن تطبيق ذلك في ظل اتهام حكومة بورتسودان للجنة بالتسيس ورفض مخرجاتها؟

موضوع القوات خارج نطاق تخصصي، لكن أعتقد أن دخول قوات أممية قد يكون مفيدًا للمدنيين السودانيين الذين يتعرضون لانتهاكات واسعة. ومع ذلك، فإن القوات المقترحة قبل 6 أشهر كانت تواجه تحديات كبيرة، أولها العدد المقترح البالغ 3000 جندي، وهو عدد قليل جدًا وقد يواجه مخاطر كبيرة إذا رفض أحد طرفي النزاع دخولهم، مما قد يحولهم إلى طرف ثالث في النزاع. بالإضافة إلى ذلك، هناك مشكلة متعلقة بالتمويل.

هل تعتقد أنه يمكن تمديد أجل لجنة تقصي الحقائق وسط الرفض الرسمي لها؟

من المتوقع أن يعقد مجلس حقوق الإنسان جلسة الأسبوع المقبل. أعتقد أن هناك ضغوطات هائلة، خاصة مع الحملات التي يقوم بها المجتمع المدني للمطالبة بتمديد أجل اللجنة. للأسف، قد تكون المجموعة الأفريقية عقبة أمام التمديد، كما كانت في قرار التكوين. “إذا لم يتم التمديد، سيكون ذلك مؤسفًا وتخليًا عن المدنيين السودانيين”.

هل تعتقد أن دعم المجتمع الدولي سيكون كافيًا لتمديد أجل اللجنة؟

للأسف، واجهت اللجنة تحديات كبيرة تتعلق بضعف التمويل. “استلمت اللجنة مبلغا أقل بكثير من الأموال التي كانت مرصودة لها”، مما أثر على عملها وعلى عدد الموظفين فيها وجعل فترة عملها قصيرة. هناك لجان مشابهة في فلسطين وسوريا عملت لفترات طويلة، وهو أمر غير عادل أن تكون اللجنة الخاصة بالسودان فترة عملها قصيرة وتقدم توصيات كافية.

اما هو المطلوب من المجتمع الدولي اتجاه وقف الحرب، خاصة وأن اللجنة تخصصها ينحصر في التحقيق فقط؟

يجب على المجتمع الدولي أن يعمل جاهدًا لحظر الأسلحة، وهو إحدى توصيات لجنة تقصي الحقائق أيضًا. لابد من الضغط الدبلوماسي على جميع الدول التي تساهم في بيع الأسلحة وتوصيلها لطرفي النزاع، خاصة أن منظمة العفو الدولية نشرت تقريرًا مفصلًا حول الأسلحة المستخدمة في الحرب.

يجب التعامل مع هذه التقارير بجدية والسماح للجنة تقصي الحقائق بالحركة والتواصل مع المختصين لتحقيق العدالة. من جهة أخرى، يجب الضغط على منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإكس لحظر خطاب الكراهية وإيقاف النشر المضلل، إذ يمكن أن يسهم ذلك في تقليل حدة الصراع. يجب أيضًا محاكمة أولئك الذين ينشطون في نشر خطاب الكراهية في الدول التي تحظر هذه الجرائم، خاصة في الغرب.

منعم آدم: العالم يتفرج على الأزمة الإنسانية، ويجب عليه حظر السلاح ومجابهة خطاب الكراهية في المنصات الاجتماعية

هل تعتقد أن الجهود التي يقوم بها المجتمع الدولي جادة تجاه الأزمة السودانية؟

“العالم يتفرج!” هناك تقصير كبير في الاستجابة الإنسانية. يعاني السودانيون داخل وخارج السودان، وفي دول الجوار التي لجأوا إليها. هناك دول أخرى، عندما حدثت فيها حروب، كانت استجابة المجتمع الدولي لها مختلفة تمامًا.

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: لجنة تقصی الحقائق الجنائیة الدولیة لتحقیق العدالة المجتمع الدولی خطاب الکراهیة قوات أممیة فی النزاع یمکن أن

إقرأ أيضاً:

في يومها العالمي.. الشباب المصري: حقوق الإنسان تمثل أساسا لاستقرار المجتمع وتقدمه

أصدر مجلس الشباب المصري، بيانًا موسعًا، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يوافق العاشر من ديسمبر، مؤكدًا أن هذه المناسبة تأتي هذا العام بينما يشهد العالم تحديات معقدة نتيجة التوترات الجيوسياسية، واتساع الفجوات الاقتصادية، وتسارع التحولات التكنولوجية، الأمر الذي يؤثر بصورة مباشرة على قدرة الدول والمجتمعات على حماية حقوق الأفراد وضمان كرامتهم.

وأوضح المجلس، أن هذه المتغيرات تعيد التأكيد على أهمية تعزيز منظومات العدالة، واحترام مبادئ سيادة القانون، وتفعيل آليات الحماية القانونية بما يحفظ الاستقرار ويعزز الثقة المجتمعية.

وأشار المجلس ، إلى أن حقوق الإنسان ليست التزامًا قانونيًا فحسب، بل تمثل أساسًا لاستقرار المجتمع وقدرته على التقدم، وأن المبادئ التي رسخها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ اعتماده لا تزال تشكل مرجعًا أساسيًا للسياسات والتشريعات التي تسعى لحماية الإنسان وصون كرامته.

وأكد المجلس، أن هذه المبادئ ليست دعوات نظرية، وإنما ضمانات عملية تتجسد في السياسات والتشريعات والممارسات التي تمس حياة المواطنين اليومية وتؤثر في فرصهم ومستقبلهم.

وأوضح البيان، أن السنوات الأخيرة شهدت جهودًا مهمة على المستوى الوطني، شملت تطوير الأطر التشريعية والمؤسسية ذات الصلة بحقوق الإنسان، وإطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بما حملته من رؤية شاملة تترجم التزام الدولة بتعزيز الحقوق والحريات، إلى جانب توسيع مساحات الحوار بين الدولة والمجتمع، وفتح مسارات جديدة لدعم المشاركة المجتمعية.

وأكد المجلس، أن هذه التطورات تمثل خطوة نوعية في مسار بناء ثقافة وطنية لحقوق الإنسان ترتبط بمشروع الدولة نحو التحديث والاستجابة لتحديات العصر، مع إدراك أن هذا المسار تراكمي ويحتاج دائمًا إلى مراجعة دقيقة واستمرار في المتابعة وتصحيح المسارات حيثما لزم الأمر.

وأكد الدكتور محمد ممدوح رئيس مجلس أمناء مجلس الشباب المصري - خلال تصريح له - أن حقوق الإنسان ليست منفصلة عن حياة الناس اليومية، بل هي الإطار الذي يصون حرية المواطن ويضمن له حياة كريمة وفرصًا عادلة في التعليم والعمل والصحة والسكن.

وقال إن مجلس الشباب المصري يتعامل مع حقوق الإنسان على أنها ممارسة ومسؤولية مشتركة، وليست مجرد شعارات، مشيرًا إلى أن الشباب يشكلون القوة القادرة على دفع ملف الحقوق إلى الأمام من خلال مشاركتهم، وإيمانهم بقيم العدالة والإنصاف، وقدرتهم على قيادة التغيير في المجتمع، مضيفا أن تمكين الشباب وتوسيع فرص مشاركتهم هو الطريق الطبيعي لبناء مجتمع أكثر استقرارًا ووعيًا.

وأكد المجلس في بيانه، أن الحقوق المدنية والسياسية لا تنفصل عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأن تحقيق التوازن بين هذه الفئات من الحقوق يعد شرطًا لضمان تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة الاجتماعية، بحيث لا يمكن تعزيز الحريات دون تحسين جودة الحياة، ولا يمكن تحسين الظروف الاقتصادية دون ضمان مناخ يحترم الحريات الأساسية.

وأشار المجلس إلى أهمية دعم المؤسسات الوطنية، وتعزيز آليات المحاسبة، وضمان تطبيق التشريعات بما يحقق المساواة وعدم التمييز، إلى جانب تطوير برامج تدريب العاملين في أجهزة إنفاذ القانون بما يتسق مع المعايير الدولية.

وشدد البيان على أن حماية الحقوق والحريات مسؤولية مشتركة تتقاسمها مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والإعلام والجامعات، وأن مجلس الشباب المصري سيواصل دوره في نشر ثقافة حقوق الإنسان، وتقديم المبادرات التي تعزز المشاركة الشبابية، وتدعم الفئات الأكثر هشاشة، وتساعد في ترسيخ فهم أعمق لمعاني الكرامة الإنسانية.

وأكد المجلس، أن الكرامة بكل ما تحملها من معانٍ للحرية والمساواة والاحترام، هي الأساس الذي يُبنى عليه أي مجتمع حديث، وهي الغاية التي يعمل على تعزيزها وحمايتها من خلال برامجه وأنشطته.

طباعة شارك مجلس الشباب المصري اليوم العالمي لحقوق الإنسان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان المجتمع المدني منظومة العدالة الجامعات الشباب الحقوق والحريات

مقالات مشابهة

  • السودان يجدد مطالبته للمجتمع الدولي بالضغط على الإمارات
  • غوتيريش: اجتماعات مرتقبة في جنيف مع طرفي النزاع في السودان
  • غوتيريش: الأمم المتحدة ستلتقي طرفيّ حرب السودان
  • اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. والسودان في قلب الكارثة
  • منسقية النازحين تطالب المجتمع الدولي بإجراءات فورية لحماية المدنيين
  • النائب محمد رزق: حماية حقوق الإنسان مسؤولية جماعية وركيزة لبناء مجتمع عادل
  • في يومها العالمي.. الشباب المصري: حقوق الإنسان تمثل أساسا لاستقرار المجتمع وتقدمه
  • رئيس اللجنة العليا لحقوق الإنسان: مستشفى 57357 نموذج فريد للعطاء
  • في اليوم العالمى لحقوق الإنسان.. وزير الخارجية يزور مستشفى ٥٧٣٥٧
  • في اليوم العالمى لحقوق الإنسان... رئيس اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان يزور مستشفى ٥٧٣٥٧