واشنطن- لأول مرة في التاريخ الأميركي، سيقف مرشحان رئيسيان، رئيس سابق ونائبة رئيس حالي، جنبا إلى جنب على منصة المناظرة، يدافعان عن سجل 4 سنوات في الحكم، الأول هو دونالد ترامب الذي تبوأ منصب الرئاسة لمدة 4 سنوات بين 2017-2021، والثانية هي كامالا هاريس نائبة الرئيس جو بايدن خلال السنوات الأربع الأخيرة.

ويرى كثير من المعلقين أن المواجهة المرتقبة الثلاثاء المقبل تعد من أكثر المناظرات الرئاسية أهمية وإثارة منذ عقود، نظرا لما شهدته حملتا المرشحين من إثارة وتغيير خلال الأسابيع الأخيرة، منها نجاة ترامب من محاولة اغتيال، وترشح هاريس بعد انسحاب بايدن، إلى جانب محاكمات ترامب، والمخاوف من التشكيك في شرعية الانتخابات وعدم الاعتراف بنتائجها.

وتسعى هاريس بشدة إلى الحصول على ثقة الناخبين بعدما رفعت من احتمالات فوز الديمقراطيين منذ انسحاب بايدن، في حين يسعى ترامب لتأكيد ثقته بالنصر رغم إدانته بارتكاب جرائم جنائية.

منذ انسحاب بايدن (يمين) من السباق الرئاسي عقب مناظرة كارثية مع ترامب حققت هاريس تقدما على المستوى الوطني (رويترز) بين مناظرتين

لم يتوقع المرشحان هذه المواجهة بينهما، فعلى مدار أكثر من عام استعد ترامب لمواجهة بايدن، وتعهد بالانتصار عليه، وحقق هدفه مبدئيا في المناظرة التي جمعت بينهما يوم 27 يونيو/حزيران الماضي.

أما هاريس، فقد كانت تستعد لمناظرة تجمعها مع جي دي فانس، نائب ترامب، وبدأت بالفعل في دراسة نقاط ضعفه ونقاط قوته، وأي الإستراتيجيات الأفضل لمواجهته.

لم يتوقع ترامب أن يواجه سيدة مرشحة للرئاسة وتصغره بأكثر من 20 عاما في سباق أصبح متقاربا للغاية، بعدما كان فارق النقاط ضخما لمصلحته في مواجهة بايدن. ومنذ استبدالها ببايدن، عملت هاريس على تغيير إستراتيجيتها للمناظرة، إذ تختلف طريقة مواجهة فانس عن طريقة مواجهة ترامب.

وكان الأداء الكارثي لبايدن قد أدى لاضطراره إلى الانسحاب من السباق الرئاسي بعد ضغوط من قيادات الديمقراطيين بعدما كان ملف عمر الرئيس (81 عاما) وقدراته الصحية والذهنية محور النقاش السياسي في واشنطن.

حرص فريق ترامب على تأكيد مدى نجاحه في مناظرة يوم 27 يونيو/حزيران ضد بايدن، إذ أظهر بالفعل ضبطا غير عادي للنفس، قياسا بسلوك ترامب المنزلق والمتهور، حيث جلس وترك بايدن يضر نفسه بأدائه الباهت وهفواته العقلية. لكن مواجهة هاريس، وهي امرأة تصغره بنحو ربع قرن ومدعية عامة سابقة، ستشكل تحديا مختلفا تماما.

تنافس بين سجلين

وفي مناظرة الثلاثاء، سيتم التركيز على سجل إدارة بايدن- هاريس في الحكم، الذي يميزه ارتفاع نسب التضخم وانهيار منظومة الهجرة عبر الحدود الجنوبية مع المكسيك، وتورط الولايات المتحدة ولعبها دورا كبيرا في حربين، الأولى بأوكرانيا والثانية بقطاع غزة، وهو ما ترك الأميركيين منقسمين بصورة غير مسبوقة بشأن القضايا الخارجية.

في الوقت ذاته، سيتم التركيز على رؤية ترامب لفترة حكم ثانية في ظل تخوف كثيرين من نيته الانتقام من أعدائه السياسيين، وفرض أجندة داخلية تهدد أسس الديمقراطية الأميركية وثوابتها.

هاريس لديها خبرة أقل، ولديها عديد من نقاط الضعف، وقد ينجح ترامب في إحراجها بسبب طريقة الانسحاب من أفغانستان أو مستويات الهجرة غير الشرعية. ومن المرجح أنه سيتهمها بتغيير موقفها في قضايا مختلفة، وعلى رأسها النفط الصخري في ولاية بنسلفانيا المتأرجحة التي تستضيف المناظرة.

وعلى النقيض من ذلك، يكافح ترامب لإيجاد أرضية وسطية جديدة بشأن واحدة من القضايا الأساسية عند ملايين الناخبين في ما يتعلق بقضية حق الإجهاض، وحقوق الإنجاب بالتخصيب الصناعي.

وبعدما ساهم اختيار ترامب 3 قضاة محافظين للمحكمة الدستورية في إلغاء حق الإجهاض على المستوى الفدرالي، ومنح السلطة للولايات -وهو ما لا يحظى بدعم أغلبية النساء الأميركيات- يحاول ترامب تبني موقف رمادي من هذه القضية الهامة.

وسيعمل ترامب على أن يدفع الناخبين للتفكير في سجل هاريس من خلال ربطها بإدارة بايدن، وما اقترفته من سياسات خاطئة، والتأكيد أن انتخاب هاريس يعني فترة حكم ثانية لإدارة جو بايدن، إلا أنها ستكون أكثر تقدمية. ويدعو قادة الجمهورين ترامب للتركيز على "رؤية إيجابية للمستقبل"، في حين يخشى هؤلاء أن يرفض ترامب الاقتراح ويركز على انتقاد سجل هاريس وبايدن فقط.

ومؤخرا، كتب السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام -في مقال رأي له- أن "الطريق إلى البيت الأبيض يمر عبر نقاش سياسي قوي، وليس عبر تبادل للانتقادات اللاذعة"، وأصر على أن "كل يوم يتبادل فيه المرشحان الإهانات هو يوم جيد لهاريس، لأنه يوم أقل يتعين عليها فيه الدفاع عن إخفاقات إدارة بايدن-هاريس".

قواعد صارمة

ستعقد المناظرة في فيلادلفيا في مركز الدستور الوطني، ولن تشهد حضور جمهور في القاعة التاريخية التي شهدت المصادقة على الدستور الأميركي عام 1787.

ستكون الميكروفونات مباشرة فقط للمرشح الذي حان دوره للتحدث، وسيتم كتم الصوت عن المرشح الآخر، ولن يسمح للمرشحين بتوجيه أسئلة لبعضهما بعضا.

وتم إجراء قرعة (استخدمت عملة معدنية بين فريقي المرشحين افتراضيا) لتحديد موضع المنصة وترتيب إلقاء كلمات ختامية من كل مرشح. وفاز ترامب، واختار فريقه أن يلقي آخر كلمة في نهاية المناظرة، واختارت هاريس أن تقف في يمين الشاشة، أي في الجانب الأيسر من المنصة.

سيتم تخصيص دقيقتين لكل مرشح للإجابة عن كل سؤال مع حق الرد لمدة دقيقتين، ودقيقة إضافية للمتابعة أو التوضيح.

سيقف المرشحان خلف المنصات طوال مدة المناظرة ولن يسمح لهما باصطحاب أي أوراق أو ملاحظات مكتوبة مسبقا، وسيُوفر لهما قلم وعدد من الأوراق وزجاجة ماء لكل منهما. ولن يتم السماح للمرشح بالحديث إلى مساعديه في أثناء فترتي الراحة في الوقت الذي تبث فيه إعلانات تجارية.

ومن العلامات على ثقة هاريس أنه بينما طلب بايدن إسكات ميكروفونات المرشحين عندما يتحدث لمنع ترامب من المقاطعة، أرادت هي تركها مفتوحة. وقالت حملة هاريس مرارا إن مساعدي ترامب يصرون على إغلاق الميكروفونات، في محاولة واضحة للسخرية من خوفهم من تهور ترامب وما قد يقوم به.

قبل أن يتخبط بايدن في يونيو/حزيران الماضي، خلص كثير من المراقبين الأميركيين إلى أن المناظرات ليست مهمة كثيرا. وأظهرت استطلاعات الرأي، على سبيل المثال، أنه في عام 2016 فازت هيلاري كلينتون بسهولة في جميع المناظرات الثلاث ضد ترامب، إلا أن ترامب انتصر في الانتخابات وفاز بالبيت الأبيض.

وبينما يظهر أن هاريس قد حققت تقدما صغيرا في استطلاعات الرأي على المستوى الوطني منذ أن أصبحت هي المرشحة بدلا من بايدن، إلا أن ترامب يحتفظ بموقفه المتقدم في الولايات المتأرجحة الرئيسية، ومن بينها ولاية بنسلفانيا المهمة للغاية، التي تستضيف المناظرة بينهما.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

ليبيراسيون: ضرب إيران.. هل أتى عصر الافتراس؟

قالت صحيفة ليبيراسيون إن دخول الولايات المتحدة في حرب مع إيران نهاية الأسبوع، أعطى الصراع بين تل أبيب وطهران بعدا جديدا، وزعزع التوازن الجيوسياسي في المنطقة بأسرها.

وأوضحت الصحيفة -في افتتاحية بقلم دوف ألفون وحمدان مصطفوي- أن الشرق الأوسط الجديد بدأ الآن يتبلور أمام أعيننا المذهولة، منذ أن أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسم خريطته بإرسال قاذفاته المخيفة مساء السبت لتدمير المواقع النووية الإيرانية، في هجوم مفاجئ، يبدو مخالفا للقانون الدولي، وربما يتعارض مع الدستور الأميركي، وهو بالتأكيد مناقض لوعوده الانتخابية.

ورأت الافتتاحية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو الرابح الأكبر حاليا، بعد أن أصبح مجددا الحليف القوي الذي يحتاجه الغرب، في حين ظهر ضعف النظام الإيراني، الذي بذل قصارى جهده على مدار 46 عاما لتجنب هذه المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة، ودمر برنامجه النووي الذي كان مصدر فخره في مواجهة القوى الإقليمية.

صورةٌ من القمر الصناعي تُظهر محطة فوردو بعد أن ضربت الولايات المتحدة المنشأة النووية تحت الأرض (رويترز)

نُسي مصطلح "الشرق الأوسط الجديد" الذي صاغه مهندس اتفاقيات أوسلو التعيسة شمعون بيريز وتبناه نتنياهو كشعار لإبادة الفلسطينيين، لفترة وجيزة بعد هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وعشرات الآلاف من ضحايا الانتقام الإسرائيلي الدموي في قطاع غزة، ولكنه عاد بنسخة ترامبية جديدة، تقوم على إخفاء نياتها المسيحانية تحت ذرائع جيوسياسية وأمنية إقليمية عقلانية.

مواجهة ذات إيحاءات دينية

وأشارت الصحيفة إلى رسالة من مايك هاكابي، حاكم أركنساس السابق والقس المعمداني المعين سفيرا في القدس، التي نشرها البيت الأبيض قبل 4 أيام من قرار ترامب، يقول فيها القس، وبالفعل صدق ترامب ذلك حسب خطابه مساء السبت.

إن الله لم يبق على حياة ترامب إلا ليتمكن من قصف إيران

بواسطة مايك هاكابي

وفي مقارنة ضمنية، ألمحت الصحيفة إلى عملية ترامب العسكرية المستوحاة من آية توراتية، مقابل أيديولوجية المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي التي تستبعد براغماتية الجانب الإيراني وصبره للحفاظ على نظامه، لتجر إيران إلى تصعيد انتحاري، في مواجهة أعداء أفضل تسليحا وأكثر عزما بشكل واضح.

إعلان

وخلصت الصحيفة إلى أن خيارات القائد الإيراني تتضاءل سواء قبل ذلك أم لا، وأشارت إلى أن الإيمان الأعمى هو ما يفسر رفضه تهدئة الأمور، مذكرة بأن سلفه آية الله الخميني أخذ 8 سنوات من الحرب وأكثر من مليون قتيل قبل أن يوافق على "تجرع كأس السم" -على حد تعبيره- بعقد السلام مع العراق.

وفي مواجهة "الشياطين الصغار والكبار"، كما يسميهم خامنئي باستمرار، يبدو التحول أكثر استبعادا -كما ترى الصحيفة- مشبهة نهجه المشبع بالدلالات الدينية، بنهج الزعيم الأميركي والحكومة الإسرائيلية.

مقالات مشابهة

  • رئيس وزراء قطر: بزشكيان أعرب عن أسفه لقصف قاعدة في قطر واتصالات مرتقبة بين حماس وإسرائيل
  • ليبيراسيون: ضرب إيران.. هل أتى عصر الافتراس؟
  • تفاصيل طلب مناقشة بشأن مواجهة التحرش بالمدارس
  • مدرب إنتر ميامي: مواجهة بالميراس لحظة تاريخية
  • صدى البلد يكشف تفاصيل المحاضرة العاصفة للاعبي الأهلي قبل مواجهة بورتو
  • شاهد عيان يكشف ملابسات العثور على جثة طفلة في البدرشين
  • إعلامي يطرح سؤالا للجمهور حول مباراة الأهلي و بورتو.. تفاصيل
  • إلغاء مران بورتو الرئيسي قبل مواجهة الأهلي لسوء الأحوال الجوية.. تفاصيل
  • قفزة مرتقبة في أسعار النفط بعد الضربات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية.. هل تصل إلى 100 دولار للبرميل؟
  • «مواجهة مشكلات التنمر والتحرش في المدارس».. تفاصيل جدول أعمال الشيوخ الأسبوع الجاري