الحشود اليمنية غير مسبوقة بيوم المولد النبوي تستنهض الأمة لمواجهة الأعداء
تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT
تقرير: جميل القشم
لم يكن مستغربا الزخم اليماني الذي تجلى في الاحتفالات المركزية بذكرى المولد النبوي الشريف، فاليمنييون مرتبطون بدينهم ونبيهم وهويتهم الإيمانية، وما خروجهم اليوم إلى مختلف الساحات، التي اكتظت بحشود غير مسبوقة، إلا تعبير قوي عن مدى حبهم لرسول الله واعتزازهم به.
خرج اليمانيون صغيرهم وكبيرهم لإحياء هذا اليوم الأغر، متوّجين صمودهم بمشاهد الفرح التي عمت أرجاء العاصمة صنعاء والمحافظات الحرة.
مشاهد البهجة والحفاوة بالربيع المحمدي، التي عمت كافة ساحات الاحتفال بهذه المناسبة، عكست الروح الإيمانية التي يستمد منها الشعب اليمني القوة والثبات والصبر في مواجهة التحدّيات، اقتداءً بنهج النبي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- الذي انتصر على الباطل، وساد الأرض عدلا ورحمة.
وقدم اليمانيون، من خلال الحفاوة والتفاعل الكبير مع هذه المناسبة الدينية، النموذج المشرف في الارتباط بالنبي والسير على نهجه في تعزيز الصمود والثبات في مواجهة قوى البغي والاستكبار، والحرص على نصرة قضايا الأمة.
كما جسدوا الموقف الثابت والمبدئي لليمن تجاه المقدّسات ونصرة الشعب الفلسطيني في صورة حقيقية لاستنهاض الأمة لنصرة المستضعفين من خلال إحياء فريضة الجهاد، التي حث عليها رسول الله لمواجهة طواغيت الكفر والنفاق، والدفاع عن مقدسات الإسلام.
لقد مثلت الحشود اليمنية، في الثاني عشر من ربيع الأول، التي تعد الأكبر على المستوى العربي والإسلامي، الموقف الايماني الصحيح تجاه رسول الله، وعكست النموذج الرفيع لمدى الارتباط بالهوية الإيمانية، التي تتجلى في الارتباط بخير البرية وكتاب الله، وهي هوية لا تأتي من فراغ بل من علاقة راسخة في أرض الإيمان وفرعها في سماء اليقين.
حشود يمانية من مختلف فئات الشعب تداعت بوعي وهوية دينية جامعة لإحياء الأمة وإخراجها من حالة الضعف التي تعيشها، وهو ما يستوجب من المسلمين كافة تعظيم هذا اليوم المحمدي، وتكريس مبادئ وقيم وأخلاق سيّد الخلق؛ لبناء أمة متماسكة تهتدي بهدى الرسول والقرآن.
آثار العدوان الصهيوني وجرائمه الوحشية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة سخط اليمنيين؛ فتحركوا في موقف بطولي مشرِّف لمساندة مظلومية الشعب الفلسطيني، وهذا ما عبّر عنه قائد الثورة، السيّد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي جدد في خطابه اليوم بهذه المناسبة التأكيد على عدم التخلي عن هذا الموقف الذي يمثل رسول الأمة في الجهاد.
هذا الموقف، الذي هتفت به الحشود اليمانية وتأكيدها، ليس فقط لكونهم أنصار الرسول الأعظم وأحفاد مَن آمنوا به وناصروه، بل لكونهم أهلا للإيمان كما وصفهم الرسول الكريم بقوله “الإيمان يمان والحكمة يمانية”، وتجسيدا عمليا لقوله إن الدين سيكون له كلمته على يد رجال من أهل اليمن.
تصدر اليمن المشهد العربي والإسلامي في إحياء ذكرى مولد خاتم الأنبياء، والتحرك لنصرة القضية المركزية للأمة، وكان ذلك واضحا في مسيرات الغضب التي تتواصل في مختلف المحافظات، منذ قرابة عام، لاستنهاض الأمة للقيام بدورها تجاه العدوان الصهيوني على غزة، والتحرك بعمليات المدد.
ورغم التحديات، التي يمر بها أبناء الشعب اليمني وتعرض بلدهم للقصف والحصار، وما خلفه ذلك من تداعيات إنسانية، إلا أن ذلك لم يزيدهم إلا تمسكا بهويتهم الإيمانية والمضي على نهج الرسول الكريم، والاستعداد للتضحية في سبيل الدفاع عن الرسول والدين، ومقدسات الأمة.
القيادة في صنعاء مدركة للمخططات التي تستهدف الأمة والمقدسات الإسلامية، منذ وقت مبكر، فتجلى الموقف الشجاع والتحرك اليماني المواكب لمعركة “طوفان الأقصى” بكل الوسائل لمساندة شعب مظلوم.
ويدرك اليمنيون، في خروجهم بهذه المسيرات الحاشدة والاحتفالات المحمدية البهيجة، أن المجد والرفعة لن يتحققا إلا بالعودة إلى منهج الرسول الكريم، والتمسك بالقرآن الكريم، وتطبيق تعاليمه كمنهج حياة في مواجهة الهجمة، التي تستهدف الأمة ومقدساتها.
وفيما تواصل العديد من الأنظمة العربية العمل وفق أجندات الإدارة الأمريكية والتطبيع مع كيان العدو الصهيوني، الذي يقف خلف كل هذه الممارسات الإجرامية، يعزز اليمنيون من ارتباطهم بالرسول، والتمسك بهويتهم الإيمانية، ما جعل بلدهم عُرضة للعدوان والحصار.
ولأن المشروع القرآني، الذي يترسخ في وجدان أبناء اليمن، ويتنامى الوعي بأهميته لمواجهة مخططات ومؤامرات أعداء الأمة، يضع هذا العدو وأدواته من الأنظمة العميلة اليمن في قائمة الاستهداف؛ نظرا لما تشكله هذه الصحوة من خطر حقيقي على مشاريع ومؤامرات الصهاينة، التي تستهدف الأمة وهويتها.
ويجمع اليمنيون، من خلال هويتهم الإيمانية، وواحدية الموقف، الذي تجلى اليوم في عظمة الاحتفالات بذكرى مولد رسول الله، بأن الانتصار للدين والجهاد في سبيل الله هما جوهر النصر الحقيقي، الذي يضحون في سبيله لمواجهة كل أعداء الأمة.
وعلى مدى عشرة أعوام في مواجهة تحديات ومؤامرات الأعداء، أثبت الشعب اليمني تمسكه برسول الله، وتجسيد مضامين الهوية الإيمانية، وترجمتها قولا فعلا، ولعل هذه المسيرات والاحتفالات أحد عناوين هذه الهوية، التي تفرد بها أهل اليمن على سائر شعوب العالم.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: فی مواجهة رسول الله
إقرأ أيضاً:
ماذا بعد العيد ونفحاته الإيمانية..؟
معونة للعاقل وتذكير للغافل
هي مواسم للرحمة الربانية تتوالى، تزداد مع رجب مرورا بشعبان، ثم موسم التجارة مع الله في رمضان، ليحل موسم الحج وأيام التشريق.. ويالها من خسارة فادحة لمن خرج من منها ولم يغفر له، فهي مواسم يتعرض فيه المسلم لنفحات وبركات ربانية يتقلب بين صيام وقيام ودعاء واجتماع قلوب وأبدان وعشر مباركات وليلة قدر ثم عيد الفطر، وبعد هذا الموسم مباشرة تتجه الأفئدة والأنظار لأغلى بقعة من بقاع الأرض، ومع موسم الحج وضيوف الرحمان، وعيد الأضحى ونحر القربان، وهنا يُطرح السؤال:
فعلاً ماذا بعد العيد!؟
هل الفرحة والجمال فقط يوم العيد؟ هل التواصل الحميمي الرائع فقط يوم العيد؟ هل مظاهر النشوة والألفة فقط يوم العيد؟ هل القبلات الدافئة والبسمات الهانئة مقصورة على العيد؟ وهل.. وهل.. وهل!!!
فالمتامل حقا يرى يوم العيد مظهر عالمي من مظاهر الجمال الروحي والتألق الجسدي، لهذا الدين الخالد، الذي من رحمته أنه ينثر يوم العيد الفرح والزهو والفخر والحنان والحب وتعميق لغة الجمال الواحد، لكن الأجمل أن يكون بعد العيد حب وتجديد، حب متجدد لله عز وجلّ الخالق، وللرسول صلى الله عليه وسلم الصادق، والدين العظيم المتدفق.
حب متجدد للوطن ومقدساته وثرواته ومكتسباته، حب متجدد لرجاله ونسائه الأوفياء.
حب متجدد للعمل والإبداع فيه، حب متجدد للأمل والسعي إليه، حب متدفق للعلم والنهل منه، فكم هو رائع أن يكون بعد العيد تجديد، وأي تجديد!!
تجديد للمشاعر نحو الأفضل، تجديد للأحاسيس نحو الأجمل، تجديد للقلب أن ينبض صفاء والنقاء، تجديد للفكر كي يسمو في معارج الإبداع الإلهي والتألق الإنساني، تجديد للكلمة كي ترتقي نحو الأحسن: “قُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحسَنُ”
تجديد للبسمة كي تشرق أكثر وتمتد أكثر: “تبسمك في وجه أخيك صدقة”
تجديد للتعامل الدين المعاملة، وتجديد للتعاون: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى البرِّ وَالتَّقوَى”
تجديد للعفو والصفح والغفران وإقالة العثرات: “وَليَعفُوا وَليَصفَحُوا أَلَا تُحِبٌّونَ أَن يَغفِرَ اللَّهُ لَكُم وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”
تجديد للحب أن نتذوقه بعمق ونشعر به بحق مع الوالدين والزوجة الوفية والأبناء والناس والحياة.
تجديد للفرحة أن نفرح حين يفرح الآخرون تحقيقاً للغة الجسد الواحد: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد”، وما أجملها من فرحة.
أرجو أن تكون أيامنا فرحة عيد، وحب وتجديد، فلا تضيّع نفحات الرحمن، واستأنف العمل ولا تركن فإنما هي رحلة إلى الجنان، ولنجعل سائر العام موسما للطاعات، وإلى الجميع اعلموا: ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة.