«تريندز» ينظم مؤتمره السنوي الدولي الرابع في اليابان
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةضمن المحطة الثانية من جولته الآسيوية الحالية، ينظم مركز تريندز للبحوث والاستشارات، بالتعاون مع مركز أبحاث العلوم والتكنولوجيا المتقدمة بجامعة طوكيو يومي 18 و 19 سبتمبر الجاري مؤتمره السنوي الدولي الرابع، تحت عنوان: «الأمن المستدام في عام 2024 وما بعده - دور الذكاء الاصطناعي»، وذلك بالعاصمة اليابانية، بمشاركة وزراء ومسؤولين وأكثر من 30 خبيراً وباحثاً من مختلف دول العالم، وبشراكة إعلامية مع مركز الاتحاد للأخبار.
وكان «تريندز» قد عقد المؤتمر السنوي الدولي الأول والثاني بالتعاون مع المجلس الأطلسي في العاصمة الأميركية واشنطن كما عقد المؤتمر الثالث ضمن فعاليات مؤتمر كوب 28 في دبي، ويأتي عقد المؤتمر الرابع في طوكيو في وقت يواجه فيه العالم تحديات متزايدة، من الصراعات، إلى التغيرات المناخية، والتهديدات السيبرانية.
ويسعى المؤتمر عبر نخبة من الخبراء والباحثين وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم لمناقشة دور الذكاء الاصطناعي في مواجهة هذه التحديات، وبناء مستقبل أكثر أماناً واستدامة.
ويتضمن المؤتمر، على مدى يومين، 6 جلسات تناقش عدة محاور، أبرزها حوكمة الذكاء الاصطناعي والعلاقات الدولية، والتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي والأمن العالمي المستدام، والذكاء الاصطناعي وأمن الطاقة، والتداعيات الجيوسياسية والبحثية للذكاء الاصطناعي في الحروب، والذكاء الاصطناعي وإعادة تنظيم العلاقة بين الجسد والآلة والمجتمع، وتطوير الذكاء الاصطناعي والحوكمة السياسية.
وقال الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز: «إن مؤتمر «تريندز» السنوي الدولي الرابع، والذي يتزامن مع احتفالات «تريندز» بالذكرى العاشرة للتأسيس، (اليوبيل البرونزي)، سيكون بما يضمُّه من خبراء ومفكرين فرصة مهمةً، ومنصة للتواصل والتعاون بين الخبراء والباحثين وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم، مما يساهم في تعزيز التعاون الدولي في مجال الذكاء الاصطناعي وبناء مستقبل أكثر أماناً واستدامة».
وقال: «إن اختيار العاصمة اليابانية، هذا العام لعقد المؤتمر السنوي الرابع لـ«تريندز» جاء متزامناً مع تدشين مكتب «تريندز- طوكيو»، إضافة إلى شراكته البحثية مع مركز أبحاث العلوم والتكنولوجيا المتقدمة بجامعة طوكيو، وما يمثله من صرح علمي تكنولوجي متقدم»، مؤكداً أن «تريندز» برؤيته العالمية قد تمكن من أن يكون جسراً معرفياً بين المنطقة والعالم من خلال فعالياته ودراساته البحثية الوازنة.
وأوضح أن اليابان تشكل المحطة الثانية من جولة تريندز الآسيوية التي شملت كوريا وستليها مهمة بحثية في إندونسيا تتضمن المشاركة في معرض جاكارتا للكتاب وافتتاح مكتب (تريندز - جاكارتا) و3 ندوات بحثية وشراكات مع 9 جهات علمية.
وكان مركز تريندز للبحوث والاستشارات قد اختتم أمس المحطة الأولى من جولته الآسيوية الحالية، التي تشمل أيضاً اليابان وإندونيسيا. وقد شهدت المحطة الأولى في سيؤول افتتاح المكتب الثامن لمركز تريندز في حرم جامعة كوريا، مما يمثل خطوة مهمة في توسيع نطاق عمل المركز في آسيا.
وفي باكورة أعمال «تريندز - سيؤول» تم إطلاق كتاب «الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي»، الذي يسلط الضوء على التحديات والفرص التي يطرحها التطور المتسارع في مجال الذكاء الاصطناعي على الأمن السيبراني.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: تريندز مركز تريندز للبحوث والاستشارات اليابان الإمارات طوكيو جامعة طوكيو الذکاء الاصطناعی السنوی الدولی مرکز تریندز
إقرأ أيضاً:
هل يهدد الذكاء الاصطناعي التعليم والجامعات ؟
وقع نظري مؤخرًا على مقال نشره كاتب أمريكي يُدعى «رونالد بروسر»، وهو أستاذ إدارة الأعمال بجامعة «سان فرانسيسكو».
نُشر المقال في مجلة «Current Affairs»، وهي مجلة سياسية ثقافية تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في 1 ديسمبر 2025.
تحدّث الكاتبُ في هذا المقال عن أزمة التعليم في ظل وجود الذكاء الاصطناعي، ويرى أن الجامعات الأمريكية عقدت الكثير من الشراكات مع شركات الذكاء الاصطناعي مثل شركة OpenAI، وأن هذا التوجّه يمثّل تهديدًا للتعليم ومستقبله، ويسهم في تفريغه من مضمونه الرئيس؛ بحيث يتحوّل التعليم إلى ما يشبه مسرحية شكلية فارغة من التفكير وصناعة الفكر والمعرفة الحقيقية.
يرى «بروسر» أن هناك تحوّلا يدفع الطلبة إلى استعمال الذكاء الاصطناعي بشكل مكثّف وغير منضبط في إنجاز الواجبات والأعمال المنوطة إليهم، وكذلك يدفع كثيرا من الأساتذة إلى الاعتماد المفرط عليه في إعداد المحاضرات وعمليات التقويم والتصحيح، وتدفع الجامعات ـ كما يذكر «بروسر» ـ ملايين الدولارات في إطار هذه الشراكات مع شركات الذكاء الاصطناعي مثل OpenAI؛ لتوفير النُّسخ التوليدية التعليمية وتسخيرها للطلبة والأكاديميين.
بناء على ذلك، تذهب هذه الملايين إلى هذه النظم التوليدية الذكية وشركاتها التقنية، في حين استقطعت الأموال من موازنات الجامعات؛ فأدى إلى إغلاق برامج أكاديمية في تخصصات مثل الفلسفة والاقتصاد والفيزياء والعلوم السياسية، وكذلك إلى الاستغناء عن عدد من أعضاء هيئة التدريس.
يكشف الكاتبُ في نهاية المطاف أن الجامعات بدأت تتحول من الاستثمار في التعليم ذاته إلى تسليم النظام التعليمي ومنهجيته وعملية التعلّم إلى منصات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يقلّص الاعتماد على الكوادر البشرية وعلى المنهجيات النقدية والتفكيرية.
كذلك يُظهر الكاتبُ الوجهَ المظلم للذكاء الاصطناعي والاستغلال الذي قامت به شركات الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع بعض الجامعات ومؤسسات البحث العلمي، ويرتبط هذا الوجه المظلم بعملية فلترة المحتوى الذي يُضخّ في نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية؛ حيث تُكلَّف فئات من البشر ـ في الغالب من الدول الأفريقية الفقيرة ـ بمراجعة هذا المحتوى وتصنيفه وحذف غير الملائم منه، مقابل أجور زهيدة جدا، وذلك بغية صناعة واجهة «آمنة» لهذه النماذج، وتقتضي هذه العملية في الوقت نفسه استهلاك كميات هائلة من الطاقة والمياه لتشغيل مراكز البيانات التي تقوم عليها هذه الأنظمة.
كما يكشف وجها آخر للاستغلال الرقمي، ضحاياه الطلبة في بعض الجامعات الأمريكية ـ خصوصا المنتمين إلى الطبقات العاملة ـ عبر استغلالهم لصالح مختبرات شركات وادي السيليكون؛ إذ تُبرَم صفقات بملايين الدولارات بين هذه الشركات وبعض الجامعات، دون استشارة الطلبة أو أساتذتهم، في حين لا يحصل الطلبة إلا على الفتات، ويُعامَلون كأنهم فئران تجارب ضمن منظومة رأسمالية غير عادلة.
أتفقُ مع كثير من النقاط التي جاء بها «رونالد بروسر» في مقاله الذي استعرضنا بعض حيثياته، وأرى أننا نعيش فعلا أزمة حقيقية تُهدِّد التعليم والجامعات، ونحتاج لفهم هذه الأزمة إلى معادلة بسيطة معنية بهذه التحديات مفادها أننا الآن في مرحلة المقاومة، والتي يمكن اعتبارها مرحلة شديدة الأهمية، لأنها ستُفضي في النهاية إما إلى انتصار التقنية أو انتصار الإنسان.
مع ذلك، لا أعتقد أن هذه المعركة تحتاج إلى كل هذا القدر من التهويل أو الشحن العاطفي، ولا أن نُسبغ عليها طابعا دراميًا مبالغًا فيه.
كل ما نحتاجه هو أن نفهم طبيعة العلاقة بيننا وبين التقنية، وألا نسمح لهذه العلاقة أن تتحول إلى معركة سنخسرها بكل تأكيد، نظرا إلى عدة عوامل، من بينها أننا نفقد قدرتنا على التكيّف الواعي مع المنتجات التقنية، ولا نحسن توظيفها لصالحنا العلمي والتعليمي؛ فنحوّلها ـ عن قصد أو بدون قصد ـ إلى خصم ضار غير نافع.
نعود بالزمن قليلا إلى الوراء ـ تحديدا تسعينيات القرن العشرين ـ
لنتذكّر المواجهة التي حدثت بين المنظومة التعليمية ـ من جامعات وأساتذة وباحثين ومهتمّين بالمعرفة ـ وبين موجة التهديدات الجديدة التي تزّعمها الإنترنت ومحركاته البحثية، وكان أحد أبرز هذه التهديدات ظهور ما يمكن تسميته بثقافة البحث السريع؛ حيث ابتعد الطالب والباحث عن الطرق التقليدية في البحث مثل استعمال الكتب والقراءة المطوّلة والعميقة، ولجأ إلى الإنترنت والبحث عن المعلومات في غضون ساعات قليلة، والاكتفاء بتلخيص الدراسات والكتب.
ولّد هذا التحوّل مشكلات أخرى، من بينها تفشّي ظاهرة الانتحال العلمي والسرقات الفكرية، ولكن، لم تستمر هذه المشكلة لفترة طويلة؛ فحُلّت تدريجيا بعد سنوات، وتحديدا مع ظهور أدوات قادرة على كشف حالات الانتحال والسرقة العلمية، وظهور أنظمة تأقلمية ومعايير وقوانين تعليمية وأكاديمية عملت على إعادة تموضع الإنترنت داخل المنظومة التعليمية، وهكذا خرج النظام التعليمي والجامعات من تلك المواجهة رابحًا في بعض أجزائه وخاسرًا في أجزاء أخرى.
لا أتصور أن مشكلتنا الحالية مع الذكاء الاصطناعي تشبه تماما المشكلة السابقة التي أحدثها ظهور الإنترنت ومحركات البحث؛ فكانت التحديات السابقة -نسبيا- أسهل، وكان من الممكن التعامل معها واحتواؤها في غضون سنوات قصيرة. أما المشكلة الراهنة مع الذكاء الاصطناعي، فتكمن في سرعته التطورية الهائلة التي لا نستطيع حتى أن نتحقق من مداها أو نتنبّأ بوتيرة قدراتها الإبداعية؛ فنجد، مثلا ، أنه في غضون سنتين أو ثلاث فقط انتقل الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل«ChatGPT» من مرحلته البدائية إلى مرحلته المتقدمة الحالية، تجاوز فيها في بعض الزوايا قدرات الإنسان العادي في المهارات اللغوية، وأصبح يشكّل تحديًا حقيقيًا كما أشرنا في مقالات سابقة.
فيما يتعلّق بالتعليم والجامعات، وكما أشار الكاتب في المقال الذي استعرضناه؛ فنحن أمام مشكلة حقيقية تحتاج إلى فهم عميق وإعادة ترتيب لأولوياتنا التعليمية.
نقترح أولا ألا نتجاوز الحد المسموح والمقبول في استعمال الذكاء الاصطناعي في التعليم؛ فيجب أن تكون هناك حالة توازن واعية في التعامل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية في الجامعات، وكذلك المدارس.
وبصفتي أكاديميًا، أرى من الضروري أن نقنن استعمال الذكاء الاصطناعي داخل الجامعات عبر وضع معايير وقوانين واضحة، والسعي في الوقت ذاته إلى تطوير أدوات قادرة على كشف حالات الانتحال والسرقات العلمية المرتبطة باستعمال هذه التقنيات والنماذج الذكية، رغم صعوبة ذلك في المرحلة الحالية، ولكن من المرجّح أن يصبح الأمر أكثر يسرا في المستقبل القريب.
رغم ذلك، فلا يعني أنه ينبغي أن نمنع استعمال الذكاء الاصطناعي منعًا تامًا؛ فجلّ ما نحتاجه أن نُشرف عليه ونوجّهه ضمن حدود معيّنة؛ لتكون في حدود تعين على صناعة الإبداع البشري؛ فيمكننا أن نوجّه الذكاءَ الاصطناعي في تنمية مهارات الحوار والتفكير والتحليل لدى الطلبة إذا استُعملَ بطريقة تربوية صحيحة.
ولكن في المقابل يجب أن تُشدَّد القوانين والعقوبات المتصلة بحالات الانتحال والاعتماد الكلّي على النماذج التوليدية سواء في مخرجات العملية التعليمية أو في البحوث العلمية.
كذلك من الضروري أن نُعيد التوازن إلى دور أعضاء هيئة التدريس في الجامعات؛ فمن غير المعقول أن نترك صناعة المحتوى التعليمي مرهونة بالكامل للذكاء الاصطناعي، في حين يتراجع دور الأكاديمي وإبداعه الذي يمارس التفكير والنقد والإضافة المعرفية من عنده.
على صعيد آخر، أظهرت دراسات حديثة التأثير السلبي للاستعمال المفرط للذكاء الاصطناعي والاعتماد عليه على الدماغ البشري بشكل فسيولوجي مباشر؛ فيمكن أن يدخله في حالة من الضمور الوظيفي مع الزمن، خصوصا حال تخلّى الإنسان عن ممارسة التفكير لصالح الخوارزمية.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني