نيكولاس وجعفر خيارت وأراء مختلفة
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
شاهدت المقابلة التي أجرتها قناة " الجزبرة مباشر" مع جعفر حسن الناطق الرسمي بأسم تحالف " تقدم" و تحدث فيها عن الحرب و معاناة الشعب من جراء قصف المدافع من قبل الميليشيا و قصف الطيران من قبل الجيش.. و عندما سأله المذيع كيف تساوي بين الميليشيا و الجيش، و أن المواطنين يهربون عندما تدخل الميليشيا إلي قراهم و مناطقهم إلي الأماكن التي يتواجد فيها الجيش؟.
بالفعل عقد مجلس اللوردات جلسة للتداول في حرب السودان، و معلوم أن بريطانيا هي صاحبة القلم في مجلس الأمن و هي التي تعطل شكوى السودان ضد الأمارات، و هي التي تحول جلسات مجلس الأمن من العلنية إلي السرية، في محاولة للتغطية على دور الأمارات في حرب السودان.. و في مجلس اللوردات البريطاني: تحدث اللود نيكولاس بنس عن الحرب و قال هي ليست حرب بين طرفين هي حرب بين الجيش السوداني و ميليشيا الدعم السريع المتمردة و بالتالي يجب أن لا نساوي بين الأثنين.. أن هدف الميليشيا من الحرب هو تقسيم السودان و يجب أن نعي هذا جيدا..و أن المواطنين يهربون من المناطق التي تدخلها الميليشيا إلي مناطق الجيش، خاصة أن الميليشيا تمارس القتل و النهب و السرقة و كل الانتهاكات ضد المواطنين.. و توصل المجلس في مداولاته، و تم يعين رتشارد كرادور مبعوثا جديدا للسودان..
هل تريد بريطانيا أن تبدأ مرحلة جديدة مع السودان من خلال تعينها لمبعوث جديد؟ و هل سوف يختار المبعوث الجديد طريقا مغايرا للذي كان قد سلكه سفير بريطانيا السابق جايلز ليفر، الذي قدم أمولا طائلة لقوى سياسية لكي تنجز بها نشاطاتها و ورش لها في عواصم دول أفريقية، أم أنه سوف يعدل من المسار السابق، و يلتقي بكل القوى السياسية، ثم يعبر للسودان، و يسمع من المواطن الذين يعانون من ويلات الحرب و النزوح..
أن اللواردات البريطانيين واعين تماما بالذي يحصل في السودان، و يعلمون من الجهة التي بدأت الحرب و من وراءها، و أيضا يعلمون من أين يتم شحن السلاح و الدول التي يعبرها حتى تصل إلي الميليشيا، لكن المصالح تجعلهم أن يغمضوا أعينهم، و يدافعوا عن الجاني مادام تربطهم به مصالح كبيرة.. و الدول ترفع شعارات الديمقراطية لكنها تحملها بمصالحها الخاصة، و بالنسبة لبريطانية أن مصالحها و أجنداتها الخاصة أهم من الديمقراطية في السودان و غيره.. اليس رئيس وزرائها تشرشل القائل ليست هناك صداقات دائمة و لا عداوات دائمة بل هناك مصالح دائمة.. أنتهت جنيف و انتهت مداولات مجلس حقوق الانسان و مداولات مجلس الأمن و اللوردات البريطاني .. ما هي المحطة القادمة أن شاء الله.. نسأل الله حسن البصير’
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
تعداد السكان في السودان ما بعد الحرب: الأهمية الاستراتيجية، التحديات، وآفاق المعالجة
الملخص:
تسلط هذه الورقة الضوء على مسألة بالغة الأهمية تتعلق بواقع السودان في أعقاب الحرب: مسألة السكان. فالتعداد السكاني لا يُعدّ مجرد رقم، بل هو قاعدة أساسية يُبنى عليها التخطيط التنموي، والأمن القومي، والسياسات الاقتصادية والاجتماعية. وفي ظل النزيف الديمغرافي الذي شهده السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، بات من الضروري إعادة النظر في سياساتنا السكانية ومراجعة مؤسساتنا المعنية بهذا الملف الحساس. هذه الورقة تقدم قراءة تحليلية للوضع، وتعرض مقترحات عملية، مسترشدة بتجارب دول مرّت بظروف مشابهة.
1. مدخل عام:في كل دول العالم، يُعتبر التعداد السكاني حجر الزاوية في صناعة القرار. لكنه في الدول الخارجة من النزاع يصبح أداة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. في السودان، ومع الحرب التي طال أمدها، لم يعد السؤال فقط عن عدد السكان، بل: أين هم؟ كم تبقى منهم؟ كيف توزّعوا؟ وهل سيعود اللاجئون؟ هذه التساؤلات لا يمكن تجاهلها، لأنها تمس صميم حاضر الدولة ومستقبلها.
2. السكان والمساحة: قراءة في الأرقام:بعد انفصال جنوب السودان في 2011، أصبحت مساحة السودان تتراوح ما بين 1.73 إلى 1.86 مليون كيلومتر مربع، بانخفاض ملحوظ عن مساحة ما قبل الانفصال. وتشير تقديرات إلى أن عدد السكان يبلغ حوالي 51.7 مليون نسمة. هذا يعني أن الكثافة السكانية تقارب 29 نسمة في الكيلومتر المربع الواحد، وهي كثافة منخفضة مقارنة بدول أخرى.
3. الحرب وآثارها السكانية:منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، فَقَد السودان مئات الآلاف من أبنائه، سواء بالموت أو الهجرة أو اللجوء. مناطق كاملة أُفرغت من سكانها، وأخرى اختنقت بالنزوح. والأخطر من ذلك، أن هناك مئات الآلاف من السودانيين في الخارج لا يُعرف إن كانوا سيعودون. هذه المعضلة الديمغرافية يجب أن تكون في قلب أي مشروع وطني للتعافي.
4. السكان والأمن الوطني:غياب قاعدة بيانات دقيقة عن السكان يضعف قدرة الدولة على إدارة الأمن والخدمات. مناطق حدودية شاسعة فارغة من السكان قد تصبح مرتعًا للتهريب أو التسلل أو الجماعات المعادية. كما أن التفاوت الجهوي في توزيع السكان قد يُستخدم كورقة ضغط سياسي في المستقبل.
5. من المسؤول عن ملف السكان؟قد يظن البعض أن التعداد من اختصاص الجهاز المركزي للإحصاء فقط، لكن الواقع أن ملف السكان أوسع وأعمق. إذ يتقاطع مع وزارات الداخلية، الدفاع، الصحة، التعليم، التنمية الاجتماعية، وحتى الخارجية. لذا يجب أن تتولى جهة سيادية تنسيق هذا الملف، وليكن ذلك من خلال لجنة وطنية عليا.
6. الأمن السكاني: فكرة جديدة بمضامين قديمة:من المقترحات التي تطرحها هذه الورقة إنشاء إدارة متخصصة داخل جهاز الأمن والمخابرات تُعنى بما يمكن تسميته “الأمن السكاني”. الهدف منها ليس رقابة السكان، بل رصد التحولات الديمغرافية من منظور استراتيجي: أين تقل الكثافة؟ من يملأ الفراغ؟ ما أثر اللجوء الجماعي؟ مثل هذه الأسئلة تستحق عقولاً تدرسها في إطار أمني وطني و قومي.
7. لا تنمية دون شراكة دولية:صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) شريك مهم في هذا المجال. يقدم الخبراء، والدعم المالي، ويملك تجربة طويلة مع دول خارجة من النزاعات. التنسيق معه ليس ترفًا بل ضرورة، خاصة إذا أردنا تعدادًا يحظى باعتراف دولي.
8. الزواج والإنجاب: هل هما أولوية؟في ظل النزيف السكاني، نعم. لكن ليس بشكل عشوائي. تشجيع الزواج والإنجاب يجب أن يكون ضمن استراتيجية أوسع، تشمل تحسين فرص التعليم، وتوفير الرعاية الصحية، وتسهيل الحياة الاقتصادية، خاصة في المناطق التي فقدت كثافتها السكانية.
9. دول أخرى سبقتنا.. فلنتعلم منها:
رواندا: أعادت تأهيل الناجين، واستدعت الشتات.
لبنان: راهن على عودة الكفاءات من المهجر.
روسيا: قدمت حوافز مالية وسكنية لتشجيع الإنجاب.
ألمانيا: أعادت تدريب سكان الشرق بعد الوحدة.
كلها تجارب تؤكد أن النهوض السكاني لا يأتي تلقائيًا بل يحتاج إرادة سياسية واستثمار ذكي.
10. الإطار المؤسسي لقضية السكان:في عام 1994، تأسس المجلس القومي للسكان، ويتبع لوزارة الضمان والتنمية الاجتماعية. دوره الرئيسي هو تنفيذ استراتيجية السكان، ومتابعة تنفيذ الخطط، والتنسيق بين الوزارات، ونشر الوعي، وتشجيع البحث العلمي، والتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان. لكن هذا المجلس اليوم شبه غائب. والمطلوب إما تفعيله أو التفكير في إنشاء مفوضية مستقلة تُعنى بهذا الملف الحيوي.
11. توصيات ختامية:
لا تأجيل للتعداد السكاني متى ما توفرت الظروف الأمنية.
لجنة وطنية عليا للسكان برئاسة مجلس الوزراء.
إدارة متخصصة للأمن السكاني داخل جهاز الأمن والمخابرات.
تفعيل المجلس القومي للسكان أو إنشاء مفوضية مستقلة.
تعاون فني ومالي مع صندوق الأمم المتحدة للسكان.
سياسات ذكية لتشجيع الزواج والإنجاب ضمن رؤية شاملة.
كلمة أخيرة:إذا أردنا مستقبلًا آمنًا ومزدهرًا، يجب أن نعرف من نحن، كم نحن، وأين نحن. فالأمم التي لا تحصي أبناءها، لا تستطيع أن تحميهم ولا أن تبني لهم وطنًا.
إعداد:عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
1 يوليو 2025م