«الوطن» تعيد نشر حوار الراحل إيمان الصيرفي في ملف نجيب سرور
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
توفي المخرج إيمان الصيرفي اليوم، حيث شغل منصب مدير عام فرقة الإسكندرية المسرحية التابعة للبيت الفني للمسرح، عن عمر ناهز 71 عاما بعد صراع مع المرض.
وكان إيمان الصيرفي أخرج عدد من العروض المسرحية مثل «خرابيش»، وشارك بالتمثيل في عدة أعمال، منها «سيت كوم، راسين في الحلال، وفيلم من وراء الستار».
وتعيد «الوطن» نشر حوار «الصيرفي» الذي يتضمن شهادته عن الشاعر الكبير نجيب سرور في ملف يحمل اسم الشاعر الكبير وهذا نصه:
المخرج المسرحي إيمان الصيرفي، أحد تلاميذ ومحبي نجيب سرور، يحرص كل عام على إحياء ذكرى الشاعر الكبير، حسب المكان المتاح، سواء في قصر الثقافة الذي يحمل اسم «نجيب» بقرية إخطاب، أو دار ميريت بالقاهرة، وإن لم يتيسر أي من المكانين، ينظّم «الصيرفي» حفلاً صغيراً بمنزله، يضم عدداً من محبي «نجيب» يلقون أشعاره، ويدندن أصحاب الأصوات الجميلة منهم بأغنياته على العود.
منذ عامين، حاول «الصيرفي» إحياء ذكرى «سرور» بالمسرح القومي، لكن طلبه قوبل بالمماطلة من القائمين على المسرح، وبـ«التحجج» بعدم توافر ميزانية، حسب حديث «الصيرفي» لـ«الوطن»، الذي كشف عن كواليس العلاقة التي جمعته بنجيب سرور في الإسكندرية، كما كشف عن دور الشاعر في حياته: «لولاه لكنت اليوم في مكان آخر»، موضحا: «كنت في بداية شبابي أعيش حالة عشوائية، بعد رحيل والدي والتحاقي بمدرسة ثانوية صناعية بالإسكندرية، وفي السبعينات بدأت التعرف إلى عالم نجيب سرور من خلال القراءة في قصر ثقافة الأنفوشي، وقصر ثقافة الحرية، وسحبني هذا العالم فقرأت أغلب ما كتبه، وأحببته قبل اللقاء الفعلي، كما كنت مهتما بالمشاركة في الأعمال المسرحية في قصور الثقافة، سواء بالتمثيل أو الغناء».
المخرج السكندري يروي حكاية السنوات الأخيرة بمستشفى الأمراض النفسية: أصر على ضرورة التحام الفن مع الجماهير
ويتابع «الصيرفي»: كنت في هذه الأثناء عضوا بمنظمة الشباب التابعة للاتحاد الاشتراكي، وكان ضمن الزملاء الأعضاء في المنظمة أحد العاملين في التمريض بمستشفى الدكتور النبوي المهندس للأمراض النفسية والعصبية بالمعمورة، وفي أحد أيام عام 1972، قال لي: «الشاعر نجيب سرور.. اللى انت مغرم بيه موجود عندنا في المستشفى»، سألت الممرض: «ليه؟ هو مجنون ومريض فعلاً؟»، فقال: «لأ.. دي حاجة كده زي فترة نقاهة»، فقلت له: «عايز أقابله»، فقال: «بسيطة.. ممكن ننظم زيارة». وبالفعل نظم لنا الصديق الممرض زيارة لنجيب سرور فى المستشفى.
ماذا دار في اللقاء الأول مع نجيب سرور؟يحكى «الصيرفى»: في البداية كان هناك تحفظ طبيعي، من «نجيب» ومنا، خاصة أننا كنا صغار السن، ثم فتح «نجيب» معنا الحوار قائلا: «أنتوا إيه اللي جننكم وجابكم المستشفى؟» فقلنا له: «علشان نقابل حضرتك»، فضحك وفتح معنا حوارا عن المسرح، وكنا نحن الخمسة نشارك بالتمثيل والغناء والعزف في الأعمال المسرحية بقصور الثقافة بالإسكندرية، وهكذا اقتربنا منه واقترب منا». وهنا يتوقف «الصيرفي» قائلا: لم يكن (نجيب) مرتابا وشكاكا بشكل عام كما يشاع عنه، بل كان إنسانا ودودا ولطيفا.
حكى لي عن معاناته في المستشفى يوم أن شاهد النزلاء لأول مرة خلال جلسات الكهرباء، ويروي: «نجيب» قبل دخوله مستشفى الإسكندرية كان في مستشفى العباسية بالقاهرة، بعد أن قدم مسرحية «قولوا لعين الشمس»، خلال فترة قصيرة على المسرح القومي في 1972، وكان يحذر في نهايتها من 5/6 على لسان البطلة، في إشارة إلى استمرار التفسخ الذي كان موجودا في الستينات وتسبب في نكسة 1967، لكن الأمن أوقف المسرحية بعد مدة قصيرة من العرض، وأُدخل بعدها «نجيب» إلى مستشفى العباسية. وبالطبع لم أعايش هذه الفترة، لكن «نجيب» حكى الكثير عن معاناته في هذا المستشفى، منها مثلا تبوله على نفسه يوم أن شاهد لأول مرة نزلاء المستشفى خلال جلسات الكهرباء.
ويتابع: «نجيب» قضى نحو ثلاثة أشهر في «العباسية» وخرج، وطبعا هو لم يكن يخاف من المعارضة، وكان دائم الاحتجاج في كتاباته، ما دفعهم إلى إدخاله مستشفى الإسكندرية.
ولم يكن مرضيا عنه حتى بعد عودته في 1964 من المجر إلى مصر، حيث لم يتم تعيينه، لكنه عمل في الأكاديمية «بالقطعة»، وكذلك مخرجا في المسرح القومي بالقطعة، ومكث «نجيب» وقتا طويلا يتجاوز الثلاث سنوات في مستشفى الإسكندرية، وخلال هذه الفترة ونتيجة توطد العلاقة بيننا وبين الدكتور كمال الفوال المسؤول عن علاجه، ومدير المستشفى فيما بعد، طلبنا الاستفادة من خبرات نجيب سرور في إخراج عمل مسرحي لنا، فوافق الطبيب وسمح لـ«نجيب» بالخروج من المستشفى مساء كل خميس، على أن يعود صباح السبت من كل أسبوع.
هنا أحداث يتذكرها «الصيرفي» خلال تردده على «نجيب» فى المستشفى: «بعد نصر أكتوبر 1973، زار فريق صحفي من مجلة المصور المستشفى لعمل ملف صحفي عن الشخصيات التي حدث لها إخفاء قسري، فلم يكن متداولا بشكل واسع موضوع وجود (نجيب) في المستشفى، وقال (نجيب) نفسه إنه لم يزره بالمستشفى إلا الفنانة زوزو نبيل، وهذا كلامه لي مباشرة».
ويلفت «الصيرفي» إلى أنه خلال هذه الفترة كانت هناك رغبة من نظام «السادات» في القضاء على وهج نظام «عبدالناصر» بشكل كامل، فسعت مجلة المصور للحصول على شهادات من النزلاء تدين نظام «عبدالناصر»، لكن «نجيب» رفض بإصرار، فهو إنسان عفيف النفس، ولا يأكل حق الأموات، بل كان محبا لجمال عبدالناصر بشكل غير طبيعى، وكتب المقطع الأول المنشور فى أول ديوان «بروتوكولات حكماء ريش»، والذى يبدأ بـ«لا حق لحى.. إن ضاعت فى الأرض حقوق الأموات»، لذلك أفرج عن بعض النزلاء، وتأخر الإفراج عن «نجيب» فبقي وقتاً إضافياً بالمستشفى، إلى أن خرج فى سنة 1975.
ويتابع: انتقل «نجيب» إلى القاهرة، وكان خلال هذه الفترة أعجبه عملنا في المسرحية معه، وكنت وقتها في المدرسة الثانوية الصناعية التي لا أحبها، فوجهني بضرورة الالتحاق بالمعهد العالى للفنون المسرحية، لذلك قررت دخول امتحان الثانوية العامة، وحصلت على شهادة الثانوية وتقدمت لاختبارات المعهد، وكان «نجيب» قد رجع للتدريس بالأكاديمية، وأذكر أنه كان متخوفاً ومتردداً بشأن قرار العودة إلى المعهد، لكني قلت له: «إحنا تلاميذك وبحاجة إلى علمك».
يواصل «الصيرفي»: دخلت المعهد، ودرّس لي «نجيب» لمدة سنة ونصف، ولأنه كان يعمل بالقطعة في الأكاديمية، فقد كان سهلا الاستغناء عنه، وقرر الدكتور رشاد رشدي، رئيس الأكاديمية، بعد عام ونصف من عمل «نجيب» الاستغناء عنه بالفعل، لأن «نجيب» كانت له أفكاره الخاصة في تدريس مادة التمثيل والإخراج، وكان يرى ضرورة التحام الفن مع المجتمع، بينما رئيس الأكاديمية ينتمي لمدرسة الفن للفن، هذا غير طبيعة «نجيب» المعروفة بالتمرد.
ويتابع: كان إنتاج «نجيب» غزيرا في هذه الفترة، فكنا نتقابل في «جروبي»، ويملي علىّ ما يكتب للنشر في مجلة «الكاتب» التي كان يرأس تحريرها صلاح عبدالصبور، وكان «عبدالصبور» يحجز له مساحة أسبوعية للنشر في المجلة، وكنا بعد الكتابة وتناول الإفطار معا في «جروبي» نمشي من وسط البلد إلى مقر المجلة على الكورنيش، كانت علاقة الشاعرين طيبة للغاية.
ويقول: بشكل عام كان يحب الأماكن المطلة على النيل، ويعشق الإسكندرية بشكل جنوني، وكان يجلس في مقهى ريش وأتيليه القاهرة، ولم يكن «نجيب» مسرفا في الشراب إلا إذا كان محبطاً، أما في وقت انشغاله بعمل فني، فلا يشرب أي كحوليات، وقد لاحظت ذلك عند اشتراكه في مسرحية «الأوكازيون»، من إخراج الدكتورة ليلى أبوسيف، حيث شارك بتمثيل دور في العرض، ووقتها التزم «نجيب» بمواعيد البروفات والعرض على وكالة الغوري، لكنه لم يلتزم بالنص، فقد أدخل تغييرا على دوره وفق رؤيته، وأذكر أننا كنا نأكل «كبدة ومخ» من الحسين، بعد انتهاء العرض كل ليلة لمدة شهر.
«سرور» رفض مصافحة ابنة «السادات» في مسرحية تهاجم والدهاوحول علاقة «نجيب» بالرئيس «السادات»، يؤكد «الصيرفي» أنها كانت «سيئة جدا»، وأذكر أنه خلال عمل «نجيب» في مسرحية «أوكازيون»، زار العرض ابن الرئيس الفرنسي فاليري جيسكار دستان مع وزير الثقافة، وخلال العرض خرج «نجيب» عن النص بشكل احترافي ووجه نقدا للضيف كونه كان داعما للسادات، وبالطبع فهم الحضور هذا النقد، فتوالت أرجل الأمن على المسرحية إلى أن جاءت رقية بنت السادات للعرض، وقيل لنا وقتها إنها ستصافح الممثلين، بعد انتهاء العرض، فرفض «نجيب» لقاءها، وسحبني خارج وكالة الغوري، وقال إنها دخلت العرض بصفتها ابنة رئيس الجمهورية، وبالفعل خرجنا دون مصافحة بنت الرئيس.
وحول انتمائه السياسي، يقول: «نجيب» لم يكن كاتبا سياسيا لكنه إنسان سياسي، ولم ينضم بشكل رسمي لأي تنظيم شيوعي، لكن توجهه شيوعي اشتراكي قلبا وقالبا، وقد عاش «نجيب» حياة مادية قاسية، فكان يعود من المعهد ماشيا إلى بيته في أول فيصل، وعند جراج نصر الدين في شارع الهرم كان يمر بمحاذاة ترعة الزمر، حيث ينتشر على حافتيها الباعة البسطاء، من بينهم بائع البطاطا، وكان «نجيب» يشتري البطاطا، ثم يمشى فوق السور ويأكلها، ويغني لعبدالوهاب أو أم كلثوم أو موال شعبي، يحدث هذا في الوقت الذي كان زملاءه يمتلكون السيارات والشقق، بينما يسكن هو في شقة صغيرة مكونة من حجرتين وصالة في زاوية من زوايا شارع فيصل، ومجهزة بأثاث شديد التواضع، بينما يتحصل الصغار على أسباب من رغد العيش، ترك «نجيب» الأكاديمية فى 1976، ولم يكمل سنتين في العمل بها، وأخذت صحته وحالته المادية في التدهور، وفي 1978 تفاقمت أزمته الصحية ودخل مستشفى الحسين، ثم انتقل إلى شقيقه «ثروت» في دمنهور إلى أن رحل متدثرا بالألم والغربة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: إيمان الصيرفي نجيب سرور المسرح البيت الفني للمسرح هذه الفترة نجیب سرور إلى أن لم یکن
إقرأ أيضاً:
تعهد الحكومة بحصرية السلاح رهن موافقة الثنائي... حوار عون ـ حزب الله يسير ببطء
تسجل مرحلة من الترقب والانتظار، للرد الاميركي والاسرائيلي على رد لبنان بشأن ملفي السلاح والاصلاحات وسط معلومات عن ان رئيس الحكومة نواف سلام يدرس امكانية عقد جلسة لمجلس الوزراء لبحث الملف.
وبدا واضحا، بحسب ما تقول اوساط معنية، ان لبنان يقترب من الدخول في مرحلة سياسية حرجة تضعه على مفترق طرق في مواجهة مفتوحة مع المجتمعين الدولي والعربي.وهذا ما يستدعي من حكومة الرئيس نواف سلام اتخاذ قرارها، اليوم قبل الغد، بموافقتها مجتمعة، وبلا تردد، على حصرية السلاح بيد الدولة، وإلا فسيكون لهما موقف جامع لن يكون لمصلحة البلد ويدخله في حصار غير مسبوق، ولن يجد من يتضامن معه بانكفاء أصدقائه عن مساعدته، وتراجع الاهتمام الدولي به.
ونقلت «الشرق الأوسط» عن مصادر سياسية أن المباحثات التي أجراها سلام مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم تقتصر على استعداد باريس لتوفير الدعم السياسي المطلوب للتجديد لقوات الطوارئ الدولية المؤقتة العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل)، وإنما تناولت الأسباب الكامنة وراء تعثُّر تطبيق وقف النار الذي التزم به لبنان، في مقابل امتناع إسرائيل عن تطبيقه.
وقالت المصادر إن ماكرون، رغم تضامنه مع لبنان، نصح سلام بضرورة التلازم بين التجديد لـ«يونيفيل»، والتزام لبنان بحصرية السلاح الذي يتطلب من الحكومة إصدار قرار بخصوصه عن مجلس الوزراء، لأن إعلان النيات لا يكفي ما لم يكن مقروناً بآلية تطبيقية، وأن اتخاذه سيتيح للبنان تجديد الدعم الدولي والعربي له للضغط على إسرائيل لإلزامها باتفاق وقف النار، وانسحابها من الجنوب تمهيداً لتطبيق القرار 1701 الذي يمكّنه من بسط سيادته على كافة أراضيه.
ولفتت المصادر إلى أن لا مصلحة للبنان بتمديد شراء الوقت، وأن المطلوب من «حزب الله» حسم أمره بإيداع سلاحه لدى الدولة، لأنه لم يعد له من وظيفة بعد أن أدى إسناده لغزة لاختلال في توازن الردع، والإطاحة بقواعد الاشتباك لمصلحة إسرائيل، وبات يشكل عبئاً على اللبنانيين.
وكشفت أن التريُّث باتخاذ قرار بحصرية السلاح سيعرّض البلد لمزيد من الأخطار بلجوء إسرائيل إلى توسيع خروقها واعتداءاتها عليه، برغم أن جهات رسمية تنفي بأن تكون الحكومة تلقت تحذيرات دولية لاستعداد إسرائيل لشن حرب جديدة.
وجاء في" الديار": فيما يعتبر حزب الله انه يجب ان تعمل الحكومة وفق اولويات مختلفة، تبدأ بالسعي لسحب قوات الاحتلال والزامها على احترام وقف النار، فان بري ابلغ سلام انه يجب ألّا تتم معالجة الملف بتسرع.
وكان بري سبق وابلغ براك ان حزب الله يتعامل بمرونة مطلقة، وارسل اكثر من اشارة ايجابية، حيث التزم بوقف النار، ولم يتدخل بالحرب «الاسرائيلية» على ايران، وهو جزء من السلطة التنفيذية، ولديه قوة وازنة في مجلس النواب. والآن المطلوب خطوات من الطرف الآخر، وقد اوحى براك بتفهم لهذه السردية، ووعد برد قريب ايجابي، ولهذا كانت تغريدة مفاجئة بالنسبة للرئيس بري.
وفي بعبدا، تشير الاجواء الى تعامل واقعي مع المرحلة الدقيقة، حيث لا يزال الرئيس جوزاف عون يصر على عدم نقل «المشكل» الى الداخل اللبناني، والتعامل بحكمة مع الملف كيلا ينفجر على نحو سلبي في الداخل. ولهذا لا يزال على تواصله مع حزب الله والحوار مستمر، وان كان بطيئا ربطا بالتطورات الاخيرة في سوريا، حيث يتم التعامل مع الاحداث بواقعية، وتتم النقاشات بعيدا عن المواقف الجامدة.
ووفق المعلومات، تم تشكيل لجنة تضم بعض الضباط المتقاعدين، وعددًا من المستشارين، وشخصيات مقربة من حزب الله، لوضع مسوّدة او تصور لاستراتيجية الدفاع الوطني، على ان تكون جاهزة للنقاش مع اطراف اخرى عندما تصبح الاجواء الداخلية مهيئة لبحث ملف السلاح على المستوى الوطني.
وكتبت" الاخبار": لا تحمل زيارة توم برّاك للبنان أي طابع وساطي، بل تنطوي على إرادة قسرية ناعمة. فالدبلوماسية هنا ليست فعلاً تفاوضياً، بل تشكّل امتداداً لعمل القوة بأدوات غير عسكرية، إذ لا ينظر المبعوث الأميركي إلى الواقع اللبناني ككيان مستقل، بل كحيّز خاضع ينبغي إعادة ترتيبه بعد عجز القوة الإسرائيلية عن فرض شروطها المباشرة.
من هنا، لا يمكن قراءة خطابه الموجّه إلى الدولة اللبنانية خارج محاولات قلب معادلة الصراع: فحيث تتجلّى المقاومة كأداة للدفاع الوطني، يسعى الخطاب الأميركي إلى تأطيرها كأزمة داخلية تعرقل السيادة. وبذلك، تتحوّل مفاهيم مثل «حصرية السلاح بيد الدولة» إلى شعارات تُستخدم لتفريغ الدولة من أي قدرة فعلية على الدفاع، وتحويلها إلى وكيل سياسي لمعادلات تُصاغ خارج حدودها.
و«السلام» الذي يروّج له برّاك لا يمتّ بصلة إلى السلام كقيمة فلسفية أو كغاية إنسانية عادلة، بل هو أداة من أدوات الهيمنة المقنّعة، وسلام مشروط بنزع أدوات التوازن، وإعادة تعريف الفاعلين السياسيين باستبعاد من له قدرة على التأثير خارج حدود التبعية.
بهذا المعنى، لا يزور برّاك لبنان، بل يأتي مُحمّلاً بأدوات الضغط و«الإقناع» القسري، مغلّفة بابتسامات مدروسة وعبارات منمّقة تخدم أهدافاً واضحة.
أما الخطاب الذي يتحدّث عن التهدئة ومواكبة «عملية التغيير الأميركي» في المنطقة، فلا يحمل سوى مشروع لتجريد لبنان من أبسط مقوّمات الدفاع، وجعله عرضةً للرياح الإقليمية والمتغيّرات الدولية، في لحظة سياسية تقرّر إسرائيل توقيتها واتجاهها.
من جهة أخرى، يمكن إدراج خطاب المبعوث الأميركي ضمن إطار نظرية «إنتاج المعنى السياسي للصراع». فالهدف لم يعد يقتصر على تطويق المقاومة، بل تعدّاه إلى إعادة تعريف دلالاتها: فبدل أن تكون عنواناً للدفاع عن الوجود والمصير والمستقبل، تُصاغ في الخطاب الدبلوماسي الأميركي كعامل تهديد للنظام والاستقرار، وكأنّ المشكلة ليست في الاحتلال المستمر، بل في من يقاومه.
ما يفعله برّاك اليوم هو إحياء لمنطقٍ اختبرناه مراراً في كل مرحلة أعقبت حرباً غير محسومة: إذا لم تُفرض النتائج بالسلاح، تُفرض بالدبلوماسية، بالعقوبات، وبالخطاب الأخلاقي المزيّف.
ومن هنا تنبع خطورة المرحلة. فالمطلوب لا يقتصر على تحييد المقاومة عسكرياً، بل يتجاوزه إلى تفكيكها نفسياً ورمزياً داخل بيئتها الوطنية، وتقديمها كعبء بما يحرّض عليها بيئتها، ويُبنى كل ذلك ضمن سردية سياسية وإعلامية متكاملة. مواضيع ذات صلة لبنان يتعهّد حصرية السلاح بضمانات واشنطن لطمأنة "حزب الله" Lebanon 24 لبنان يتعهّد حصرية السلاح بضمانات واشنطن لطمأنة "حزب الله" 29/07/2025 06:05:33 29/07/2025 06:05:33 Lebanon 24 Lebanon 24 برّاك يربط الضمانات الأميركية للبنان بتعهّد حكومته بـ"حصرية السلاح" Lebanon 24 برّاك يربط الضمانات الأميركية للبنان بتعهّد حكومته بـ"حصرية السلاح"
29/07/2025 06:05:33 29/07/2025 06:05:33 Lebanon 24 Lebanon 24 الجناح العسكري لـ"حزب الله" يؤخر"حصرية السلاح بيد الدولة Lebanon 24 الجناح العسكري لـ"حزب الله" يؤخر"حصرية السلاح بيد الدولة
29/07/2025 06:05:33 29/07/2025 06:05:33 Lebanon 24 Lebanon 24 الورقة الأميركية لحصرية السلاح: إيجابية رسمية وتشدد لـ"حزب الله" Lebanon 24 الورقة الأميركية لحصرية السلاح: إيجابية رسمية وتشدد لـ"حزب الله"
29/07/2025 06:05:33 29/07/2025 06:05:33 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً
تصعيد برّاك يثير المخاوف من انسداد الوساطة الأميركية وحصرية السلاح امام مجلس الوزراء
Lebanon 24 تصعيد برّاك يثير المخاوف من انسداد الوساطة الأميركية وحصرية السلاح امام مجلس الوزراء
05:09 | 2025-07-29 29/07/2025 05:09:00 Lebanon 24 Lebanon 24 مفتي الجمهورية عند جنبلاط سعيا "لمنع الفتنة السنّية - الدرزية"
Lebanon 24 مفتي الجمهورية عند جنبلاط سعيا "لمنع الفتنة السنّية - الدرزية"
05:11 | 2025-07-29 29/07/2025 05:11:00 Lebanon 24 Lebanon 24 العين الاميركية على لبنان والإصلاحات تحت المجهر
Lebanon 24 العين الاميركية على لبنان والإصلاحات تحت المجهر
06:02 | 2025-07-29 29/07/2025 06:02:12 Lebanon 24 Lebanon 24 إتفاق بري - برّاك في مرمى النيران "الصديقة"
Lebanon 24 إتفاق بري - برّاك في مرمى النيران "الصديقة"
05:56 | 2025-07-29 29/07/2025 05:56:31 Lebanon 24 Lebanon 24 اتفاقية بين لبنان وسوريا قيد التحضير : تبادل سجناء أم اختبار ثقة؟
Lebanon 24 اتفاقية بين لبنان وسوريا قيد التحضير : تبادل سجناء أم اختبار ثقة؟
05:54 | 2025-07-29 29/07/2025 05:54:01 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة
بعد زياد الرحباني.. الموت يغيب فنانا شهيرا بعد صراع صامت مع مرض السرطان (صورة)
Lebanon 24 بعد زياد الرحباني.. الموت يغيب فنانا شهيرا بعد صراع صامت مع مرض السرطان (صورة)
06:31 | 2025-07-28 28/07/2025 06:31:39 Lebanon 24 Lebanon 24 إبن زوجة زياد الرحباني السابقة يحضر مراسم الجنازة.. إليكم الفيديو التالي
Lebanon 24 إبن زوجة زياد الرحباني السابقة يحضر مراسم الجنازة.. إليكم الفيديو التالي
17:50 | 2025-07-28 28/07/2025 05:50:20 Lebanon 24 Lebanon 24 خلال عزاء زياد الرحباني... فيديو يرصد ما فعلته الفنانة كارول سماحة
Lebanon 24 خلال عزاء زياد الرحباني... فيديو يرصد ما فعلته الفنانة كارول سماحة
17:35 | 2025-07-28 28/07/2025 05:35:19 Lebanon 24 Lebanon 24 ما حقيقة هروب إبنة وائل جسار وزواجها من نجل راغب علامة؟
Lebanon 24 ما حقيقة هروب إبنة وائل جسار وزواجها من نجل راغب علامة؟
13:54 | 2025-07-28 28/07/2025 01:54:05 Lebanon 24 Lebanon 24 لم يُفارق الحياة في المستشفى.. معلومات جديدة تُكشف عن وفاة الفنان زياد الرحباني
Lebanon 24 لم يُفارق الحياة في المستشفى.. معلومات جديدة تُكشف عن وفاة الفنان زياد الرحباني
09:14 | 2025-07-28 28/07/2025 09:14:59 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان
05:09 | 2025-07-29 تصعيد برّاك يثير المخاوف من انسداد الوساطة الأميركية وحصرية السلاح امام مجلس الوزراء 05:11 | 2025-07-29 مفتي الجمهورية عند جنبلاط سعيا "لمنع الفتنة السنّية - الدرزية" 06:02 | 2025-07-29 العين الاميركية على لبنان والإصلاحات تحت المجهر 05:56 | 2025-07-29 إتفاق بري - برّاك في مرمى النيران "الصديقة" 05:54 | 2025-07-29 اتفاقية بين لبنان وسوريا قيد التحضير : تبادل سجناء أم اختبار ثقة؟ 05:47 | 2025-07-29 جعجع: سنكون أمام صيف سيئ إذا بقينا هكذا فيديو كاتب مصري يكشف مُفاجأة جديدة عن عادل إمام.. هذا ما قاله (فيديو)
Lebanon 24 كاتب مصري يكشف مُفاجأة جديدة عن عادل إمام.. هذا ما قاله (فيديو)
09:26 | 2025-07-28 29/07/2025 06:05:33 Lebanon 24 Lebanon 24 "تربّيت على ايدي".. بسمة بوسيل توضح حقيقة عودتها لتامر حسني وتفجّر مفاجأة عن شيرين عبد الوهاب! (فيديو)
Lebanon 24 "تربّيت على ايدي".. بسمة بوسيل توضح حقيقة عودتها لتامر حسني وتفجّر مفاجأة عن شيرين عبد الوهاب! (فيديو)
08:59 | 2025-07-28 29/07/2025 06:05:33 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو: الكارثة المؤجلة.. أبنية مُهددة بالإنهيار في لبنان
Lebanon 24 بالفيديو: الكارثة المؤجلة.. أبنية مُهددة بالإنهيار في لبنان
20:14 | 2025-07-26 29/07/2025 06:05:33 Lebanon 24 Lebanon 24
Download our application
مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة
Download our application
Follow Us
Download our application
بريد إلكتروني غير صالح Softimpact
Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24