لا يوجد غذاء للرضيع يُضاهي حليب الأم، ومن الصعب كذلك تحديد نشاط يجمع بين الأم وطفلها ويوفر هذا القدر من الترابط الذي تسهله الرضاعة الطبيعية، ووفق منظمة اليونيسيف فإن الرضاعة الطبيعية خلال العامين الأولين من شأنها أن تنقذ حياة 820 ألف طفل دون سن الخامسة سنويا، وأشار تقرير صادر عن المعاهد الأميركية للصحة إلى أنها تقلل كذلك من خطر إصابة الطفل بالحساسية والربو والسمنة ومرض السكري وتزيد من معدل ذكائه.

ولكن، يعد اكتشاف حمل جديد بعد فترة وجيزة من الولادة من التحديات التي قد تواجهها الأم المرضع، فبعضهن لا يترددن في فطام الرضيع، وهناك نساء يواصلن الرضاعة، وفي هذا الشأن تصف الأكاديمية الأميركية لأطباء الأسرة الرضاعة الطبيعية في أثناء الحمل بالأمر الطبيعي، لا سيما إذا كانت الأم بصحة جيدة، وأن استمرار الرضاعة قرار شخصي للمرأة.

وذكرت الأكاديمية بعض الجوانب السلبية للرضاعة في أثناء الحمل، مثل ألم حلمة الثدي والغثيان والتغيرات الهرمونية التي قد تعزز النفور من الرضاعة، وكذلك انخفاض إمداد الحليب. قد تدفع هذه التغيرات بعض الأطفال إلى تقليل الرضاعة أو الفطام الكامل.

وفي دراسة أجريت أواخر التسعينيات على 57 امرأة، كانت معظم حالات الفطام التي قادها الأطفال في النصف الثاني من حمل أمهاتهن بسبب نقص إمدادات حليب الثدي، في حين استمر 43% منهم في الرضاعة الطبيعية طوال فترة الحمل وبعد ولادة المولود الجديد في ما تعرف بـ"الرضاعة الطبيعية المتزامنة أو المزدوجة".

ما الرضاعة المتزامنة؟

تستمر بعض الأمهات في إرضاع الطفل الأكبر سنا مع المولود الجديد، وتعرف هذه الممارسة بـ"الرضاعة الطبيعية المتزامنة" ويمكن إرضاع الطفلين في الوقت نفسه أو التناوب على إرضاع كل منهما بمفرده، وتختلف هذه الممارسة عن رضاعة التوائم، إذ إنها تتضمن إرضاع طفلين أو أكثر في أعمار مختلفة.

الرضاعة الطبيعية المتزامنة تختلف عن رضاعة التوائم (غيتي)

تنتشر الأساطير حول الرضاعة المتزامنة ومدى كفاية حليب الأم والتأثير على تغذية المولود الجديد، بينما خلصت دراسة نشرتها المكتبة الأميركية للطب عام 2021 بعنوان "الرضاعة المتزامنة.. تحليل وصفي للقيمة الغذائية لحليب الأم" إلى الدور التكيفي لحليب الأم وقدرته على تلبية الاحتياجات الغذائية للمواليد الجدد وأشقائهم الأكبر سنا، وفي الدراسة قام الباحثون بفحص حليب 13 مشاركة كن يرضعن أطفالهن رضاعة مزدوجة، وتم تحليل العناصر الغذائية مثل الدهون والبروتين والكربوهيدرات بالإضافة إلى محتوى الطاقة وتكوين اللبأ (سائل أصفر اللون مليء بالعناصر الغذائية ويفرزه الثدي خلال الأيام الأولى بعد الولادة).

وأشارت الدراسة إلى أن مستوى الدهون والطاقة والبروتينات كانت أعلى في عينات الرضاعة المزدوجة، كذلك توفرت مكونات تعزز المناعة وخصائص مضادة للأكسدة مقارنة بحليب الأمهات اللاتي فطمن الطفل الأكبر بعد حدوث حمل، وظلت مستويات الكربوهيدرات ثابتة مع عدم وجود اختلافات واضحة في تكوين اللبأ للمولود الجديد.

وفي كتابها "إجابات عن كل ما يخص الرضاعة الطبيعية" الذي نشر عام 2010، قالت الكاتبة نانسي موهرباخر إن الطفل الأكبر الذي يستمر في الرضاعة لن يحرم المولود الجديد من اللبأ، وبغض النظر عن عدد مرات الرضاعة الطبيعية وطول مدتها في أثناء الحمل سيظل اللبأ متاحا للمولود الجديد.

وأوضح موقع هيلث لاين: "إذا كنتِ قلقة بشأن حصول مولودكِ الجديد على ما يكفي من الحليب، يمكنكِ السماح له بالرضاعة أولا حتى يتمكن من الحصول على العناصر الغذائية والأجسام المضادة الموجودة في اللبأ، وعندما يصبح مخزون الحليب لديكِ مستقرا بعد أسبوع أو أكثر قد تبدئين في التفكير في الرضاعة الطبيعية لكليهما في وقت واحد أو حسب تفضيلاتك الشخصية، مع الأخذ في الاعتبار أن الطفل الأكبر سيرضع أقل كثيرا من المولود الجديد، لأنه يحصل على معظم غذائه من أطعمة أخرى".

التغذية الجيدة للأم

وينقل موقع "بيرنتس" عن طبيبة أمراض النساء والتوليد الدكتورة كريستين ستيرلينغ أن الرضاعة في أثناء الحمل والاستمرار في الرضاعة المتزامنة يتطلبان مجهودا بدنيا كبيرا، وبالتالي مزيدا من السعرات الحرارية والتغذية والترطيب، إذ إن الرضاعة الطبيعية تتطلب 500 سعر حراري إضافي يوميا بينما يتطلب الحمل 300 سعر حراري إضافي.

الرضاعة أثناء الحمل والاستمرار في الرضاعة المتزامنة يتطلبان مجهودا بدنيا كبيرا (غيتي)

وتضيف كريستين: "سوف تحتاجين إلى تناول الفيتامينات قبل الولادة واتباع نظام غذائي غني بالحبوب الكاملة والدهون الصحية والخضراوات ذات الألوان الزاهية والبروتين، وسوف تحتاجين أيضا إلى تناول ما لا يقل عن 2.5 لتر من السوائل يوميا لتلبية متطلبات الحمل والرضاعة".

فوائد الرضاعة المتزامنة

نقلا عن موقع "ذا بامب"، توضح خبيرة الرضاعة الطبيعية جادا جابيرو بعض مميزات الرضاعة المتزامنة كالآتي:

تزيد من إدرار الحليب: تقول جابيرو، كلما زاد طلب أطفالك على الحليب، زاد إنتاجه، وبالتالي فإن النساء اللاتي يرضعن أكثر من طفل يمكنهن إنتاج كمية مضاعفة من الحليب لاستيعاب تغذية طفلين.

تقلل احتقان القنوات المسدودة: وفق جابيرو، يساعد الطفل الأكبر في تقليل احتقان الثدي الذي تعاني منه عديد من الأمهات بعد الولادة، لأنه يستطيع الرضاعة بكفاءة.

تعزز الترابط بين الإخوة: تساعد الرضاعة المتزامنة الطفل الأكبر على التكيف مع وجود طفل جديد في الأسرة وتقليل مشاعر الغيرة وتكوين رابطة قوية من خلال المشاركة في نشاط "الرضاعة".

رفاهية الأم هي التحدي الأكبر

ربما يكون التحدي الأكبر الذي تواجه الأم خلال الرضاعة المتزامنة هو مدى الشعور بالإرهاق البدني والعاطفي في كثير من الأحيان، إذ تشعر الأم أنها مطالبة بإطعام الطفلين معظم الوقت، وليس لديها الوقت الكافي لتلبية احتياجاتها الشخصية، ووفق ما تنقله رابطة "لا ليتشي الدولية" لدعم الرضاعة الطبيعية، ينبغي لكل أم أن تهتم باحتياجاتها الأساسية وإعطاء الأولوية للنوم والتغذية والترطيب، كذلك فإن تخصيص بعض الوقت للاسترخاء قد يساعد في إعادة التوازن وشحن الطاقة ويمنح القوة اللازمة لإدارة الأمور.

ووفق الرابطة: "إذا وجدتِ الأمور تخرج عن السيطرة يمكنكِ وضع بعض القواعد لرضاعة طفلك الأكبر وتحديد مرات محددة للرضاعة والحد من مقدار الوقت الذي يقضيه في كل رضعة، وإذا لم تنجح هذه الإرشادات لا تخجلي أو تشعري بالذنب من التفكير في فطام الطفل الأكبر، ولكن ينبغي أن يكون ذلك بلطف وتدريجيا حتى يتمكن من التكيف وحتى لا يمتلئ ثدياك.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المولود الجدید فی أثناء الحمل الطفل الأکبر فی الرضاعة حلیب الأم

إقرأ أيضاً:

سؤال: هل اللَّغة الصينية حاجة لنا أم رفاهية؟

سؤال: هل #اللغة_الصينية حاجة لنا أم #رفاهية؟
أ.د #رشيد_عباس
قرأتُ مؤخراً خبر توقفتُ عنده شيء من الوقت, الخبر جاء على لسان احد القيادات التربوية في وزارة التربية والتعليم التي نقدّرها ونكنّ لها كل الاحترام, الخبر يقول: ندرس إدراج اللَّغة الصينية في مناهجنا الحكومية.. انتهى الخبر, وهنا لابد لي من طرح التساؤل الآتي والذي من شأنه أن ينجلي معه الأمر: كيف ستندرج (لُغة) معقدة التراكيب مع حيثياتها الثقافية والايدولوجية الواسعة في منهاجنا الحكومية؟
طاما الحديث عن لًغة صينية وليس عن مادة أو مساق صيني دراسي, فأنا كغيري أفهم عند الحديث عن إدراج (لًغة صينية) في مناهجنا الحكومية, أن اللَّغة الصينية بعد فترة زمنية محددة ستصبح لًغة محلية ثانية بعد اللَّغة العربّية, كون اللَّغة الإنجليزية وبعد عدة عقود من دخولها في مناهجنا الحكومية لم تصبح لًغة محلية ثانية يتحدث ويعمل بها المجتمع الأردني بعد اللَّغة العربيّة, بل على العكس الطالب قضي بها على الأقل 12 سنة دراسية, وعند التقدم لامتحاناتها لم تتجاوز نسب النجاح الحقيقية في أحسن الظروف وفي بعض مهاراتها إلى ما نسبته 20 %, وبالذات في امتحان شهادة الدراسة الثانوية.
اعتقد جازماً أن الدول التي لديها لًغة محلية ثانية دخلت حيثيات وأيدولوجيات هذه اللَّغة الجديدة من باب مكوناتها الايدولوجية كون اللَّغة الأصلية لًغة سامحة لذلك, مؤكداُ هنا أن اللَّغة العربيّة بمكوناتها الأيدولوجية لن تسمح لدخول لًغة محلية ثانية كاللَّغة الصينية أو أية لًغة محلية ثانية في عالمنا العربي.
طالما الحديث عن (لًغة) وليس عن مساق أو مادة دراسية في مشروع وزارة التربية والتعليم والرامي إلى إدراج اللَّغة الصينية في مناهجنا الحكومية.. فهذا بالضرورة يعني أن (اللَّغة الصينية) والتي تحمل في ثناياها الايدولوجية أنماط معيشية وفكرية وسلوكية شديدة التعقيد ستصبح فيما بعد لًغة منطوق بها في المجتمع الأردني! وهذا ضرب من الخيال, فكما فشلت اللَّغة الإنجليزية ذات العقود الطويلة في مناهجنا الدراسية كلًغة منطوق بها في المجتمع الأردني, فأن مصير اللَّغة الصينية سيكون أكثر فشلاً وتراجعا في هذا المجال.
هناك أولويات أكثر الحاحاً من إدراج اللَّغة الصينية في مناهجنا الحكومية تتمثل في مراجعة الامتحانات الوطنية للصفوف الثلاث الأولى والمتعلقة بإخفاقاتهم وتراجعهم في اللَّغة العربية / لًغة الأم وبالذات في مهاراتي القراءة والكتابة, فضلاُ عن اخفاقات طلبة الصفوف (4 – التوجيهي) في موضوع التعبير/ الإنشاء في اللَّغة العربية لًغة الأم والتي دلّلت عليها كثير من الاختبارات والامتحانات أن 85% من طلبة هذه الصفوف ليس لديهم قدرات ومهارات على كتابة 150 كلمة حول موضوع معين بشكل جيد ودون وجود اخطاء إملائية عديدة ودون وجود تراكيب لًغوية ونحوية مليئة بالأخطاء.
ويبقى السؤال, كيف ندرس إدراج (اللَّغة) الصينية في مناهجنا الحكومية وطلبتنا وربما مجتمعنا للآسف الشديد لديه مزيد من الاخفاقات في اللَّغة العربّية / لًغة الأم في مهاراتها الأربع (قراءة, كتابة, تحدث, استماع), معتقداً هنا أن على الوزارة وقبل أن تُفكر في إدراج (اللَّغة) الصينية في مناهجنا الحكومية أن ترتب بيتها من الداخل.. وأقصد هنا تمكين جميع المعنيين من مهارات اللَّغة العربّية الأربع, كيف لا والتعامل مع (اللَّغة) الصينية كلًغة وليس كمساق أو مادة دراسية يحتاج إلى فكر أيدولوجية صناعي, ويحتاج إلى مجتمع منتج وليس مستهلك, وأن نتحرر من سؤال مهم مفاده: ما هي عائلتك؟ وصولاً إلى سؤال: ما هي مهاراتك؟
مع ملاحظة أنه لا يوجد عدد ثابت للحروف الصينية, فهي بالآلاف, ولإتقان القراءة والكتابة اليومية يحتاج الطالب إلى أكثر من 2500 حرف تقريباً, وللمتعلمين لا بد من التركيز على 4000 حرف ليتمكنوا المتعلم فهم النصوص واستيعاب دلالاتها.. مع ملاحظة أن مفردات اللَّغة الصينية هي مفردات انتاجية في طابعها العام, في حين أن مفردات اللغة العربية للأسف الشديد هي مفردات انتاجية في طابعها العام, وهذا لن يستقيم مع أنماط حياتنا اليومية.
الحروف العربّية تسير على خطين, والحروف الإنجليزية تسير على أربعة خطوط في حين أن الحروف الصينية لا تسير على أية خطوط بل تتكون من أكثر من ثمانية ضربات (سكتات) أساسية مع متغيراتها وقواعد ترتيبها.. الأمر الذي يجعل لًغتنا العربّية الجميلة لًغة القرآن الكريم ترفض بشدة أن يكون لها (ضرة) صينية تنافسها على الصفحات العربّية, وذلك لأسباب أيدولوجية عميقة, لكن ربما تكون مناهجنا قابلة لاستيعاب مساق أو منهاج مدرس أو جامعي صيني بسيط جداً ليس إلا.
وبعد..
الصين حضارة عظيمة لا يمكن استحضار ثقافتها من خلال لًغة معقدة التراكيب, ثم أن التكنولوجيا والاقتصاد يأتي عن طرق (الفكر) وليس عن طريق اللَّغة يا معشر القوم, مع تقديري للذين يفكروا في هذا المجال, كون الصين دولة اقتصادية قااااادمة.., لا بد لنا من أن نبقى على لًغة الأم ذات الـ(28) حرفاً أو ربما ألـ(29), حيث الاختلاف حول الهمزة والألف على أنها حرف واحد, ولا أن نخسر لًغة الأم وجاراتها, وبعدها سينطبق علينا ما حصل لطائر (الغراب) والذي حاول ذات يوم تقليد مشية الحمامة الانيقة.. لكنه فشل في ذلك, وعندما أراد العودة إلى مشيته الاصلية.. اكتشف انه نسيها تماماً, فظل طيلة حياته يمشي بشكل غريب ومضحك بين هذا وذاك.

مقالات مشابهة

  • “يونيسف”: سوء التغذية مصدر قلق للأمهات الحوامل والأطفال في قطاع غزة
  • المرعاش: انعدام الأمن في طرابلس خطر مستدام والأطفال والنساء أبرز ضحاياه
  • يونيسف”: العواصف الشتوية تزيد معاناة العائلات النازحة والأطفال في قطاع غزة
  • توقعات برج الحمل في سنة 2026
  • سؤال: هل اللَّغة الصينية حاجة لنا أم رفاهية؟
  • برج الحمل حظك اليوم السبت 13 ديسمبر 2025… طاقة عالية تغيّر مسارك وتفتح لك أبوابًا جديدة
  • حسام موافي يكشف عن أخطر عضو في الجسم.. فيديو
  • تعرف على ضوابط تشغيل الأطفال بقانون العمل الجديد
  • متى يسقط القانون حضانة الأم؟.. وهل تؤثر الأحكام الجنائية على صلاحيتها؟
  • الصين تفرض ضريبة جديدة على الواقي الذكري: قلق صحي لدى السكان