سودانايل:
2025-10-13@18:35:54 GMT

العلوم كأهل السماء.. لا لسان لها

تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT

ناجي شريف بابكر

العلوم تتطور عبر الحضارات وليس بمعزل عنها.. الحضارات كما قال عنها ابن خلدون تنمو وتنضج ثم تتعاظم ثم تنهار في دورات قوامها عدة قرون وعقود من الأزمنة..هذا بينما العلوم تبقى حية عبر القرون تتناقلها المخطوطات والوثائق والروايات..
لذلك فإن العلوم تتبع الحضارات وتسافر عبرها.. تتلون بألوانها وتتحدث بألسنتها حتى حين.

. وان اللغات التي تتبناها الحضارات تصبح بالضرورة ألسنة علمائها وكتابها والناشرين فيها..
إن تتمسك بعض الشعوب لدواعي دينية وعصبية بلغاتها ولهجاتها المحلية وأن تحاول فرض تلك اللغات واللهجات على مناهج المعاهد والجامعات فيها إنما هو فرض للركود والردة، وإفراط في حرمان الأجيال من التواصل العلمي في عزلها عن مواكبة المستجدات اليومية التي تشهدها ميادين المعرفة بصفة متسارعة ومتراكمة.. إن الإنسان لا يتطور إذا ماظل أسيرا لإدراك جامدٍ وإجتراري..
العلوم الإنسانية ليست حكرا على حضارة دون أخرى، ولا لدين دون سواه، إنما هي أمانة تؤديها وتتناقلها الأجيال.. فالإنسانية شئ والعقائد شئ آخر.. إن علماء الشرق والعالم الأسلامي كانوا قد ورثوا الفلسفة وعلوم الفلك واللاهوت من الحضارة اليونانية الوثنية عبر مخطوطات نسخت باللغة الآرامية القديمة. وفي عصر النهضة وعصور التنوير، استندت الثورة العلمية والفلسفة وعلوم الفلك والرياضيات في أوروبا المسيحية على إرث الحضارة الإسلامية.. ففي كل عصر من العصور كانت العلوم تتخذ ألسنة الحضارات السائدة وخطابها.. بل وتتعارك أحيانا وتحتك مع عقائدها ومسلماتها الروحية، مثالا لذلك ما حدث من صدام مابين هيباتيا عالمة الفلسفة والرياضيات ومتشددي كنيسة الإسكندرية في القرن الرابع الميلادي، وما حدث في وقت متأخر في روما للفيلسوف وعالم الفلك جاليلو في بواكير القرن السابع عشر الميلادي في مواجهة الكنيسة الكاثوليكية.. لكن العلوم قد أفلحت رغم ذلك بقدر كافٍ في أن تحافظ على تراكمها عبر تلك الحضارات والتحديات على اختلافها وتواترها..
كل حضارة يدين لها العالم دهرا.. تُسَخّرُ إبانه مواردها لترجمة العلوم وتطويرها وطباعتها ونشرها كجزء من عملية التنوير والحراك الثقافي.. لذلك فإن مواكبة الشعوب لتلك العلوم من خلال الدراية الكافية بألسنتها وثقافاتها أمر حتمي لا مناص منه.. وان التخندق وراء الإلسن واللهجات المحلية، إنما هو شكل من أشكال التعنصر والعزلة واستئثار بالوسائل على حساب الغايات.. ظواهر تتسبب آخر الأمر في إنغلاق المجتمعات وتعثر عمليات التحول والإرتقاء فيها للحاق بركب الحضارات وربما التهيؤ للتفوق عليها ووراثتها.
إن التعريب القسري الذي فرضه يوما سياسيون متشددون على معاهدنا وجامعتنا من منطلقات عقدية لا حكمة فيه ولا مرجعية.. سوى انه وصاية وإفراط أعمى في العزلة.. إن الطلاب الأفارقة الذين تستجلبهم وزارة التعليم العالي السودانية وتلقنهم العلوم بالعربية ثم تعيدهم إلى ديارهم بحسبانهم سفراء للدعوة والتغيير إنما تسهم في تعميق عزلتهم المتمثلة في تعثر التواصل بمجتمعاتهم، لافتقارهم المقدرة على التعبير والتخاطب التقني باللغات السائدة في الدوواوين والمؤسسات الحكومية في بلدانهم، مما يدفع بأكثرهم للتخلي عن شهاداته ودرجاته العلمية، والانخراط في التلقين الديني بالخلاوى.. أو الإنتماء لمنظمات خيرية أو أخرى مناهضة لشعوبها..
لا تمنع العقائد أتباعها عن إجادة وسائل التواصل وتبنيها فيما بين الشعوب المختلفة، وما اللغات إلا أدناها..فمن يمتنع منهم إنما هم أنفسهم يظلمون.. فمن تعلم لغة قوم أمن شرهم.. إن أهل السماء لا يتحدثون لغة بعينها ويتجاهلون أخرى..لأن السماء لا تعبأ بالألسن والألوان.. هذه الأوهام والأباطيل التي نحن فيها تحكم بخناقنا وترهقنا في عزلة سرمدية.
إنتهى..

nagibabiker@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

معهد البحوث الفلكية ينظم المؤتمر العربي التاسع في الفلك والجيوفيزياء

ينظم المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية فعاليات المؤتمر العربي التاسع في الفلك والجيوفيزياء (ACAG 2025)، والمقرر انعقاده خلال الفترة من 13 إلى 16 أكتوبر 2025. 

إطلاق معايير الاعتماد المصرية لمؤسسات وبرامج التعليم الفني الإثنين التعليم العالي: الجامعات المصرية تُعزز برامج دعم وتمكين الفتيات

يأتي ذلك تحت رعاية الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، في إطار رؤية مصر 2030 التي تهدف إلى تعزيز المعرفة والابتكار والبحث العلمي كركائز أساسية لتحقيق التنمية المستدامة.

وأشار الدكتور طه توفيق رابح، القائم بأعمال رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، إلى أن المؤتمر يأتي برعاية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المصرية وجامعة الدول العربية والجمعية الدولية للجيوديسيا (IAG)، ويعد أحد أهم التجمعات العلمية في المنطقة العربية، حيث يجمع نخبة من العلماء والباحثين من مختلف الجامعات والمراكز البحثية المرموقة محليًا ودوليًا لمناقشة أحدث الأبحاث والتطورات في مجالات الفلك والجيوفيزياء وعلوم الفضاء والذكاء الاصطناعي والتغيرات المناخية وإدارة الموارد المائية وغيرها من المحاور العلمية المتقدمة.

وأضاف الدكتور رابح أن المؤتمر يمثل فرصة فريدة للباحثين لتبادل الخبرات والتعرف على أحدث التطورات العلمية في هذه المجالات الحيوية، حيث يناقش المؤتمر عددًا من الموضوعات الهامة مثل المخاطر الطبيعية والحد من آثارها، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في علوم الفلك والجيوفيزياء، وأنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية ونظم المعلومات الجغرافية، إلى جانب التحديات البيئية وتغير المناخ واستكشاف بنية الأرض والفضاء الخارجي، فضلًا عن الابتكارات في هندسة الفضاء وتقنيات الاستكشاف. 

ويتضمن المؤتمر مجموعة من ورش العمل والمحاضرات العلمية التي يقدمها خبراء من مختلف دول العالم، بالإضافة إلى جلسات تفاعلية وفرص للتواصل العلمي وبناء الشراكات البحثية بين المؤسسات العربية والدولية.

ويدعو المعهد جميع المشاركين إلى اكتشاف وزيارة معالم مصر التاريخية مثل الأهرامات والمتحف المصري الكبير ونهر النيل، حيث تم اختيار بهو المتحف المصري الكبير شعارًا للمؤتمر هذا العام تزامنًا مع الافتتاح المرتقب لأحد أهم الصروح الحضارية في العالم.

ودعا المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية الباحثين والأكاديميين وطلاب الدراسات العليا والمهتمين بهذه المجالات إلى المشاركة في هذا المحفل العلمي الكبير.

مقالات مشابهة

  • بحث جديد يسلط الضوء على دور مصر اليونانية الرومانية في تطور علم الفلك
  • بحبك فى الله!!
  • غدا .. البحوث الفلكية ينظم فعاليات المؤتمر العربي التاسع في الفلك والجيوفيزياء
  • معهد البحوث الفلكية ينظم المؤتمر العربي التاسع في الفلك والجيوفيزياء
  • أستاذ قانون دولي: مصر مفتاح أي تسوية في المنطقة وزيارة ترامب تأكيد لذلك
  • تفاصيل جديدة عن إقامة الأسد وعائلته في موسكو.. رفاهية بلا حدود وشقق تطال عنان السماء
  • لو فاتك قمر أكتوبر.. القمر العملاق يزين سماء نوفمبر
  • ميس رضا تكتب: رؤى استراتيجية لتفعيل الدبلوماسية الثقافية وحوار الحضارات
  • الخريف يسيطر.. الأرصاد: سحب منخفضة تزين السماء وطقس معتدل ليلا
  • إذا كانت ذنوبك من الأرض إلى السماء.. علي جمعة: بعملين تكفرها كلها