فريق بحثي يبني بروفايلا علميا خاصا للخيول العربية المصرية الأصيلة
تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT
عندما تزور الطبيب لإجراء فحص، فإنه غالبا ما يطلب إجراء تحليل دم للحصول على صورة واضحة لصحتك العامة، وكما تكشف هذه الاختبارات عن معلومات بالغة الأهمية عن جسمك، فإن دراسة جديدة نشرتها "جورنال أوف ايكواين فيترناري ساينس"، تقدم للأطباء البيطريين صورة أكثر وضوحا لتشخيص صحة حوافر الحصان المصري الأصيل، من خلال "بروفايل القدم".
والحصان العربي المصري، هو سليل سلالة الخيول العربية الأصلية، التي كانت موجودة منذ آلاف السنين، وتم تربيته في مصر، بدءا من أواخر القرن الـ19 وأوائل القرن الـ20، وركز المربون على الحفاظ على الصفات التقليدية للحصان العربي وتعزيزها مع دمج بعض السمات المرغوبة للبيئة المصرية.
ويشتهر بمظهره المميز، والذي يتضمن رأسا مصقولا ووجها مقعرا وعينين كبيرتين ورقبة طويلة مقوسة وذيلا مرتفعا، كما يتميز ببنية متناسبة ومتماسكة، وأرجل قوية ومشي سلس ومتدفق، وغالبا ما يتم الإشادة به لذكائه ولطفه وارتباطه القوي بمدربه، كما أنه معروف بطبيعته النشطة والحيوية.
لماذا هذه السلالة؟وتقول الطبيبة البيطرية بمستشفى أبو ظبي للخيول والإبل بالإمارات العربية المتحدة جيسيكا جونسون، والباحثة الرئيسية بالدراسة في تصريحات "للجزيرة نت"، "بسبب هذا التاريخ الرائع للحصان المصري، فضلا عن جماله، كان لدي اهتمام شخصي به، لذلك كنت مهتمة بتحديد الصفات المثالية لأقدام هذا الحصان، بحيث تكون أي تغييرات غير طبيعية بها مؤشرا لتشخيص مرض التهاب الحافر بشكل أفضل".
ويؤثر التهاب الحافر على القدمين، وقد يكون مؤلما جدا للخيول، وتكون الإصابة به نتيجة خطر وراثي يعرف بـ"متلازمة التمثيل الغذائي للخيول"، والذي يصيب الخيول العربية، وخاصة المصرية الأصيلة منها.
ويستخدم الأطباء البيطريون، الأشعة السينية للنظر إلى أقدام الحصان، ولكن توجد قياسات عامة لا تفرق بين السلالات، ولم يتم نشر أي بيانات تخص القياسات الطبيعية للحصان المصري الأصيل وحده، وهو الإنجاز الذي حققته هذه الدراسة.
وتضمنت الدراسة تحليل الأشعة السينية لأقدام 10 خيول مصرية أصيلة سليمة توجد لدى مربين في دولة قطر، وأجرى الباحثون 17 قياسا تم استخدامها في دراسات أخرى على سلالات خيول مختلفة، حتى يمكنهم من إجراء المقارنات.
وتقول "من خلال إجراء 17 قياسا، تضمنت قياسات دقيقة من زوايا مختلفة، تمكنا من إنشاء مجموعة شاملة من القيم الطبيعية، والتي تعتبر حاسمة للكشف عن التشوهات"، على غرار الطريقة التي يستخدم بها الأطباء نتائج فحوصات الدم لتشخيص ومراقبة الحالات الصحية.
نتائج مهمة.. تشخيص دقيقوتشير جونسون إلى أن "أحد النتائج المثيرة للاهتمام في هذه الدراسة هو وجود اختلافات كبيرة في القياسات الشعاعية بين حافر القدمين الأمامية والخلفية للحصان المصري".
وفي السابق، كان من المفترض أن قياسات القدمين الأمامية والخلفية متماثلة، ولكن في الدراسة الحالية، وجد الباحثون اختلافات رئيسية، مثل سمك جدار الحافر البعيد الذي كان أكبر في القدمين الخلفيتين عن الأماميتين، كما أظهرت الدراسة الحالية أيضا أن الخيول المصرية لديها زاوية كعب أكبر بكثير من السلالات الأخرى، مما يشير إلى أن لديها تكوين حافر "أكثر استقامة" من السلالات الأخرى، وكان سمك جدار الحافر أيضا أكبر بكثير في الخيول المصرية، مقارنة بما تم نشره سابقا للسلالات الأخرى.
وتقول جونسون "توفر نتائج هذه الدراسة قياسات مرجعية مفيدة لما يعتبر طبيعيا في الخيول العربية المصرية الأصيلة فيما يتعلق بقياسات الحافر، وبعض هذه القياسات مختلفة بشكل كبير عن السلالات الأخرى، وهو ما سيفيد في استخدام هذه القياسات لتشخيص التهاب الحافر في الحصان المصري الأصيل وكذلك لمراقبة تقدم المرض، حيث إن وجود نطاق مرجعي دقيق للسلالة يسمح بإجراء التشخيص بدقة أكبر، فعلى سبيل المثال، يعني سمك الجدار الأكبر أن نسبة الشعر الطبيعية (التي تستخدم لتشخيص التهاب الحافر) أكبر بكثير في الخيول العربية المصرية مقارنة بالسلالات الأخرى".
ومن أجل ضمان دقة القياسات التي تم إجراؤها، توضح جونسون "كان علينا التأكد من أن الصور الشعاعية عالية الجودة وتم إجراؤها جميعا بشكل متسق، لذا، تم وصف منهجية أخذ الأشعة السينية بالتفصيل بحيث كان كل شيء موحدا ومتسقا، وكان يتم وضع الجهاز دائما على مسافة ثابتة من القدمين لتجنب أي آثار تكبير، وكان لا بد أن تقف الخيول بشكل صحيح".
ومع تقديره لهذه الدراسة وما توصلت له من نتيجة مهمة، فإن رئيس الجمعية المصرية لرعاية الحيوان الدكتور ربيع حسن فايد، يرى في تصريحات لـ"الجزيرة نت" أنها تصلح لأن تكون "خطوة أولى قيمة"، لأن التحقق من صحة ما رصدته من قياسات، يحتاج إلى دراسة بأحجام عينات أكبر في الأبحاث المستقبلية.
ويقول إن "مشكلة الدراسة على 10 خيول فقط، أنها لا تمثل تمثيلا شاملا لكامل تعداد الخيول العربية المصرية الأصيلة، وهذا من شأنه أن يحد من قدرة الدراسة على التقاط النطاق الكامل للتباين الطبيعي داخل السلالة".
ويضيف أنه "مع العينة الصغيرة، قد تؤثر الفروق الفردية بين الخيول بشكل غير متناسب على النتائج، فعلى سبيل المثال، قد تؤدي الخصائص الفريدة لحصان واحد أو اثنين فقط إلى تحريف البيانات، مما يجعلها غير معبرة عن كافة الخيول المصرية بشكل عام، كما أن الدراسة كانت على الخيول من دولة قطر، وقد تؤثر الاختلافات الإقليمية في العوامل البيئية أو ممارسات التربية على النتائج، وبالتالي فإن الحاجة إلى عينة أكبر وأكثر تنوعا، قد يكون مفيدا في معالجة هذه الاختلافات، ويضمن نتائج أكثر دقة".
ومن جانبها، ترى الدكتورة جونسون أن عدد 10 خيول كان كافيا، وتقول إنه "عند استخدام الحيوانات في البحث، يتعين علينا الحصول على موافقة من لجنة أخلاقية، ومن المنظور الأخلاقي، نريد تقليل عدد الحيوانات المشاركة في الدراسة".
وتشير إلى أن الحسابات الإحصائية التي أجريت مسبقا كشفت عن أن 10 خيول ستعطي قوة كافية للدراسة لإظهار الأهمية الإحصائية.
وتابعت "من وجهة نظري كطبيب بيطري، وبعد هذه الدراسة، أصبح لدينا الآن قياسات مرجعية تجعلنا أكثر دقة في تشخيصنا، ويجب أن يكون المفتاح هو التركيز على إدارة وعلاج هذا المرض المدمر، والأهم من ذلك الوقاية من المرض".
وتضيف "نظرا لأن الحصان المصري الأصيل ثبت أنه عرضة وراثيا للاضطرابات في الغدد الصماء التي يمكن أن تؤدي إلى مرض التهاب الحافر، فنحن بحاجة إلى التركيز على زيادة الوعي بالمشكلة وتثقيف أصحاب الخيول ومقدمي الرعاية حول كيفية تقليل مخاطر تطور المرض".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المصریة الأصیلة العربیة المصریة الخیول العربیة الخیول المصریة الأشعة السینیة المصری الأصیل هذه الدراسة
إقرأ أيضاً:
ميناء العقبة: بوابة الأردن وحلوله الأصيلة لمستقبل الاقتصاد
صراحة نيوز- بقلم / نضال المجالي
حتى مطلع الألفية الجديدة، لم تُذكر العقبة في محفل أو مقام إلا وكان ميناؤها حاضراً، ملتصقاً باسمها، رمزاً للحضور والإنجاز. وكيف لا، وهي رئة الأردن البحرية الوحيدة، وهوية المدينة التي قامت على بحرها، وعلى سواعد أبنائها الذين ساندوا الوطن في أحلك الظروف.
لقد تجاوز دور هذا الميناء حدود الأردن، ليكون شريان حياةٍ لدولٍ عربية شقيقة، وسُجّل اسمه كمؤسسة اقتصادية تنموية عربية، وكان أحد أبرز روافد الخزينة الأردنية في تلك الحقبة، حين كان للعقبة وجه آخر، فيه البحر أكثر حيوية وبهاء.“المينا”، كما اعتدنا أن ننطقها باللهجة المحلية، لم تكن مجرد إدارة أو مرفق، بل كانت الذراع التنموية والتطويرية الحقيقية للمدينة. شهد لها القاصي والداني، ويشهد لها أبناء العقبة حتى اليوم، بأنها كانت مؤسسة تفوقت على الجميع في مكانتها، وأدائها، وتأثيرها.
لم يكن الميناء مجرد منشأة، بل بوابة فرص جمعت أبناء الوطن من شماله إلى جنوبه، إلى جانب أبناء المدينة، ليشكّلوا معاً قوة بناءٍ حقيقية في دعم الاقتصاد الوطني. ولم يكن النجاح يوماً نتاج إدارة فقط، بل ثمرة جهد جماعي، لأناس عشقوا العمل، وأعطوا بلا حدود، فصنعوا من الميناء قصة نجاح يُحتذى بها.
اليوم، مؤسسة موانئ العقبة بهيكلها الجديد باتت تحمل شكلاً مختلفاً؛ هناك من يرى في ذلك تطوراً إيجابياً من حيث التخصص والكفاءة، وهناك من يتحسر على تقلص دورها مقارنةً بالماضي. أما أنا، فأقف في المنتصف وقربا للإيجابية، برؤية بين الأمل وطموح: لقد أصبحت العقبة تملك منظومة مينائية متخصصة على أعلى مستوى، تُدار وفق طبيعة الخدمة، وهو تطور نوعي يُحسب لها على صعيد التسويق والإدارة والسلامة.
نرى اليوم تنافساً حقيقياً في إدارة الأرصفة المتخصصة، وبعضها حقق نتائج عالمية بيئياً وتشغيلياً. ومع ذلك، تظل بعض التحديات قائمة، تستدعي التنبه المستمر، خاصة في مجالات السلامة، والازدحام الوظيفي، وكلف الخدمات البحرية والمناولة والتخزين. وهي تحديات تستحق المتابعة والضبط لا التهوين.
على المستوى المجتمعي، تراجع حضور المؤسسة مقارنةً بماضيها حين كانت راعية أساسية لفعاليات المدينة وضيوفها. وهذا التراجع، وإن كان يستوجب إعادة النظر في دورها المجتمعي، إلا أن تعدد جهات الدعم والرعاية في العقبة اليوم، وعلى رأسها سلطة العقبة، وشركة تطوير العقبة، وشركة “أيلة”، جعل من الممكن تعويض هذا الغياب عبر أذرع أخرى أكثر قدرة على التفاعل مع المجتمع.
أما القيادة والإدارة، فقد عرفنا في تاريخ هذه المؤسسة نماذج مشرفة لا تُنسى، حققت إنجازات كبرى ووضعت أسس التميز. واليوم، لا بد من التفكير الجاد في استمرار استعادة الألق والحيوية، بروح الحداثة والتطوير، وبمراعاة خصوصية هذه المؤسسة كمرفق وطني حيوي.
ورغم أن الأرصفة باتت موزعة ومتخصصة ضمن منظومة تشغيلية متقدمة، إلا أن مؤسسة الموانئ – أو شركة العقبة لإدارة وتشغيل الموانئ – ما زالت القلب النابض للأعمال المينائية، بخبرتها الطويلة وقدرتها على التعامل مع جميع أنواع المناولة. لذا، فإنها تُمثّل الضمانة الأساسية والخطة البديلة لأي أزمة قد تواجه الأرصفة المتخصصة الأخرى.
أكتب هذا المقال من موقع الابن لأحد أوائل العاملين في هذه المؤسسة قبل أكثر من ستين عاماً، ومن موقع ابن العقبة التي وُلدت فيها، وعشت فيها، وعملت على أرضها. كما أكتبه كعامل سابق فيها، بدأ أول اشتراك له في الضمان الاجتماعي عام 1991، بمسمى عامل “شلّة”.
أكتب بحلم وحنين وطموح، مطالباً بمنح هذه المؤسسة كامل امتيازاتها وحقوقها وواجباتها، واستعادة شغف العاملين فيها. فلنبتعد عن تقليص دورها، ولنتوجه نحو ترشيقها وتعظيم أثر كل عامل فيها، بما يعيد لها مكانتها الريادية.
ولنُدرك معاً: لو لم تكن مؤسسة الموانئ بهذا الثقل والتأثير، لما تسابق الكثيرون للانخراط في إدارتها وتشغيلها. لذلك، فلنبقِ الخطة البديلة لأي ظرف مستقبلي بيد المؤسسة الحكومية، ونُطلق العنان للأرصفة المتخصصة لتُدار بأقصى درجات الكفاءة من قبل مستثمرين وشركات متخصصة، دون تعارض أو ازدواجية.
إن كنّا نحب هذا الوطن بحق، فلنعمل بصدق لتكون “مؤسسة الموانئ” أو “شركة العقبة لإدارة وتشغيل الموانئ” إدارةً فاعلة، وذراعاً مالية، وخط دفاع أول لأي طارئ قد يصيب منظومة الموانئ الأردنية.
ولتكون، بما تملكه من إمكانيات، السند الحقيقي لباقي الأرصفة المتخصصة، التي يمثل كلٌّ منها قصة نجاح مستقلة، كرصيف السفن السياحية الذي تديره مجموعة موانئ أبوظبي، والذي أصبح نموذجاً مميزاً في استقبال السياح بأعلى جودة، أو رصيف ميناء الحاويات بعوائده المتقدمة، أو الميناء الصناعي بتخصصه العالي في السلامة والتعامل مع المواد.
فليستمر هذا التميز… ولتكن العقبة وميناؤها الحكومي دوماً بوابة الأردن، وحلوله الأصيلة لمستقبل الاقتصاد.