الكيان الصهيوني يُنازع سكرات الموت
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
مسعود أحمد بيت سعيد
masoudahmed58@gmail.com
بعد جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي- "العرقبادة" بحسب المصطلح الجديد للبروفيسور مكرم خوري مخول- التي ارتكبها الكيان الصهيوني وحلفاؤه بحق الشعب الفلسطيني وعموم شعوب المنطقة ومحور مقاومتها، وبعد فشله الذريع في تحقيق أهدافه المُعلنة بفعل الصمود التاريخي للشعب الفلسطيني ودعم ومساندة قوى المقاومة، فقد أصيب بحالة هستيرية غير مسبوقة، ولم يعد بمقدوره رؤية أشلاء حلمه تتناثر؛ لذلك أطلق الرصاصة قبل الأخيرة من بندقيته المستعارة من قاطع الطريق الأمريكي.
ولاريب أنَّ عدوانه الغادر على لبنان وشعبه ومقاومته يُعد تصعيدًا خطيرًا وانتهاكًا صارخًا لسيادته الوطنية، ووفقًا لكل المعايير الوطنية والقومية والإنسانية هو اعتداء على الأمة العربية كلها، وبمثابة إعلان حرب مفتوحة بلا سقوف أو قواعد اشتباك، ورغم الضربة الموجعة وما ألحقته من خسائر بشرية ومادية، إلّا أنها لن تنال من عزيمته وحقه المشروع في الدفاع عن نفسه واستعادة أرضه المغتصبة وفي نصرة المقاومة الفلسطينية. بيد أنَّ مدلولات هذه العملية الإجرامية النوعية توحي قبل أي شيء آخر بفقدان العدو توازنه؛ حيث جاءت في سياق محاولاته اليائسة لاستعادة هيبته ودوره الوظيفي في خدمة المشاريع الإمبريالية. وهذا الأمر يمثل التحدي الأهم الذي يواجه الكيان الصهيوني الأجير، ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية قد منحته فرصة أخرى من أجل ترميم صورته البشعة بالمزيد من الجرائم، ولن يتورع عن جر المنطقة إلى مواجهة شاملة، وإذا كان للحروب الاستعمارية منطقها ومسوغاتها غير الأخلاقية، فإن تجارب ثورات التحرر الوطني في مواجهة القوى الاستعمارية المتفوقة عسكريًا وتكنولوجياً تشي بأن استدراج العدو إلى فضاءات واسعة، يُفقده أهم مميزاته ويُشكِّل مقتله.
ولعل استراتيجية حرب الشعب الطويلة الأمد تتمحور بالدرجة الرئيسية حول هذه النقطة، ولا شك أن لمحور الشر الإمبريالي والصهيوني وحلفائه التقليديين، إمكانيات كبيرة التي لا يجوز أن تغيب لحظة واحدة، فإن إمكانيات جبهة المقاومة المستندة إلى قاعدة شعبية كبيرة ممتدة من الخليج إلى المحيط قادرة على تغيير موازين القوى، ولديه المقدرة والجهوزية على الصمود ومواصلة الحرب سنوات طويلة، مهما كانت الصعوبات والتضحيات. في حين أن العدو الإسرائيلي لا يتحمل حرب استنزاف طويلة؛ نظرًا لإمكاناته البشرية والطبوغرافية المحدودة، ناهيك عن طبيعة مكوناته الاجتماعية التي لا تملك مقومات ومُبررات كافية للبقاء، في ظل مناخ الحرب الطويلة بكل تبعاتها وتكاليفها. لذا فإن الصراع بقدر دخوله مرحلة نوعية جديدة، بقدر ما يحمل إمكانات واسعة لدحره وكسر شوكته، وبطبيعة الحال فإنَّ جبهة المقاومة لن تسمح بأن تهتز صورتها وثقة جماهيرها بها، وما يُحدثه صمودها من تفاعلات إيجابية على الصعيدين العربي والدولي.
هذا الاستخلاص الأولي لا بُد من تثبيته.. أما الاستخلاص الآخر فإنه من الطبيعي في كل الصراعات أن تحدث بعض الاختراقات والانتكاسات التي تستدعي المراجعات وإعادة التقييم، لجهة الاستفادة من الإخفاقات وفحص الخيارات وترتيب الأولويات واستقراء الآفاق، وبما أن ما يجري لا يمكن فصله عن الصراع العالمي وتأثيراته، فإنَّ التراجع الأمريكي الإمبريالي على الجبهة الأوكرانية يُمكن إدراجه ضمن هذا السياق، وإن كانت بواطن الأمور تؤكد أن القناعة الأمريكية بعدم إمكانية تحقيق نصر على الجبهة الروسية لم تعد محل نقاش جدي، خصوصًا بعد التقدم الميداني والتلويح الروسي باستخدام ترسانته النووية، لذا فإن الخيار الأنسب بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية اللجوء لتعويض هزيمة شبه مؤكدة في شرق القارة الأوربية، بنصر بديل في الشرق الأوسط، غير أن حساباتها قد جانبت الصواب. وبما أن الصراع العربي الإسرائيلي أكثر عمقًا وتعقيدًا؛ باعتباره صراعًا وجوديًا قائمًا على نفي أحد أطرافه، فإنه من غير المستبعد أن تكون العملية الإرهابية ضد لبنان ومقاومته، تدخل في إطار خلق وقائع ميدانية جديدة؛ وذلك تحسبًا للتحولات الدولية المرتقبة بعد صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 18 سبتمبر 2024، والذي يُطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي خلال 12 شهرًا؛ والذي يُعد- بصرف النظر عن مدى إلزاميته- قرارًا تاريخيًا، وما لا يجب أن يتطرق إليه الشك أن الكيان الصهيوني بخلاف مكاسبه الظاهرة قد بدأ عده التنازلي، ولن يفلت من حكم التاريخ الذي ينتظره، وأن دماء الشهداء والأبرياء في فلسطين ولبنان وكل ساحات المقاومة الراهنة والسابقة التي سالت في مواجهة الغزوة الإمبريالية والصهيونية الاستعمارية منذ مطلع القرن الماضي وحتى الآن، لن تذهب سُدى، ولا نبالغ في القول إن "الجيش الذي لا يُقهر" سوف يُقهر وقد قُهِر بالفعل، وهو الآن يُنازع سكرات الموت.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بن جامع: الكيان الصهيوني يزرع الفوضى في المنطقة بأسرها
حذر الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، السفير عمار بن جامع، من تبعات استمرار زرع الكيان الصهيوني، الفوضى في المنطقة بأسرها.
وقال بن جامع، في مداخلته الجمعة بنيويورك، خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن حول الوضع في إيران: “نواجه مرة أخرى عملاً عدوانياً خطيراً ومتعمداً. بعدما شنّ الجيش الصهيوني ضربات منسقة على الأراضي الإيرانية”.
وتساءل الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، عن التوقيت الذي اختاره الكيان الصهيوني لشن هجماته على إيران.
وذكّر أنها جاءت في الوقت الذي تجري فيه طهران وواشنطن، بوساطة سلطنة عمان، مفاوضات غير مباشرة بشأن البرنامج النووي الإيراني.
حيث كان من المقرر عقد جولة سادسة من المباحثات نهاية هذا الأسبوع الجاري في مسقط.
وانتقد بن جامع “اللجوء إلى القوة دون ترخيص من مجلس الأمن”. قائلا: “في غياب حالة الدفاع الشرعي كما تنص عليه أحكام المادة 51 من الميثاق الأممي. يقوض أسس النظام القانوني الدولي”.
وشدّد بن جامع على أنّ العدوان الصهيوني ضد إيران هو “عمل مجرد تماماً من أي أساس قانوني”. وتأسف لكون الكيان “يتصرف وكأنّ القانون غير موجود، أو لا ينطبق عليه”.
وشدّد بن جامع بالقول: “الكيان يزرع الفوضى في المنطقة بأسرها وسلوكه لا يليق بعضو في الأمم المتحدة”.
وأضاف بن جامع: “نحن نشهد أعمال عدوان متكررة، من قصف للعاصمة اللبنانية، واحتلال لمناطق جديدة في سوريا ولبنان وفلسطين”.
وأحال بن جامع على “الانتهاكات المتكررة للسيادة السورية، بما في ذلك اختطاف للمدنيين كما حدث الجمعة”.
الكيان الصهيوني يستخدم “التجويع” كأسلوب حرب في غزةوأشار مجدداً إلى أنّ الكيان الصهيوني يستخدم “التجويع كأسلوب حرب في غزة، وهو ما يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي”. وعاد ليؤكد أنّ الأمر يتعلق بـ “إبادة جماعية ترتكب أمام أعيننا”.
كما أكّد بن جامع أنّ “المجتمع الدولي لا يمكنه أن يسمح بخلق سابقة يتصرف فيها أعضاء في الأمم المتحدة كقضاة وأطراف”.
وركّز على أنّ هؤلاء الأعضاء “يشنّون هجمات أحادية الجانب في انتهاك للمعايير القانونية القائمة”.
وحذّر من أنّ “مثل هذه التصرفات من شأنها أن تقوّض مصداقية مجلس الأمن وتضعف من سلطة ميثاق الأمم المتحدة نفسه”.
ودعا أعضاء المجلس إلى “إعادة التأكيد، بشكل واضح وجماعي، على أنّ المبادئ المنصوص عليها في الميثاق ليست اختيارية” بل “ملزمة”.
وانتهى بن جامع إلى أنّ “حظر استخدام القوة واحترام سيادة الدول الأعضاء هما الركيزتان الأساسيتان اللتان يقوم عليهما نظامنا الدولي”.
كما أكّد بن جامع، أن هذه الأفعال غير مبرّرة ولا يمكن تبريرها، بل تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
الجزائر لطالما حذّرت من الخطر المتزايد لنشوب نزاع إقليمي واسع النطاقوذكر أنّ الجزائر منذ بداية عهدتها في مجلس الأمن، “لطالما حذّرت من الخطر المتزايد لنشوب نزاع إقليمي واسع النطاق”.
وسجّل أنّ هذا الخطر تغذيه دوامة من الأفعال غير المشروعة والاستفزازات من قبل الكيان الصهيوني. وأشار بن جامع إلى أنّ أحداث الجمعة أتت لتؤكد صحة هذه التحذيرات.
واستشهد بالميثاق الأممي الذي ينصّ على أنّ “جميع الأعضاء يمتنعون في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها.
كما شدّد بن جامع، على أن منطق القوة الأحادية، وما يعرف بالضربات الوقائية خارج أي تفويض قانوني، لا يمكن قبوله ولا التسامح معه.
وأضاف : “هذه الهجمات تؤكد مرة أخرى أنّ الشيء الوحيد الذي يمكن أن تمنعه الضربات الوقائية هو السلام”.
وأشار إلى أنّ عدّة أجهزة استخباراتية، بما فيها التابعة لأقرب حليف للكيان، “لا تزال تعتبر أنّ إيران لا تصنع الأسلحة النووية”.
وشدّد بن جامع على أنّ “المبررات” التي قدمها المسؤولون الصهاينة “غير مقبولة وخاطئة”.
وأحال على أنّ المبررات ساقها عضو في الأمم المتحدة “يواصل العمل خارج إطار معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية”.
ولاحظ أنّ هذا العضو “لا يخضع بالكامل لنظام ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية”. و”يرفض باستمرار المشاركة في المفاوضات المتعلقة بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط”.
كما أوضح بن جامع أنّ الوكالة الدولية للطاقة الذرية ذكّرت صباح الجمعة. بعدّة قرارات اتخذها المؤتمر العام بشأن موضوع الهجمات العسكرية على المنشآت النووية.
وتضمنت القرارات أنّ “أي هجوم مسلح أو تهديد ضد منشآت نووية مخصصة لأغراض سلمية يشكل انتهاكاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة”. وتتعارض الهجمات مع القانون الدولي والنظام الأساسي للوكالة.
وأحال بن جامع إلى تشديد الوكالة على أنّ “الهجمات المسلحة ضد المنشآت النووية قد تؤدي إلى انبعاث مواد مشعة”. ويترتب عن ذلك الانبعاث “عواقب وخيمة داخل حدود الدولة المستهدفة وخارج حدودها”.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور