وتمتد الترسانة الإيرانية من أنظمة قصيرة المدى وصولا إلى صواريخ بعيدة المدى عالية الدقة، مستفيدة من الخبرات المحلية والتقنيات المستوردة سابقا.
وبدأت إيران تطوير برنامجها الصاروخي في الثمانينيات خلال حربها مع العراق، حيث ظهر أول صاروخ شهاب-1، الذي استنسخ بشكل رئيسي من الصاروخ السوفياتي سكود- بي (Scud-B).
ورغم بساطته التقنية مقارنة بالجيل اللاحق، فإن شهاب-1 ما زال يشكل جزءا من منظومة الردع التكتيكي بفضل سهولة نشره من منصات متحركة وبنيته القابلة للتخزين طويل الأمد.
وفي خطوة تطويرية لرفع سرعة الإطلاق وتقليل الاعتماد على الوقود السائل، برز صاروخ فاتح-110 الذي يمثل انتقال إيران إلى استخدام الوقود الصلب، مما يتيح له الجاهزية السريعة والتشغيل الآمن.
وقد طُورت منه نسخ حديثة مزودة بأنظمة تصحيح مسار باستخدام الأقمار الصناعية، لتقليص هامش الخطأ في الإصابة الميدانية.
ولاحقا، جاء صاروخ شهاب-2، الذي وفر لطهران نطاق تغطية أوسع للأهداف القريبة من حدودها الإقليمية، مع تطوير محدود في أنظمة الملاحة.
ويمتلك هذا الطراز قدرة حمل أنواع متعددة من الرؤوس التقليدية وشبه الخارقة للتحصينات، لاستخدامه ضد منشآت محصنة بدقة منخفضة نسبيا.
أما ذو الفقار، فقد أدخل بعدا جديدا إلى ساحة العمليات التكتيكية الإيرانية، إذ يمتلك تقنيات انفصال متأخر للرأس الحربي، مما يزيد من صعوبة اعتراضه من الأنظمة الدفاعية مثل القبة الحديدية الإسرائيلية أو باتريوت الأميركي.
كذلك يستخدم بشكل متكرر في المناورات الحية للحرس الثوري لاستعراض دقة الإصابة في الأهداف الثابتة.
وفي المقابل، يتميز صاروخ قيام-1 بإلغاء الزعانف الجانبية الخارجية، مما يقلل بصمته الرادارية ويجعله أقل عرضة للرصد المبكر.
وهو مصمم للضربات البرية الدقيقة ضد القواعد العسكرية والبنى التحتية الحيوية، مع إمكانيات تعديل ميدانية لنوع الرأس الحربي حسب طبيعة الهدف.
وفي الشريحة المتوسطة إلى بعيدة المدى، يشكل كل من شهاب-3 ونسختيه المطورتين قدر (Ghadr) وعماد (Emad) نواة القدرات الإستراتيجية البعيدة لإيران.
ويتميز شهاب-3 بإمكانية التزود بأنظمة تشويش إلكترونية مدمجة، تتيح له محاولة خداع أنظمة الدفاع الصاروخي.
في حين يضيف قدر تحسينات في مادة بدن الصاروخ باستخدام سبائك الألمنيوم والصلب خفيفة الوزن، مما يمنحه مدى أطول مع خفض وزن الإطلاق.
أما عماد، فقد أدخل تقنيات الرأس الحربي القابل للمناورة خلال العودة، مما يقلل احتمالية اعتراضه خلال المراحل الأخيرة من الطيران، ويرفع من دقته في ضرب النقاط المحصنة داخل العمق المعادي.
ويمثل صاروخ سجيل (Sejjil) التحول الأهم في اعتماد الوقود الصلب بعيد المدى ثنائي المرحلة، مما يمنحه مرونة كبيرة في الحركة والإطلاق، مع خفض زمن الاستعداد مقارنة بصواريخ الوقود السائل.
أما الصاروخ الأكثر تطورا حتى الآن في الترسانة الإيرانية فهو خرمشهر (Khorramshahr)، الذي يتمتع ببصمة تقنية متقدمة عبر تقليل مدة الطيران الإجمالية بفضل سرعات تتراوح بين8 و16 ماخا، حسب النسخة المطورة.
وقد أضيفت إليه أنظمة تحكم متقدمة بالحركة النهائية (Terminal Phase Control)، مما يصعّب على الأنظمة الدفاعية من اعتراضه في المسار الأخير.
وعلى صعيد صواريخ كروز، يبرز صاروخ سومار (Soumar) الذي استنسخ تقنيا من الصاروخ السوفياتي "كي إتش-55" (Kh-55)، لكنه خضع لتحسينات في المدى ودقة الملاحة.
ويتمتع هذا النظام بمرونة طيران منخفض الارتفاع، مما يقلل من إمكانية كشفه عبر الرادارات البعيدة، كما يستفيد من تقنيات التخفي الصوتي.
وفي خطوة تعكس التطور النوعي في دقة التوجيه وتقنيات المناورة، طوّرت إيران صاروخ خيبر شكن (Kheibar Shekan) ليشكل طفرة ضمن فئة الوقود الصلب المتوسطة المدى، حيث جرى تصميمه بهيكل خفيف يتيح له تخطي أنظمة الدفاع الجوي عبر تنفيذ مسارات طيران منحنية معقدة.
ويعتمد الصاروخ في إصابة أهدافه على نظام ملاحة داخلي محصن ضد التشويش، مع قدرة على تحديث المسار خلال الطيران، مما يمنحه مرونة عالية في ضرب الأهداف المحصنة والمنقولة على حد سواء.
ويعد صاروخ قاسم سليماني، تطويرا إيرانيا حديثا، ويصنف ضمن الصواريخ الباليستية المتوسطة المدى، وهو نسخة محسنة من صاروخ قيام-1، مع تعزيزات في دقة الإصابة والقدرة على المناورة لتجاوز أنظمة الدفاع الجوي المتطورة.
وبهذه التركيبة والتقنيات الحربية المتطورة، تواصل إيران توسيع هامش قوتها الصاروخية لتشكل عاملا رئيسيا، في مواجهة خصومها الإقليميين والدوليين في بيئة إستراتيجية تتسم بالتقلب الدائم.
الجزيرة
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
إقرأ أيضاً:
ماذا نعرف عن نظام "باراك ماغن" الذي استخدمته إسرائيل لصدّ المسيّرات الإيرانية؟
رغم امتلاك إسرائيل ترسانة متقدمة من أنظمة الدفاع الجوي، فإن المواجهة مع إيران كشفت عن ثغرات يصعب إنكارها. اعلان
في خضم التصعيد العسكري المتواصل بين إسرائيل وإيران، دخل سلاح البحرية الإسرائيلي على خط المواجهة باستخدام نظام دفاع جوي متقدم للمرة الأولى. فقد أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين، تفعيل منظومة "باراك ماغن" (البرق الدفاعي) وصاروخ LRAD بعيد المدى، لاعتراض طائرات مسيّرة قادمة من إيران.
وأوضح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أن "أسطول السفن الحربية تمكّن خلال ساعات الليل من إسقاط 8 طائرات مسيّرة أُطلقت من إيران، ليصل إجمالي الطائرات المسيّرة التي اعترضتها القطع البحرية منذ بداية العملية إلى 25 مسيّرة، شكّلت تهديداً مباشراً على أمن المواطنين".
نظام "باراك ماغن": منظومة بحرية متطورةتعد "باراك ماغن" من أحدث أنظمة الدفاع الجوي التي طورتها الصناعات الجوية الإسرائيلية. وتتميز هذه المنظومة بقدرتها على رصد وتحديد مجموعة واسعة من التهديدات الجوية، بفضل رادار متعدد المهام يتيح التتبع الدقيق وتصنيف الأهداف. وتعتمد في عملياتها على صاروخ LRAD بعيد المدى، المصمم خصيصاً لاعتراض صواريخ باليستية، وصواريخ كروز، وطائرات دون طيار، ضمن ظروف ميدانية معقدة.
وترى وزارة الدفاع الإسرائيلية أن إدخال هذا النظام في الخدمة سيساهم في تعزيز قدرة البحرية على التحكم في المجال البحري والدفاع عن مصالح إسرائيل في عرض البحر، خاصة في ظل الهجمات المتعددة الاتجاهات التي تتعرض لها البلاد.
Relatedنتنياهو: إسرائيل على طريق النصر وعلى سكان طهران إخلاء المدينةإسرائيل إستهدفت منشآت إيرانية حيوية: ما هي وما أهميتها؟ نزوح جماعي من طهران بعد تهديدات وزير الدفاع الإسرائيليفجوة في الدفاعات رغم الترسانةورغم امتلاك إسرائيل ترسانة متقدمة من أنظمة الدفاع الجوي، فإن المواجهة مع إيران كشفت عن ثغرات يصعب إنكارها. فقد سقطت صواريخ إيرانية بالفعل على أهداف حيوية في مدن مثل تل أبيب وحيفا، ما أظهر محدودية قدرة الأنظمة على صدّ الهجمات المكثفة والمتنوعة.
ويجمع خبراء الدفاع على أن لا منظومة في العالم قادرة على تحقيق اعتراض بنسبة 100%، خصوصاً عندما تكون الهجمات منسقة وتشمل عشرات الصواريخ دفعة واحدة. عندها، تقع المنظومة في ما يُعرف بـ"حالة الإشباع"، حيث تواجه خيارات صعبة في تحديد الأولويات وتوزيع الصواريخ الاعتراضية على الأهداف.
صواريخ فرط صوتية: التحدي الأكبرومن أخطر التهديدات التي تواجهها إسرائيل اليوم، دخول الصواريخ الفرط صوتية إلى حلبة الصراع. هذه الصواريخ قادرة على بلوغ سرعات تفوق 5 أضعاف سرعة الصوت، وتقوم بمناورات حادة ومعقدة خلال تحليقها، ما يجعل اعتراضها شبه مستحيل بالأنظمة التقليدية.
وتُحدث هذه الصواريخ عند دخولها الغلاف الجوي ظاهرة "تأيّن"، أي إطلاق شحنات تعيق الرصد الراداري، ما يشوّش عمل أنظمة الاعتراض ويقلل من دقتها. ورغم نجاح أنظمة مثل "ثاد" و"السهم 3" في الاختبارات، إلا أن التجربة الميدانية أثبتت أن التعامل مع موجات متزامنة من هذا النوع يتجاوز حدود قدراتها.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة