قال الخبير الإستراتيجي والعسكري اللواء فايز الدويري إن حزب الله اللبناني لا يسعى لحرب مفتوحة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، ولكنه لن يسمح بكسر قواعد الاشتباك والردع، مرجحا سيناريوهين للتطورات الميدانية المقبلة.

وأوضح الدويري -خلال تحليله المشهد العسكري بالمنطقة- أن حزب الله مطالب أن يعمل بتوازن بين تجنب الذهاب لحرب مفتوحة أو كسر قواعد الاشتباك والردع.

وأشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد حربا واسعة لخلط الأوراق في ظل عدم وجود حراك ورد فعلي حقيقي لإيران منذ اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية على أراضيها.

ويعتقد الدويري أن نتنياهو كسر قواعد الردع بعد الضربات الأخيرة (تفجيرات أجهزة اتصالات لاسلكية واغتيال قيادات عسكرية وازنة بحزب الله).

وأضاف أن ما فعله تحد صارخ "فكان لزاما على حزب الله الرد،" واصفا رد الحزب بأنه "كان ردا بالحد الأدنى من حيث نوعية الصواريخ والمدى والأهداف".

وفي وقت سابق اليوم الأحد، أعلن حزب الله قصف مواقع عسكرية في مدينة حيفا شمالي إسرائيل بصواريخ "فادي 1″ و"فادي 2" للمرة الأولى منذ بدء المواجهات الحدودية مع تل أبيب قبل نحو عام، حيث أسفر القصف عن إصابة عدد من الإسرائيليين وأضرار مادية كبيرة.

وعن السيناريوهات المطروحة للمستجدات المقبلة، يقول الخبير الإستراتيجي إن السيناريو الأول قد يكون الاستمرار بالوضع الحالي كما ونوعا من طرف جيش الاحتلال على غرار مواصلة شن غارات جوية مكثفة وتنفيذ اغتيالات كبيرة، إضافة إلى مفاجآت تقنية مثل تفجيرات أجهزة "البيجر" و"ووكي توكي".

وتستهدف إسرائيل من هذا السيناريو -وفق الدويري- قبول حزب الله بالشروط الإسرائيلية وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي "1701" والذي ينص على انسحاب قواته إلى ما وراء نهر الليطاني.

ويرى الخبير العسكري أن السيناريو الثاني المتوقع قد يكون اجتياحا بريا إسرائيليا، حيث توجد قوة الرضوان -وهي قوات النخبة بحزب الله- في  الجنوب اللبناني والجولان السوري.

وتساءل الدويري قائلا "هل سيُبقى حزب الله -بعد الضربات الأخيرة التي تعرض لها- على قوات النخبة في الجولان أم سيسحبها لتعزيز قواته بجنوب لبنان؟".

وأضاف مجيبا "إذا بقيت قوة الرضوان بالجولان السوري فإن هذا السيناريو يغري نتنياهو لتوسيع العملية الأرضية باتجاه الشرق والشمال"، وتابع بأن الحديث يدور حول هجوم إسرائيلي مزدوج بغية تحقيق نجاح لتطويره.

وافترض الدويري سحب حزب الله قوات النخبة من الجولان السوري بسبب المساحة الجغرافية الشاسعة، كما أن طريقة دفاع قوات حزب الله ترتكز على الدفاع عن نقاط وعقد قتالية قوية.

ويرى الخبير العسكري أن ما بين العقد القتالية لحزب الله "قد تكون هناك مساحة مناورة لجيش الاحتلال، وفق سيناريو تحدث عنه قائد المنطقة العسكرية الشمالية والذي يقضي بإنشاء منطقة عازلة بالجنوب اللبناني لم تحدد مساحتها بعد".

وخلص الدويري إلى أن القتال في جنوب لبنان سيكون مختلفا عن القتال في قطاع غزة، مضيفا أن جيش الاحتلال لديه هاجس قديم، إذ كان قد وصل الليطاني سابقا وتموضع في تلك المنطقة 20 عاما قبل أن ينسحب تحت ضربات المقاومة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حزب الله

إقرأ أيضاً:

هل يتكرر السيناريو الليبي الكارثي في السودان؟

بينما يمضي السودان في حربه الطاحنة، تظهر تطورات تنذر بتجاوز حالة الاحتراب التقليدي إلى ما هو أخطر: تقسيم فعلي للدولة وظيفيا (functional partition).

إعلان مجموعة (تأسيس) عن تشكيل حكومة موازية، والتصعيد العسكري الكثيف في مدينة نيالا وحول الفاشر، بالتزامن مع لقاء كان مرتقبا جرى إلغاؤه للرباعية الدولية في واشنطن، يضعان المشهد السوداني في تقاطع طرق حاسم: فإما المضي في مسار السلام وفق خارطة الرباعية الحالمة، أو الانزلاق نحو نسخة سودانية من التجربة الليبية، بكل ما تحمله من فوضى وصراع مزمن وشرعية منقسمة، أو هكذا يُراد.

ما يجري ليس مجرد تمرد وحرب مفروضة بين مكونات عسكرية وسياسية، بل هو صراع جذري على شكل الدولة السودانية، وحدودها السياسية والاجتماعية، ومن يحكمها، ومن يملك قرارها السيادي.

والمؤشرات المتزايدة على نية المليشيا وما أعلنته من خارطة جديدة للسودان تشي بترسيخ سلطتها في إقليم دارفور ومحيطه، عبر أدوات مدنية ظاهرها "تحالف مدني"، وباطنها "سلطة أمر واقع"، تُنذر بمرحلة جديدة أكثر تعقيدا وخطورة، قد تُدخل السودان في نفق النموذج الليبي طويل الأمد.

الحكومة الموازية: شرعنة التمرد وتقنين الانقسام

في خضم الانهيار المؤسسي الشامل، خرجت قوات المليشيا بالإعلان عما أسمته "تحالفا مدنيا انتقاليا"، في محاولة مكشوفة لخلق غطاء سياسي لسيطرتها على غرب السودان كخطوة أولى للضغط.

هذا التحالف، الذي رُوّج له إعلاميا كبديل مدني علماني، لا يخفي حقيقة كونه واجهة سياسية لسلطة مليشياوية تفرض حكمها على الأرض بقوة السلاح والدعم الخارجي العابر للحدود، خصوصا من الراعي الإقليمي.

إنها ليست خطوة معزولة، بل تتسق مع إستراتيجية طويلة المدى تهدف إلى خلق "إقليم مستقل فعليا"، يستخدم لاحقا كورقة تفاوض أو نقطة انطلاق لمشروع سياسي أكبر.

ومن هنا، فإن إعلان الحكومة الموازية يجب أن يُقرأ باعتباره أول تجلٍ علني لخيار التقسيم السياسي بأبعاده المعلومة، في سياق متطورات الحرب وفشل مشروع التمرد.

التصعيد في نيالا: السيطرة قبل الاعتراف

في موازاة هذا التحرك السياسي، تخوض قوات التمرد معارك ضارية في مدينة نيالا، عاصمة جنوب دارفور، في مسعى لتأمين سيطرتها الكاملة على الإقليم الغربي.

إعلان

فنيالا ليست مدينة عادية، بل تُعد مركز الثقل الإداري والعسكري في دارفور، وأي سيطرة عليها تُعد بمثابة إعلان غير مباشر لقيام "سلطة إقليمية بديلة".

التصعيد هنا يتجاوز الأهداف العسكرية إلى أهداف سياسية عميقة: فرض واقع جديد بالقوة قبل أن تبدأ أية تسوية دولية، وجعل المليشيا في موقع تفاوضي أقوى، إن لم يكن موازيا للحكومة المعترف بها دوليا في البلاد، والتي تتخذ بورتسودان عاصمة مؤقتة وتجري ترتيبات العودة إلى الخرطوم.

واشنطن والرباعية: هل تُدرك اللحظة؟

في ظل هذه التطورات الميدانية الخطيرة، ظلت الأنظار تتجه إلى لقاء الرباعية الدولية في واشنطن نهاية يوليو/ تموز المنصرم، لكنه أُرجئ. تأتي هذه الخطوة بعد فشل مساري جدة، وأديس أبابا، ومجمل المحاولات السابقة في جنيف، والقاهرة، ولندن في تحقيق اختراق حقيقي.

لكن السؤال الملحّ: هل يمكن لأي لقاء كهذا أن يتجاوز مرحلة "إدارة الأزمة" إلى "حل الأزمة"؟ أم إنه مجرد محطة جديدة في مسلسل التكتيكات والبيانات والتوصيات التي لا تغير شيئا في الواقع؟

المقلق أن الرباعية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لم تُبدِ حتى الآن إرادة قوية للجم دعم الراعي الإقليمي الواضح لقوات التمرد، ولا لممارسة ضغط فعلي لوقف الحرب وتفكيك المنصات السياسية الموازية.

ويبدو أن الفاعلين الدوليين يكتفون بردود فعل متأخرة على أحداث سبقتهم بأشواط، مما يعزز الانطباع بأن السودان يُترك لمصيره وقدره بازدواجية معايير متعمدة في صفقات السلام التي تجري في المنطقة، وخلط الأوراق والمطامع.

بين الخرطوم وطرابلس: هل نحن أمام نسخة سودانية من ليبيا؟

في ضوء ما سبق، تفرض المقارنة مع ليبيا نفسها بقوة. فقد شهدت ليبيا بعد سقوط القذافي انقساما حادا بين سلطتين، واحدة في الغرب والثانية في الشرق، تدعمهما قوى خارجية متباينة.

واليوم، يُراد من وراء الإعلان أن يسير السودان على خطى مشابهة، مع بعض أوجه الشبه والاختلاف.

من حيث الشبه:

كلا البلدين يشهدان سلطتين متنافستين: واحدة تحظى بشرعية دولية كاملة، وأخرى تسعى لفرض سلطتها بالأمر الواقع. كلاهما يعاني من تدخلات خارجية متناقضة، تدعم أطرافا متنازعة وتزيد من تعقيد المشهد. انهيار مؤسسات الدولة، وتفشي اقتصاد الحرب، وتحول الصراع إلى حالة مزمنة، كلها قواسم مشتركة بين النموذجين.

لكن السودان يتميز بعوامل تزيد من تعقيد وضعه، وتجعل من خطر الانزلاق أشد وطأة بحكم الاستهداف المستمر:

البنية القبلية والاجتماعية في السودان أكثر تداخلا وتشابكا، ما يجعل أي محاولة للتقسيم محفوفة بصراعات دموية طويلة الأمد. الجيش السوداني لا يزال يتمتع بامتداد شعبي وتاريخي وسند أوسع من نظيره الليبي بعد الثورة، وهو ما يُبقي على إمكانية وحدة الدولة، إن أُحسن توجيه هذا الثقل وقدرته على استكمال النصر ودحر التمرد. الجوار الجغرافي للسودان أكثر هشاشة، بحدود مفتوحة مع سبع دول، مما يُعقّد المشهد الأمني ويُغري قوى إقليمية بالتدخل أو الاستفادة من حالة الهشاشة والفراغ.

هذه الخصائص تجعل من التجربة السودانية مرشحة لأن تكون نسخة أكثر فوضوية وتعقيدا من الحالة الليبية، إذا لم يتم تدخل الدولة بحزم لإيقاف هذا المسار، الذي يرمي إلى إعادة سردية (الطرفانية) والشرعية للمشهد لأجل فتح آلية إعادة (تأسيس) إلى كراسي الحكم.

إعلان

والضغوط الدولية التي تتكثف، سواء ما اتصل بلجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان، أو اجتماعات واشنطن الملغاة، أو الجنائية، كلها حلقات لأجل غاية واحدة، أريد لها أن تتزامن مع إعلان المليشيا (لحكومتها الافتراضية).

الفرصة تضيق.. والكارثة تقترب

السودان اليوم يمر بمرحلة هي الأخطر في تاريخه الحديث، ليس فقط بسبب شدة الحرب، بل لأن ملامح الدولة ذاتها باتت على المحك.

المقصد من ورائها أن تتحرك القوى الإقليمية والدولية سريعا نحو تسوية سلمية شاملة يراد فرضها لتُنهي الحرب وتعيد بناء الدولة على أسس مدنية وديمقراطية جامعة في صيغة اتفاق (إطاري جديد)، أو أن يستمر الضغط الخارجي ويُترك السودان لينزلق إلى هاوية الانقسام والتشظي، كما حدث في ليبيا، وربما بشكل أكثر دموية وتعقيدا لتباين الأوضاع بين البلدين.

إن تشكيل حكومتين، أو هكذا رمت الخطوة، وتحول العاصمة إلى مدينة منكوبة، وغياب أي أفق واضح للسلام رغم اكتمال الجهاز المدني الجديد من بورتسودان، كلها مؤشرات على أن الوقت لم يعد في صالح الحلول التدريجية أو المناورات السياسية، وقوى نافذة في المنطقة تقف وراء المخطط في سياق الخطط البديلة بعد أن فشل التمرد في تحقيق أهداف الحرب.

فكل يوم يمر دون بلوغ التسوية الوطنية بإرادة داخلية تنشدها القوى المسندة للجيش، يُقرب السودان خطوة أخرى من نموذج دولة فاشلة متعددة الرؤوس التي يسعى خصومه لتجسيدها، ويراد لها أن تكون بلا مركز ولا مستقبل، أو استمرار حالة الهشاشة والانقسام واستدامة الحرب. فهل من معتبر؟

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 3 فلسطينيين ويصيب آخرين في الضفة الغربية
  • الاحتلال يعتقل 8 مواطنين من الضفة
  • عشرات الشهداء يتقدمهم طاقم الجزيرة في التصعيد الإسرائيلي على غزة
  • مستوطنون يرحّلون تجمع عرب الجهالين في عين أيوب برام الله
  • هل يتكرر السيناريو الليبي الكارثي في السودان؟
  • زعيم دروزي: دعم ترامب وإسرائيل كان حاسمًا في حماية الطائفة بالسويداء
  • الاحتلال يعتقل 3 شبان من جنين وينصب حاجزًا شرق رام الله
  • اقتحامات بأريحا ونابلس ومستوطنون يهاجمون قرى في الخليل ورام الله
  • مستوطنون يهاجمون قرية دير جرير شرق رام الله
  • مستوطنون يهاجمون قرية رمون شرق رام الله