النول اليدوي.. جزء من تاريخ الصناعة النسيجية في سورية
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
دمشق-سانا
النسج على النول اليدوي حرفة دمشقية قديمة تعود لمئات السنين، وتحاكي التاريخ وتتحدى أحدث الآلات النسيجية بجمالية ودقة التصنيع، وتشكل جزءاً من تاريخ الصناعة النسيجية في سورية التي تشتهر برونقها ومظهرها الخارجي الفريد.
سانا التقت الحرفي بكر خصيم الذي ما زال يواصل عمله بحرفة النسج على النول العربي، التي تعلمها من والده وخاله شيخ كار الحرفة عبد القادر خصيم اللذين قدما له كل الدعم، وأشرفا على تعليمه حتى أتقن المهنة المهدّدة بالاندثار، لما يحتاجه من وقت وجهد كبيرين ينعكسان ارتفاعاً بأسعار منتجاته مقارنةً بما تصنعه الآلات المتطورة، إضافة إلى حاجة كل قطعة إنتاج للصبر والجهد الكبير لإتقانها وتعلمها.
وبهدف الحفاظ عل هذه الحرفة من الاندثار بين خصيم أنه تمت إقامة دورات تعليمية لتعليم الشابات استخدام النول العربي بدعم من عدة جمعيات تقدم متطلبات تعليم الحرفة، مشيراً إلى الاستمرار بإقامة هذه الدورات المجانية، وأنه تم خلال العام الماضي تعليم 20 شابة على هذه الحرفة.
وأوضح خصيم أنه يتم تصدير منتجات النول اليدوي إلى العديد من الدول حول العالم وتتضمن صناعة البسط اليدوي والخيم الأصيلة والمد العربي بعدة مقاسات.
وعن آلية العمل تحدث خصيم: الأطوال نتحكم بها مع ثبات العرض 80 سم، ووصل بين قطعتين لمضاعفة عرض القطعة التي ينسجها بمختلف أنواع الخيوط، كالصوف الطبيعي والحرير والمخمل والدرالون، إضافة إلى خيط القطن كحشوة أساسية، للقطعة مشيرا أنهم يمتلكون 20 نولاً يحتاج كل منها لعامل، إضافة لمشاركة العمل مع عائلته لخياطة بعض القطع بعد الانتهاء من نسجها، ما يوفر فرص عمل إضافية.
أمجد الصباغ وسكينة محمد
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
أحرار العالم في مواجهة الإبادة.. أين العرب من تاريخ العدالة؟
في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتفاقم المآسي، تقف غزة شاهدة على واحدة من أفظع جرائم الإبادة في العصر الحديث. بينما يرفع أحرار العالم من أمريكا اللاتينية والعالم صوتهم في وجه هذه الجريمة، ويتحركون على أرض الواقع من خلال محكمة العدل الدولية، يبقى العالم العربي، الذي يفترض أن يكون في طليعة المدافعين، غائبًا بشكل مريب. هذا الغياب ليس فقط غيابًا سياسيًا، بل هو انكسار أخلاقي يطرح سؤالًا مؤلمًا: أين العرب من تاريخ العدالة؟
في الوقت الذي تُحاصر فيه غزة، وتقتل أطفالها ونساؤها بلا هوادة، ترتفع أصوات دول من الجنوب العالمي، كالبرازيل، نيكاراغوا، كولومبيا، تشيلي، بوليفيا، وكوبا، لتعلن بوضوح مسؤولية الكيان الإسرائيلي عن جريمة الإبادة الجماعية التي تُرتكب في القطاع المحاصر. فالبرازيل، كدولة كبرى في أمريكا اللاتينية، تتقدم الخطوات النهائية للانضمام إلى الدعوى المقدمة أمام محكمة العدل الدولية، حيث وصف رئيسها، لولا دا سيلفا، ما يحدث في غزة بـ»الإبادة الجماعية الممنهجة»، مؤكدًا أن هذه ليست مجرد صراع عسكري، بل قتل ممنهج للمدنيين الأبرياء.
هذه الخطوات ليست عشوائية أو مجرد بيانات شكليه، بل تحركات قانونية وإنسانية واضحة ترفع راية العدالة الدولية، وتحمل إسرائيل المسؤولية أمام محكمة لاهاي. وعلى النقيض من ذلك، يظل العالم العربي في حالة من الصمت المطبق، أو الأسوأ من ذلك، غارقًا في تحالفات سياسية ضيقة وأعذار واهية تمنعه من التحرك الفعلي على المستوى القانوني.
مفارقة لا تصدق أن دولًا لا تجمعها بفلسطين روابط الدم والقربى تتقدم في ساحات العدالة، فيما تتوارى دول عربية يفترض أنها أكثر حماسة والتزامًا بالقضية الفلسطينية عن هذه المعركة المصيرية. هذا الغياب العربي المروع لا ينعكس فقط على المستوى السياسي، بل هو سقوط أخلاقي مريع يُختزل في تاريخ أمة فقدت موقعها في أعظم قضاياها.
في يناير 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية أوامر مؤقتة بوقف الإبادة وفتح المعابر الإنسانية في غزة، لكنها لم تُحكم بعد في القضية، ما يفتح الباب لكل دولة للتدخل والدفاع عن الحق الفلسطيني. ومع ذلك، بقي هذا الباب مغلقًا أمام العرب، الذين تركوا غزة وحيدة في مواجهة آلة القتل، وتركوا التاريخ يسجل غيابهم المريع.
إن هذا الغياب ليس مجرد تقصير أو إهمال، بل هو خذلان مدوٍّ يطرح علامات استفهام كبيرة حول مصداقية مواقف أمة تدعي الدفاع عن قضايا العدل والحق. فالتاريخ لن يسأل من أدلى ببيان تنديد فقط، بل من وقف في وجه الظلم ورفع راية العدالة.
اليوم، تكتب أحرار العالم فصولًا ناصعة في سجل النضال ضد الإبادة، بينما تُسجل أمة العرب موقفها المؤلم في مقعد الغياب. هذا الاختبار ليس فقط للقضية الفلسطينية، بل هو اختبار لضمير أمة بأكملها. هل يستفيق العرب من صمتهم، ويعيدون كتابة تاريخهم من جديد في ميدان العدالة، أم سيبقى هذا الغياب وصمة لا تزول من ذاكرة الإنسانية؟