الوطن:
2025-12-13@12:22:55 GMT

خالد ناجح يكتب: ارحمونا من برامج «الإحباط شو»

تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT

خالد ناجح يكتب: ارحمونا من برامج «الإحباط شو»

كان عم موافى، الرجل العامل البسيط، ممسكاً بـ«الريموت كنترول» وإصبعه الذى تظهر عليه علامات الشقاء والتعب، وعلامات التعجب والسخط على وجهة الملىء بالتجاعيد التى رسمت خرائطها بوضوح سنوات العمر الفائتة والتى أكثرها مر وقليلها حلو.

سألته: ما لك يا عم موافى؟

أشار إلى الشاشة وبها أحد مذيعى التوك شو، وقال لى بحزم وحرقة: «كدابين»، فى إشارة إلى مذيعى التوك شو.

دار حديث بينى وبين هذا الرجل البسيط الذى لخص ما يقوله خبراء الإعلام أن «بعض البرامج قاعدين بالساعات، وأحياناً المذيع (يرغى لغاية الصبح)، ومش مستفيدين بكلمة ولا معلومة، والواحد لما يتفرج عليهم بيحس إن الدنيا مقلوبة، وأحياناً مش بيقولوا الحقيقة، وكلهم شبه بعض»، انتهى كلامه، وأخيراً استقر على الريموت وتوقف لمشاهدة أحد الأفلام العربية وبدأ يركز فى الفيلم.

رغم انتشارها فى السنوات الأخيرة، ربما يتصور البعض أن بدايتها كانت فى بداية التسعينات أو الألفية الجديدة، لكن الحقيقة أن أول برنامج توك شو فى العالم العربى بمعناه الإعلامى ظهر فى سبعينات القرن العشرين على شاشة التليفزيون المصرى، الذى شارك فى تقديمه كل من سمير صبرى وسلمى الشماع وفريدة الزمر، والذى استمر عدة سنوات تحت اسم «النادى الدولى»، وفى بداية الألفية الثانية بدأت برامج التوك شو فى الانتشار بشكل كبير جداً إلى أن أصبحت المنابر الرئيسية للإعلام المصرى فى تقليد غير منضبط وغير مهنى للبرامج المماثلة فى الغرب، حيث تحظى هذه النوعية من البرامج بنسبة مشاهدة كبيرة هناك نظراً لما تناقشه وتقدمه، وعلى النقيض هنا المشاهد المصرى لا يشعر بأن هناك ما يميز البرامج الحوارية المصرية عن بعضها، ويعتقد أن الفارق بينها يتمثل فى شعار القناة ومقدم البرنامج.

وخلال تلك السنوات انتشرت برامج «الإحباط شو»؛ تستضيف الضيوف أنفسهم، وتناقش الموضوعات المكررة على الشاشات المختلفة نفسها دون مراعاة للمواطن أو تقديم حلول لمشاكل أو أى نجاح لها سوى انعكاسها على المشاهد بالإحباط بعد أن تخيل بعض المذيعين أنهم خبراء فى كل شىء محاولاً إقناع المشاهد بما يعتقده هو، بل ويفرض عليه رأيه، بل أصبحت بعض القنوات فى فترة من الفترات حبيسة البرنامج الواحد، وكل القناة تخدم هذا البرنامج فقط، وأصبح البرنامج هو القناة، وتم إغلاق الباب على باقى الأفكار وجميع أشكال الإبداع، وأصبحت القنوات أيضاً متشابهة فى تقاريرها الإخبارية وفى عرض أحداثها اليومية، حتى أصبح ما يميز كل برنامج حوارى عن غيره هو شعار القناة ومقدم البرنامج، وأصبح المشاهد يتوقع ما سيقوله الضيوف من آراء من كثرة تكرار استضافتهم ومعرفة انتماءاتهم الحزبية والسياسية مسبقاً، وكل ذلك بعيد عن المصلحة العامة، وبذلك يتم التعامل مع المشاهد المصرى من قبَل البرامج الحوارية بأن (التكرار يعلم الشطار)، مما يجعل جميع البرامج على درجة لا تجعلنا نميز الغث من السمين بينها.

ولو سألت أى مشاهد أو عينة من الجمهور سيقول لك: «كفاية كده تعبنا» من حالة الانفلات التى أصبح عليها المذيعون دون ضوابط أو حتى خطة برامجية تميزهم عن بعضهم البعض بعدما اختلط دور المذيع مع دور الضيف.

وهنا استشعر المجلس الأعلى للإعلام هذه السلبيات وخرجت منه توصيات بعدد من الضوابط المهمة لهذه البرامج للحد من سلبياتها وتدعيم إيجابياتها وحتى تؤدى هذه البرامج دورها المهنى المحترم.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الإعلام التليفزيون

إقرأ أيضاً:

الوجوه الثلاثة!!

هناك حكمة يابانية تقول «إن للشخص ثلاثة وجوه»، الأول يراه الناس، والثانى تراه عائلته، والثالث يحاول أن يخفيه لأنه عكس حقيقة ما فى داخله، فالإنسان دائماً سر نفسه ويحاول باستمرار البحث عن حقيقته، ويعرف أن الوجه الذى يظهر به أمام الناس ليس هو الوجه الحقيقى له. فقد يرى الشخص فى نفسه أنه حنون ويراه الآخرون غليظ القلب، وقد يرى الشخص فى نفسه أنه كريم ويراه الناس حريصاً، فلا بأس أن يرى ما شاء فى نفسه، فهذا طبيعى، ولكن فى النهاية تعاملاتك مع الغير دائماً ناقصة، فيبحث الناس فيها عما تحاول إخفاءه ليستكملوا صورتك الحقيقية، وعلى الشخص أن يتقبل الفجوة بين الوجه الذى يحاول أن يظهر به أمام الناس والوجه الذى يراه الناس فيه، فإذا كانت الفجوة بسيطة يتقبلها ويحاول أن يصلحها، ولكن إذا كانت الفجوة كبيرة، كأن يعتقد الشخص فى نفسه أنه أميز وأفهم وأعلم من الكل، فيجب أن يسلم بالصورة التى يراه فيه الناس بأنه سيئ، ومن الضرورة البعد عنه لأن هؤلاء الأشخاص يكاد يقتلهم غرورهم، فلا فائدة منه تعود على المجتمع مهما تبوأ أعلى المناصب، وكما قال شاعرنا الكبير نزار قبانى «فإذا وقفت أمام حسنك صامتاً، فالصمت فى حرم الجمال جمال».

مقالات مشابهة

  • البودكاست في إيران.. هروب جماعي من قيود الإعلام الرسمي
  • إنهاء برامج لمّ شمل العائلات لـمواطني 7 دول: أمريكا تحدد موعدًا نهائيًا لمغادرة المستفيدين
  • «فخ» كأس العرب
  • الفيلم الكوري مجنونة جدا.. لعنة منتصف الليل تكشف الحقائق المخفية
  • إطلاق البرنامج التلفزيوني (ملوك وصقور) على شاشة القناة الثقافية
  • دار الإفتاء تستقبل وفد وزارة الشباب والرياضة لبحث تنفيذ البرامج والمبادرات المشتركة
  • الوجوه الثلاثة!!
  • جامعة قناة السويس تنفذ برامج تدريبية متخصصة للأطفال الإسعافات الأولية وانقاذ الحياة
  • العداء الإثيوبي.. والصبر المصرى
  • «مجهول» الكندي ولغز «موسى» المحيّر