25 سبتمبر، 2024

بغداد/المسلة: في السنوات الأخيرة، شهد العراق ازديادًا ملحوظًا في عدد الصيدليات بشكل يفوق عدد المطاعم والمتاجر في العديد من المناطق، وهذا التوسع غير المنظم يعكس حالة من الفوضى في القطاع الصحي، حيث أصبحت الصيدليات تنتشر بشكل عشوائي دون مراعاة للضوابط والمعايير المهنية.

وتفاقم الوضع نتيجة ضعف الرقابة من الجهات المختصة، ما أدى إلى ظهور صيدليات يديرها أشخاص غير مؤهلين أحيانًا.

هذه الظاهرة لا تهدد فقط جودة الرعاية الصحية المقدمة للمواطنين، بل تساهم أيضًا في انتشار الأدوية المغشوشة وغير المرخصة.

تعاني مهنة طب الأسنان في العراق من أزمة متفاقمة تهدد بانهيارها نتيجة سوء التخطيط وانتشار الجامعات الأهلية التي تخرّج أعدادًا كبيرة من الطلاب دون مراعاة الحاجات الفعلية للبلد.

تلك الأزمة تعكس سوء التنظيم في قطاع التعليم الطبي الذي أدى إلى خلق عبء كبير على وزارة الصحة ونقابة أطباء الأسنان، ويطرح تساؤلات جادة حول مستقبل مهنة طب الأسنان في العراق.

الزيادة الكبيرة في أعداد الخريجين من الجامعات الأهلية

وتعد الجامعات الأهلية واحدة من أهم العوامل التي ساهمت في هذا الانهيار.

وبعد عام 2003، شهد العراق طفرة في عدد الجامعات الأهلية، حيث ارتفعت بنسبة تتجاوز 500% لتصل إلى 66 جامعة، مقارنةً بـ35 جامعة حكومية فقط.

وأصبح من الشائع أن تستقبل الجامعات الأهلية الطلاب الذين لم يحققوا معدلات تؤهلهم للالتحاق بالجامعات الحكومية، حيث تسمح الجامعات الأهلية بمعدلات تصل إلى 79، مقارنة بالجامعات الحكومية التي لا تقبل أقل من 99.

هذا التدفق الكبير للطلاب أدى إلى تخريج أعداد هائلة من أطباء الأسنان غير المؤهلين علمياً. ومما يزيد الأمر سوءًا، أن الجامعات الأهلية تستهدف الربح بدلاً من الالتزام بالمعايير الأكاديمية الصارمة، وهو ما أثر بشكل مباشر على جودة المخرجات.

تأثيرات الأزمة على الصحة العامة وسوق العمل

التداعيات السلبية لتلك الظاهرة لا تقتصر على الجانب الأكاديمي فحسب، بل تمتد لتشمل النظام الصحي في العراق، فوزارة الصحة العراقية تجد نفسها عاجزة عن استيعاب هذا الكم الهائل من الخريجين، مما أدى إلى تفاقم الأزمة في تعيين الخريجين من الجامعات الحكومية الذين كانوا يعتمدون على فرص التوظيف في المؤسسات الصحية الحكومية.

إلى جانب ذلك، يرى العديد من المتخصصين في طب الأسنان أن هذه الأزمة تترك آثارًا خطيرة على حياة المواطنين، حيث أن العديد من الخريجين الجدد يفتقرون إلى التدريب المناسب لممارسة المهنة بشكل فعال وآمن.

وهذه الأعداد الهائلة تفرض ضغوطًا إضافية على النظام الصحي وتجعل من الصعب على الحكومة توفير الفرص الوظيفية اللازمة.

موقف الحكومة والجهات التنظيمية

الحكومة العراقية حاولت مؤخراً اتخاذ بعض التدابير لتصحيح المسار، ففي منتصف يوليو/تموز الماضي، طالبت وزارة التعليم العالي بوقف استحداث كليات طب الأسنان في الجامعات الأهلية وتحديد أعداد القبول بناءً على احتياجات السوق.

ومع ذلك، يظل تنفيذ هذه القرارات بعيدًا عن التطبيق الفعلي، مما يزيد من مخاوف استمرار الفوضى في هذا القطاع.

من جانبها، أطلقت نقابة أطباء الأسنان تحذيرات شديدة اللهجة، مؤكدةً على أن المهنة تواجه “عجزًا كبيرًا” بسبب التخريج العشوائي للأطباء، داعية إلى تطبيق صارم لمعايير القبول في الجامعات الأهلية، بما في ذلك رفع معدلات القبول إلى 95 فما فوق، وهو ما من شأنه تقليل أعداد الطلاب وتحسين مستوى المخرجات.

الأكاديمي علي الجميلي، الذي شغل منصب معاون عميد في إحدى الجامعات الأهلية، يدعم هذه النظرة، مشيراً إلى أن تلك الجامعات تتحكم فيها إرادة المستثمرين الذين يسعون لتحقيق الربح على حساب جودة التعليم. ويرى الجميلي أن الحل يبدأ بمراجعة شاملة لسياسات التعليم وتطبيق معايير صارمة على قبول الطلاب في الكليات الأهلية.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: الجامعات الأهلیة طب الأسنان أدى إلى أعداد ا

إقرأ أيضاً:

بعثة الأمم المتحدة: العراق مقبل على خطة مارشال عراقية – عراقية

13 دجنبر، 2025

بغداد/المسلة: اطلق ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق محمد الحسان، كلمات الوداع للعراقيين مع قرب انتهاء مهام ومغادرة البعثة، حيث لخص رؤيته الكاملة تجاه العراق شعبا وسياسة، فبينما كشف عن ان العراق يتجه نحو “خطة مارشال عراقية”، اكد ان العراقيين أصحاب كرامة وانفه ولا يقبلون بالاملاءات.

وقال الحسان ان البعثة أتت بناء على طلب العراقيين، وإنهاء البعثة أتى أيضا بناء على طلب العراقيين، نحن في الأمم المتحدة دائما نحترم رغبات الدول خصوصا الدول التي تستضيف هذه البعثات، مشيرا الى ان العراقيين استضافوا على مدى أكثر من عقدين من الزمن هذه البعثة، وكان العمل شاقا، فوجدوا أن المهمة الموكلة لبعثة يونامي تقريبا حققت أهدافها، وآن الأوان لكي يأخذوا الأمور بأيديهم مثلهم مثل غيرهم من الدول.

وأشار الى انه يتفق مع هذا الطرح، مؤكدا ان المهمة فعلا أنجزت بنجاح، وكانت هناك 3 ملفات متبقية وهي مسألة المفقودين من دولة الكويت ورعايا الدول الثالثة منذ أيام الحرب وأيام غزو الكويت، هناك أيضا مسألة ممتلكات الكويتيين، وأيضا الأرشيف الوطني الكويتي.

وبين ان الانتهاء الحقيقي للبعثة سيكون 31 ديسمبر، وبعد 31 ديسمبر كل بعثة يونامي وأعضائها سيغادرون العراق، مشيرا الى ان الأمم المتحدة ستكون موجودة وقد تكون موجودة بغزارة وأكثر من السابق لأن العمل تحول الآن إلى عمل تقني في قضايا المناخ، في قضايا الصحة، في قضايا التعليم، في قضايا التكنولوجيا.

وأوضح انه من بين تقريبا 72 مصرفا، هناك 38 مصرفا تقع تحت العقوبات، لا يمكن لدولة أن تشرع في مرحلة اقتصادية وتنموية مستدامة – والعراقيون يريدون ذلك – بدون رفع هذه العقوبات عن هذه المصارف.

وأوضح ان هناك بعض المحطات المهمة في تاريخ العراق، فالعراقيون اليوم يستطيعون الذهاب لصناديق الاقتراع بحرية ودون ضغوطات، والتصويت لمن يختارونه لتحديد مصيرهم المستقبلي، هذا يعني خيار الحرية، وهو في أيدي الشعب العراقي، هذا أولا، الشيء الثاني، تمكن المجتمع الدولي بالذات – التحالف الدولي – بالتنسيق مع العراقيين وبتضحيات أكثرها من العراقيين، من القضاء على داعش.

وأشار الى ان هذا البلد مقبل على خطة مارشال عراقية – عراقية بدون أي فضل من الخارج لإعادة رسم الموقع الحقيقي لهذا البلد وهذا الشعب، ليس فقط على الخارطة العربية وإنما على الخارطة العالمية، مبينا ان العراق مؤسس للأمم المتحدة وكان عضوا في عصبة الأمم، فلا أعتقد أن يرضى العراقيون بأقل من ذلك، وأنا من الأشخاص المعجبين بالعراقيين وتاريخ العراق والشعب العراقي، ولم أجد منهم إلا كل الاحترام.

وتابع: في كل عمري لم أجد شعبا أكرم من هذا الشعب في كل أنحاء العالم، أتمنى أيضا أن يبتعدوا عن الطائفية ويرسموا مستقبلا لكل العراقيين، آن الأوان الآن لكل العراقيين أن يشعروا بأنهم منتمون لهذا البلد على أساس المساواة في المواطنة، وليس أنا من حزب كذا أو فئة كذا أو فئة كذا، مبينا ان العراقيين شعب ذو كرامة وأنفه ولا يقبل بالإملاءات، إنه شعب عريق، فإذا عاملته بالحسنى تحصل منه على كل شيء وليس بالضغط والإكراه.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • العراق يكسب دعوى قضائية دولية تجنبه دفع 120 مليون دولار
  • طقس العراق.. أمطار مستمرة لنهاية الأسبوع
  • مفترق طرق أمام المكون الشيعي
  • تحليل: الدبلوماسية المنتجة قادت العراق إلى إنهاء الوصاية الأممية
  • يونامي ترحل: كفى وصاية
  • مخاوف إنسانية وسياسية بعد الرحيل الأممي عن العراق
  • بعثة الأمم المتحدة: العراق مقبل على خطة مارشال عراقية – عراقية
  • من الإطار إلى طاولة الشراكة: العراق نحو صياغة معادلة السلطة
  • مبعوث ترامب: العراق يقف مجدداً أمام لحظة حاسمة
  • جامعة المنوفية الأهلية تشارك بالمعرض الدولي لتسويق مخرجات البحوث (IRC EXPO 2025)