الجزيرة:
2025-06-04@12:38:54 GMT

لماذا تتضاعف أعداد قتلى الحرارة في أوروبا؟

تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT

لماذا تتضاعف أعداد قتلى الحرارة في أوروبا؟

حذرت منظمة الصحة العالمية مؤخرًا من أن 175 ألف شخص يموتون سنويًا في أوروبا بسبب درجات الحرارة، وتوقعت أن يرتفع هذا الرقم في السنوات القادمة مع استمرار ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض.

حدثت كل هذه الخسائر البشرية لأن درجة الحرارة وصلت أو تجاوزت بقليل الـ40 درجة مئوية فقط، وهو مشهد اعتاد الكثيرون على تجاوزه في فصل الصيف في مناطق أخرى من العالم.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أغسطس 2024 كان الأشد حرارة في التاريخ الحديثlist 2 of 2ما أعلى درجة حرارة يمكن للإنسان تحمّلها؟end of list

فما الذي يزيد من احتمالية إصابة أي شخص يعيش في أوروبا بضربة شمس أكثر من شخص آخر يسكن في دولة عربية أو آسيوية مثلًا رغم أن كليهما يعيشان في مستويات متقاربة من درجة الحرارة؟

لماذا تقتل الشمس الأوروبيين؟

مع تعرض أوروبا لموجات حر قياسية تسببت في السنوات الأخيرة في حالات وفيات أكثر من أي مكان آخر حول العالم حتى مقارنةً بالدول العربية التي تسجل أعلى درجات حرارة على وجه الأرض، انتشرت في السنوات الأخيرة جملة مفادها أن "الحر في دول أوروبا يختلف عن الحر في الدول العربية".

التفسير الوحيد الذي يتردد في هذه الحالة بين وسائل التواصل الاجتماعي العربية والأوروبية أن الشمس عمودية على أوروبا أو أنها أقرب إلى الأرض هناك مقارنة بدول أخرى، وبالتالي تتركز حرارتها على مساحة أصغر، ما يجعلها أشد وطأة. على عكس ما إذا كانت زاوية الشمس مائلة، فتتوزع أشعتها على مساحة أكبر، ما يجعل تأثيرها أخف.

لكن بسبب الموقع الجغرافي، لا تصبح الشمس عمودية إطلاقًا في أي وقت في السنة على الدول الأوروبية، وهي إما تتعامد على مدار السرطان أو الجدي، وكلاهما لا يصل إلى أوروبا أصلا، وهذا يجعل التفسير الذي يتردد على الألسنة غير صحيح.

العمال أكثر تأثرا بارتفاع درجات الحرارة
(شترستوك)

بخلاف هذه الرواية المغلوطة، هناك الكثير من الأسباب التي تفسر تأثير موجات الحر الذي يصل حد الموت في أوروبا، يذكر منها الدكتور عبد الله المسند أستاذ المناخ ونائب رئيس جمعية الطقس والمناخ السعودية، في تصريحات لـ"الجزيرة نت"، كثرة الوفيات تحصل بين العمال تحت أشعة الشمس المباشرة طوال النهار والمشردين الذين يسكنون في الشوارع دون رعاية أو حماية أو مأوى يحميهم، والمرضى وكبار السن، خاصة أولئك الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، مضيفًا أن "أوروبا تعاني من شبح الشيخوخة، وتشهد ارتفاع معدل الأعمار، ويسكن بعض كبار السن بمفردهم دون رعاية صحية، وبالتالي تشكل الحرارة الشديدة مشكلة خاصة لهم".

وعلى عكس طبيعة أجسام المواطنين العرب المتأقلمة مع الأجواء الحارة، لا تتكيف أجسام الأوروبيين مع درجات الحرارة العالية، فقد اعتادوا على طقس القارة البارد عامة والمعتدل صيفًا، واعتادت أغلب العواصم الأوروبية على أن تشهد درجات حرارة متوسطة خلال أيام الصيف باستثناء دول جنوب القارة العجوز.

ومع تسارع أزمة تغير المناخ، يعيش الأوروبيون اليوم في واحدة من أسرع القارات ارتفاعًا في درجات الحرارة، وتظهر أحدث متوسطات الـ5 سنوات أن درجات الحرارة في أوروبا ترتفع بمقدار 2.3 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، مقارنة بـ1.3 درجة مئوية أعلى على مستوى العالم، أي بما يقرب من ضعف المتوسط العالمي، ولهذا يواجه كثيرون منهم مخاطر صحية متزايدة ناجمة عن هذا التغير الدراماتيكي.

أحد العوامل الأخرى يتعلق بطول فترة النهار في أوروبا مقارنة بالمنطقة العربية، فلا يكاد النهار ينتهي هناك حتى يعود بعد ساعات قليلة بشمسه الحارقة خلال فصل الصيف، وفي بعض المناطق الواقعة في شمال أوروبا لا تغيب الشمس مطلقا في الصيف، وتعني ساعات النهار الطويلة أن الحرارة العظمى تصل ذروتها في وقت مبكر من اليوم، وتستمر لساعات أطول من نهار الدول العربية، وهذا يزيد من مدة تعرضهم للشمس، واحتمالية إصابتهم بضربات الشمس التي يمكن أن تتسبب في الوفاة.

يتعلق الأمر كذلك بتغيرات مناخية مفاجئة تتعارض مع أسلوب حياة الأوروبيين ونمط معمارهم،  فالكثير من المنازل الأوروبية صُممت وبُنيت الغرف داخلها صغيرة في مساحتها، وغير مجهزة لمواجهة مثل هذه الحرارة المرتفعة، وتخلو من وجود مكيفات أو حتى مراوح تقيهم شدة الحر، خاصة منازل كبار السن والمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، وبالتالي يفاقم الإعياء والاحترار حالاتهم المرضية، هذا بالمقارنة بظروف معيشية وبنية تحتية تخفف من وطأة التطرف المناخي في الدول العربية.

 

الرطوبة تقتل أيضًا

لفهم ما يجعل حرارة الشمس أكثر تأثيرًا على سكان أوروبا بشكل أعمق، لا بد من النظر إلى مصطلح "درجة الحرارة المحسوسة" الذي يتردد كثيرًا خلال فصل الصيف، ويُستخدم لوصف درجة الحرارة الحقيقية التي يشعر بها الإنسان عندما يخرج في الهواء، ويأخذ في الاعتبار عوامل عدة مثل سرعة الرياح ونسبة الرطوبة الجوية ودرجة حرارة الهواء.

وهنا يجب أن نعرف أن درجة الحرارة الفعلية المعلنة في نشرات الطقس، وهي درجة حرارة الهواء التي تُقاس بأدوات مثل الميزان الحراري، وبمعايير مطبقة بمعرفة المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، تختلف عن مؤشر الحرارة الحقيقي  الذي يأخذ بعين الاعتبار عند حسابها درجة حرارة الجو مع درجة الرطوبة، والناتج هو ما يشعر به الإنسان خلال هذه الموجة الحارة.

على سبيل المثال، إذا افترضنا أن شخصًا ما يعمل في العاصمة العراقية بغداد في درجة حرارة 45، لكن جسمه يشعر بدرجة حرارة 42 (درجة الحرارة المحسوسة)، ثم سافر هذا الشخص إلى دولة أوروبية وصلت فيها درجة الحرارة إلى 37 درجة مئوية، فقد يشعر كأنها 45 درجة مئوية، ويعتمد الشعور بالحرارة في هذه الحالة على عدة عوامل أهمها نسبة الرطوبة، وليس فقط على درجة الحرارة المسجلة.

تؤثر درجات الرطوبة على مستويات الحرارة (غيتي إيميجز)

ويفسر الدكتور عبدالله المسند ارتفاع نسبة الرطوبة في أوروبا طوال أيام السنة بانتشار الغابات والأنهار والبحيرات التي تغطي مساحات شاسعة من اليابسة، فضلًا عن اقتراب القارة الأوروبية من السواحل، وبعضها دول جزرية كبريطانيا، وتطل دول أخرى على العديد من البحار من كل جهة.

في مثل هذه المناطق الساحلية، يضعف أو يتوقف تبريد الجسم ذاتيًا عبر عملية التعرق، حيث يقل إفراز عرق الجسم، ويتبخر من الجلد بمعدل أبطأ بكثير في الأيام التي ترتفع فيها الرطوبة، وكلما زادت نسبة الرطوبة في الجو بالتزامن مع ارتفاع درجة الحرارة زاد الإحساس بالحر، وارتفعت درجة حرارة الجسم لدرجة قد تؤدي إلى الوفاة.

بمقارنة ذلك بالأجواء الطبيعية والجافة كما هو الحال في المناطق الحارة الداخلية في الجزيرة العربية، نجد أن آلية التعرق تعمل بكفاءة وفاعلية في أيام الصيف الحارة على تنظيم درجة حرارة الجسم عبر التبريد الذاتي على الرغم من ارتفاع درجة الحرارة.

عوامل أخرى

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يعد الإجهاد الحراري السبب الرئيسي للوفيات المرتبطة بالحرارة في أوروبا، حيث تؤدي درجات الحرارة القصوى التي تشهدها في السنوات الأخيرة إلى تفاقم الحالات المزمنة، بما فيها أمراض القلب والجهاز التنفسي والأوعية الدموية والدماغية، وكذلك أمراض الصحة العقلية والحالات المرتبطة بمرض السكري.

عند التعرض لدرجة حرارة عالية، يبدأ الجسم في الدخول في حالة خطر، وفي حالة عدم تدارك الوضع، تبدأ البروتينات في التفكك والتحلل وفقدان بنيتها الأصلية، وتؤثر على عمل الخلايا، وهذا يجعل الأعضاء تفشل في أداء وظائفها الطبيعية والبيولوجية المقصودة تحت تأثير الحمى والحرارة العالية، وقد ينتهي بالموت.

هنا يأتي دور العامل الأول، وهو المناعة الجينية، التي تحد من الإصابة بضربات الشمس من خلال بروتينات الصدمات الحرارية أو ما يُطلق عليها "بروتينات النجدة" التي تحمي الشخص عند الإصابة بأعراض ضربة الشمس، من خلال تعويض البروتينات التي تضررت، وإعادة تكوين بروتينات غيرها عند ارتفاع درجة الحرارة، بحيث تعود الخلايا إلى وظائفها الطبيعية.

أما العامل الثاني فهو صبغة الميلانين التي تحدد لون البشرة، والتي يفرزها الجسم لوضع حاجز يحمي الخلايا من الضرر، وهي العملية ذاتها التي تحدث عند "التسمير" والتي يقوم خلالها الجسم بالدفاع عن نفسه بإنتاج صبغة الميلانين التي تعطي الجلد لونًا أغمق، لذلك يكون للأشخاص الذين يتعرضون لأشعة الشمس أو غيرها بشرة أغمق.

وكلما كان لون البشرة أغمق، زادت مقاومة الجسم للأشعة فوق البنفسجية، التي تسبب حروقًا ومشاكل كثيرة في البشرة، ولأن غالبية الأوروبيين يمتلكون بشرة فاتحة، يكون تأثير هذه الأشعة أقوى.

وتخلص إحدى الدراسات إلى أن إفراز بروتين الصدمة الحرارية يرتبط بإفراز الميلانين، وهذا ما نقصده عند الحديث عن المناعة الجينية، لأنه يُفرز غالبًا عندنا بشكل أسرع وأكثر كفاءة.

وعند مقارنة مستويات بروتين الصدمة الحرارية في الخلايا الصبغية الأفريقية والخلايا الصبغية البيضاء، وجد الباحثون أنه مرتفع عند أصحاب البشرة السمراء مقارنة بالبيض، ويمثل كوننا أكثر سُمرة من الأوروبيين وأكثر اعتيادًا على حرارة الشمس أحد الأسباب التي تجعلنا أكثر مقاومة للحرارة، وأقل خسائر بشرية في مواجهة موجات الحر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات طقس وحرارة الدول العربیة درجات الحرارة درجة الحرارة ارتفاع درجة فی السنوات الحرارة فی درجة مئویة درجة حرارة فی أوروبا حرارة فی

إقرأ أيضاً:

الأحساء 46 مئوية.. قائمة أعلى درجات حرارة في المملكة

سجلت الأحساء أعلى درجات حرارة في المملكة اليوم الثلاثاء.
وحسب بيان المركز الوطني للأرصاد في تقريره عن حالة الطقس، فقد جاءت قائمة أعلى درجات الحرارة كالآتي:
أخبار متعلقة حتى 11 مساء.. أتربة مثارة على أجزاء من منطقة الرياضماكدونالدز السعودية تختتم حملتها الخيرية لدعم 164 طفلا من ذوي متلازمة داون بالشراكة مع 3 جمعيات خيرية بفخر واعتزاز- الأحساء 46 درجة مئوية.
- الدمام 43 درجة مئوية.
- شرورة 43 درجة مئوية.
- وادي الدواسر 43 درجة مئوية.
- المدينة المنورة 41 درجة مئوية.
- الرياض 40 درجة مئوية.
- نجران 40 درجة مئوية.طقس المنطقة الشرقيةيتوقع المركز الوطني للأرصاد في تقريره عن حالة الطقس أتربة مثارة على أجزاء من المنطقة الشرقية مساء اليوم الثلاثاء.
وتستمر الأتربة حتى الساعة 11 مساء على الجبيل والخبر والدمام والظهران والقطيف ورأس تنورة وحفر الباطن والخفجي والنعيرية وقرية العليا وذعبلوتن.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } قائمة أعلى درجات حرارة في المملكة - مشاع إبداعي
بينما تستمر حتى الساعة 4 من صباح الأربعاء على الأحساء والعديد وبقيق.
وتتمثل التأثيرات المصاحبة في رياح نشطة، وشبه انعدام في مدى الرؤية الأفقية (1- 3) كيلومترات.طقس الرياضنبه المركز الوطني للأرصاد في تقريره عن حالة الطقس من أتربة مثارة على أجزاء من منطقة الرياض مساء اليوم الثلاثاء.
وتستمر الأتربة حتى الساعة 11 مساء على الحريق والخرج والدلم والمزاحمية وحوطة بني تميم والأفلاج والسليل.
وتتمثل التأثيرات المصاحبة في رياح نشطة، وشبه انعدام في مدى الرؤية الأفقية (1- 3) كيلومترات.

أعلى درجات الحرارة المسجلة على #المملكة اليوم #الثلاثاء 2025/6/3م#نحيطكم_بأجوائكم pic.twitter.com/8qrB7eEQrX— المركز الوطني للأرصاد (NCM) (@NCMKSA) June 3, 2025انخفاض الحالة الغباريةسجلت المملكة العربية السعودية انخفاضًا في حالات الغبار خلال شهر مايو الماضي.
وحسب بيان المركز الوطني للأرصاد، فقد سجل شهر مايو انخفاضًا في عدد الحالات الغبارية والرملية والأتربة المثارة مقارنة بالفترة التاريخية.
وشهدت منطقتا الحدود الشمالية والجوف أعلى نسبة انخفاض، بلغت 75% و62% على التوالي.

مقالات مشابهة

  • تعرف على درجات الحرارة المتوقعة اليوم.. فيديو
  • عواصف رملية وترابية اليوم وارتفاع حرارة الجو خلال فترة العيد.. فيديو
  • الأحساء 46 مئوية.. قائمة أعلى درجات حرارة في المملكة
  • وليد البديوي: التعرض للشمس 10 دقائق فقط قد يكون كافيًا للإصابة.. فيديو
  • علماء يحددون نطاقين بالمحيطات بمعدلات حرارة قياسية
  • صيف 2025.. حرارة أعلى من المعتاد ومخاوف من تصاعد الظواهر المتطرفة| ماذا سيحدث ؟
  • بريطانيا تشهد الربيع الأكثر حرا على الإطلاق
  • مناقشة برلمانية حول خطط البيئة لمواجهة التغيرات المناخية
  • انخفاض درجات الحرارة غداً
  • الحجاج يتوافدون إلى مكة وسط درجات حرارة مرتفعة