في دراسة رائدة لظاهرة طبيعية تعاملت معها البشرية لآلاف السنين ولاتزال تهدد حياة الملايين، تمكن باحثون بجامعة إنديانا بلومنجتون في الولايات المتحدة من الوصول لطريقة يمكن عبرها التنبؤ بشكل كبير بموعد ومكان تغيير الأنهار لمسارها.

ونجح فريق البحث لأول مرة في تحديد العوامل وراء ظاهرة تحول مجرى الأنهار أو انقطاع مياها عن المجرى، وفقًا لموقع ديلي ساينس، حيث وضع الفريق خريطة باستخدام تكنولوجيا الأقمار الصناعية توضح كيفية زيادة احتمالات حدوث انتكاسات بسبب العوامل الطبيعية.



وتحدث تحولات مجرى الأنهار عندما ترتفع مياه النهر فوق التضاريس الطبيعية المحيطة به، وغالبًا ما يكون ذلك بسبب تراكم الرواسب في قاع النهر، وفقًا لموقع جامعة إنديانا بلومنجتون. وعندما يحدث ذلك، قد يفيض النهر فوق ضفتيه ويحفر مسارًا جديدًا. وقد يؤدي هذا إلى فيضانات شديدة حيث يندفع النهر بأكمله عبر مناطق غير مصممة عادةً للتعامل مع مثل هذا الحجم من المياه.

وتقدم الدراسة، والمنشورة في موقع Nature العلمي، إطارًا للتنبؤ بموعد حدوث تلك التحولات أو الانقطاعات المائية. ويقول أستاذ العلوم الجيولوجية بجامعة إنديانا بلومنجتون والمشارك في الدراسة، دوجلاس إدموندز: ”إن التحولات المائية، التي ربما كانت مصدر إلهام لأساطير الفيضانات القديمة، خلقت أكبر فيضانات في تاريخ البشرية ولا تزال تهدد ملايين البشر اليوم. ومع تغير المناخ الذي يغير دورات المياه حول العالم وانتشار البشر في المناطق المعرضة للفيضانات، فإن فهم التحولات المائية والتنبؤ بها لم يكن أكثر أهمية من أي وقت مضى".

ويوضح الباحث بقسم علوم الأرض والغلاف الجوي التابع لكلية الآداب والعلوم بجامعة إنديانا بلومنجتون، جيمس جيرون، أن قياس التضاريس حول النهر أمر صعب ويستغرق وقتًا طويلاً بسبب الغطاء النباتي الكثيف حولها. ويقول جيرون: ”لقد استفدنا من قمر صناعي جديد يستخدم الليزر لقياس تلك التضاريس. تخترق هذه التكنولوجيا، التي تسمى الليدار Lidar، الغطاء النباتي للعثور على المناطق المرتفعة العارية من الأرض بما يسمح بإجراء قياسات طبوغرافية دقيقة".

وقام الباحثون بتحليل البيانات من 174 تحولًا لمياه الأنهار حول العالم باستخدام صور الأقمار الصناعية لتتبع حركة الأنهار على مدى العقود العديدة الماضية. وطور الباحثون نموذجًا لوضع خريطة لما أطلقوا عليه ”ممرات التحولات المائية"، أي المسارات الجديدة التي قد تسلكها الأنهار إذا انحرفت عن مسارها الحالي.

ويمكن أن تساعد هذه الأداة الحكومات حول العالم في تحديد المناطق المعرضة لخطر الفيضانات المفاجئة، وخاصة في المناطق ذات الموارد المحدودة لإدارة الفيضانات، للاستعداد للكوارث المرتبطة بتحول النهر والحد من أأضرارها المادية والاقتصادية وإنقاذ ملايين الأرواح.

المصدر: أخبارنا

إقرأ أيضاً:

الأرض تذوب.. و البشريّة تدفع الثمن!

حذرت دراسة علمية حديثة نشرتها صحيفة الغارديان من كارثة بيئية ضخمة تلوح في الأفق، حيث تشير التوقعات إلى أن نحو 40% من الأنهار الجليدية في العالم محكوم عليها بالذوبان بسبب انبعاثات الوقود الأحفوري واحتدام الاحتباس الحراري. وإذا استمر ارتفاع حرارة الأرض بالوتيرة الحالية لتصل إلى 2.7 درجة مئوية، فإن النسبة ستقفز إلى 75%، ما يعني اختفاء معظم هذه العمالقة الجليدية التي صمدت لآلاف السنين.

وبحسب الصحيفة، هذا الذوبان الجليدي لن يقتصر على رفع منسوب مياه البحار فحسب، بل سيمزق حياة مليارات البشر الذين يعتمدون على مياه الأنهار الجليدية في الزراعة والشرب، مهدداً أمنهم الغذائي والمائي، ومولداً موجات هجرة جماعية قد تعصف بالعالم.

ورغم هذا المشهد الكارثي، تؤكد الدراسة أن هناك بارقة أمل: يمكن إنقاذ نصف الجليد المتبقي إذا تمكنا من الحد من ارتفاع حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية، كما هو متفق عليه في اتفاقية باريس. كل جزء من الدرجة المئوية يتم التوفير فيه يعني إنقاذ تريليونات الأطنان من الجليد الثمين.

ووفق الصحيفة، اعتمد الباحثون على نماذج متطورة شملت 200 ألف نهر جليدي حول العالم، باستثناء غرينلاند وأنتاركتيكا، ووجدوا أن الأنهار الجليدية في غرب الولايات المتحدة وكندا هي الأكثر عرضة للذوبان، في حين تبقى بعض الأنهار في جبال هندوكوش وكراكورام أكثر مقاومة لكنها لن تفلت من التقلص مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة.

وبحسب الدراسة، المأساة الأكبر أن هذا الذوبان سيستمر لآلاف السنين حتى لو توقف الاحتباس الحراري فجأة، ما يجعل الأنهار الجليدية بمثابة مؤشر كارثي يعكس عمق الأزمة المناخية التي تواجهها البشرية اليوم.

وقال الدكتور هاري زيكولاري، قائد الفريق البحثي: “كل جزء من الدرجة المئوية التي نتمكن من تجنبها سينقذ مليارات الأطنان من الجليد”، محذراً من أن قرارات اليوم ستحدد مصير كوكبنا لأجيال قادمة.

وتزامناً مع قرب انعقاد مؤتمر دولي رفيع المستوى لحماية الأنهار الجليدية، يطلق العلماء نداء استغاثة عالمي يطالب باتخاذ إجراءات عاجلة وفورية، مؤكّدين أن الاختيار أصبح بين مسار كارثي يؤدي إلى اختفاء معظم الأنهار الجليدية، أو تحرك جريء لإنقاذ هذا الإرث الطبيعي الثمين.

يذكر أن التغير المناخي هو التحول الطويل الأمد في أنماط الطقس ودرجات الحرارة على سطح الأرض، ويرجع بشكل رئيسي إلى النشاط البشري، خاصةً انبعاثات غازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري وإزالة الغابات. هذه الغازات تحبس الحرارة في الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري.

وتأثيرات التغير المناخي تشمل ارتفاع درجات الحرارة العالمية، ذوبان الأنهار والجبال الجليدية، ارتفاع مستوى سطح البحار، وزيادة تواتر وشدة الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات، الجفاف، والعواصف، كما يؤثر التغير المناخي سلبًا على النظم البيئية، الأمن الغذائي، مصادر المياه، والصحة العامة حول العالم.

وتسعى الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية باريس إلى الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى أقل من 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، بهدف تفادي أسوأ تأثيرات التغير المناخي، لكن التحديات تبقى كبيرة بسبب الاستمرار في انبعاثات الغازات الدفيئة.

مقالات مشابهة

  • طوفان الأقصى: 10 تحولات جيوسياسية تعيد رسم خرائط القوى العالمية
  • موسم التحولات.. فليك يخطط لقرار صادم في برشلونة
  • الكربون الأسود يسرّع ذوبان ثلوج جبال الهيمالايا
  • حماس: الاحتلال رفض ورقة تفاهم صيغت مع الوسيط الأمريكي وتحمل ثغرات كارثية
  • إعصار يضرب الإسكندرية فجرًا..  وخبير مناخي يحذر من تكرار الظاهرة بسبب تغيّر المناخ
  • الذكاء الاصطناعي يعزز دقة التنبؤ بهياكل الأجسام المضادة
  • وزير الحكم المحلي الفلسطيني: بلديات غزة تعمل في ظروف كارثية وسط استمرار الحرب
  • الأرض تذوب.. و البشريّة تدفع الثمن!
  • اليمن.. من أم الرشراش إلى حيفا.. قراءة في تحولات المشهد ودلالاته
  • طوفان الأقصى.. تحولات في الداخل الأمريكي