سلاح للردع.. لِمَ تعد الصواريخ الباليستية مهمة في الترسانات العسكرية؟
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
تعد الصواريخ الباليستية حاليا واحدة من أهم أدوات الحرب، تفضلها الجيوش حول العالم لعدة أسباب، إذ تمتلك مزيجا فريدا من المميزات إلى جانب القوة التدميرية، كما أنه ليس من الصعب تصنيعها وبتكلفة متوسطة نسبيا.
وتعرف الصواريخ الباليستية بأنها تلك الصواريخ التي تتخذ مسارًا باليستيا لإيصال رأس أو رؤوس حربية إلى هدف محدد مسبقًا، وهو مسار منحنٍ يشبه قوسا ضخما محددا مسبقا من لحظة انطلاق الصاروخ.
يبدأ الأمر بتشغيل الصاروخ بواسطة محرك يدفعه إلى الغلاف الجوي العلوي أو حتى إلى الفضاء، ثم ينحرف الصاروخ في مسار مكافئ خارج الغلاف الجوي، ومن ثم يعود الصاروخ إلى الغلاف الجوي للأرض ويهبط نحو الهدف، مسترشدًا بالجاذبية.
يتسبب هذا الارتفاع الكبير في حصول الصواريخ الباليستية على سرعة كبيرة، وهناك سبب علمي لذلك، حيث يسافر الصاروخ إلى أعلى ويكتسب ارتفاعًا، محولًا الطاقة الكيميائية من وقود الصاروخ إلى طاقة حركية تدفعه إلى أعلى، وكلما ارتفع حصل على طاقة وضع (تلك التي يكتسبها الجسم بتأثير الجاذبية عليه).
ولأن الصاروخ يصل إلى الفضاء الخارجي، يكون لديه أقصى طاقة وضع بالنسبة للأرض، وأثناء دخوله للغلاف الجوي مرة أخرى تعمل الجاذبية على تسريع وصول الصاروخ إلى هدفه، وتحويل هذه الطاقة المخزنة إلى طاقة حركية، مما يزيد من سرعته أثناء هبوطه.
ولذا، فإن الصواريخ الباليستية تعد من الأسرع في العالم من ناحية عسكرية، إذ تسافر بسرعات عالية بشكل لا يصدق، وتصل إلى 20 ماخ، أي قرابة 25 ألف كيلومتر في الساعة. تعد هذه السرعات العالية نقطة مهمة جدا في السياقات العسكرية، حيث يكون الوصول لهدف بعيد في دقائق معدودة مهما جدا.
وإلى جانب ذلك، يمكن تصنيع الصواريخ الباليستية في مدى متنوع جدا، فتبدأ من مدى قصير ينخفض عن ألف كيلومتر مثل صاروخ "سكود"، لكنها ترتفع لتكون عابرة للقارات بحيث يبلغ مداها أكثر من 5500 كلم وقادرة على ضرب قارات بعيدة، ومن الأمثلة على ذلك صاروخ "مينوتمان 3" الأميركي وصاروخ "آر إس-24 يارس" الروسي.
وعلى سبيل المثال، لنتأمل الصواريخ الباليستية من فئة "آجني" الهندية، والتي بدأت من صواريخ آجني-1 بمدى يتراوح بين 700 و1000 كيلومتر، ثم تطورت لتصل الآن إلى صاروخ آجني-6 العابر للقارات، والذي تعمل الهند على تطويره ليصل إلى 11-12 ألف كيلومتر.
وما بين الفئتين، تمتلك الهند الصواريخ من آجني-2 إلى آجني-5 التي تتنوع في المدى بين ألفي كيلومتر وتصل إلى 8 آلاف كيلومتر، ولهذا التنوع أهمية إستراتيجية شديدة لكل دولة أو جهة تمتلك صواريخ باليستية، حيث تتمكن بالتبعية من تحديد مستوى الردع الذي تريده.
ويرجع المدى المتنوع للصواريخ الباليستية إلى نوع وكمية الوقود المستخدم في محركاتها، والذي يؤثر بشكل كبير على مدى الصاروخ، حيث يمكن للوقود الأقوى والكميات الأكبر أن توفر قوة دفع أكبر، مما يسمح للصاروخ بالسفر لمسافة أبعد، خاصة مع ضبط الزاوية التي يتم إطلاق الصاروخ بها والتي تحدد مسار طيرانه، و يمكن لزاوية الإطلاق المثالية أن تزيد من المدى إلى أقصى حد، من خلال موازنة تأثيرات الجاذبية والاحتكاك.
سلاح للردعويمكن للصواريخ الباليستية أن تحمل أنواعًا مختلفة من الرؤوس الحربية: التقليدية، والكيميائية أو البيولوجية، والنووية.
كما أن بعض الصواريخ الباليستية مجهزة بتقنية المركبات المتعددة الأهداف المستقلة، أي إن الصاروخ الباليستي لا يحمل رأسا حربيا واحدا فقط، بل عدة رؤوس حربية لضرب أهداف مختلفة، تنطلق قبل وصول رأس الصاروخ إلى المنطقة الجغرافية محل الاستهداف.
ويفيد ما سبق في سياق مهم، وهو استخدام الصواريخ الباليستية بوصفه سلاحا ردعا، حيث تعمل القوة التدميرية الهائلة وسرعة الصواريخ الباليستية كرادع قوي ضد الخصوم، مما يجعلها حجر الزاوية في إستراتيجيات الدفاع الحديثة.
ولذا ستجد أن دولا مثل روسيا والولايات المتحدة تستخدم الصواريخ الباليستية في الثالوث النووي الخاص بها، ويعرف بأنه إطلاق الصواريخ الباليستية من ثلاث منصات إطلاق، من البر (صوامع أو منصات متحركة) ومن الغواصات، ومن الطائرات القاذفة، مما يعني إمكانية وصول الصاروخ إلى هدفه من أي مكان.
مشكلات المناورةمقارنة ببعض أنظمة الهجوم البعيدة المدى الأخرى، يمكن أن تكون الصواريخ الباليستية أكثر فعالية من حيث التكلفة، وخاصة بالنسبة للدول التي تعطي الأولوية لقدرات الردع.
لكن تظل المشكلة الأساسية التي تواجه الصواريخ الباليستية هي ضعف إمكانات المناورة، مما يسهل على أنظمة الدفاع الجوي نسبيًا رصدها وتتبعها، خاصة وأنها تتخذ مسارا ثابتا ومحددا مسبقا خلال رحلتها.
لكن على الرغم من ذلك، فإن سرعة الصواريخ وكثافة الضربة نفسها (عدد الصواريخ في الضربة الواحدة) تكونان عاملين مهمين في هذا السياق، ويمكن لعدد من الصواريخ أن يتجاوز قدرة منظومات الدفاع الجوي.
كما أن العديد من دول العالم (مثل الصين وروسيا وإيران) طورت حاليا فئات من هذه الصواريخ يمكنها المناورة مع سرعات حالية، وهي الصواريخ الفرط صوتية.
تعرف الصواريخ الفرط صوتية بأنها تلك التي تتمكن من تجاوز خمسة أضعاف سرعة الصوت (ماخ 5 أو 6125 كيلومترا في الساعة)، إلى جانب أنها تتمكن من المناورة على طول مسارها وبهذه السرعة.
تجمع هذه الصواريخ بين السرعة القصوى والقدرة على المناورة وقدرات الارتفاع، مما يجعل من الصعب للغاية اكتشافها وتتبعها واعتراضها بواسطة أنظمة الدفاع الصاروخي الحالية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الصواریخ البالیستیة الصاروخ إلى
إقرأ أيضاً:
مصدر عسكري إسرائيلي: نخشى آلاف الصواريخ وإسقاط مقاتلاتنا إذا هاجمنا إيران.. الجيش الأمريكي في خطر
#سواليف
حذر #مصدر #عسكري #إسرائيلي من #مخاطر جسيمة قد تترتب عن أي #هجوم مباشر ضد #إيران، في مقدمتها إغراق إسرائيل بآلاف #الصواريخ_الباليستية وإسقاط المقاتلات التي ستحلق في عمق الأجواء الإيرانية.
ونقل موقع “واللاه” العبري عن المصدر قوله إن أي هجوم من هذا النوع يتطلب استعدادات دفاعية مكثفة وتنسيقا عسكريا وثيقا مع الولايات المتحدة.
وقال إن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تدرك تماما “التكلفة الاستراتيجية العالية” لأي تحرك انفرادي ضد المنشآت النووية الإيرانية، مشيرا إلى أن الجيش الإسرائيلي أجرى مؤخرا تدريبات تحاكي هجمات من عدة جبهات متزامنة، بما في ذلك الجبهة الشرقية، في إشارة إلى احتمال رد إيراني مباشر.
مقالات ذات صلةوأضاف أن رئيس الأركان الجديد، اللواء إيال زامير، يواصل تعزيز التعاون مع الجيش الأميركي، لا سيما القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM)، حيث تنشط بطاريات “ثاد” الدفاعية الأميركية على الأراضي الإسرائيلية لحماية العمق الاستراتيجي من أي تهديدات جوية.
وأشار المصدر إلى أن طائرات نقل عسكرية أميركية حطت مؤخرا في مطار بن غوريون محملة بمعدات وجنود، ضمن مؤشرات على رفع الجاهزية المشتركة. لكنه شدد على أن “أي هجوم على إيران من دون تنسيق مسبق مع واشنطن يعد مخاطرة كبيرة”، ليس فقط من الناحية العسكرية، بل أيضا السياسية.
وتؤكد أوساط في وزارة الدفاع الإسرائيلية أن الموقف الأميركي، خاصة في ظل المفاوضات الجارية مع طهران، يفرض قيودا على أي تحرك إسرائيلي مفاجئ، خوفا من أن ينظر إليه كجهد متعمد لإفشال مسار التفاوض. كما أن وجود قوات أميركية على الأراضي الإسرائيلية يزيد من تعقيدات أي هجوم محتمل، نظرا للمخاطر المباشرة التي قد تتعرض لها تلك القوات.
وقال مصدر أمني إن “التنسيق مع الولايات المتحدة ليس مجرد خيار مفضل، بل ضرورة عملياتية وسياسية”، مؤكدا أن “المستوى السياسي في إسرائيل يشارك هيئة الأركان هذا التقدير، ويمنع اتخاذ أي قرار بالهجوم دون تنسيق مع الجيش والحكومة الأميركيين”.
وختم المصدر بالقول: “من الأفضل دائما التعاون الكامل في حال تنفيذ الهجوم، ولكن في الحد الأدنى يجب تحقيق تنسيق محكم يراعي التحديات الميدانية والسياسية التي قد تنشأ عن أي خطوة خاطئة”.
ورغم استمرار المفاوضات بين واشنطن وطهران، يرفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب حاليا الخيار العسكري مع إيران، ما يثير قلق إسرائيل من اتفاق قد لا يخدم مصالحها.
وحذر ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل مباشر من شن هجوم مفاجئ على إيران خلال المحادثات، في ظل مخاوف من تقويض المسار الدبلوماسي.
وقال الرئيس الأمريكي أنه أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي “أننا قريبون من التوصل إلى حل”.
مصادر أمنية إسرائيلية متشددة وافقت على أن تنفيذ عملية دون تنسيق قد يعرض القوات الأميركية في إسرائيل للخطر ويضر بالثقة بين الجيشين.