الماركسية و فتح باب نقد الدين و الدولة
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
في البدء لابد من تقديم الشكر " لمنبر أفاق جديدة للحوار الفكري" ببريطانيا، و الذي تخصص في تناول القضايا الفكرية، باعتبار أن الفكرة هو أداة التغيير في المجتمعات، و أيضا هو الذي ينهض بالوعي السياسي. و الدكتور صديق الزيلعي هو مؤسس المنبر و المشرف على نشاطه و فاعلياته، و هو إسهام ينطلق من قاعدة ماركسية تبحث عن الحوار مع التيارات الفكرية الأخرى، باعتبار أن نشاط المنبر ليس قاصرا على إجنحة اليسار بالتصور العام، و مفتوح لحوار مع الأخر.
قدم الزيلعي المحاضر بأنه درس في جامعة الخرطوم "اقتصاد" و نال درجة الماجستير في الأحصاء و أهتم بقضايا البرمجيات.. و قال كانت للمحاضر اهتمامات مبكرة عن قضايا الإسلام السياسي، و قضايا الإصلاح الديني. و أكد الزيلعي هذه القضايا مهمة للقوى الديمقراطية و اليسار و قوى التغيير و الحداثة.. و أشار إلي أن المحاضر كان قد أصدر أربعة كتب تناول فيها هذه عدد من القضايا، منها " فتح العقل المسلم" الدين و الدولة و فك الاشتباك" و يتضح من عناوين الكتب، أن المحاضر يتناول القضايا، و هو محكوم بمنطلق السياسة و ليس الفقه.. و تناول القضايا الدين من زاوية سياسية تكون رؤيته متأثرة بمرجعيته الفكرية التي ينطلق منها الكاتب..
قال المحاضر في بداية الندوة أن المحاضرة لا تهدف إلي لمناقشة التعريفات لمصطلح العلمانية أو الدولة الدينية أو المفاصلة بينهما، و أيضا لن تتعرض للسياقات التاريخية التي نشأت فيها تلك المصطلحات ومدى قربها و بعدها من واقعنا في السودان.. قال المحاضر أنه شخصيا يتبنى فصل الدين عن الدولة، و أن تكون مرجعية التشريع للشعب يمارسها وفق ما يراه مناسبا.. أن تبني الإسلامويون قضية " أن الإسلام دين و دولة" و قد أحدثت أزمات عديدة بدأت منذ عام 1965م، و إشارة المحاضر هنا "لحادثة معهد المعلمين العالي، التي ترتبت عليها طرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان، و أخيرا حل الحزب الشيوعي"و التوضيح هنا من كاتب المقال" بالتالي يكون المحاضر قد حدد اتجاه المحاضرة و الفلسفة التي ينطلق منها لنقده للقضية..
انتقد المحاضر جمال عبد الرحيم مبدأ الحاكمية وفقا للنصوص القرآنية " و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" و قال هي مرتبطة أيضا بقضايا الحكم و التشريع و فقه المعاملات، و تصبح مرجعية الدولة و مستوياتها المختلفة قائمة على القرآن و السنة. و تكون المؤسسة الدينية حاضرة في حياة الناس.. الملاحظ أن المحاضر قد وضع العديد من العنواين، و يحاول نقدها بالفلسفة السياسية دون الدخول في القضايا الفقه، و بالتالي تصبح محكومة برؤيته الفكرية السياسية. كان الاعتقاد أن المحاضر سوف يقدم نقده لفلسفة الحكم في الإسلام من خلال نقده للقضايا الفقهية المتعلقة بالقضية.. و لكنه نقدها من خلال رؤيته السياسية، لذلك بنى النقد من خلال القوانين و السياسة الاقتصادية التي تبتها الإنقاذ في سنين حكمها..
أن قضايا الحكم في الإسلام، و في كتب أصول الحكم لا تعتمد على رؤية واحدها، و لكنها اجتهادات فقهية متعددة. مثالا لذلك أن قضة الحكم عند خالد محمد خالد تختلف عن سيد قطب و عن المودودي، و أيضا اجتهادات مالك بن نبي و تقي الدين النبهاني و الترابي و حسن حنفي و الغنوشي، و من الشيعة هناك اجتهادات الإمام الخميني و شريعتي و محمد باقر الصدر رغم أن الصدر اعتمد في كتابه " فلسفتنا" على دحض الفكر المادي، و هناك أجتهادات العلامة محمد على فضل الله خاصة في قضية الديمقراطية. و هي أجتهادات مؤسسة على فقه الحكم في الإسلام. و نشرها في مجلتي " المنطلق و الحوار" كان الاعتقاد أن المحاضر يقوم بنقد هذه الاجتهادات لأنها تشكل الرؤية العامة للقضية الحكم في الإسلام. لكن المحاضر اعتمد على النقد السياسي..
أن المحاضرة و التواصل في موضوعها سوف يتفتح بابا للحوار بين التيارات الفكرية في السودان، و الحوار هو أهم الأدوات التي تنقل السياسة من تعقيداتها التي تأسست على الإقصاء، و وضع الشروط في مواجهة الآخرين.. كان هناك سؤلا للزملاء لماذا تجاوزوا اتفاقية نيروبي 1963م التي وقعتها أغلبية القوى السياسية " اتفاقية الدين و الدولة" ؟ و هي الاتفاقية التي حاولت أن تخرج القوى السياسية من جدل " الدولة العلمانية – و الدولة الإسلامية" حيث تبنت الاتفاقية " الدولة المدنية الديمقراطية" كمخرج و كتب عنها محمد إبراهيم نقد " الدولة المدنية الديمقراطية" كان الاعتقاد أن الزملاء يفتحوا حوارا حولها، لكن للأسف أن الزملاء رجعوا مرة أخرى لإثارة العلمانية و الإسلامية مما يؤكد أن هناك عدم وضوح في الرؤى الفكرية داخل المنومة الحزبية.. في الختام أثمن مجهودات " منبر أفاق جديدة للحوار الفكري" و أتمنى تكمل الرؤية بمحاضرة أخرى يتحدث فيها أحد المهتمين بقضايا الفكر من الإسلاميين.. فالحوار الفكري بين التيارات وحده القادر على إزالة الرواثب التاريخية بين القوى السياسية و يخلق واقعا جديدا.. مع خالص التقدير للزيلعي و حنفي.. نسأل الله حسن البصيرة..
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحکم فی الإسلام الدین و الدولة
إقرأ أيضاً:
محمد معيط: الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة
أكد الدكتور محمد معيط، المدير التنفيذي وممثل المجموعة العربية بصندوق النقد الدولي، إن من أكثر التحديات التي تواجه مصر الحفاظ على معدلات تنمية عالية من أجل خلق فرص العمل، فمصر لديها معدلات خصوبة عالية، وشباب أعماره صغيرة، وهناك 900 إلى مليون شاب يدخلون سوق العمل سنويا ويبحثون عن فرص عمل جديدة.
وأضاف «معيط»، خلال حواره مع الإعلامي شادي شاش، ببرنامج «ستوديو إكسترا نيوز»، المُذاع عبر شاشة «إكسترا نيوز»: "وبالتالي، يجب أن نصل إلى اقتصاد يخلق مليون فرصة عمل جديدة سنويا، ولكن لا يمكن أن تعينهم الحكومة، فالحكومة تخلق عدد فرص محدودة، وبالتالي، فإن القطاع الخاص هو الذي يمكنه خلق مليون فرصة عمل".
وتابع: "ومن ثم، فإنه يتم العمل على زيادة نشاط القطاع الخاص من أجل زيادة النمو تتبعه زيادة في فرص العمل، ثانيا، استثمارات الحكومة تمولها من خلال موازنة الدولة أو تمويل بتكلفة عن طريق الاقتراض، ولكن إدخال القطاع الخاص للقيام بجزء من الاستثمارات الخاصة أو العامة، فإن هذه التكلفة أو العبء لا تتحملها الموازنة العامة للدولة، ما يمنح الدولة فرصة استدامة أكبر في النمو ويخفف العباء على الموازنة العامة للدولة ويحقق هدفا أساسيا بخلق فرص عمل أكثر".