منصور البكالي
دماء الشهداء القادة وقود حيوي لا مثيل له في قلوب ونفوس الأحرار، والشعوب، تجذر روح المقاومة وتروي شجرتها وتقوي وتمتن أغصانها، وتثبت جذورها الضاربة في العمق، أمام الرياح والعواصف، وتطهر الأرض التي تقف شامخة عليها من الدنس والنجاسات والفيروسات الضارة.
وقبل أن تكون قرباناً إلى الله، واصطفاء وفوزاً بفضل الله، هي نقطة تحول تعيد ترتيب الأولويات، والخطط الاستراتيجية، وتعلي من أسقف الأهداف، وتذيب المسافات والوقت لتحقيقها، وتحيي روحية العطاء والعمل والمسؤولية والتضحية بتفان لا مثيل له، ينتج عنها تغيير معادلات وانقلاب موازين، واختلاف لنتائج، وتحقيق معجزات وتجليات، تعكس مستوى الرعاية والمعية الإلهية.
ولنا في دماء الشهداء القادة منذ صدر الإسلام إلى اليوم دروس وعبر ثرية، تعلي الروح المعنوية، وتعزز الصمود والثبات، والثقة بالله، وتصقل التجارب والخبرات، وتضاعف الجهود، وتكثف وتطور وتحدث القدرات والمهارات، وتسد ثغرات الضعف، وتصلح مكامن الخلل، التي نفذ منها الأعداء فيما سبق.
وهنا نؤكد أن دماء الشهيد القائد الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله عليه السلام، لا تختلف عن دماء حمزة بن عبد المطلب، ولا عن دماء جديه علي بن أبي طالب، والحسين بن علي “عليهم السلام”، في تلك المراحل، وعن دماء الشهداء القادة في محور المقاومة خلال العقود القريبة، بل مثلت نقاط تحول أحدثت تغييرات استراتيجية، وقلبت الموازين ، وغيرت معادلات الاشتباك، على الواقع حين نهضت النفوس بمسؤولياتها الجمعية والفردية، وحرصت كل الحرص على عدم التفريط والتقصير في هذا المجال أو ذاك، تمنح العدو فرصة يحدث من خلالها خرقاً لمسار عجلة التحول التي تمضي بخطوات وثابة تشق طريقها نحو الأهداف المنشودة، وتتغلب على عدوها، وتقلل بعدها الأثمان والتضحيات.
الدماء الزكية للشهيد القائد السيد حسن نصر الله” عليه السلام”، في هذه المرحلة المفصلية والحاسمة والحساسة من الصراع بين قوى الإسلام والكفر، تمنح محور المقاومة قوة مناعية أكثر فاعلية، وتمهد لتحول غير مسبوق في مسار الفعل وردته على مختلف مستويات التصعيد العسكري والسياسي، لم يحسب العدو الصهيوني حسابها، ولو كان له ذلك ما أقدم على ما أقدم عليه.
وخلال أقل من 24 ساعة من هذا الحدث المؤلم، يدرك المتابعين، الكثير من المواقف والتحولات، وتكشفت وجوه العملاء والخونة، وتلاشت الكثير من الأقنعة، وبان كل شيء على حقيقته، وبات الفرز كعين الشمس واضحاً للعيان، وهذا نزر بسيط من مكاسب وثمار دماء شهيد الإسلام، كما ظهر حجم الرعب والهلع الصهيوني ومن يقف معه، من رد الفعل، وحساباته.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟.. الأزهر يوضح
كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟ سؤال أجاب عنه مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية.
وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عبر صفحته الرسمية على فيس بوك: لمَّا كان الصديق يتشبه بصديقه ويتشرَّب من صفاته؛ حث الشرع على ضرورة الفحص والنظر قبل مصاحبته وطول مجالسته؛ فقال سيدنا رسول الله ﷺ: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ». [أخرجه الترمذي]
فضل صحبة الصالحين
وأشار الى أن الشرع الشريف حثّنا على مجالسة أهل العلم والخير ومكارم الأخلاق؛ لما يعود من نفع بمجالستهم، ونهى عن مجالسة أهل الشر ومساوئ الأخلاق؛ لما يعود من ضرر بمجالستهم؛ فقال سيدنا رسول الله ﷺ:«إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ، وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً». [أخرجه مسلم]
خطر أصدقاء السوء
ونوه ان المولى سبحانه وتعالى حذَّر من اجتماع الأصدقاء على الشرور والآثام والإفساد في الدنيا، وجعل عاقبة ذلك انقلاب صداقتهم عداوة يوم القيامة، فلا تدوم إلا صداقة الخير والعمل الصالح؛ قال تعالى: {الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}.[الزخرف: 67]
محبة الله للمتحابين فيه
ولفت الى أن الإسلام جعل أساس الصداقة المحبة الخالصة لوجه الله تعالى، وعظَّم أجرها، وجعل جزاءها محبة الله والاستظلال بظله يوم القيامة؛ فقال سيدنا رسول الله ﷺ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ»، وذكر منهم: «وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ». [أخرجه البخاري]
أخبر صديقك بمحبتك له
كان رجل عند سيدنا رسول الله، فمر به رجل، فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «أَأَعْلَمْتَهُ؟»
قَالَ: لَا.
قَالَ: «أَعْلِمْهُ»
قَالَ: فَلَحِقَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ، فَقَالَ: أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ. [أخرجه أبو داود]
كن عونًا لصديقك على الطاعة
وبين أن الصداقة المخلصة هي التي يٌبَصِّر فيها كل صاحبٍ صاحبَه بعيوبه وأخطائه التي يقع فيها؛ ليتخلَّص منها؛ حتى يأخذ الصاحبُ بيد صاحبه إلى الجنة؛ قال سيدنا رسول الله ﷺ: «الْمُؤْمِنُ مَرْآةُ أَخِيهِ، إِذَا رَأَى فِيهَا عَيْبًا أَصْلَحَهُ».[ أخرجه البخاري في الأدب المفرد]