لحظات قليلة كانت هي الفاصلة بين آخر ما نشرته المذيعة السورية صفاء أحمد التي وثقت غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عبر صفحتها الشخصية، ليكون مصيرها القتل في هجوم جوي مماثل على منطقة المَزّة في دمشق، لتترك زوجها وأسرتها الصغيرة ممزقين القلب برحيلها.

اللحظات الأخيرة في حياة المذيعة السورية صفاء أحمد

وعقب تلقي خبر استشهاد المذيعة السورية صفاء أحمد، سطّر زوجها أحمد الحسن عبر صفحته كلمات حزينة ينعي خلالها زوجته قال فيها: «إنا لله وأنا إليه راجعون، لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيءٍ عنده بأجلٍ مسمى، (ولاتحسبن الذي قتلو في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)، بكامل الرضا والتسليم أزف لكم نبأ استشهاد زوجتي وحبيبتي وأم أولادي شمس السورية الإعلامية صفاء أحمد .

.الذي طالها غدر الصهاينة بالقصف والعدوان على منطقة المزة، إلى اللقاء يا حبيبة قلبي».

اللحظات الأخيرة في حياة المذيعة السورية صفاء أحمد يرويها زوجها طبيب الأسنان في تصريحات تليفزونية، الذي كان معها بموقع الحادث في منزلهما بمنطقة الحديقة الفرنسية والذي استشهدت به زوجته، إذ لم يفصله عنها سوى عدة أمتار، فعند سماع دوي الضرب والانفجارات، ابتعدوا جميعًا عن الشبابيك واستعدوا للانتقال إلى جهة آمنة، وفي هذه اللحظة توجّهت زوجته إلى الصالون لإحضار بعض الأغراض في اللحظة ذاتها التي استهدف الكيان الصهيوني منطقة المَزّة في دمشق: «في اللحظة دي صار الانفجار الثاني، وفوتت أجيبها من الأرض، وما بقدر أوصف المشاعر كيف كانت لما كان دمها سايح، شعور ما بقدر أوصفه بالكلام، الله يصبرنا، وهذا هو الثمن اللي بندفعه لنصرة هذا البلد».

لم يمهل القدر زوج المذيعة صفاء أحمد وقتًا كي يقدم لها الإسعافات الأولية، فعندما وضع يده على موضع الجرح الذي استقرت به الشظية وجد الدم يسيل بغزارة، وهو ما سبب شعورًا بالهلع لأولادها الذين فرّوا إلى الخارج: «اتصلنا بالإسعاف ونقلوها للمشفى وحاولوا إسعافها هناك، وبذلوا جهد كبير لكن هي للأسف غادرت الحياة واستشهدت».

وتروي ابنة شقيقتها اللحظات التي سبقت وفاتها، عندما علمت بأنّ هناك استهداف لمنطقة المَزّة بدمشق، ويقع منزل خالتها صفاء أحمد مواجهًا لأبراج الاتصالات في المنطقة، وعند سماع دوي الضرب حذرها أولادها من الخروج إلى الصالون وأن تبتعد عن الشبابيك إلا أنّها أصرت أن تحضر هاتفها المحمول: «فجأة جالها شظية بمنطقة الرقبة، ولما خدوها ع المشفى عملولها إنعاش ولكن كانت اتوفت، وأنا لسّاتي ما مصدقة أنّها ماتت، حاسة أنّها لسة عايشة».

ويروي والدها المقاتل في الجيش العربي السوري آخر لحظاتها في الليلة التي سبقت مقتلها: «صفاء بتكفل طفل يتيم في بيتها اسمه أرام وبتربيه عندها، وراحوا لزيارتها أخوتها في الحديقة الفرنسية وقعدوا على المقاعد بجوار منزلها وقالو لها انزلي، قالتلهم بس بكمل دروس أرام، كانت جدية لأبعد الحدود وبتحب الخير للعالم».

معلومات عن المذيعة السورية صفاء أحمد

وصفاء أحمد هي إعلامية ومذيعة في التلفزيون الوطني السوري، من مواليد 20 يناير 1981 بحي الزهراء في مدينة حمص وتبلغ من العمر 42 عامًا، وتخرجت في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في ‏جامعة «البعث» بمحافظة حمص عام 2000، ثم بدأت العمل في مجال الإعلام منذ عام 2002، وقدمت العديد من البرامج التلفزيونية والندوات الحوارية المباشرة وقدمت عدد من البرامج الاجتماعية، من أبرزها: «رسالة حمص» و«رسالة حماه» و«في أروقة المحاكم» و«صباح سوري» و«صباح الخير» و«حلوة يا شام» و«نجوم صغيرة».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: المذيعة السورية صفاء أحمد صفاء أحمد المذيعة صفاء أحمد المذیعة السوریة صفاء أحمد

إقرأ أيضاً:

أحمد زيور باشا.. الحاكم الذي جمع القوة والعقل والإنسانية

أحمد زيور باشا، هذا الاسم الذي يلمع في صفحات التاريخ المصري، ليس مجرد شخصية سياسية عابرة، بل هو رمز للإصرار والعطاء والتفاني في خدمة وطنه. 

ولد زيور باشا في الإسكندرية عام 1864 في أسرة شركسية تركية الأصل، كانت قد هاجرت من اليونان، لكنه بالرغم من جذوره الأجنبية، حمل قلبه وروحه على مصر، وجعل منها مسرحا لحياته المليئة بالعطاء والمسؤولية. 

منذ نعومة أظافره، أظهر أحمد زيور براعة وحسا عميقا بالواجب؛ فقد التحق بمدرسة العازاريين، ثم واصل دراسته في كلية الجزويت ببيروت، قبل أن يتخرج من كلية الحقوق في فرنسا، حاملا معه العلم والخبرة ليخدم وطنه الغالي.

طفولته لم تكن سهلة، فقد كان صبيا بدينا يواجه العقوبات بحساسية شديدة، وكان العقاب الأصعب بالنسبة له مجرد “العيش الحاف”، لكنه تعلم من هذه التجارب الأولى معنى الصبر والمثابرة، وكان لذلك أثر واضح على شخصيته فيما بعد، إذ شكلت بداياته الصعبة حجر أساس لصقل إرادته القوية وعزيمته التي لا تلين.

عندما عاد إلى مصر بعد دراسته، بدأ أحمد زيور مسيرته في القضاء، ثم تقلد مناصب إدارية هامة حتى وصل إلى منصب محافظ الإسكندرية، وبدأت خطواته السياسية تتصاعد بسرعة. 

لم يكن الرجل مجرد سياسي يحكم، بل كان عقلا مفكرا يقرأ الواقع ويفكر في مصلحة الوطن قبل أي اعتبار شخصي، تولى عدة حقائب وزارية هامة، منها الأوقاف والمعارف العمومية والمواصلات، وكان يتنقل بين الوزارات بخبرة وإخلاص، ما جعله شخصية محورية في إدارة شؤون الدولة، وخصوصا خلال الفترة الحرجة بعد الثورة المصرية عام 1919.

لكن ما يميز أحمد زيور باشا ليس فقط المناصب التي شغلها، بل شخصيته الإنسانية التي امتزجت بالحكمة والكرم وحب الدعابة، إلى جانب ثقافته الواسعة التي جعلته يجيد العربية والتركية والفرنسية، ويفهم الإنجليزية والإيطالية. 

كان الرجل يفتح صدره للآخرين، ويمتلك القدرة على إدارة الصراعات السياسية بحنكة وهدوء، وهو ما جعله محل احترام الجميع، سواء من زملائه السياسيين أو من عامة الشعب.

عين رئيسا لمجلس الشيوخ المصري، ثم شكل وزارته الأولى في نوفمبر 1924، حيث جمع بين منصب رئاسة الوزراء ووزارتي الداخلية والخارجية، مؤكدا قدرته على إدارة الأمور بيد حازمة وعقل متفتح. 

واستمر في خدمة وطنه من خلال تشكيل وزارته الثانية، حتى يونيو 1926، حريصا على استقرار الدولة وإدارة شؤونها بحنكة، بعيدا عن أي مصالح شخصية أو ضغوط خارجية.

زيور باشا لم يكن مجرد سياسي تقليدي، بل كان رمزا للفكر المصري العصري الذي يحترم القانون ويؤمن بالعلم والثقافة، ويجمع بين الوطنية العميقة والتواضع الجم. 

محبا لوالديه، كريم النفس، لطيف الخلق، جسوره ضخم وقلوبه أوسع، كان يمزج بين السلطة والرقة، بين الحزم والمرونة، وبين العمل الجاد وروح الدعابة. 

هذا المزيج الفريد جعله نموذجا للقيادة الرشيدة في وقت كان فيه الوطن بحاجة لمثل هذه الشخصيات التي تجمع بين القوة والإنسانية في آن واحد.

توفي أحمد زيور باشا في مسقط رأسه بالإسكندرية عام 1945، لكنه ترك إرثا خالدا من الخدمة الوطنية والقيادة الحكيمة، وأصبح اسمه محفورا في وجدان المصريين، ليس فقط كوزير أو رئيس وزراء، بل كرجل حمل قلبه على وطنه، وبذل كل ما في وسعه ليبني مصر الحديثة ويؤسس لمستقبل أفضل. 

إن تاريخ زيور باشا يعلمنا درسا خالدا، أن القيادة الحقيقية ليست في المناصب ولا في السلطة، بل في حب الوطن، والعمل الدؤوب، والوفاء للعهود التي قطعناها على أنفسنا تجاه بلدنا وشعبنا.

أحمد زيور باشا كان نموذجا مصريا أصيلا، يحكي عن قدرة الإنسان على التميز رغم الصعاب، ويذكرنا جميعا بأن مصر تحتاج دائما لأمثاله، رجالا يحملون العلم والقلب معا، ويعملون بلا كلل من أجل رفعة وطنهم وشموخه. 

ومن يقرأ سيرته، يدرك أن الوطنية ليست شعارات ترفع، بل أفعال تصنع التاريخ، وأن من يحب وطنه حقا، يظل اسمه حيا في ذاكرة شعبه، مهما رحل عن الدنيا، ومهما تبدلت الظروف.

مقالات مشابهة

  • فى ذكراها.. اللحظات الأخيرة فى حياة كاميليا قبل حادث الطائرة
  • أقوى الرجال.. هاجر أحمد توجه رسالة لزوجها في عيد ميلاده
  • صناع مسلسل أنا وهو وهو" في البروفات الأخيرة قيل بدء التصوير
  • أحمد زيور باشا.. الحاكم الذي جمع القوة والعقل والإنسانية
  • صناع مسلسل أنا وهو وهو في البروفات الأخيرة قيل بدء التصوير
  • أبرد الأماكن على كوكب الأرض.. حياة مزدهرة تحت الصفر
  • حل لغز القراءات الغريبة التي سجلتها مركبة “فوياجر 2” لأورانوس عام 1986
  • موجة تعاطف واسعة| تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة طالب ستيم بني سويف.. ماذا قالت أسرة أدهم عاطف؟
  • الملفات النهائية لإبستاين تُرفع للعلن: تصرف دراماتيكي للقاضي في اللحظة الأخيرة
  • جولة الإعادة.. الائتلاف المصري: تصاعد الحشد وتبدل في تحالفات اللحظة الأخيرة