النقش على النحاس.. فن عابر للأزمان بحى الجمالية
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
منذ نعومة أظافره وعبر الصبا وحتى شب عن الطوق، جرى حب النقش على النحاس وتطعيمه بالمعادن فى أوردة عائلة الحاج عبدالمقصود وانساب بين الحشى فاستقر فى القلب حتى غزت خيوط الشيب رأس عم مجدى واستقرت به، جُبل على هوى النحاس ونقش فى فؤاده كنقوش «الحاكم – الناصف – العادل – البطل»، التى تربعت على صدور شمعدنات النحاس والمباخر والأوانى وطبعت على الثريات والمزهريات كما طبعت الرسوم الفارسية عليها وعلى غيرها الكثير من القطع الفريدة من نوعها التى ترك فيها عم مجدى جزءًا من روحه لتشى برحلة طويلة فى عشق النحاس.
يجلس عم مسعد عبدالمقصود، شقيق عم مجدى الأكبر ونديمه، يتدثر بالحنكة وتتلحف ملامحه بوجاهة تخفى سنه لكن قسماته التى ترافقها أخاديد تركها مرور السنين تشى بالحقيقة، تسقط نظارته على أنفه الأفطس فتضفى مزيدًا من السحر إلى هيئته، كفارس من العصور الفاطمية يحمل فى يده مطرقة صغيرة يحفر بها خنادق دقيقة على صفحة طبق من النحاس يقبع على طاولة أمامه فى مرحلة تسمى النقش يستعين فيها بمسمار النقش ليحدد ما رسمه أولاً بالقلم وما صنعه من دوائر بالبرجل، ثم تأتى مرحلة التطعيم أو التخفيف والتى يعول فيها على قلم التسنين لإيجاد مستقر للفضة، وقديمًا مستودع الذهب ومؤخرًا الألومنيوم، بين حفر النحاس.
لا تستأثر قطعة دون أخرى باستحسان عم مسعد لما صنعت يده؛ فهو كاللاعب العنيد يجابه التحديات ويطوع موهبته ويروض مزاجه لتظل كل ما يخرج من تحت يديه أحلى من سابقه، يستغرق صغيرها منه 4 أيام لإنجازها بينما يواصل العمل على كبريات القطع لمدة قد تصل 4 أشهر، لتصبح من بعدها قطعا خالدة عبر الزمن إذا ما سلبتها السنون شيئًا من لمعانها أو شحبت أعادت مادة الكبرتيك الملمعة المفقود فى ثوانٍ، على عكس أشكال «الزنجوجراف» والتصوير بالليزر المعتمدة على الماكينات.
وفى جيل النحاسين الجدد، استأثرت النساء بفن الرسم على النحاس وتطعيمه، وأضحت النحاسات ملكات متوجات على عرش واحدة من المهن التى ظلت حكرًا على الجنس الخشن لقرون بعيدة، فنافست النساء القوة العضلية بالحنكة وغلب صبرهن تحمل الرجال لمشقة هذا الفن، فتتلمذت العشرات من بنات وفتيات الحى على يد شيوخ عائلة الحج عبدالمقصود؛ عم مسعد وعم مجدى.
وبينما انحسر رماد الاضطرابات التى نشبت فى عدد من الدول العربية خلال العقد الأخير، كاشفًا عن قلة يسيرة من هواة اقتناء النحاس فقابل انخفاض الطلب تدنٍ فى كمية المعروضات، وما لم تلتهمه الحروب قضى عليه غلاء الأسعار ليتجاوز سعر كيلو النحاس الألف جنيه متضاعفاً عن سعره فى نفس الوقت من العام الماضى، فيما وصل جرام الفضة إلى 55 جنيها متقدمًا عن متوسط سعره العام الماضى بنحو 40 جنيها، فما لبث أن تحولت أسعار القطع إلى أرقام متضاعفة، واكتفى عشاق المعدن النفيس بالارتشاف من نبع جماله بالنظر ثم تسبل أعينهم فى أسى راحلين، إلا من قلة من جامعى التحف ومحبى المقتنيات الإسلامية الذين ينجحون فى الاستحواذ على قطعة أو اثنتين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حي الجمالية النقش على النحاس
إقرأ أيضاً:
مستثمر صيني يربح 1.5 مليار دولار من الذهب ويراهن بمليار على النحاس
من الذهب إلى النحاس: رهان جديدفي خطوة جريئة تعيد رسم مشهد تجارة السلع في الصين، ضخّ الملياردير الصيني المنعزل بييان شي مينغ استثمارًا ضخمًا بقيمة مليار دولار في عقود النحاس, ليصبح أكبر مضارب على هذا المعدن في البلاد، في وقت تتصاعد فيه التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.
اقرأ ايضاًاذ جنى بييان أرباحًا قاربت1.5 مليار دولار من استثماره السابق في الذهب، عبر صندوق استثمر في العقود الآجلة للسبائك الصينية، مدفوعًا بتوقعات انخفاض الاعتماد العالمي على الدولار ومخاوف التضخم.
السيطرة على سوق النحاسبييان وشركته Zhongcai Futures يملكون الآن نحو 90 ألف طن من عقود النحاس في بورصة شنغهاي، حسب بيانات السوق وتقارير "بلومبرغ"، ما يعكس ثقته الطويلة الأمد في هذا القطاع الاستراتيجي.
منهج استثماري فريديعتمد بييان، البالغ من العمر 61 عامًا، على استراتيجية بعيدة عن المضاربة قصيرة الأجل، ويموّل معظم استثماراته ذاتيًا رغم تراجع بعض الشركاء بسبب التوترات الجيوسياسية. يُنظر إليه كمستثمر متقشف وبصير، يُشبهه البعض بـ"وارن بافيت الصيني".
من البلاستيك إلى الأسواق العالميةحيث بدأ بييان مشواره بثروة من تجارة الأنابيب البلاستيكية في التسعينيات، ثم توسّع إلى العقارات، التمويل، وحتى صناعة الأفلام.
يعيش الآن في جبل طارق ويُدير إمبراطوريته الاستثمارية عن بُعد.
من فلسفة السوق إلى الشعبية الرقميةنال بييان قاعدة جماهيرية واسعة في الصين بفضل كتاباته التي تُحلل فلسفة الاستثمار وتجمع بين الانضباط والجرأة، حيث قال في أحد منشوراته:
اقرأ ايضاً"الاستثمار في جوهره لعبة بقاء… عند اختيار الأهداف، ركّز على الاتجاهات".
هل النحاس نحو ضربات تاريخية؟يرى خبراء أن رهان بييان مدفوع بتفاؤل واسع بشأن ارتفاع أسعار النحاس، حيث قد يتجاوز الطن حاجز 12,000 دولار، وفقًا لتوقعات شركة "ميركوريا إنرجي".
View this post on InstagramA post shared by Albawaba (@albawabaar)
كلمات دالة:الذهبأسعار الذهبسوق النحاسZhongcai Futuresتجارة الأنابيب البلاستيكيةالصينأسعار النحاسالشعبية الرقميةضربات تاريخية© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اقرأ ايضاًاشترك الآن