عين ليبيا:
2025-10-19@10:23:44 GMT

أية حقيقة؟

تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT

الحقيقة تلك الضالة التي ركضت خلفها العقولُ على مدى وجودِ الإنسان في هذا الكون. العلماء والباحثون والمفكرون والفلاسفة والأدباء، كلٌ قضى عمرَه بين الكتب، والمختبرات والمعامل، من أجل الوصول أو الاقتراب من إجابة عن أسئلة، نمت في عقله، حول أسئلة فكرية أو علمية.

المفكر والروائي والفيلسوف الإيطالي أومبيرتو إيكو، أحد الذين قضوا أعمارهم يجوبون طيات الزمن، وخطوات الإنسان الطويلة، بحثاً عن الحقيقة.

صدر مؤخراً كتاب باللغة الإيطالية بعنوان، «أية حقيقة؟» ضمَّ محاضرات ومقالات ونقاشات وندوات للمفكر الروائي أومبيرتو إيكو، الكتاب في 168 صفحة من الحجم المتوسط، لكنَّه يحتوي على عصارة مركزة، لفكر الرجل الذي يعدّ من رموز القرنين العشرين والحادي والعشرين، في الأدب والفلسفة والتعليم.

وُلد إيكو في مدينة ألكساندريا بشمال إيطاليا سنة 1932، في عائلة كبيرة. درس بكلية الآداب، وتخصص في فكر وفلسفة توما الإكويني، الذي يعدّ من كبار اللاهوتيين والفلاسفة في الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى، ورفعته الكنيسة إلى درجة القديس. درس الفلسفة اليونانية، وكذلك الدين والفلسفة الإسلامية عبر فكر ابن رشد. في تلك العصور ربطت الكنيسة الفلسفة بالهرطقة، وتعرّض الإكويني للملاحقة. اهتم أومبيرتو إيكو مبكراً بفلسفة الجمال في العصور الوسطى، على الرغم من أنها لم تحمل هذا العنوان آنذاك، لكنه وجدها في فكر الإكويني، وكانت أطروحته للدكتوراه عن توما الإكويني. انطلق إيكو في رحلته الطويلة وراء الحقيقة. اهتم بالسيميائية ودرسها وعلمها، وأضاف الكثير إلى مفهوم الهيرمونيطيقا، أو ما يمكن أن يطلق عليه التأويل. كتب الكثير عمَّا سمَّاه النص المفتوح، أي أن يكون القارئ شريكاً في النص المكتوب.

كتب إيكو الرواية، ونشر مؤلفات في الفكر والفلسفة، وكتب المقالات الصحافية، وقدم برامجَ في التلفزيون الإيطالي، وخاض الكثير من المعارك السياسية عبر وسائل الإعلام المختلفة.

في كل تلك الأعمال، كان سؤال الحقيقة، هو الحاضر دائماً.

روايته التي عبرت الآفاق، وتُرجمت إلى عشرات اللغات، وباعت ملايين النسخ في مختلف أنحاء العالم «اسم الوردة»، كانت الرحلة الطويلة في كهوف الزمن، وفي تضاريس العقول، والصراع البشري الممتد بلا حدود.

كتب إيكو، كل الأشياء تندثر، ولا يبقى منها إلا الأسماء. تلك الرواية التي جرى تحويلها فيلماً، تحركت في دوائر العصور الوسطى، مكتوبة بلغته. عجّت بالطلاسم والجرائم والغرائب، والحضور البوليسي، ولم تغب عن صفحاتها أنفاس السخرية. تحاور الديني مع الدنيوي في الدير الكاثوليكي الذي يعج بالغموض والصراع. الحقيقة كانت الميدان السري الغامض، الذي تدور فيه وحوله معركة، سلاحها الطمع والطموح.

في روايته التي حملت عنوان «العدد الصفر» اقترب إيكو إلى الأسلوب المباشر إلى حد كبير. العدد الصفر، هو النسخة التجريبية من الصحيفة، قبل صدورها، وعلى صفحاته تنشر أخبار عن أحداث لم تقع، وهنا تغيب الحقيقة، بفعل فاعل ومع سبق الإصرار. رواية أخرى لأومبيرتو إيكو «مقبرة براغ»، أطلق فيها العنان للخيال السياسي، وحشد فيها أحداثاً تاريخية، وبها اصطفاف لا يخلو من العنصرية والأحكام الضبابية. التجسس وبروتوكولات حكماء صهيون والخيانة والسامية. صارت الحقيقة قشة في غرفة مظلمة. بعد ذلك تطرف إيكو في الانحياز لإسرائيل والدفاع عنها بالقلم والصوت. هل كان ذلك تكفيراً عمَّا ساقه في روايته، «مقبرة براغ». زميله في الدراسة، وصديقه جاني إديتمو، كان من أشد المدافعين عن القضية الفلسطينية، وواجه إيكو في أكثر من مناظرة على وسائل الإعلام، ووضعه في موقف شديد الإحراج. قد تكون الحقيقة أحياناً، التي قضى إيكو عمره راكضاً خلفها، عصارة لزجة مراوغة، تفرّ من اليدين واللسان. في روايته «بندول فوكو»، يصب إيكو في الرواية، بأسلوب متحرك، رؤيته الفلسفية في المعرفة، التي تعبّر عن عدم الاكتمال في أي شيء. يتحرك البندول دون أن يصل إلى نهاية ما. إذ لا شيء يكتمل.

في كتاب «أية حقيقة؟» Quale Verita، يتحدث إيكو عن الكذب والتعالي، وفن إخفاء الحقيقة. في بعض وسائل الإعلام، وفي الخطابات التي يلقيها السياسيون، تسيطر الفاشية النفسية، ويصب التخويف والبطولة والحروب، في آنية الكلام والحروف، وتستحضر عقيدة ماني التي تضع النور في مواجهة الظلام، أي الخير في مواجهة الشر. تلعب الآيديولوجيا بالحقيقة، حيث تصبح الكلمات أقوى من الوقائع. استحضر إيكو دراسة الأستاذ الروسي فلاديمير بروب عن البنية الشكلية للحكايات الخرافية، واقترح صياغة بنية شكلية للكذب. وقف عند ما صدر عن بعض الزعماء السياسيين في العالم، مثل الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون، في قضية ووترغيت، وما صدر عن رئيس الوزراء الإيطالي السابق بيرلسكوني في كثير من المواقف، وغيرهما. وتحدث عن السرقات الأدبية، وعما سمَّاه حروب الإنترنت على الحقيقة.

حصل أومبيرتو إيكو، على أربعين شهادة دكتوراه فخرية، وباعت روايته «اسم الوردة» أكثر من أربعين مليون نسخة. ضمت مكتبته خمسين ألف كتاب. قال في آخر أيام حياته، لم أقرأ ولم أتعلم شيئاً.

سئل أحد أصدقائه: لماذا لم يحصل إيكو على جائزة نوبل للآداب؟ أجاب: ربما كان يستحق جائزة أعلى منها. هل كان يقصد جائزة «الحقيقة»؟.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: إیکو فی

إقرأ أيضاً:

المهندس أسامة نصار… قلب طنطا الذي ينبض في دبي

في لحظة إنسانية تجمع بين النجاح والحنين، عاد المهندس أسامة نصار، أحد أبرز المطورين العقاريين المصريين في دبي، إلى مسقط رأسه طنطا لزيارة والدته التي تمر بوعكة صحية.
الزيارة حملت في طياتها مشاعر الابن البار الذي رغم ما حققه من إنجازات خارج الوطن، لم ينس جذوره ولا أمه التي كانت الدافع الأول في رحلته نحو النجاح.

 

من شوارع طنطا إلى أبراج دبي

وُلد المهندس أسامة نصار ونشأ في قلب مدينة طنطا النابضة بالحياة، لتبدأ رحلته نحو التميز في عالم العقار من هناك.
بفضل رؤيته وجهوده، أصبح من أبرز الأسماء في القطاع العقاري بدبي، مساهماً في مشاريع رائدة تجسد روح الابتكار والتطور في الإمارة.
ومع كل ما وصل إليه من نجاح، ظل متمسكًا بقيمه وتواضعه، مؤمنًا بأن العظمة الحقيقية لا تُقاس بما يبنيه الإنسان من أبراج، بل بما يحمله من مبادئ.

 

دعم وتقدير من مجتمع العقار في دبي

لاقى خبر عودته إلى مصر صدى واسعًا بين زملائه في المجتمع العقاري بدبي، الذين عبّروا عن مشاعر التقدير والدعاء لوالدته بالشفاء.
من بينهم الأستاذ محمد أحمد فؤاد أمين، مؤسس مجموعة الفؤاد وخبير التثمين والاستثمار العقاري المعروف في دبي، الذي أعرب عن دعمه الإنساني وتمنياته الخالصة بالشفاء العاجل لوالدة المهندس نصار.
وأكد فؤاد أن “وراء كل رجل ناجح أم عظيمة، دعاؤها هو الأساس لكل إنجاز.”

 

محافظة الغربية تفخر بأبنائها

أشاد المتابعون في محافظة الغربية بهذه الزيارة التي تعكس الترابط العميق بين أبناء الوطن في الداخل والخارج.
وقد عُرف اللواء أشرف الجندي، محافظ الغربية، باهتمامه الدائم بأبناء المحافظة المتميزين في شتى المجالات، وهو ما يعزز روح الانتماء والفخر بين أبناء الغربية في كل مكان.

 

العودة إلى الجذور… عنوان الوفاء

بالنسبة لأهالي طنطا، لم تكن زيارة المهندس أسامة نصار مجرد رحلة شخصية، بل رسالة وفاء واعتزاز.
فقد رأوا فيه مثالًا للنجاح الذي لم ينسَ البدايات، والإنسان الذي ظل يحمل مدينته في قلبه أينما حلّ.
مشهد عودته أحيا مشاعر الفخر في قلوب الجميع، مؤكدًا أن طنطا ما زالت تنجب العقول المبدعة والقلوب الوفية.

رسالة تتجاوز الحدود

تجسد قصة المهندس أسامة نصار حقيقة خالدة: أن النجاح لا يكتمل إلا بتذكّر المكان الذي بدأ منه الحلم.
وبحب أمه، ودعوات وطنه، وتقدير زملائه أمثال محمد أحمد فؤاد أمين، يواصل نصار مسيرته نموذجًا يجمع بين طموح دبي وروح مصر.

 

مقالات مشابهة

  • "حكاية منزل محطم" و"بين ثنايا الحقيقة" الليلة في ملتقى شباب المخرجين
  • برج العقرب .. حظك اليوم الأحد 19 أكتوبر 2025: شارك الحقيقة بهدوء
  • نظرية المؤامرة.. استغراب يفصل بين الحقيقة والخرافة
  • المهندس أسامة نصار… قلب طنطا الذي ينبض في دبي
  • سلامة داود: بلاغة النبي صلى الله عليه وسلم تكشف عن أسرار دقيقة في إسناد الأفعال بين الحقيقة والمجاز
  • الرواية والتاريخ... تعدد في السرد واختلاف في الحقيقة!
  • يوسف عبدالقادر: زيارة السيسي إلى بلجيكا لحظة الحقيقة لكشف شبكات الإخوان بأوروبا
  • بعد جلاء الحقيقة... مَن يعوّض على تنورين؟
  • يديعوت: هذه هي الحقيقة بشأن غياب نتنياهو عن قمة شرم الشيخ
  • الإعلام درع الحقيقة في مواجهة الشائعات.. لقاء توعوي بمجمع إعلام الشرقية