نظرية المؤامرة.. استغراب يفصل بين الحقيقة والخرافة
تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT
فمن اغتيال كينيدي إلى أحداث الـ11 سبتمبر/أيلول، وصولا إلى جائحة كورونا، يتكرر التفسير ذاته بصيغ مختلفة، مما يطرح تساؤلا محوريا: هل نعيش حقا في عالم من المؤامرات، أم أن الأمر تضخم أكثر مما ينبغي؟
تناولت حلقة (2025/10/18) من برنامج "استغراب" -يمكن متابعتها كاملة من خلال هذا الرابط– مفهوم المؤامرة ونظرية المؤامرة، في محاولة لرسم خط فاصل بين الحقيقة والخرافة، معتمدة على تعريفات فلسفية وأمثلة تاريخية وأبحاث نفسية.
وتشير الحلقة إلى أن كلمة "المؤامرة" ليست مفهوما جديدا، فهي موجودة في القواميس منذ مئات السنين وتعني تخطيطا سريا غير قانوني لتحقيق هدف معين، لكن حين تضاف كلمة "نظرية" يصبح الأمر أخطر وأوسع نطاقا، إذ تتحول إلى عدسة تُرى من خلالها كل أحداث التاريخ على أنها مخططات سرية.
ويعرّف الفيلسوف النمساوي البريطاني كارل بوبر، أحد أبرز من ناقشوا هذه الفكرة في القرن العشرين، نظرية المؤامرة بأنها "الاعتقاد الخاطئ بأن الظواهر الاجتماعية الكبرى يمكن فهمها على أنها نتيجة تصميم من فاعلين متآمرين وليست تفاعلات معقدة أكثر".
وهو ما يعني -حسب هذا التصور- أن المؤامرة الحقيقية قد تكون موجودة ومثبتة بالأدلة، بينما نظرية المؤامرة هي عقلية ترى كل حدث كبير أو صغير مؤامرة.
وتستعرض الحلقة نماذج من مؤامرات حقيقية مثبتة بالأدلة، أبرزها فضيحة ووترغيت في سبعينيات القرن الماضي، حين اقتحم عملاء من الحزب الجمهوري مقر الحزب الديمقراطي وسرقوا وثائق مهمة.
وتم التستر على الأمر من البيت الأبيض قبل أن يكشفه صحفيان من صحيفة واشنطن بوست، ما أدى لمحاكمات واضطر الرئيس ريتشارد نيكسون للاستقالة عام 1974.
مثال صادمومن الأمثلة الصادمة أيضا "مؤامرة توسكيجي" التي امتدت من 1932 إلى 1972، حين أجرت خدمة الصحة العامة الأميركية تجربة على مئات الرجال السود المصابين بمرض الزهري، وأوهمتهم بتلقي العلاج بينما حُرموا منه حتى بعد اكتشاف البنسلين.
إعلانوأدى ذلك لوفاة المئات وانتقال المرض لعائلاتهم، قبل أن تنكشف الفضيحة بعد 40 عاما وتستدعي اعتذارا رسميا من الرئيس بيل كلينتون عام 1997.
وتتطرق الحلقة أيضا إلى "عملية نورث وودز" عام 1962، وهي وثيقة أميركية تقترح تنفيذ هجمات وهمية ضد مدنيين أميركيين لإلصاق التهمة بكوبا وتبرير غزوها.
ورغم أن الخطة لم تُنفذ، لكن كُشفت الوثائق عام 1997، كما تشير إلى فضيحة الدم الملوث في فرنسا خلال الثمانينيات، حين استمرت مراكز نقل الدم باستخدام دم ملوث بفيروس الإيدز رغم علمها بذلك، ما أصاب آلاف المرضى بالفيروس قبل أن تنكشف القصة وتجري محاكمات للمسؤولين.
وتنتقل الحلقة لاستعراض نماذج من نظريات المؤامرة التي ثبت زيفها لكنها ما زالت حية، أبرزها "بروتوكولات حكماء صهيون"، الوثيقة التي ظهرت في روسيا القيصرية عام 1903 وزعمت أنها محاضر سرية لاجتماع زعماء يهود يخططون للسيطرة على العالم.
وانتشرت هذه الوثيقة بسرعة خاصة في أوقات التوترات السياسية والثورات، قبل أن تكشف صحيفة التايمز البريطانية عام 1921 أنها مزيفة ومأخوذة من عمل ساخر فرنسي قديم.
ويشير الباحث الدكتور عبد الوهاب المسيري، بعد 25 عاما من البحث في الفكر اليهودي، إلى أن البروتوكولات خرافة وأخطر ما فيها أنها تعفي الإنسان من مواجهة مشاكله الحقيقية بإلقاء اللوم على عدو غامض، كما أنها تضخم حجم الكيان الإسرائيلي وتصوره على أنه يدير العالم، ورغم انكشاف زيفها منذ قرن، فإنها ما زالت حية.
الفكر التنويريأما "المتنورون" أو "الألومناتي"، فهي أشهر كلمة مرتبطة بنظريات المؤامرة، وبدأت القصة عام 1776 في جنوب ألمانيا حين أسس أستاذ القانون آدم فايسهاوبت جمعية سرية صغيرة هدفها مقاومة سلطة الكنيسة ونشر الفكر التنويري.
لكنّ رجل دين مسيحيا ادعى أنها وراء الثورة الفرنسية، ومع مرور الوقت صار أي حدث كبير يُربط بهذا الاسم، رغم أن الحقيقة الوحيدة الواضحة أن الجمعية انتهت قبل 200 عام، والموجود اليوم مجرد رمز تُسقط عليه أحداث مجهولة.
وتطرح الحلقة تساؤلا محوريا: لماذا يصدق الناس نظريات المؤامرة رغم عدم صحتها؟ وتجيب بأن الأمر ليس قلة عقل أو سذاجة، بل له دوافع نفسية مدعومة بأبحاث واسعة.
أول تلك الدوافع معرفي، حيث يحتاج الإنسان لنموذج تفسيري واضح عند مواجهة التعقيد، وثانيها وجودي؛ يجعله يبحث عن تفسير يُطمئنه ويجعل العالم منطقيا، وثالثها اجتماعي، يمنحه شعورا بالانتماء لقلة تعرف الحقيقة.
وتشير الحلقة إلى أن العصر الرقمي ضاعف تأثير نظريات المؤامرة بدلا من تقليله، خاصة مع ظهور الذكاء الاصطناعي القادر على إنتاج تسجيلات مزيفة مقنعة.
وتستشهد بإحصائية من عام 2013 تظهر أن 4% من الأميركيين، أي أكثر من 12 مليون شخص، يصدقون أن زواحف متنكرة تتحكم بالعالم، ما يوضح إلى أين يمكن أن تصل هذه النظريات بالأشخاص.
وتحذر الحلقة من عواقب تصديق نظريات المؤامرة، مستشهدة بحادثة "بيتزا غيت" عام 2016 حين اقتحم شخص مسلح مطعما في واشنطن معتقدا وجود شبكة تجارة أطفال فيه، قبل أن يتضح عدم وجود أي دليل.
كما تشير إلى خطورة الخلط بين الحقيقة والتزييف لأنه يضيع المسؤولية ويزرع الانهزامية ويفقد الثقة بالمؤسسات والعلم، كما حدث مع رفض اللقاحات خلال جائحة كورونا.
إعلان Published On 18/10/202518/10/2025|آخر تحديث: 23:18 (توقيت مكة)آخر تحديث: 23:18 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات نظریات المؤامرة نظریة المؤامرة قبل أن
إقرأ أيضاً:
محمد القس يقدم "واحد من الناس" لأول مرة
في مفاجأة فنية غير متوقعة، يطل الفنان محمد القس على مشاهدي قناة الحياة في حلقة خاصة من برنامج "واحد من الناس" الذي يقدمه الإعلامي د. عمرو الليثي، وذلك في التاسعة والنصف مساء الاثنين المقبل.
وتشهد الحلقة ظهورًا مختلفًا للفنان محمد القس، حيث يتولى لأول مرة تقديم البرنامج بنفسه، في تجربة جديدة يخوضها على شاشة الحياة، وسيطل على الجمهور مرتديًا الزي الخليجي في إطار طابع مختلف يميز هذه الحلقة الخاصة.
ويعد هذا الظهور هو الأول لمحمد القس داخل برنامج "واحد من الناس"، والذي يكشف خلاله العديد من الكواليس والأسرار المتعلقة بمشواره الفني، إلى جانب الحديث عن أعماله في الدراما والسينما، وما وراء بعض الشخصيات التي قدمها على الشاشة.
الحلقة المنتظرة تحمل كثيرًا من المفاجآت ويكشف خلالها القس جوانب جديدة من شخصيته الفنية، في تجربة استثنائية لمحبي البرنامج وجمهور الفنان.
يُذكر أن برنامج "واحد من الناس" يُعرض مساء الاثنين في تمام التاسعة والنصف على قناة الحياة.