علي الفاتح يكتب: ويسألونك عن الدولة الوطنية
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
الدفاع عن كرامة وحرية الدولة الوطنية العربية الحديثة وحماية استقلالها كان أحد أهم أهداف حرب أكتوبر المجيدة، لذلك هبَّت معظم الدول لمساندة مصر ضد العدو الصهيونى بصور وأشكال مختلفة.
ولأن عقل الدولة الوطنية الحديثة فى مصر أدرك مبكراً أنه لا مجال للنمو والاستقرار فى ظل بقاء أراضٍ عربية تحت الاحتلال الصهيونى، سارع الرئيس الراحل محمد أنور السادات إلى البناء على الانتصار العكسرى العظيم فى السادس من أكتوبر، بالمضى فى مسار السلام، وكانت كل الأراضى العربية المحتلة على أجندة التفاوض فى مبادرته.
رفض العرب مجتمعين الطرح المصرى، وفى الوقت ذاته لم يقدموا خياراً بديلاً لدعم القضية الفلسطينية، فتوحش الاحتلال وتجبَّر ليصل إلى ما وصلنا إليه اليوم.
كان من الطبيعى أن تنشأ حركات مقاومة وطنية تصد عدوان المحتل الذى مد أذرعه إلى لبنان، وكان من الطبيعى أيضاً أن تملأ إيران، الجمهورية الإسلامية الناشئة وقتها، الفراغ الذى خلَّفه العرب.
قد يكون من حقك البكاء على ما فات فهذا شأن يخصك، لكن المؤكد أنه ليس من حقك الاعتراض على الواقع الذى جد، وليس أمامك سوى محاولة احتوائه حتى لا تكون خسارتك مضاعفة.
جرائم الاحتلال الصهيونى طوال العقود الماضية جعلت عدم الاستقرار السمة الرئيسية للشرق الأوسط، وعطلت أغلب مسارات التنمية، وبات من الصعب الحديث عن خطط مستقبلية للتعاون الاقتصادى المشترك بين الأطراف العربية.
فى الوقت نفسه تباينت مواقف تلك الأطراف، ليس فقط إزاء الاحتلال الصهيونى (العدو المشترك) وإنما تجاه قضايا المنطقة المختلفة على مدار العقود الماضية، وصولاً إلى قضايا السودان وليبيا والصومال وأمن البحر الأحمر.
وسط كل ذلك بقى الموقف المصرى ثابتاً، يحافظ على السلام، ليس خوفاً من الكيان الصهيونى، أو احتراماً فقط لاتفاقية كامب ديفيد، وإنما دفعاً لشبح حرب إقليمية لم يغادر المنطقة يوماً، ولا يقوى على خوض غمارها أحد باستثناء مصر التى تملك أقوى جيوش الشرق الأوسط وأكثر شعوبها خبرة وعزماً، ويعلم العدو الصهيونى قبل غيره أنه أضعف من مجرد التفكير فى دخول مواجهة مع الجيش المصرى.
فى الواقع لم تفعل دول الإقليم ما يتعين عليها فعله من أجل تقوية وتعزيز مقومات الدولة الوطنية الحديثة، ليكون لديها ما تواجه به التحديات السياسية والأمنية التى أوجدها المحتل الصهيونى.
ومن ثم لم تجد ما تطرحه من آليات من شأنها أن تفرض على العدو الاستجابة لما عرضته من مبادرات تحت عنوان «الأرض مقابل السلام» ولأنها تعمل فرادى لم تستطع صياغة موقف استراتيجى موحد يوقف عدوان المحتل الغاشم على الشعب الفلسطينى طوال عام منصرم، وبالتبعية جرائمه ضد الشعب اللبنانى التى خلَّفت ضحايا بالآلاف خلال الأيام الأخيرة.
ما يشكل تهديداً حقيقياً على الدولة الوطنية العربية الحديثة ومخططاتها بشأن المستقبل هو استمرار احتلال الكيان الصهيونى للأراضى العربية فى فلسطين وسوريا ولبنان، وليست فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية كما يدّعى البعض.
بل وتُعد مواجهة مخططات الكيان الصهيونى فى غزة والضفة الغربية ولبنان دفاعاً عن استقلال الدولة الوطنية العربية، وعدم هزيمة فصائل المقاومة، ولا أقول انتصارها، يحمى دول المنطقة من غرور قادة الكيان الصهيونى ورغبتهم فى تغيير خريطة الشرق الأوسط على نحو يفرض هيمنة الكيان على باقى الإقليم.
وظنى أن هذه اللحظة هى الأنسب لاحتواء إيران حتى لا تعود إلى مقعد المصارع على النفوذ، خاصة فى ظل ما أعلنته دول الخليج العربى من موقف محايد تجاه صراع طهران العسكرى المحتمل مع الكيان الصهيونى.
بل إن تحالفاً بين «القاهرة والرياض وأنقرة وطهران» من شأنه نزع فتيل حرب مرتقبة وتحجيم الدعم الغربى لجرائم الإبادة فى المنطقة، وقد يكون شرطاً لنجاح مساعى ما يسمى بالتحالف الدولى من أجل إقامة دولة فلسطينية والذى أعلنت المملكة السعودية عن تشكيله مؤخراً بين عدد من الدول العربية والأوروبية، إذ يلزم لنجاح هذا التحالف أولاً وجود تعاون استراتيجى بين دول الإقليم الكبيرة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الدولة الوطنية كرامة حرية الکیان الصهیونى الدولة الوطنیة
إقرأ أيضاً:
وزيرا التخطيط والاستثمار يتابعان إعداد الاستراتيجية الوطنية للاستثمار الأجنبي
عقدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والمهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، اجتماعًا مع بعثة مجموعة البنك الدولي، لمناقشة تطورات إعداد الاستراتيجية الوطنية للاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، وكذلك مناقشة محاور «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية» التي تستهدف تحويل نموذج الاقتصاد المصري ليقوم على الإنتاج والقطاعات ذات القيمة المضافة.
وشهد الاجتماع عرضًا من مسئولي مجموعة البنك الدولي، حول النسخة النهائية من الاستراتيجية الوطنية للاستثمار الأجنبي المباشر، والخطوات المستقبلية فيما يتعلق بالقطاعات المستهدفة، في ضوء أولويات الدولة المصرية، وآليات التنفيذ، كما استعرض مسئولو البنك السياق العالمي للاستثمار الأجنبي المباشر، والفرص المتاحة للاقتصاد المصري في ضوء إمكانياته الكبيرة ومميزاته النسبية.
وأكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى البنك الدولي، أن «الاستراتيجية الوطنية للاستثمار الأجنبي المباشر»، تأتي في إطار الجهود التي تقوم بها الدولة المصرية لتنويع مصادر نمو الاقتصاد المصري والتحول للقطاعات الأعلى إنتاجية، مشيرة إلى التكامل ما بين الاستراتيجيات القطاعية خاصة على صعيد الاستثمار الأجنبي والتنمية الصناعية من أجل التركيز على القطاعات ذات الميزة النسبية والعمل على زيادة معدلات التنمية وتوفير فرص العمل والتشغيل.
وأشارت إلى الجهود التي تقوم بها الدولة لتعزيز كفاءة إدارة الاستثمارات العامة، وحوكمتها، ووضع سقف مُحدد للاستثمارات بما يحد من معدلات التضخم ويتيح المزيد من الفرص للقطاع الخاص، لافتة إلى أن التعاون الفني مع البنك الدولي لإعداد استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر يخدم هذا التوجه كما ينفذ توجيهات المجلس الأعلى للاستثمار بوضع رؤية واضحة للاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، فضلًا عن تعزيز جهود الدولة من أجل جذب وتشجيع الاستثمارات الخارجية في السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية.
ومن جانبه، أكد المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، أن المرحلة المقبلة ستركّز على تفعيل وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للاستثمار الأجنبي المباشر، من خلال التركيز على القطاعات ذات الأولوية التي تمتلك مصر فيها ميزات تنافسية واضحة، بما يضمن جذب استثمارات ذات جودة أعلى تُسهم في تعزيز النمو الاقتصادي، وتوفير فرص عمل لائقة، وتوسيع سلاسل القيمة المحلية في القطاعات الاستراتيجية، وأشار إلى أن الوزارة تعمل بالتنسيق مع الوزراء المختصين على إعداد وصياغة فرص استثمارية ، بما يدعم جهود الترويج لمصر كوجهة جاذبة للاستثمار في هذه القطاعات.
وأشار الوزير إلي أن تعزيز التكامل بين استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر وسياسات التجارة الخارجية يمثل أحد مرتكزات العمل خلال المرحلة المقبلة، حيث تسعى الوزارة إلى ربط خطط جذب الاستثمار بالفرص التصديرية المتاحة في الأسواق الإقليمية والدولية، ويهدف هذا التوجه إلى دعم القطاعات ذات الأولوية في التحول إلى قواعد إنتاجية موجهة للتصدير، بما يرفع القدرة التنافسية ويخلق فرصًا أوسع للاستثمارات الأجنبية ذات القيمة المضافة.
وأضاف الوزير، أنه وفي إطار الاستعداد المسبق لانضمام مصر لتقرير “جاهزية الأعمال – Business Ready” الصادر عن البنك الدولي، تعمل الوزارة بالتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية على رفع جاهزية منظومة الاستثمار في مصر ، بما يعزز قدرة الدولة على تحقيق تقدم ملموس في مؤشرات التقرير، وأكد أن الإصلاحات الجارية سيكون لها تأثير كبير في تحسين بيئة الأعمال وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، إذ تستند إلى تحسين البيئة التشريعية والتنظيمية، والتوسع في التحول الرقمي وإتاحة وشفافية البيانات، فضلًا عن تعزيز الكفاءة التشغيلية من خلال تقليص الوقت والتكلفة وعدد الإجراءات المرتبطة بدورة حياة المشروع.
ونوّه وزير الاستثمار والتجارة الخارجية على أن التركيز على هذه المنظومة المتكاملة من الإصلاحات يعزز ثقة المستثمرين ويدعم توجه الدولة نحو تحقيق أهداف الدولة المصرية للتنمية الاقتصادية المستدامة وفقا لرؤية مصر 2030.
وناقش الوزيران خلال الاجتماع المسودة النهائية للاستراتيجية، وآليات تنفيذها على أرض الواقع من خلال التركيز على 13 قطاع استراتيجي هي صناعة السيارات والصناعات المغذية، الصناعات الالكترونية، الصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية، الصناعات الكيماوية، صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، الأعمال الزراعية والتصنيع الغذائي، الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح)، الهيدروجين الأخضر، اللوجستيات والنقل، المستشفيات والمراكز الطبية، الفنادق والمنتجعات السياحية، خدمات التعهيد والاتصالات، مراكز البيانات، ومن بنيها 8 قطاعات جاهزة للترويج و5 قطاعات يجري بشأنها تنفيذ العديد من الإصلاحات.
كما تطرق الاجتماع إلى الترويج لبيئة الأعمال والاستثمار في مصر، وإعداد تقرير جاهزية الأعمال Business Ready، الذي يستهدف تحسين بيئة الاستثمار ومناخ الأعمال لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، عبر مجموعة واسعة من الإصلاحات والتشريعات وتيسير الخدمات المقدمة للمستثمرين.