تُعدّ فلسطين واحدة من الدول ذات أدنى معدلات الأمية عربيا وعالمياً، حيث سجل الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني نسبة 2.1% بين الأفراد الذين تبلغ أعمارهم 15 سنة فأكثر في عام 2023.

وفي الأراضي المحتلة عام 1948، بلغ معدل الأمية 3.6% بين الأفراد من الفئة العمرية ذاتها في عام 2017، وفقاً لبيانات جمعية الجليل (ركاز).



وسجلت الضفة الغربية انخفاضًا ملحوظًا في معدل الأمية، حيث تراجع من 14.1% في عام 1997 إلى 3.2% في عام 2023، بينما شهد قطاع غزة انخفاضًا من 13.7% إلى 1.9% خلال نفس الفترة، وفقًا لبيانات الإحصاء الفلسطيني.

ولكن يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي يريد تغيير هذه النسبة باستهدافه المؤسسات التعليمية وأبناء المجتمع الفلسطيني٬ مع دخول حرب الإبادة الجماعية على غزة عامها الأول بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وهربًا من نيران الاحتلال وسعيًا للأمان، لجأت العديد من الأسر في غزة إلى مدارس تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بالإضافة إلى مدارس حكومية وخاصة التي كانت أهدافا لمجازر إسرائيل.
#غزة: في اليومين الماضيين فقط، تعرضت ثلاث مدارس تابعة للأونروا للقصف في غزة. أفادت التقارير بمقتل ما لا يقل عن 21 شخصًا. كانت هذه المدارس مأوى لأكثر من 20,000 نازح. بعض المدارس تعرضت للقصف أكثر من مرة منذ بداية الحرب.

أكثر من 140 مدرسة تابعة للأونروا تعرضت للهجوم منذ 7 أكتوبر،… https://t.co/SdEglTm6NH pic.twitter.com/T0z56ZYTXg — الأونروا (@UNRWAarabic) October 3, 2024
الأرقام تتحدث
خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تعرضت جميع المدارس والجامعات في القطاع لاستهداف مباشر، حيث تم تدمير 123 مدرسة وجامعة بالكامل، وتضررت 335 جزئيًا، بالإضافة إلى استشهاد أكثر من 11 ألف طالب و750 معلماً ومعلمة، و100 أستاذ جامعي. وفقًا لآخر بيانات مكتب الإعلام الحكومي.

أما في الضفة وحسب تقرير صادر في آب/أغسطس الماضي عن مجموعة التعليم الدولية، وهي آلية تنسيقية تضم منظمات ووكالات تسعى لتلبية احتياجات التعليم أثناء الأزمات الإنسانية، فإن التحديات في الضفة الغربية المحتلة تشمل "استهداف المعلمين والطلاب بالعنف، والعمليات العسكرية الإسرائيلية والغارات على المدارس والمناطق المحيطة بها، وعنف المستوطنين، وتدمير المرافق التعليمية، والقيود على الحركة، والعوائق البيروقراطية".

وفي قطاع غزة، حرمت الحرب 625 ألف طفل في سن الدراسة من عام دراسي كامل بسبب الدمار الواسع الذي لحق بالمدارس والمنشآت التعليمية الأخرى، بحسب تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف.

وقد تعرض حوالي 93% من مدارس القطاع البالغ عددها 564 لأضرار جسيمة، حيث يتطلب 84.6% منها إعادة بناء كاملة، وفقًا للتقرير.

وأشار التقرير إلى أن تأثير الحرب المستمرة كان كارثيًا، حيث لم يتمكن 39 ألف طالب على الأقل من أداء امتحانات التوجيهي، وهي امتحانات الثانوية العامة التي تُعتبر حاسمة للانتقال إلى التعليم الجامعي. كما واجه أكثر من 21 ألف معلم صعوبة في العمل بسبب انعدام الأمن ونقص الأماكن التعليمية الآمنة.

ويُبرز التقرير أيضًا أن جميع أطفال غزة، الذين يبلغ عددهم 1.2 مليون طفل، يحتاجون إلى دعم عاجل في مجالات الصحة النفسية، بالإضافة إلى الدعم النفسي الاجتماعي، نظرًا للأثر العميق الذي تركته الحرب على حياتهم.

المدارس.. أهداف مشروعة!
بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني٬ ففي العام الدراسي 2022/2023، كان هناك 796 مدرسة في قطاع غزة، تتوزع بين 442 مدرسة حكومية و284 مدرسة تابعة لوكالة الغوث و70 مدرسة خاصة.

كما بلغ عدد الأبنية المدرسية في القطاع خلال نفس العام 550 مبنى، تشمل 303 مبانٍ حكومية و182 مبنى تابعاً لوكالة الغوث و65 مبنى خاصاً. وتعكس هذه الأرقام الحاجة الملحة إلى تعزيز التعليم في غزة، خاصة في ظل الظروف الحالية التي تؤثر سلباً على النظام التعليمي.
#غزة| مجزرة جديدة ضد نازحين فلسطينيين يرتكبها الجيش الإسرائيلي في إحدى مدارس الإيواء وسط مدينة غزة، مخلفًا ما لا يقل عن 100 قتيل.

لا شيء يبرر استهداف المدارس وقتل المدنيين! pic.twitter.com/rV4tqJOlxL — المرصد الأورومتوسطي (@EuroMedHRAr) August 10, 2024
وقبل الحرب، واجهت مدارس قطاع غزة تحديات كبيرة في استيعاب أعداد الطلاب المتزايدة، خاصة في المناطق الشرقية، مما أدى إلى اعتماد نظام الفترتين الصباحية والمسائية في بعض المدارس لتلبية هذا الطلب.

ووفقا لوكالة "الأونروا"٬ فإن أكثر من 600 ألف طفل في قطاع غزة يعانون من صدمات نفسية حادة ويحرمون من التعليم، حيث تحولت مدارسهم إلى مراكز إيواء مزدحمة بالنازحين وغير صالحة للتدريس.

وفي تصريحه عبر منصة "إكس"، قال فيليب لازاريني، مفوض الأونروا في 2 أيلول/ سبتمبر الماضي: "إن أكثر من 70% من مدارسنا في غزة تعرضت للتدمير أو الضرر، والغالبية منها أصبحت ملاجئ مكتظة بمئات الآلاف من الأسر النازحة، مما يجعلها غير صالحة للاستخدام التعليمي".

كما تم استخدام 70 مبنى مدرسي حكومي و145 مبنى مدرسي تابع لوكالة الغوث كأماكن إيواء للنازحين في قطاع غزة، مما يعكس التأثير الكبير للأزمة على النظام التعليمي. وهذا التحول أدى إلى تعطيل العملية التعليمية في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها النازحون.

ووفقاً لتوثيقات "المكتب الإعلامي الحكومي" و"الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني"، استهدفت قوات الاحتلال 172 مركز إيواء منذ بداية الحرب، بما في ذلك 152 مدرسة تابعة للأونروا ومدارس حكومية وخاصة، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 1040 نازحاً كانوا داخل هذه المراكز.

تشير التقديرات المحلية والدولية إلى أن الحرب أدت إلى نزوح نحو مليوني فلسطيني، ما يمثل 90% من سكان قطاع غزة الذين يبلغ عددهم حوالي 2.2 مليون نسمة. وقد لجأ مئات الآلاف من النازحين إلى المدارس، التي تحولت إلى مراكز إيواء مكتظة، تفتقر إلى الخدمات الأساسية وتنتشر فيها الأمراض.

ومع استمرار القصف الذي تسبب في تدمير عدد كبير من المدارس، تبرز تساؤلات هامة حول قدرة المدارس على استيعاب الطلاب بعد انتهاء الحرب. وكيف سيتمكن النظام التعليمي من التعافي بعد هذا الدمار؟ وما هي الخطط لتعويض الفاقد التعليمي للطلاب والمعلمين؟ هذه التساؤلات توضح الحاجة الملحة لاستراتيجيات فعالة لدعم التعليم في غزة وسط هذه التحديات الصعبة.

أين إعلان المدارس الآمنة؟
يذكر أنه في عام 2015، صادقت فلسطين على إعلان المدارس الآمنة في العاصمة النرويجية أوسلو، بالتعاون مع 110 دول أخرى. يمثل هذا الإعلان التزامًا سياسيًا يهدف إلى توفير حماية أفضل للطلاب والمعلمين والمدارس والجامعات أثناء النزاعات المسلحة. كما يسعى إلى دعم استمرارية التعليم خلال الحروب، ووضع إجراءات ملموسة لمنع الاستخدام العسكري للمؤسسات التعليمية.

وتتعهد الدول الموقعة على هذا الإعلان باتخاذ خطوات فعّالة، تشمل تقديم المساعدة لضحايا الهجمات، والتحقيق في مزاعم انتهاكات القوانين الوطنية والدولية وملاحقة مرتكبيها عند الاقتضاء. كما تلتزم هذه الدول ببذل جهود لضمان التعليم بأمان خلال النزاعات المسلحة وتعزيز تلك الجهود.

الجامعات.. أول ما تم استهدافه
كما حُرم طلبة الجامعات في غزة من حقهم في التعليم على مدار السنة الماضية ، مما أثر بشكل كبير على مستقبلهم الأكاديمي والمهني.
تخرج منها ثُلة من العلماء والأطباء والمهندسين .. الاحتلال يحول الجامعة الإسلامية في غزة إلى كومة من الركام pic.twitter.com/fFKWuoj0Vz — Tufan_Alaqsa طوفان الأقصى (@Tufan_ALaqssa) October 4, 2024 رداً على موقف الأزهر من مجازر الاحتلال الإسرائيلي ضد أهالي غزة، قوات الاحتلال تدمر جامعة الأزهر في القطاع.
جامعات، معاهد، مدارس، مؤسسات تربوية، كلها تحت القصف.
الجميع مستهدف، مع قرابة عشرة آلاف قتلتهم آلة الحرب الإسرائيلية.
وما يزال الغرب يمتنع عن الدعوة لوقف إطلاق النار pic.twitter.com/WboBBusOlK — د. محمد جميح (@MJumeh) November 4, 2023
يذكر أن فلسطين تضم 51 جامعة وكلية مجتمع، بإجمالي عدد طلبة بلغ حوالي 226 ألف في عام 2023. من بينها، تقع 18 جامعة وكلية في قطاع غزة، تخدم نحو 87 ألف طالب.

ولعبت هذه المؤسسات دورًا محوريًا في تعزيز الثقافة والقيم الوطنية الفلسطينية، وأسهمت بفعالية في رفع مستوى الوعي الوطني. يُعد التعليم العالي في فلسطين ركيزة أساسية للبقاء والنضال من أجل الحرية.

الجامعة الإسلامية.. عقل غزة
في بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، استهدفت الطائرات الحربية الجامعة الإسلامية بعدة غارات، مما أسفر عن تدمير عدد كبير من مبانيها. وفي غضون شهر، قامت القوات البرية الإسرائيلية، مدعومة بالدبابات والجرافات، باجتياح المناطق الغربية من مدينة غزة، مما ألحق أضراراً جسيمة بالبنية التحتية وأصاب العديد من المنشآت التعليمية في المنطقة، بما في ذلك وزارة التربية والتعليم وأربع جامعات أخرى.
تغطية صحفية: "سلاح الجو التابع لجيش الاحـ ـتلال يستهدف مبنى في الجامعة الإسلامية في غزة" pic.twitter.com/9KE7cXJvbY — القسطل الإخباري (@AlQastalps) January 18, 2024
كما تعرضت بعض المباني الجامعية للحرق، في حين دُمّرت أخرى بالكامل، مما أدى إلى تعميق الأزمة التعليمية في القطاع.

وتتمتع الجامعة الإسلامية في غزة بسمعة أكاديمية مرموقة على المستويين المحلي والدولي، حيث أسست على مدار أكثر من أربعة عقود علاقات أكاديمية مع العديد من الجامعات والمنظمات العالمية بهدف التعاون في الأبحاث المشتركة، تنظيم المؤتمرات، وتبادل الأساتذة والطلاب.

وقد تخرج من الجامعة آلاف الطلاب الذين يشغلون الآن مناصب هامة في مؤسسات محلية ودولية متنوعة.

وتضم الجامعة الإسلامية إحدى عشرة كلية، وبلغ عدد طلابها قبل الإبادة الجماعية حوالي 17 ألف طالب، منهم 63% طالبات. ووفرت الجامعة بيئة تعليمية متقدمة تشمل تقنيات حديثة مثل مختبرات الحاسوب، التعليم الإلكتروني عبر برنامج "مودل"، ومؤتمرات الفيديو، بالإضافة إلى مرافق متطورة مثل المكتبات، الحدائق، الصالات الرياضية، والملاعب.

كما قدمت الجامعة دعماً شاملاً للطلاب من ذوي الإعاقة الجسدية والبصرية والسمعية عبر منح دراسية ومساعدات خاصة من مكتب مختص بتلبية احتياجاتهم.

لن نفقد الأمل.. إلى الخيمة من جديد
وفي ظل هذه الأجواء برزت مبادرات أهلية تطوعية لتعويض الأطفال عن خسائرهم التعليمية. من أبرز هذه المبادرات إنشاء مدرسة داخل مخيم نازحين في خان يونس جنوب القطاع، حيث تضم مئات الأطفال.
في غزة هنالك إدراك لطول أمد الحرب ومن أجل انقاذ الأجيال القادمة هنالك إصرار على تعليمهم رغم انعدام الإمكانيات.

مدرسة التحدي في مواصي خانيونس تجربة تستحق الدعم والمساندة.

مثل هذه التجارب هي جزء لا يتجزأ من المعركة،... pic.twitter.com/L8cf1aHlXc — yaseenizeddeen (@yaseenizeddeen) September 30, 2024
تحولت خيمة كبيرة داخل مركز إيواء في منطقة "المواصي" بغرب خان يونس إلى مدرسة تطوعية، تهدف إلى تعليم الأطفال المنهج الفلسطيني وتخفيف الضغط النفسي الناجم عن الحرب من خلال الأنشطة الترفيهية. ومع تزايد الدمار والنزوح، أصبحت مدارس غزة مراكز إيواء، مما أدى إلى تعقيد الوضع التعليمي بشكل أكبر.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة عربية فلسطين غزة مدارس الجامعات فلسطين غزة جامعات مدارس عام على الطوفان المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجامعة الإسلامیة التعلیمیة فی بالإضافة إلى فی قطاع غزة فی القطاع pic twitter com ألف طالب أکثر من أدى إلى فی عام فی غزة

إقرأ أيضاً:

مسؤول أممي سابق لـعربي21: يجب فرض عقوبات دولية رادعة على إسرائيل

دعا المسؤول الأممي السابق وكبير مستشاري القضية الفلسطينية في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، ليكس تاكنبرغ، قادة المجتمع الدولي إلى ضرورة "فرض عقوبات رادعة على إسرائيل، وأن يُشجّعوا على ىسحب الاستثمارات من الشركات التي تُمكّن الاقتصاد الإسرائيلي من مواصلة الحرب، والتوقف ليس فقط عن توريد الأسلحة لإسرائيل، بل أيضا التوقفعن شراء الأسلحة الإسرائيلية وبرمجيات المراقبة والمعدات الإسرائيلية الأخرى".

وأكد تاكنبرغ، مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "سياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل منذ بدء العدوان، قبل 19 شهرا، تُعد جريمة حرب تُستخدم كسلاح إبادة جماعية"، مشيرا إلى أن "المجتمع الدولي التزم الصمت طويلا، مما منح إسرائيل غطاءً لمواصلة عدوانها، قبل أن يبدأ هذا الصمت بالتصدع مع تزايد الغضب الشعبي العالمي ووضوح مواقف الخبراء القانونيين".

ولفت المسؤول الأممي السابق، إلى أن "هناك تحوّلا في موقف بعض الدول الغربية التي بدأت تدين علنا الإبادة الجماعية، وتكشف الوجه الحقيقي للحرب على غزة"، مرجّحا أن السبب في هذا التحول هو "الخوف من أن يُنظر إليهم في المستقبل كمتواطئين في الجرائم المرتكبة".

وفيما يتعلق بمحاسبة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، قال تاكنبرغ إن "الحكم النهائي في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل قد يستغرق عاما أو أكثر، لكنه سيكون ذا أهمية قانونية وتاريخية بالغة، لأنه سيضع إطارا قانونيا واضحا حول طبيعة جرائم إسرائيل ومسؤوليتها كدولة".

وشدّد تاكنبرغ على أن "الاعتراف بوقوع الإبادة الجماعية في غزة يفرض التزامات قانونية على الدول، من بينها فرض العقوبات الرادعة ووقف الدعم العسكري والاقتصادي لإسرائيل"، مطالبا بوقف فوري لإطلاق النار واستئناف العملية السياسية كخطوة أولى لوقف المجازر.

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

كيف تقيّمون عملية توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة؟


لقد شاهدنا خلال الأيام القليلة الماضية أن الخطة الإسرائيلية-الأمريكيةالرامية إلى تجاوز النظام الإنساني المتعارف عليه منذ زمن طويل من المجتمع الدولي، والأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكوميةفشل تماما، كما توقع العديد منا منذ أسابيع، منذ أن تم الإعلان عن تفاصيل الخطة الجديدة.

لقد شاهدنا الصور المروّعة لمئات الفلسطينيين الجائعين في غزة وهم يحاولون الوصول إلى ما يُطلق عليه "نقاط توزيع آمنة" أنشأها هذا النظام الجديد، مما أدى إلى فوضى مأساوية ومعاملة لا إنسانية للفلسطينيين، وإصابة العشرات ومقتل أحدهم، وهذا يُظهرالقصور التام في هذا النظام الجديد.

ما يُطلق عليه "مؤسسة غزة الإنسانية" ليست سوى ستار للتغطية على حرب الإبادة الإسرائيلية الجارية ضد الفلسطينيين، بما في ذلك التطهير العرقي، واستخدام التجويع كسلاح حرب.

يبدو أن حكومة نتنياهو –وقد صرّحت بذلك أيضا- أدركت أن الحرمان الكاملمن الغذاء، ومواصلة الحصار التام على الغذاء، أمر لا يمكن تسويقهللعالم، لذلك حاولوا خلال الأشهر الماضية إنشاء نظام بديل، لكن كما أوضحتمنظمات الأمم المتحدة المختلفة، فإن هذا النظام البديل لا يستوفي الحد الأدنى من المعايير الإنسانية، مثل الحياد، والاستقلال، وعدم التحيّزولا حتى المعايير الأساسية للكرامة الإنسانية ومبدأ "عدم الضرر".

في ظل النظام القائم التابع للأمم المتحدة، كان هناك أكثر من 400 نقطة توزيع يتم عبرها تقديم الغذاء والمساعدات الإنسانية الأخرى لأكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة.

أما في ظل النظام الجديد، فلن يكون هناك سوى أربع نقاط توزيع كحد أقصىبالنسبة لهذا العدد من السكان. كيف يمكن لنقطة توزيع واحدة أن تخدم نصف مليون شخص؟،هذا أمر مستحيل وخطير وغير إنساني، كما ذكرت سابقا.

نعم، إنه كما قلت ليس سوى ورقة توت وستار للتغطية على خطط إسرائيل المستمرة لتطهير قطاع غزة عرقيا.

ما تقييكم لموقف الأمم المتحدة من آلية توزيع المساعدات في غزة؟

كما ذكرتُ في إجابتي السابقة فإن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكوميةأو ما أسميه المجتمع الدولي الإنساني ككل رفض هذه الخطة للأسباب التي ذكرتها سابقا؛ فهي لا تلبي الحد الأدنى من المعايير المهنية لتقديم المساعدات الإنسانية، والتي تم تطويرها على مدى عقود إن لم يكن أكثر من ذلك، وهي في جوهرها أداة إضافية لمواصلةالتطهير العرقي، بل تسهيله، لأنه من أجل الحصول على المساعدات ضمن ما يسمى"مؤسسة غزة الإنسانية"، يجب على اللاجئين السير إلىواحدة من نقاط التوزيع الأربع، والتي يبدو أن اثنتين منهم فقط تم إنشاؤهما في الوقت الحالي.

ومن أجل ذلك يتم إبعادهم أكثر عن المناطق التي يريد الجيشوالحكومة الإسرائيلية تطهيرها وطرد الفلسطينيين منها.

لذلك، ناهيك عن كونه مجرد ستار للتغطية على استمرار الحرب، فإن النظام الجديد للمساعداتيُستخدم أيضا كأداة لفرض التهجير القسري على السكان الفلسطينيين.

ما هو موقف المجتمع الدولي من سياسة التجويع التي تتبعها إسرائيل في غزة؟ 

التجويع في غزة، واستخدام الحصار، واستخدام حرمان الناس من الغذاء والمساعدات الإنسانية الأخرى والكهرباء والمياه والوقودفي سياق الحرب الإسرائيلية الجارية، بدأ تقريبا منذ بداية الحرب قبل 19 شهرا. وكما رأينا، فقد ظل المجتمع الدولي صامتا لفترة طويلة جدا ودعم في البداية إسرائيل بقوةبعد هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ثم استمر في التأكيد على "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس" بشكل غير مناسب تماما ومُخالف للقانون الدولي، لأن الدفاع عن النفس لا يمنح إسرائيل الحق في الغزو وشنّ حرب إبادة جماعية ضد سكان أرض محتلة؛ فهذا لا يحدث في إسرائيل ذاتها، بل يحدث في أرض قالت محكمة العدل الدولية إن على إسرائيل الانسحاب منها هي والضفة الغربية.

لقد ظل المجتمع الدولي صامتا لوقت طويل جدا، وبالتالي مكّن إسرائيل من الاستمرار. مؤخرا فقط، مع تفاقمالمجاعة والتجويع في قطاع غزة وانتشار الصور المروّعةعلى شاشات هواتفنا وتلفزيوناتنا، ومع تصاعد غضب المجتمع المدني فيالعديد من البلدان والمدن الكبرى حول العالم، الذين خرجوا للتظاهر، ومع بدء وسائل الإعلام في الاعتراف بأن ما يحدث ليس مجرد حرب بين طرفين،بل هو بالفعل إبادة جماعية، ومع تصاعد وضوح الخبراء الدوليين في القانونوالإبادة الجماعية في إدانة ما يحدث، بدأنا نلاحظ أن هناك بداية تغيير في موقف المجتمع الدولي تجاه الحرب الإسرائيلية، وخاصة تجاه سياسة التجويعالإسرائيلية في غزة.

إسرائيل تقصي نفسها عن المجتمع الدولي الذي يجب ألا يتجاهل المجازر المروعة وشبه اليومية في غزة، ولا يمكن أن ننتظر أكثر من ذلك، ولا يمكن أن يكون الوضع أكثر فظاعة مما نشهده الآن. نحن نشهد تطهيرا عرقيا خطيرا بحق المدنيين في قطاع غزة، والمشكلة هي الإرادة السياسية، ليست فقط الإرادة السياسية في إسرائيل، بل أيضا الإرادة السياسية في الولايات المتحدة التي هي الداعم الأكبر لتل أبيب، وكذلك الإرادة السياسية لدي باقي دول المجتمع الدولي، من أجل إجبار إسرائيل على وقف الحرب وإدخال المساعدات إلى غزة، وعلينا أن نقول بصوت عالٍ: يجب إنهاء تلك المأساة الآن وفورا.

هل تشعر أن هناك تحولا ملموسا في موقف الدول الغربية تجاه الجرائم الإسرائيلية في غزة؟

الضغط على القادة الغربيين للتخلي عن دعمهم الأعمى لإسرائيل في بداية الحرب كان يتصاعد خلال الأشهر والأسابيع الماضية، بالتحديد مع ظهور آثار الحصار الأخير ومنذ أن انتهكت إسرائيل وقف إطلاق النار من جانب واحد في بداية شهر آذار/ مارس، وضد سياسة التجويع التي تسببت في المجاعة الحالية، والتي تأتي في أعقاب 19 شهرا من حرب الإبادة المستمرة.

لذلك، بدأ القادة الغربيون يرون أنهم مُضطرون للاختيار بين الاستمرار في دعم إسرائيل من جهة، أو من جهة أخرى المخاطرة بالتعرض لاتهامات من إسرائيل أو منظمات مؤيدة لها بأنهم معادون للسامية.

لكنهم رغم ذلك، بدأوا يتحدثون علنا، بدأوا ينددون علنا بالإبادة الجماعيةوبسياسة التجويع. ورأينا عددا من الساسة الغربيينيخرجون أخيرا عن صمتهم بعد طول انتظار، ليعلنوا وصف وتسمية الحرب على حقيقتها.

وقد أشار عدد من القادة الأوروبيين إلى أنها إبادة جماعية، وقد رأينا أنه بمجرد أن خرج بعض القادة البارزين بمواقف واضحة، بدأ العديد من الآخرين يتبعونهم بسرعة، على ما يبدو خوفا من أن يكونوا في نهاية المطاف في الجانب الخاطئ من التاريخ، وأن يُنظر إليهم كمتواطئين في تنفيذ الإبادة الجماعية.

هذه خطوة مهمة، لكن الاعتراف بطبيعة ما تفعله إسرائيل فيقطاع غزة، وبشكل متصاعد أيضا في الضفة الغربية، يحمل معه مسؤوليات؛ فليس الحديثوحده كافيا.

بموجب القانون الدولي، جميع الدول مُلزمة بألا تكون متواطئة وألا تدعمأعمال الإبادة الجماعية، أو أيّا من الجرائم ضد الإنسانيةأو جرائم الحرب، ويجب أن تُتخذ خطوات فعلية لوقف ذلك، وهذا يعني أنه مع اعتراف القادة الآن بما يجري، فإن عليهم الآن واجبا قانونيايصعب عليهم إنكاره.

يجب عليهم فرض عقوبات رادعة وقوية على إسرائيل، وأن يشجعوا على سحب الاستثمارات من الشركات التي تمكّن الاقتصاد الإسرائيلي من مواصلة الحرب، والسماح والدعوة لمقاطعة تلك الشركات، والتوقف ليس فقط عن توريد الأسلحة لإسرائيل، بل أيضا التوقف عن شراء الأسلحة الإسرائيليةوبرمجيات المراقبة والمعدات الإسرائيلية الأخرى، حيث تتورط أكثر من 100 دولة في شراء هذه الأسلحة والمعدات والأجهزة والبرامج من إسرائيل، وهو ما يسمح للاقتصاد الإسرائيلي بمواصلة الحرب.

هذه الآن هي الخطوة التالية التي يجب أن نراها، يجب على القادة الغربيين أن يستخلصوا الدروس من هذه الاستنتاجات ويتخذواإجراءات ملموسة لوقف التجويع، ولن يتحقق ذلك إلا بوقف إطلاق نار شاملوإنهاء الحرب ثم استئناف العملية السياسية.

هل تعتقد أن هناك تنسيقا أوروبيا - أمريكيا لتصعيد الضغط على رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؟  

إنه مزيج من بعض الجهود المنسقة؛ فقد رأينا مثلا بيانا مشتركا بينبريطانيا وفرنسا وكندا يدين بشدة سياسة التجويع الإسرائيلية، ويُهدّد بعواقب إذا لم تتوقف تلك السياسة.

بالتوازي مع ذلك، نرى الأثر النفسي لتغيير عدد من القادة المؤثرينلهجتهم بشكل مفاجئ، مما دفع قادة آخرين كانوا مترددين أو متفرجينللشعور بالضغط وقرّروا الانضمام إلى أولئك الذين اتخذوا مواقف صارمة.

لذلك، هو مزيج من التنسيق والضغط النفسي، الضغط من أسفل لأعلى، من المظاهرات المتزايدة في دول الغرب، ومن أفراد المجتمع المدني لاستغلال القوانين والضغط بهذا الاتجاه.

إلى أي مدى تعتقد أن الضغط الأوروبي والأمريكي سينجح في إنهاء الأزمة الإنسانية والحرب في غزة؟

من الواضح جدا أن الضغط المباشر الوحيد القادر على إجبار إسرائيل على التوقفهو أن تعلن إدارة ترامب، وتحديدا ترامب نفسه، بوضوح أنه "يجب أن تتوقف الحرب الآن"، وليس فقط أن يذكر ذلك ضمن منشور عابر على وسائل التواصل الاجتماعي، أو في أحد مقابلاته الإعلامية العديدة، بل أنيوجهرسالة واضحة لا تحتمل التأويل إلى نتنياهو، وهذا ما سيوقف الحرب فعلا.

والسؤال الآن هو: كيف نصل إلى هذه النقطة؟، وكيف يمكن للآخرين أن يلعبوا دورا في ذلك؟،أوروبا مهمة جدا؛ فالقادة الأوروبيون هم الكتلة التالية من القادة الذين سمحوا باستمرار الحرب، وما أعتقد أنه مهم للغاية أيضا، هم قادة دول الخليج.

ترامب كان مؤخرا في الخليج، حيث زار الإمارات وقطر والسعودية، وهو يرى أن هناك فرصا هائلة للاستثمار والأعمال.

لكن الحرب وصور الأطفال الجائعين لا تخلق المناخ المناسب لصفقات اقتصادية ناجحة.

أعتقد أن هذا ما بدأ يدفع ترامب لأن يكون أكثر انتقادا وأكثر نفادا للصبر وانزعاجا من مناورات نتنياهو المستمرة.

ومن المهم أن يقوم قادة الخليج بتذكير ترامب بمحادثاتهمخلال زيارته للخليج ويواصلوا الضغط عليه، جنبا إلى جنب مع القادة الأوروبيينلوقف هذه الحرب.

هل أعتقد أن ذلك سينجح؟، نعم أعتقد ذلك، لأن إسرائيل لا تمتلك رؤية ولا تمتلك استراتيجية، والسبب في استمرار الحرب هو اعتباراتسياسية داخلية، وتهديدات أحزاب ورموز اليمين المتطرف المستمرة لنتنياهو بالانسحاب من الائتلاف الحكومي في حال رضخ للضغط الأمريكي والضغوط الأوروبية، ووافق على وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، لأن ذلك لن يؤدي فقط إلى إسقاط الحكومة، بل سيؤدي إلى نهاية مسيرة نتنياهو السياسية؛ إذ يواجه نتنياهو عدةقضايا فساد داخلية وهي جارية حاليا، إضافة إلى مذكرات اعتقال صادرة عنمحكمة العدل الدولية.

لذلك، فإن سقوط حكومته يعني على الأرجح بداية محاكمتهوسجنه في النهاية. ومن المؤسف أن هذا الخوف الشخصيوهذه الاعتبارات الشخصية هي على الأرجح السبب الرئيسي الوحيد الذي حالحتى الآن دون إجبار إسرائيل على وقف الحرب المستمرة.

ما توقعاتكم بشأن الحكم المرتقب من محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة في غزة؟ ومتى سيصدر؟ 

فقط للتذكير جنوب أفريقيا رفعت دعوى قضائية ضد إسرائيل بموجباتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية مُتهمةً إسرائيل بأن ممارساتها خلال حربها منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023تُشكّل ممارسات إبادة جماعية ينطبق عليها تعريف الإبادة الجماعيةبموجب الاتفاقية، حيث القتل العمد وتشويه سكان غزة، وكذلك فرض ظروف معيشية تجعل من بقاء المجموعة مستحيلا، وهذه عناصر أساسية ضمنتعريف الإبادة الجماعية في الاتفاقية.

محكمة العدل الدولية، في كانون الثاني/ يناير من العام الماضي أصدرت بيانا يفيد بأن جنوب أفريقيا أثبتت احتمال انتهاك حقوق الفلسطينيين بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعيةأي أن هناك قضية أولية وأدلة أولية على ارتكاب إبادة جماعية، وذلك في انتظار تقدم إجراءات المحكمة. كان هذا قرارا مؤقتا يتضمن أوامر فورية للحكومة الإسرائيلية لوقف ممارسات الإبادة فورا. أوامر مُلزمة قانونيا، وهذه الأوامر تم تكرارها وتوسيعها في أحكام لاحقة، إذا لم أكن مخطئا، في آذار/ مارس وأيار/ مايو من العام الماضي، لكنها كانت أحكاما مؤقتة، والقضية ما تزال جارية.

جنوب أفريقيا قدّمت أدلتها، والآن إسرائيل ستحصل على الفرصة، بما أنها قضية بينها وبين جنوب أفريقيا، سيكون أمامها فرصة للرد وتقديم أدلتها المضادة إذا رغبت في ذلك، ثم سوف تُعقد جلسة استماع قد تستمر لأسبوع تقريبا بحضور الطرفين، وربما بحضور شهود وخبراء، وتقديم الأدلة، ثم سيصدر الحكم النهائي.

وأعتقد أن ذلك سيستغرق سنة أخرى على الأقل، وربما سنة ونصف قبل أن يصدر الحكم النهائي.

ما يمكننا قوله الآن هو أن هذه العملية القضائية مهمةكحكم قانوني على الحرب الإسرائيلية من أجل وضع إطار قانوني واضحلتقييم ما إذا كانت إسرائيل قد ارتكبت فعلا إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، وربما عناصر أخرى، لأن الإبادة مظلة تضم تحتها عددا من الجرائم الدولية التي تُرتكب بنيّة واضحة، وحتى إن ارتكبت كل واحدة منها على حدة، فإنها تظل مخالفة للقانون الجنائي الدولي.

وبالتالي فإن هذا الحكم سيُشكّل قرارا قانونيا، لكن الحقيقة أن هذا الإجراء يستغرق عدة سنوات من لحظة البدء وحتى صدور الحكم، ما يعني أنه ليس أداة من أجل وقف الحرب بشكل فوري؛ فهذه المسؤولية تقع على عاتق المجتمع الدولي.

ليست لدينا حكومة عالمية يمكنها محاسبة إسرائيل. لدينا أمم متحدة غير مثالية حيث لا يزال مجلس الأمن تحت هيمنة الدول الخمس الدائمة العضوية التي تمتلك حق الفيتو. لكن مع ذلك، الحكم سيكون في غاية الأهمية، لأنه سيقدم الجواب القانوني النهائي حول طبيعة سلوك إسرائيل، وسيكون لهذا أيضا أهمية حاسمة فيما يتعلق بالمسؤولية الجنائية الفردية، وكذلك مسؤولية دولة إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يفرض عليها واجب تقديم تعويضات، وهذا بطبيعة الحال أمر بالغ الأهمية.

توقعاتي بشأن الحكم مثلما ذكر العديد من الخبراء القانونيين وخبراء الإبادة الجماعية، أن المحكمة ستجد أن هذه الحالة تمثل نموذجا للإبادة الجماعية بكل عناصرها، بما في ذلك حقيقة أن غزة أصبحت غير قابلة للحياة، وأن البنية التحتية الأساسية التي تمكّن الناس من البقاء على قيد الحياة قد دُمّرت تماما.

وأيضا التصريحات الواضحة جدا من مسؤولين إسرائيليين، والتي تُظهر نية الإبادة بشكل علني حتى هذه اللحظة، وبدلا من التراجع أو الخوف من المساءلة القانونية، يبدو أن القادة والسياسيين الإسرائيليين أصبحوا أكثر حدة في التعبير عن نيتهم في الإبادة، والتهجير القسري، والقتل، وتشويه سكان غزة.

لذلك، لا شك لديّ أن محكمة العدل الدولية ستجد أن إسرائيل قد ارتكبت جريمة إبادة جماعية.

كيف تقيّم مجمل المساعي الرامية لمحاسبة إسرائيل في المحاكم الدولية؟

الجهود موجودة وكانت قوية كما رأينا، جنوب أفريقيا استغرقت بضعة أشهر لجمع المعلومات الأولية وتقديم الدعوى. قدّمت الدعوى قبل نهاية عام 2023، بعد أشهر قليلة فقط من بدء الحرب. وفي نفس الوقت، كانت المحكمة الجنائية الدولية منخرطة بالفعل في التحقيق حول الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي والجرائم الدولية المحتملة بموجب نظام روما الأساسي، وقد أصدرت مذكرات اعتقال. نعم استغرق الأمر عاما كاملا منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لكن على الأقل هناك عمل قد تم إنجازه، وآليات المحاسبة الدولية تم تفعيلها وتم استخدامها.

كما ذكرت سابقا هذه الآليات مهمة من أجل المساءلة القانونية مستقبلا وتقديم تعويضات. لكنها ليست كافية أو قوية بما يكفي لوقف الإبادة الجماعية بشكل فوري.

هذا لا يمكن أن يحدث إلا من خلال تحمل الدول الفاعلة في المجتمع الدولي مسؤولياتها وأن تقول هذا يكفي، هذا يجب أن يتوقف فورا.

مقالات مشابهة

  • “صحة غزة” تحذر من انهيار ما تبقى من مؤسسات صحية في القطاع
  • دموع تماسيح الليبرالية المُحتضَرة
  • الأمم المتحدة: هجمات إسرائيل على المدارس «جرائم حرب»
  • تصاعد العنف المدرسي في أوروبا .. النمسا وفرنسا تدقان ناقوس الخطر
  • التربية تُصدر بيانا بشأن ضحايا التعليم في فلسطين منذ بدء الحرب
  • وزير التربية والتعليم لـ سانا: التعليم ركيزة أساسية للتنمية وبناء سوريا الجديدة ‏
  • تظاهرات في سويسرا احتجاجاً على استمرار حرب الإبادة الصهيونية في غزة
  • حملة إسرائيلية دعائية مدفوعة لتبرير جرائم الإبادة في قطاع غزة
  • “حماس”: العدو الإسرائيلي حول مراكز المساعدات لمصائد موت ممنهجة
  • مسؤول أممي سابق لـعربي21: يجب فرض عقوبات دولية رادعة على إسرائيل