لم يكن الفشل الاستخباراتي الإسرائيلي الكبير عند انطلاق عملية طوفان الأقصى، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، يرجع إلى أسباب داخلية أمنية بقدر ما هو أكبر عملية خداع إستراتيجي لجيش الاحتلال.

ولم يقتصر هذا الخداع على ما فعلته المقاومة من إعداد تجهيز واسعين طوال سنوات طويلة، إنما أيضا فيما لم تفعله وعدم المشاركة في الرد على التصعيد الإسرائيلي ضد قطاع غزة في أيار/ مايو من العام ذاته، واغتيال 6 قيادات من سرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي.

 

وكان إعلام الاحتلال منشغلا حينها بمرور 50 عاما على حرب السادس من أكتوبر 1973 وتحليل "لماذا فاجأت تلك الحرب إسرائيل؟"، بينما جاء السابع من أكتوبر ليفاجئ الإسرائيليين بهجوم غير مسبوق، وكان هذا المرة من حركة مقاومة وليس من دولة.

View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
ولن تقتصر المفاجأة على جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية، بل فاجأت العالم أجمع، وزاد من مفاجأتها أنها لم تقتصر على اللحظة الأولى، بل ما زالت مستمرة بعد أكثر من 72 ساعة، إضافة إلى ما حققته من نتائج.


وجاء هذا النجاح رغم أن غزة وحدودها لا تغيب عن المراقبة الإسرائيلية أبدا من خلال طائرات المراقبة المسيّرة والحدود شديدة التأمين والمليئة بالكاميرات الأمنية والجنود الذين يحرسونها، إضافة إلى العملاء داخل غزة، واستخدام التكنولوجيا في جمع المعلومات.

لكن رغم كل ذلك، فقد نجح "الطوفان"، وبدا أن عيون إسرائيل كانت "مغمضة" في الفترة التي سبقت الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس.

ويُرجّح أن حجم الإخفاق الاستخباراتي والفشل الإسرائيلي في التعامل مع عناصر كتائب القسام سيبقى طي الكتمان حتى بعد الفحص وتشكيل لجان تحقيق، نظرا إلى أن "إسرائيل" بمختلف أجهزتها ومؤسساتها أخفقت في التعامل مع الفلسطينيين.

على مدى عامين، نفذت حركة حماس وجناحها العسكري حملة خداع إستراتيجي دقيقة، الأمر الذي مكّن قوة تستخدم الجرافات والطائرات الشراعية والدراجات النارية من التغلب على جيش يُوصف بأنه "أقوى جيش في الشرق الأوسط، والجيش الذي لا يُقهر".

وشملت عملية الخداع إبقاء خطط حماس العسكرية طي الكتمان، وإقناع "إسرائيل" بأن الحركة لا تريد القتال. 


ونقلت وكالة رويترز عن مصدر مقرب من حماس قوله حينها، إنه "بينما كانت إسرائيل تعتقد أنها احتوت حماس التي أنهكتها الحرب من خلال توفير حوافز اقتصادية للعمال في غزة، كان مقاتلو الجماعة يتم تدريبهم، وغالبا على مرأى من الجميع".

وأضاف المصدر أن "حماس استخدمت تكتيكا استخباراتيا غير مسبوق لتضليل إسرائيل خلال الأشهر الماضية، من خلال إعطاء انطباع عام بأنها غير مستعدة للدخول في قتال أو مواجهة مع إسرائيل في أثناء التحضير لهذه العملية الضخمة".

وكشف أنه في أحد العناصر الأكثر لفتا للانتباه في استعداداتها، قامت حماس ببناء مستوطنة إسرائيلية وهمية في غزة، حيث تدربت على الإنزال العسكري وتدربت على اقتحامها.

وأشار إلى أنه من المؤكد أن إسرائيل رأتهم، لكنهم كانوا مقتنعين بأن حماس لم تكن حريصة على الدخول في مواجهة، بعد أن أقنعت "إسرائيل" بأنها مهتمة أكثر بضمان حصول العمال في غزة على فرص عمل عبر الحدود، وليس لديهم مصلحة في بدء حرب جديدة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية المقاومة غزة غزة المقاومة طوفان الاقصي عام على الطوفان المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

كاتب إسرائيلي: حماس تسعى لتحويل خطة ويتكوف إلى مكسب إستراتيجي

تراهن القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية على أن الضغط الميداني المتزايد، مقرونا بتشديد القيود الإنسانية، سيدفع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى القبول بخطة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

ويفند الكاتب الإسرائيلي تسفي برئيل هذا الافتراض، الذي يقول إنه لا يصمد أمام الواقع السياسي والعسكري، وقد يتحوّل إلى إنجاز إستراتيجي لحركة حماس، يعزز مكانتها بدلا من تقويضها.

وكان المبعوث الأميركي قد توافق مع حماس على خطة لوقف الحرب ولإطلاق المساعدات الإنسانية بآلية دولية، إلا أن معارضة إسرائيل لها دعته لإطلاق خطة جديدة تبنّتها تل أبيب لاحقا، فيما طالبت حماس بإدخال تعديلات عليها تضمن الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، وعودة تطبيق بروتوكول المساعدات الإنساني الذي تقوده مؤسسات الأمم المتحدة.

فشل الخطة الإسرائيلية

وفي مقال تحليلي نشرته صحيفة هآرتس، اليوم الثلاثاء، اعتبر برئيل أن التقدير الإسرائيلي بأن الضغط العسكري والإنساني "سيُجبر حماس على الانكسار والرضوخ"، لم يتحقق على الأرض. "فعلى الرغم من الدمار الهائل، وبلوغ عدد القتلى نحو 60 ألف شخص، بينهم آلاف النساء والأطفال، لم تفرج حماس عن الأسرى، ولا تزال الطرف الوحيد القادر على التفاوض بشأنهم".

إعلان

ويضيف أن "الضغط العسكري"، وهو مصطلح تستخدمه إسرائيل لوصف عمليات التدمير الواسعة والقتل الجماعي وتهجير السكان، لم يؤدِ حتى الآن إلى نتائج ملموسة. بل على العكس، فإن "القضاء على قيادة حماس العسكرية والسياسية في غزة وخارجها أضعف قبضتها، لكنه لم يسلبها موقعها المركزي كصاحبة الكلمة الفصل في أي صفقة محتملة".

ويتطرق الكاتب الإسرائيلي في هذا السياق إلى قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب القبول بمفاوضات مباشرة مع حماس، معتبرا إياه "انتهاكا لخط أحمر كان يشكّل حجر الزاوية في السياسة الأميركية"، ويعدّه إنجازا سياسيا بالغ الأهمية لحركة حماس، ولو أنه ليس هدفا نهائيا بحد ذاته.

وحسب المقال، فإن حماس ترى أن دور الولايات المتحدة لا يتوقف عند الضغط على إسرائيل، بل يتمثل في "تقديم الضمانات التي تؤدي إلى وقف إطلاق النار، وتمهّد لإنهاء الحرب ضمن اتفاق شامل". هذا الاتفاق، إن تحقق، لن يُبقي على حماس فقط، بل سيعزز مكانتها كمكوّن أساسي في مستقبل غزة.

ووفق تقدير برئيل، فإن حماس ترى في خطة ويتكوف فرصة لفرض معادلة جديدة: وهي أن إطلاق سراح الأسرى لا يمكن أن يتحقق دون انسحاب إسرائيلي فعلي أو شبه فعلي من القطاع. ويضيف أن هذه المعادلة "تبدو وكأن الولايات المتحدة مستعدة للتعايش معها"، في ظل الكارثة الإنسانية المتفاقمة.

ويصف الكاتب هذا الإنجاز بأنه "تحول إستراتيجي"، لأن إسرائيل كانت تأمل في دفع السكان المحليين للانقلاب على حماس تحت وطأة المعاناة، إلا أن ذلك لم يحدث. "ورغم الاحتجاجات المحلية، لم تتطور إلى انتفاضة مدنية ضد الحكم"، ما ينسف، برأيه، جزءا من الفرضية الإسرائيلية الأصلية.

التفاوض واغتيال القيادات

ويقول الكاتب الإسرائيلي إن الموقف الإسرائيلي المتشدد أدى إلى إضعاف دور الوسطاء الإقليميين، مثل قطر ومصر وتركيا، كما أدى إلى تراجع تأثيرهم تدريجيا.

إعلان

ووصف السياسة الإسرائيلية بأنها "عشوائية وتفتقر إلى التخطيط"، فقد أدى إغلاق معبر رفح، مثلا، إلى إضعاف الدور المصري.

كما يرى أن التهديدات الأميركية والضغط على القيادة الخارجية لحماس لم يُثمرا شيئا، بل "اتضح لاحقا أنه حتى لو نُفذ الطرد، فلن يكون له أي تأثير على قرارات خلفاء يحيى السنوار في غزة".

ورغم أنه يقول إن قيادة الخارج في حركة حماس خلال عهد رئيسها السابق الشهيد يحيى السنوار كانت تُعتبر مجرّد "رسل لا يملكون صلاحية القرار" حسب زعمه، إلا أنه يحاول إبراز الاحتلال شخصية القيادي في حماس ورئيس وفد التفاوض فيها خليل الحية، على أنه يقود الحركة ميدانيا جنبا إلى جنب مع عز الدين الحداد، القائد العسكري لكتائب القسام، بعد استشهاد القائد العام لها محمد الضيف.

وحينما يشير إلى تهديد وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس الأسبوع الماضي بأن الحية وحداد هما "التاليان في قائمة الاغتيالات"، بعد محمد السنوار (الذي أعلنت إسرائيل تمكنها من اغتياله)، فإنه يتساءل بتهكم "مَن ستختار إسرائيل للتفاوض بعد اغتيالهم؟"، في إشارة إلى تناقض الموقف الإسرائيلي.

مأزق سياسي وإنساني

ويرى برئيل أن خطة ويتكوف لا تتعلّق فقط بوقف إطلاق نار مدته 60 يوما، بل تشمل أيضا دخولا شبه غير محدود للمساعدات الإنسانية، وتوزيعها من قِبل منظمات الأمم المتحدة. لكنه يحذر أنه بالرغم من التعديلات التي أُدخلت عليها، فإنها تسمح لحماس باستعادة دورها في إدارة المعونات، ما يمنحها "تمويلا مباشرا لاحتياجاتها خلال فترة التهدئة".

ويلفت إلى أن إسرائيل، التي كانت ترفض مشاركة الأمم المتحدة في التوزيع، باتت مضطرة اليوم لدعوتها إلى المشاركة في الآلية الجديدة، من خلال منظمة إغاثة تعمل تحت الرعاية الأميركية، التي رفضتها المؤسسات الدولية.

ويشير إلى أن هذا التحول "قد يفتح المجال أمام احتمال استفادة حماس من هذه القناة، سواء عبر تسلّم مباشر أو غير مباشر للمساعدات".

إعلان

ووفقا للبيانات التي أوردها الكاتب عن منظمة إغاثة غزة، تم أمس توزيع نحو 18 ألفا و720 طردا غذائيا، تكفي لنحو 103 آلاف شخص فقط. "لكن من غير المؤكد أن يتلقى هؤلاء طرودا غدا، في حين أن مئات الآلاف لا تصلهم أي مساعدات".

ويُضيف "لو افترضنا أن هذه المساعدات تشكّل برنامجا ممتازا، كما يصورها المتحدثون باسم المنظمة الإنسانية الأميركية، فإنه وفقا للخطة الأصلية، من المتوقع أن يستفيد منها حوالي مليون وربع شخص فقط، في حين سيبقى حوالي مليون شخص دون أي استجابة، وهذه النتيجة تضمن استمرار تعرض إسرائيل لضغوط دولية شديدة، وستعتمد على الأزمة الإنسانية كأداة ضغط لتغيير طبيعة ونطاق نشاطها العسكري في غزة".

كما يفنّد برئيل حجة تُثيرها إسرائيل، مفادها أن توزيع المساعدات الإنسانية عبر صندوق المساعدات العامة الأميركي يحرم حماس من مصدر دخل مهم، وربما أساسي.

ويقول "إن هذا المسار في الوقت نفسه، يُعفي حماس من رعاية السكان، ويُلقي تشغيله مسؤولية التعامل مع الكارثة الإنسانية على عاتق إسرائيل والولايات المتحدة".

وفي ختام مقاله، يخلص برئيل إلى أن خطة ويتكوف، رغم تبنّي إسرائيل لها، تحمل في طياتها عناصر تهديد لروايتها الرسمية. فإذا طُبقت بآلياتها الحالية، فإنها ستجبر إسرائيل على القبول بدور حماس، ولو بشكل غير مباشر، في صياغة نهاية الحرب، وربما في مستقبل القطاع أيضا.

ويشير إلى أن "أي ضمانات أميركية تُمنح للحركة -حتى لو جاءت على شكل إعلان رئاسي مبهم- ستكون ملزمة لإسرائيل بالتفاوض"، ما يعني من الناحية العملية أن تل أبيب قد تجد نفسها مضطرة لمواصلة الحرب دبلوماسيا بعد توقفها عسكريا.

ويضيف أنه "إذا كانت إسرائيل تزعم أن حماس فقدت السيطرة على القطاع، فلماذا تصرّ على الاستمرار في الضغط الإنساني الذي لا يُجدي؟ ومَن الطرف المستهدف به إذًا؟"، وهو تساؤل يرى الكاتب أنه يعكس تناقضا جوهريا في الإستراتيجية الإسرائيلية، التي يبدو أنها فقدت بوصلتها في مواجهة حركة لا تزال تُمسك بمفاتيح الأزمة رغم مرور نحو 20 شهرا على اندلاع الحرب.

إعلان

مقالات مشابهة

  • كاتب إسرائيلي: حماس تسعى لتحويل خطة ويتكوف إلى مكسب إستراتيجي
  • حماس تحذّر من خطورة الوضع الكارثي لـ الأسرى داخل سجون الاحتلال
  • لماذا استهدفت القسام عربة همر وفشلت إسرائيل بإخلاء خسائرها؟
  • ما بين الحياة الآمنة تحت الاحتلال والمقاومة.. أيهما كلفته أكبر؟ (1)
  • خبير عسكري: هذا ما تريده إسرائيل من توسيع نطاق عمليتها في غزة
  • المقاومة بغزة ترد على ويتكوف وتتمسك باتفاق ينهي العدوان
  • حركة حماس تٌبدي مرونة حول النقاط الخلافية مع إسرائيل
  • شرطة كركوك تطيح بعصابة نفذت 22 عملية سرقة
  • امريكا ترفض ردّ “حماس” الذي يؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني
  • ما الذي تضمنه رد حركة حماس على ورقة ويتكوف للهدنة؟