إنسان ماقبل الكنتاكي والكوكا كولا
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
بقلم : هادي جلو مرعي ..
إنسان ليس ماقبل التاريخ، وليس ماقبل الحضارة، وليس ماقبل الديانات، وليس ماقبل الإكتشافات. إنسان ماقبل مائة عام، أو مائتي عام، أو أكثر، أو أقل.
هذا الإنسان كان بسيطا لايفكر لمسافة بعيدة، ومشكلته عادة في نطاق جغرافي ضيق بحجم قريته الصغيرة وحقول الريف المتباعدة، وربما الجبال، وربما الخيام في البادية وعلاقاته طيبة مع مجايليه،مع القوم القلة الذين يعيش معهم، ويتبادل الحوارات، ويضع المعايير البدائية لعلاقاته مع الآخرين.
هو إنسان ماقبل الكنتاكي، والأطعمة المبسترة والمعالجة، إنسان الطعام البسيط المعد بطريقة ساذجة، إنسان ماقبل البيبسي كولا والكوكا كولا والمشروبات الباردة والحارة المتنوعة التي تقدم على طاولات المطاعم، إنسان ماقبل الفنادق الفارهة والشقق المفروشة والمصاعد الكهربائية، إنسان ماقبل السيارات السريعة والقطارات السريعة والسفن الفاخرة التي تتنقل في البحار السبعة وفيها أجنحة معدة بطريقة عصرية وأثاث فاخر، ومسابح على السطح تقابل النجوم في ليالي المحيط وتطالع الموج العالي، والى جانبها المسارح حيث الرقص والموسيقى والشراب والرغبة في عيش الحياة بسعادة دون التفكير في اليوم التالي.
إنسان ماقبل البذلات الانيقة والطلة الرشيقة واربطة العنق الدقيقة، إنسان ماقبل صالونات التجميل والعطور الرائقة التي تجذب أنفاس المارين، إنسان ماقبل الحروب النووية والصواريخ العابرة والقاصفات المجهزة بآلات الدمار، إنسان كان يعيش الفطرة السليمة ولايبتعد خياله كثيرا عن حدود قريته الى مدينة مجاورة، وحتى الى قرية مجاورة، إنسان يجذبه الحب العذري وحياء النساء قبل إندلاع موجة اللاحياء والمثلية الجنسية والتفكك الأسري والإنزياح الى العلاقات المفتوحة، إنسان لم يكن يتعرض لموجات الإنفتاح الصادمة، إنسان ماقبل إستطلاعات الرأي، والإستبيانات القبيحة عن المساكنة والمواعدة على الأنترنت والجنس المبذول، والفساد المهول، إنسان ماقبل السؤال عن مؤسسة الزواج، وهل ماتزال مجدية وضرورية كما تفعل بعض المنظمات التي تروج للمخالطة الفاضحة.
الإنسان المثالي لم يعد له من وجود، هو اليوم إنسان التطاول على كل شيء، والطمع بكل شيء، والرغبة بكل شيء، لايرضيه ثراء، ويريد مابعد الثراء، ولايريد منصبا، بل مابعد المنصب والمنصب، ولا الوجاهة، بل مابعد الوجاهة، إنسان فقد إنسانيته، وإستسلم لحيوانيته الكاملة. هادي جلومرعي
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
خالد الجندي: عطاء الدنيا زائل وليس دليلا على محبة الله للعبد
أجاب الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، عن سؤال حول قول الرجل المؤمن لصاحب الجنتين في سورة الكهف: «فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ»، موضحًا أن التعبير القرآني يحمل أدبًا رفيعًا، إذ قال «فعسى ربي» مراعاة لمشاعر صاحبه حتى لا يدفعه إلى التطاول أو الاعتراض بقوله: «لا، ربك وحدك!»، فيرد عليه المؤمن بأدب: «ربي لوحدي وخير لي»، مؤكداً أن كلمة «خيرًا من جنتك» لا تُفهم على أنها جنة في الدنيا، لأن نعم الدنيا زائلة مهما عظمت، بينما المقصود هو الخير الأبقى في الآخرة، جنة الخلد التي لا تزول ولا تتبدل.
وأضاف عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية خلال حلقة خاصة بعنوان "حوار الأجيال" ببرنامج "لعلهم يفقهون" المذاع على قناة "DMC" اليوم الأربعاء، أن طلب الرجل المؤمن ليس بالضرورة قصره على نعيم الدنيا أو الآخرة فقط، فالآية تحتمل رجاء الخير في الدارين، لكن نهاية السياق القرآني ترجّح أن «الخير» المقصود هو نعيم الآخرة؛ بدليل أن المؤمن نفسه قال بعدها مباشرة: «وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا»، أي أنه يعلم أن نعيم الدنيا قد يزول، وأن ما يبقى هو النعيم الدائم.
وبيّن أن الفرق بين عطايا الدنيا والآخرة واسع، فالدنيا نعيمها زائل، محدودة، ويأتي معها تعبٌ وتكليف وحفظ ورعاية، وقد تكون اختبارًا للمؤمن والكافر معًا، بينما عطاء الآخرة باقٍ لا يزول، ولا مشقة فيه، وهو جزاءٌ خالصٌ للمؤمنين وحدهم، بلا حسد ولا تبعة ولا حساب.
وأوضح الشيخ خالد الجندي أن عطاء الدنيا لا يدل على محبة الله، فقد يعطيها الله لمن يحب ولمن لا يحب، بينما عطاء الآخرة دليل على الرضا والمحبة الإلهية، وأن نعيم الدنيا مرتبط بالموت ويعقبه حساب، بينما نعيم الآخرة لا موت فيه ولا انقطاع ولا سؤال عن كيفية حفظه وإنفاقه.
وأكد أن قول المؤمن: «خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ» لا يمكن أن يُفهم على أنه يطلب «جنينة مثلها»، لأن المِثل لا يكون خيرًا، أما «الخيرية» فلا تتحقق إلا في النعيم الأبدي، ومن ثم فإن المقصود بالآية هو دار البقاء وثواب الآخرة، لا جنة الدنيا المحدودة التي قد تصبح «صعيدًا زلقًا» في لحظة بحسابٍ إلهي دقيق.