“البحوث والتواصل المعرفي” يستقبل روائياً صينياً عالمياً
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
الرياض : البلاد
أقام مركز البحوث والتواصل المعرفي ندوة حوارية في مقره بالرياض استقبل فيها الروائي الصيني العالمي شيو تسي تشين ، وذلك بحضور مجموعة من المثقفين والأدباء والناشرين السعوديين والصينيين.
وبدأت فعاليات الندوة التي افتتحها مدير إدارة البحوث بالمركز الدكتور علي الخشيبان بمقدمة قصيرة، ألقى بعدها رئيس المركز الدكتور يحيى بن جنيد كلمة ترحيبية بالروائي الصيني والوفد المصاحب له، ثم بعد ذلك ألقت يانغ شوي (مريم) ورقة تعريفية بالروائي الصيني تشين.
وتضمنت ورقة شوي تعريفاً بالأديب الصيني شيو تسي تشين، بوصفه أحد أبرز الكتاب والأدباء الصينيين المعاصرين، وتطرقت إلى حصوله على جائزة “ماو دون” الأدبية التي تعد أعلى جائزة في دائرة الأدب الصيني. مشيرةً إلى أعماله الأدبية “رحلة إلى الشمال”، و”القدس”، و”وانغ تشنغ روهاي”، و”القطار الليلي”، و”بكين بكين”، وغيرها.
وأوضحت الورقة أن تشين فاز بجائزة “ليو شيون” للأدب، كما حصلت روايته “القدس” على جائزة “لاو شه” للأدب، ونالت روايته “رحلة إلى الشمال” جائزة “أفضل الأعمال الأدبية” التابعة لدائرة الإعلام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، ثم فازت روايته “جبل يو قونغ شان” بجائزة “يو دا فو” للرواية، وتُرجمت أعماله السردية إلى أكثر من 12 لغة.
ومن الجانب السعودي قدّم الباحث بالمركز عبدالواحد الأنصاري قراءة نقدية حملت عنوان “السعي الدائري في رواية بكين بكين”، تحدث فيها عن معوقات مقاربة القارئ العربي للأدب الصيني المترجم، مبيناً أنه اختار لورقته عنوان “السعي الدائري” لأن حكاية الأبطال في الرواية تشكل بنية دائرية تتنقل بين السجون والشوارع والمخالفات القانونية.
وأوضح الأنصاري أنه يمكن مقاربة اهتمامات رواية بكين بكين من نافذتين، إحداهما مرتبطة بالجيل الروائي الذي ينتمي إليه تشين، وهو جيل روائي ما بعد السبعينيات في الصين، وكذلك من نافذة الرواية نفسها، التي تعرض تجارب بائعي الإسطوانات المزيفة في أسواق “تشون قوان تسون” في العاصمة بكين.
ولاحظت الورقة ملحظاً اجتماعياً في الرواية، وهو ندرة النساء وكثرة الرجال في الصين، “فالمرأة، وخصوصاً الشابة، تظهر كأنما هي “ملكة نحل” وسط حشد كبير من الذكور يحومون حولها، ولعل لهذا علاقة وطيدة بعاملين أساسيين، هما: التقاليد الشرقية التي تفرض على النساء قدراً معيناً من الامتناع عن الرجال، وتوجب عليهم المحافظة على الكياسة والكرامة، بحيث تؤدي نتائج ذلك أحياناً إلى عكس المعادلة. وأما العامل الآخر فهو أن وفرة الرجال في الصين، بسبب خيارات الإنجاب التي تستبعد الإناث غالباً، ترجّح كفة الأنثى، وتجعل الذكر هو الطرف الأضعف منهما في العلاقة بين الجنسين”.
وأوصت الورقة بأهمية دراسة الأدب الصيني ومتابعة تياراته ومدارسه وأعلامه، ومراعاة أوجه تشابه المجتمعات العربية والصينية من خلال رصدها في الظواهر الأدبية لدى الجانبين.
بعد ذلك ألقى مترجم رواية “بكين بكين” الدكتور يحيى مختار كلمة تطرق فيها إلى تحديات الترجمة من اللغة الصينية إلى اللغة العربية، خصوصاً فيما يتعلق بأسماء المؤلفين وترجمة عناوين الروايات، وبيّن أن رواية “بكين بكين” جرى تغيير عنوانها في نسختها العربية إلى ما يناسب القارئ والشارع العربي، الذي يحتاج إلى أن يتم تقريب العمل الأدبي الصيني إليه بطريقة تمكّنه من قراءته قراءة مثمرة، بحيث يتحقق التواصل المعرفي والثقافي بين الشعوب، وبحيث يمكن نقل الأفكار الأساسية في الأدب الصيني إلى القارئ العربي.
وأفاد الدكتور يحيى مختار بأن شخصيات رواية “بكين بكين” واصلت حضورها في أعمال الروائي تشين، من خلال أعمال تمت ترجمتها هي الأخرى على يده إلى العربية، وهي “لقاء في بكين” و”حكايات من ضاحية بكين”.
وانتقل الحديث إلى الروائي الصيني شيو تسي تشين، الذي عرّف بالفئة الاجتماعية التي عالجت روايته “بكين بكين” قضاياها، وهي الفئة المهاجرة من أرياف الصين ومحافظاتها ومناطقها الأخرى إلى بكين، ممن لم تكن الفرص الوظيفية متاحة لهم في السابق، وقبل مرحلة التحول الإيجابي الجديدة في الصين، لافتاً إلى أن اهتمامات روايته ليست سياسية بقدر ما هي تعلق بنوع معين وشريحة معينة من المجتمع، عاش المؤلف تجاربه معهم وجمعته بهم ظروف الحياة وتقلباتها في أثناء دراسته وعمله في الصين، فصيّرهم أبطالاً من لحم ودم وعمَر بهم أجواء رواياته. منبهاً على أن ظاهرة “بائعي الأسطوانات المقلدة” اختفت من الصين بعد تطبيقها اتفاقيات حقوق الملكية، وأن الرواية إنما كانت ترصد فئة اجتماعية أوجدتها ظروف صعبة، وتلك الظروف قد تجاوزتها الصين الحديثة وعاصمتها الحديثة بكين.
بعد ذلك أتيح المجال لمداخلات المشاركين والحاضرين، ومنها مداخلة الروائي عبده خال، والدكتور صالح معيض الغامدي، والدكتور إبراهيم الفريح، والدكتور حسين الحسن، والروائي حسين علي حسين، والقاص خالد الداموك.
يذكر أن اللقاء الذي أقيم في مقر المركز حضرته شخصيات ثقافية وأدبية من الصين والسعودية، من بينهم أستاذ اللغة العربية بجامعة بكين شوي شين قوا (بسام)، والسيدة قوان هونغ نائبة المدير العام لدار إنتركونتيننتال الصينية وفريق النشر في الدار، ومدير التحرير في جريدة الرياض عبدالله الحسني، والدكتور راشد القحطاني، والدكتور فهد الشريف، وعضو مجلس الشورى السابق الدكتور إبراهيم النحاس، والكاتب محمد القشعمي، والروائي عبدالعزيز الصقعبي، والقاص خالد اليوسف، وأحمد بن هزاع الشنبري، إضافة إلى عدد من باحثي المركز ومنسوبيه.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: بکین بکین فی الصین
إقرأ أيضاً:
“مادلين».. سفينة الحرية التي كسرت حاجز الصمت وفضحت قرصنة الاحتلال
في مشهد يعيد إنتاج التاريخ الاستعماري القائم على القمع والعدوان، أقدمت دولة الاحتلال الإسرائيلي على قرصنة بحرية مكتملة الأركان، باعتراض واحتجاز سفينة «مادلين»، إحدى سفن «أسطول الحرية»، في عرض المياه الدولية.
هذه السفينة، التي أبحرت من موانئ الضمير العالمي محمّلة بالمساعدات الإنسانية والأمل، لم تكن تحمل سوى رسالة إنسانية تهدف إلى كسر الحصار المفروض على أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة.
إن اعتقال المتضامنين الدوليين، ومن بينهم نواب برلمانيون وفنانون ونشطاء من مختلف الجنسيات، لمجرد أنهم حملوا مساعدات غذائية وطبية لأطفال يموتون جوعًا وعطشًا، يكشف مدى توحش الاحتلال واستهتاره بكل الأعراف والمواثيق الدولية. هذه الجريمة ليست سوى امتداد مباشر لحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل منذ أكثر من 600 يوم على القطاع، والتي أودت بحياة ما يزيد عن 55 ألف شهيد، وأكثر من 115 ألف جريح، وخلّفت أكثر من 15 ألف مفقود تحت الأنقاض، غالبيتهم من الأطفال والنساء.
القرصنة الإسرائيلية بحق «مادلين» تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وتعبّر عن الطبيعة الاستعمارية العنصرية لهذا الكيان، الذي لا يقيم اعتبارًا للقانون أو للضمير العالمي. إن استهداف سفينة إنسانية بهذا الشكل، عبر الحصار والتشويش الجوي والهجوم البحري المباشر، وصولًا إلى الترهيب والاختطاف، يُعدّ جريمة دولية موصوفة، لا يجب أن تمرّ دون رد ومساءلة.
إننا في مواجهة جريمة مركّبة، تبدأ من حصار شعب وتجويعه، وتمتد إلى تجريم كل من يحاول مدّ يد العون له. والمطلوب اليوم ليس فقط إطلاق سراح أبطال «مادلين» وسفينتهم، بل تحرك دولي عاجل لعزل دولة الاحتلال ومحاسبتها على جرائمها، ورفع الحصار الظالم عن غزة بشكل كامل وفوري. كما أننا ندعو إلى تصعيد التحرك الشعبي العالمي وتسيير المزيد من سفن الحرية، لأن رسالة «مادلين» لا يمكن أن تُغرقها آلة القمع.
في المقابل، لا يسعنا إلا أن نحيي أحرار العالم الذين خاطروا بأرواحهم من أجل كسر الحصار، وفي مقدمتهم النائبة الأوروبية ريما حسن، وكل من رافقها في هذه الرحلة الإنسانية. لقد وصلت رسالتهم إلى قلوب أبناء شعبنا، وإن لم تصل إلى موانئه، وسيسجّل التاريخ أسماءهم في سجلّ نضالنا، إلى جانب شهدائنا وأسرانا ومقاومينا.
«مادلين» لم تكن مجرد سفينة، بل كانت صوتًا للحرية في وجه الظلم، وصرخة عالمية في وجه الإبادة. وإن اختطافها لن يُسكت هذا الصوت، بل سيزيده صدى. لأن الشعوب الحرة لا تُهزم، ولأن إرادة الحياة أقوى من سطوة الحصار.
ستُكسر القيود، سينكسر الحصار، وستنتصر فلسطين.
* عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين