ما أسباب اكتساح قيس سعيد لنتائج الانتخابات الرئاسية بتونس؟
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
تونس- أرجع مراقبون فوز الرئيس قيس سعيد بولاية ثانية بنسبة تفوق 90% من مجموع الأصوات، في الدور الأول للانتخابات الرئاسية التي جرت الأحد، إلى أسباب عديدة، منها مقاطعة العديد من الأحزاب السياسية للانتخابات، فضلا عن تواصل شعبية سعيد لدى جزء هام من الناخبين، واستمرار أزمة الثقة بالأحزاب.
وأعلنت هيئة الانتخابات مساء الاثنين خلال مؤتمر صحفي عن فوز الرئيس سعيد بأكثر من مليوني و430 ألف صوت، من جملة ما يزيد عن مليوني و808 آلاف مقترع، أي بنسبة 90.
في المقابل حل في المركز الثاني منافسه العياشي زمال رئيس حزب عازمون حديث التأسيس، والمسجون بتهم تتعلق بتزوير تزكيات الناخبين، ينفيها بدوره، وحصل على نسبة 7.35% من الأصوات، بينما لم يتخط زهير المغزاوي الأمين العام لحركة الشعب، ذات التوجه القومي الناصري، معدل 2% من الأصوات.
فوز متوقعفي قراءته التحليلية لنتيجة الانتخابات الرئاسية، يقول الناشط السياسي المعارض عبد الوهاب معطر إن فوز سعيد كان متوقعا، خصوصا في ظل حملة مقاطعة العديد من الأحزاب المعارضة، مقابل محافظة الرئيس سعيد على خزانه الانتخابي.
ويؤكد معطر للجزيرة نت أن عدد المقترعين المناصرين للرئيس سعيد في الانتخابات الرئاسية الحالية تقارب نسبة المشاركين في عملية الاستفتاء على الدستور الذي صاغه سعيد بنفسه في يوليو/تموز سنة 2022 والتي ناهزت حوالي 30%، مستبعدا وجود عملية تزوير بهذه الانتخابات الرئاسية.
وكانت 5 أحزاب يسارية لا تمتلك خزانا انتخابيا قويا قد أعلنت مقاطعتها الانتخابات، لكن الأمر الذي أحدث فارقا نوعا ما هو عزوف قواعد حركة النهضة الإسلامية الأكثر امتدادا وشعبية في البلاد عن التصويت لصالح منافسي سعيد، شأنهم شأن أنصار الحزب الدستوري الحر سليل الحزب الحاكم السابق.
وبالاستناد إلى بعض نتائج مكاتب الاقتراع خاصة في محافظة صفاقس أكبر المدن كثافة سكانية بعد العاصمة تونس، يقول معطر إن النتائج الحقيقية "ليست مزورة مثلما يقع ترويجه في بعض أوساط المعارضة"، مبينا أنه كان هناك توجه ملموس لدى جزء هام من المقترعين للتصويت لصالح قيس سعيد.
ولم يقتنع معارضو الرئيس سعيد بفوزه بتلك النسبة العالية، ذلك أنهم كانوا يعتقدون أنه لا يمتلك سوى 10% من الأصوات، أي ما يقارب 900 ألف صوت، وعبر بعضهم ساخرا أن الرئيس سعيد بات نسخة مطابقة للرئيس السابق زين العابدين بن علي، الذي كان يحقق فوزا بالانتخابات بأكثر من 90%.
ومما زاد في تعميق شعورهم بوجود شبهة تزوير نشر نتائج استطلاع للرأي في التلفزيون الرسمي عقب إغلاق مراكز الاقتراع مساء أمس، حيث كانت قريبة من النتائج الأولية، واعتبر المعارضون أن الغاية من نشر هذه النتائج من قبل إحدى الشركات الخاصة يعد محاولة للتأثير على الرأي العام ودفعه للاستسلام والقبول بنتائج الانتخابات.
لكن الناشط معطر يقول "بكل موضوعية أستبعد حصول تزوير، هذه حقيقة يجب الوقوف عليها"، معتبرا أن المقاطعة كانت سببا رئيسيا في فوز سعيد بعهدة ثانية، وأشار إلى أن المعارضة كانت تعول على وعي الناخبين بتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لطي صفحة سعيد، "لكن ذلك الأمر لم يحدث".
ويرى معطر أن اكتساح الرئيس سعيد لنتائج الانتخابات الرئاسية مرده "قلة وعي" لدى عموم الناس بحقيقة الأوضاع المتدهورة، من انقطاعات للمواد الأساسية وغيرها، رغم تأثرهم بها، كما زاد من فرصة نجاحه تصويت كبار السن المقبلين بكثافة على الانتخابات بحجة أنه "نظيف اليد"، مقابل تراجع ثقتهم في الأحزاب.
ويرى معطر أن وجود حالة السخط على الأحزاب السياسية التي حكمت البلاد خلال العقد الماضي، واتهامها من قبل جزء من المواطنين بـ"تخريب البلاد"، دفع أغلب المقترعين لانتخاب سعيد، وسط غياب بديل، وعدم استرجاع الأحزاب ثقة المواطنين.
ومن وجهة نظره، فإن استمرار سعيد على رأس السلطة لولاية ثانية "سيكون له تداعيات سيئة على الديمقراطية والحريات"، إذ لا يستبعد معطر أن يواصل الرئيس في مسار الحكم الفردي وإقصاء الأحزاب وضرب الحريات وتدهور الأوضاع، وفق رأيه.
"ماكينة انتخابية"من جانبه يقول رمزي الجبابلي مدير حملة المرشح المسجون العياشي زمال، إن فوز الرئيس سعيد بتلك النسبة العالية "يثبت بصفة لا تدعو إلى الشك وجود ماكينات انتخابية عملت لصالحه حتى يكتسح النتائج".
ويؤكد للجزيرة نت أن حصول العياشي زمال على نحو 197 ألف صوت يثبت أنه "لا تقف وراءه أي ماكينة انتخابية، سواء من حركة النهضة الإسلامية أو الحزب الدستوري الحر، مثلما روج لذلك أنصار سعيد"، مؤكدا أن زمال ليست له سوى حملته الوطنية.
ويضيف أن الأحزاب الكبرى التي تقبع قياداتها في السجون، على غرار حركة النهضة وحزب الدستور الحر، كانت لديها فرصة للاصطفاف وراء المرشح العياشي زمال بوصفه سجينا سياسيا مثلهم، "لكنها اختارت المقاطعة، إما في إطار صفقة مع الرئيس، أو كتوجه إستراتيجي للتموقع ضده وعدم الاعتراف بشرعيته" حسب قوله.
من جهة أخرى، استنكر الجبابلي بث نتائج استطلاع الرأي مساء الأحد على التلفزيون التونسي الرسمي، وهو ما كشف عن فوز الرئيس سعيد بنسبة تقارب 90% من الأصوات، معتبرا أن ذلك مخالف للقانون الانتخابي، وفيه محاولة لتهيئة الرأي العام بفوز ساحق لسعيد قبل الإعلان عن النتائج الأولية من قبل هيئة الانتخابات.
وحول تداعيات فوز سعيد على المشهد السياسي التونسي خلال الفترة القادمة، أعرب الجبابلي عن أمله في حصول تهدئة سياسية بإطلاق سراح المساجين السياسيين، ومن ضمنهم المرشح العياشي زمال، بيد أنه قال إن المعارضة والمجتمع المدني ستواصل نضالها السلمي لاستعادة الديمقراطية وإطلاق سراح المساجين.
من جهة أخرى، اعتبر أنصار الرئيس سعيد أن فوزه بنسبة مرتفعة من الأصوات دليل على استمرار ثقة الناس فيه، حيث يقول رئيس حزب التحالف من أجل تونس سرحان الناصري إن توجه الناخبين للتصويت دليل وعي بأهمية العملية الانتخابية، ودليل إدراك بدورهم لرسم حاضر ومستقبل البلاد.
ويؤكد أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي بلغت 28.8% "محترمة، ولم يحصل تسجيلها حتى في أكبر الديمقراطيات" حسب قوله، معتبرا أن التصويت للرئيس سعيد يتضمن رسالة أن "الناخبين أحرار، ولا يتأثرون بالصفحات المشبوهة التي أرادت تشويه سمعة سعيد، وأنهم ما زالوا يعلقون آمالا كبيرة عليه لتحسين الأوضاع في البلاد".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الانتخابات الرئاسیة العیاشی زمال الرئیس سعید فوز الرئیس من الأصوات قیس سعید فوز سعید
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات المبادرة الرئاسية حياة كريمة
تابع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مُستجدات الموقف التنفيذي لمشروعات المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، في اجتماع عقده اليوم بمقر الحكومة بمدينة العلمين الجديدة.
حضر الاجتماع، الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية، وزير الصحة والسكان، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والمهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والمهندسة راندة المنشاوي، مساعد أول رئيس مجلس الوزراء، واللواء وليد عارف، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، واللواء خالد عبد الله، رئيس هيئة الشئون المالية للقوات المسلحة، والدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية، والمهندس أحمد عبد العظيم، مدير شركة دار الهندسة، ومسئولي الوزارات والجهات المعنية.
وفي مستهل الاجتماع، أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الحكومة تعمل حالياً على الإنتهاء من المرحلة الأولى من مشروعات المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، بما يُسهم في تحقيق الاستفادة لنحو 18 مليون شخص، من مواطني القرى المستفيدة من أعمال هذه المرحلة.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن اتمام المرحلة الأولى سيساهم في تشغيل المشروعات المُنتهية ودخول المزيد من المشروعات المُنفذة في إطار هذه المرحلة للخدمة، وتوسيع قاعدة المُستفيدين منها، وذلك تمهيداً للبدء في تنفيذ المرحلة الثانية من هذه المُبادرة الفاعلة ذات التأثير المُباشر في تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين في مختلف محافظات مصر.
من جانبه، استعرض الدكتور خالد عبد الغفار، خلال الاجتماع، موقف مختلف المنشآت الصحية ضمن مشروعات المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، بما في ذلك المنشآت التي تم الانتهاء منها وتشغيلها، وما يتم العمل على استكماله حالياً، مشيراً إلى أن مشروعات القطاع الصحي تمثل ركيزة رئيسية ضمن أعمال المبادرة الرئاسية، حيث تمثل تحولاً ايجابياً تجاه التطوير الشامل للبنية التحتية الصحية، وتحديث المستشفيات والوحدات الصحية؛ للإرتقاء بجودة الخدمات الصحية المُقدمة للمواطنين، وتوفير أوجه الرعاية الطبية اللازمة لهم.
بدورها، عرضت الدكتورة رانيا المشاط، أبرز مؤشرات الأداء الرئيسية للمرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، حيث تضمنت تلك المؤشرات وجود 5 قرى خضراء بين القرى المستهدفة بهذه المرحلة، حاصلة على شهادة "ترشيد" الدولية، هي: قرى فارس بأسوان، ونهطاي بالغربية، وشما بالمنوفية، واللواء صبيح بالوادي الجديد، والحصص بالدقهلية، كما شهدت هذه المرحلة تحسناً في نسبة عدد المشتركين بالخدمات الأساسية خلال الفترة من يوليو 2021 إلى يونيو 2025، بنسبة تحسن 55% لخدمة الانترنت فائق السرعة، و 421% لخدمة الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى التوسع في اتاحة خدمات مياه الشرب والصرف الصحي بواقع 463 ألف وصلة مياه شرب، و 1.4 مليون وصلة صرف صحي.
كما عرضت المهندسة راندة المنشاوي خلال الاجتماع نسب ومعدلات الانجاز لمختلف الأعمال بمشروعات المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، موضحة أنه تم الانتهاء من 99 قرية جديدة خلال الفترة من 11 مايو 2025 إلى 30 يوليو 2025 ليصل عدد القرى المُنتهية حالياً إلى نحو 547 قرية، مضيفة أنه تم الانتهاء من 531 مشروعاً جديداً خلال الفترة الماضية بجميع قطاعات المبادرة الرئاسية، وتم حتى الآن استلام نحو 1768 مشروعاً في كامل قطاعات المُبادرة بالقرى المستفيدة من أعمال المرحلة الأولى.
من جانبه، عرض المهندس أحمد عبد العظيم، الجداول الزمنية التفصيلية للأعمال والمشروعات المُتبقية بمختلف القطاعات في كل قرية من القرى المستهدفة بتلك المرحلة، ونسب التنفيذ لها، والتي أشارت إلى تقدم نسب الأعمال في العديد من المشروعات، وبخاصة وحدات الاسعاف، والمدارس، والعمارات السكنية، وكباري الري، ومراكز الشباب، ومشروعات مياه الشرب، والمجمعات الحكومية، والمُجمعات الزراعية، ومُنشآت التضامن الإجتماعي، وتبطين الترع وغيرها، كما عرض موقف الأعمال المتبقية في عدد من المشروعات بقطاعات أخرى، منها الصرف الصحي، والغاز الطبيعي، والألياف الضوئية، والوحدات الصحية والمستشفيات، ومشروعات الكهرباء، وغيرها.