عربي21:
2025-06-06@05:28:01 GMT

انتخابات غريبة في بلد يلفه الضباب

تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT

عادت الأرقام القياسية إلى المجال الانتخابي والسياسي، وذلك بعد اختفائها من القاموس التونسي. هذا ما شعر به الكثيرون بعد الإعلان عن نتائج الاقتراع الذي تم يوم الأحد الماضي عن طريق شركة خاصة لسبر الآراء، حيث تم الإعلان عن فوز قيس سعيد بنسبة 89.2 في المئة، ثم قامت الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات بتصحيحه ليصبح 90.

69 في المئة. وللاحتفال بهذا الانتصار نزلت المسيرات الشعبية، وقام الرئيس المنتهية ولايته بجولة في قلب العاصمة، وضج الإعلام الرسمي بمختلف برامجه ومحلليه دعما وتبريرا.

بناء عليه لن تكون هناك دورة ثانية، وهو الاحتمال الذي كان يخشى وقوعه أنصار سعيد وعملوا على الحيلولة دون وقوعه. وفي المقابل، راهنت على هذا الاحتمال الأطراف المعارضة والمطالبة بالتغيير، والتي شاركت في العملية الانتخابية، وشجعت أنصارها على الذهاب إلى صناديق الاقتراع رغم دعوة معظم الأحزاب إلى المقاطعة.

تونس مرشحة لكي تواصل السير على نفس النهج، وتحت نفس القيادة، حتى الخطاب السياسي فيما يبدو سيحافظ على شكله ومضمونه ومفرداته. فالرئيس الفائز أعلن بعد الفوز مباشرة بأنه سيحارب "المشككين" إلى جانب الفاسدين، وذلك بعد موجة من القدح في صحة الأرقام المعلنة، خاصة من قبل أنصار المرشحين المنافسين اللذين قبلا الرهان وانخرطا في اللعبة رغم كونها غير متكافئة،تونس مرشحة لكي تواصل السير على نفس النهج، وتحت نفس القيادة، حتى الخطاب السياسي فيما يبدو سيحافظ على شكله ومضمونه ومفرداته. فالرئيس الفائز أعلن بعد الفوز مباشرة بأنه سيحارب "المشككين" إلى جانب الفاسدين، وذلك بعد موجة من القدح في صحة الأرقام المعلنة، خاصة من قبل أنصار المرشحين المنافسين ليكون مصيرهما التهميش والإذلال بعد أن حصلا حسب التوزيع الرسمي للأصوات على فتات لم يتجاوز حدود 11 في المئة.

واعتمدت حملة التشكيك على المفارقة التي حصلت بين نتائج الانتخابات التي فاز بها قيس سعيد عام 2019 عندما منحته الأحزاب والمنظمات أصوات أنصارها، وقارنتها بعدد الأصوات التي حصل عليها في هذه الانتخابات، والتي لم تنقص إلا قليلا رغم معارضة هذه الأحزاب، إلى جانب جزء من قاعدة اتحاد الشغل والمجتمع المدني وجزء من رجال الأعمال وغير ذلك من الفعاليات.

الأهم الآن هو استشراف المستقبل. غابت الأحزاب أو كادت في الانتخابات الأخيرة، تضاربت مواقفها، وتشتتت صفوفها، وفقدت هيبتها، وسقطت في ثنائية المعارضة ضد المعارضة. ولا يُعرف ما الذي ستفعله خلال المرحلة القادمة بعد أن نجحت السلطة في إرباكها ومزيد إضعافها، وتعميق التناقضات بين مكوناتها. ستواصل تحركاتها الاحتجاج، ولكن بنفس العقلية وبنفس التكتيك والحسابات الضيقة والتنافر المرضي. فعندما يدعو فريق إلى تنظيم تجمع أو مسيرة ضد السلطة، يرفض التنسيق مع الأطراف الأخرى، وتكون النتيجة عدم المشاركة، وبالتالي تذرر الجهود والساحات، والمستفيد من ذلك هو النظام بشكل أساسي.

لهذا، وجب فهم الأسباب العميقة التي جعلت العقل الجماعي لعموم التونسيين يستوعبون مقولة النظام القائمة على اتهام المعارضين بدون تمييز بالفساد والتآمر والعمالة للخارج. وهذه الاتهامات تصدقها شرائح اجتماعية عديدة دون تفكير وتمحيص، وذلك رغم غياب الأدلة القاطعة بأن المعارضة هي المسؤولة عن فقدان المواد الأساسية من الأسواق، أو التخابر مع الخارج.. إلخ.

هذه الانتخابات بقيت إلى آخر لحظة تفتقر لشروط ديمقراطية الانتخابات التي كانت متوفرة في جميع الانتخابات السابقة منذ 14 كانون الثاني/ يناير، وهو ما عاينته وسجلته جميع المنظمات المختصة، ويكفي في هذا السياق أنها تمت بدون منافسة حقيقية حيث يقبع معظم القادة السياسيين في السجون، وفي غياب مناخ سياسي ديمقراطي
في مقابل ذلك، هناك رصيد بشري ضخم يستوجب التوجه إليه، والسماح له باكتساب وعي سياسي وحضاري ناضج يمكنه من المشاركة الفعالة في التغيير العام. يتمثل هذا الرصيد في 90 في المئة من الشباب الذين لم يشاركوا في التصويت، ولم يهتموا بما يجري في البلاد. هؤلاء ضحايا المنظومة السياسية والتعليمية والثقافية، وهم يشكلون قوة كامنة وقلقة في الآن نفسه. قوة ضيّعتها الأحزاب في فترة وجيزة رغم أنها هي التي صنعت الثورة وأججتها ودفعت ثمنها، وفجأة خاب أملها في الجميع الذين انشغلوا عن الشباب وكادوا يخرجوهم من كل الحسابات. ولعل الحراك الشبابي الاحتجاجي الذي حصل في الفترة الأخيرة، والذي انتهى إلى تصادم مع الشرطة في الموالي للانتخابات، يمكن أن يشكل خميرة لبناء المرحلة القادمة، رغم استمرار الأيديولوجيات في تعميق الانقسام، وخلق حالة من الفرز المغلوط في مرحلة تضرر الجميع في حرياتهم وحقوقهم.

الأكيد أن هذه الانتخابات بقيت إلى آخر لحظة تفتقر لشروط ديمقراطية الانتخابات التي كانت متوفرة في جميع الانتخابات السابقة منذ 14 كانون الثاني/ يناير، وهو ما عاينته وسجلته جميع المنظمات المختصة، ويكفي في هذا السياق أنها تمت بدون منافسة حقيقية حيث يقبع معظم القادة السياسيين في السجون، وفي غياب مناخ سياسي ديمقراطي. لكن مع ذلك يبقى السؤال الذي يصعب الإجابة عنه حاليا بكل ثقة ووضوح: هل وقع التلاعب بالأرقام وبالصناديق يوم الاقتراع كما تؤكد المعارضة أم لا؟ المطلوب التريث قليلا حتى يتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فالحقيقة ستظهر في يوم من الأيام.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التونسي قيس سعيد الانتخابات تونس انتخابات قيس سعيد مقالات مقالات مقالات تكنولوجيا سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المئة

إقرأ أيضاً:

حزب الاتحاد بالإسكندرية يبحث آليات الترشح على المقاعد الفردية في انتخابات الشيوخ

عقدت لجنة الانتخابات بحزب الاتحاد بمحافظة الإسكندرية، بالتنسيق مع لجنة إدارة الحملة الانتخابية وملف الانتخابات بمجلسي النواب والشيوخ، اجتماعًا موسعًا لمناقشة آليات الترشح على المقاعد الفردية بالمحافظة، وذلك في ضوء توجيهات المستشار رضا صقر رئيس الحزب، وفي إطار الاستعدادات الجادة التي يقودها حزب الاتحاد لخوض انتخابات مجلس الشيوخ المقبلة، وتحت إشراف مباشر من الأمانة العامة للحزب.

حزب الاتحاد: الإفراج عن 50 محبوسًا احتياطيًا يُدعّم صون الحقوق والحرياتحزب الاتحاد: نخوض الانتخابات بالنظام الفردي ومنفتحون على كل القوى السياسيةحزب الاتحاد يرحب بتعديلات قانون الانتخابات ويؤكد دعم العدالة السياسية في مصررئيس حزب الاتحاد : نؤمن بأن تمكين الشباب يبدأ من فتح مساحات للتفكير والتعبير

جاء الاجتماع برئاسة الدكتورة ماجدة الهلباوي، أمين عام الحزب بمحافظة الإسكندرية، وبحضور قيادات العمل الانتخابي بالمحافظة، حيث شهد استعراضًا شاملًا لخريطة الدوائر الفردية، ومناقشة الأسماء المطروحة من المرشحين المحتملين، وفرزهم وفقًا لمعايير دقيقة تضمن الكفاءة، والقدرة على تمثيل الشارع السكندري بصدق وجدارة، تمهيدًا لرفع التصورات النهائية إلى الأمانة العامة للحزب بالقاهرة لاختيار المرشحين النهائيين على المقاعد الفردية.

وأكدت اللجنة خلال الاجتماع على التزامها الكامل بمنهج علمي ومنظم في عملية الاختيار، يعكس احترام إرادة المواطنين، ويضمن تمثيلًا حقيقيًا لمختلف فئات المجتمع، بما يتواكب مع تطلعات الدولة نحو برلمان أكثر كفاءة وفاعلية في الأداء النيابي والتشريعي.

ومن المقرر أن تُعرض نتائج أعمال لجنة الإسكندرية على الأمانة المركزية للحزب بالقاهرة، برئاسة المستشار رضا صقر، رئيس حزب الاتحاد، وذلك لاعتماد القائمة النهائية لمرشحي الحزب على المقاعد الفردية في انتخابات مجلس الشيوخ المقبلة.

ويأتي هذا الاجتماع ضمن الجهود المستمرة التي يبذلها حزب الاتحاد لضمان الجاهزية الكاملة للحملة الانتخابية، وبناء رؤية سياسية تعبّر عن الشارع السكندري بوعي ومسؤولية، وتستجيب لمتطلبات المرحلة المقبلة في الحياة النيابية، من حيث التشريع الفاعل، والمراقبة الجادة، والدفاع عن مصالح المواطنين.

طباعة شارك لجنة الانتخابات حزب الاتحاد محافظة الإسكندرية ملف الانتخابات مجلسي النواب والشيوخ

مقالات مشابهة

  • حماة الوطن يوضح حقيقة مشاركته في قائمة انتخابات الشيوخ
  • الداخلية تؤمّن نقل آخر شحنات بطاقات الناخب استعداداً لـ«انتخابات المجالس البلدية»
  • استطلاع: 57% من الإسرائيليين يؤيدون انتخابات مبكرة ونتنياهو سيخسر
  • استبعاد زعيم المعارضة في كوت ديفوار من الانتخابات الرئاسية
  • حزب الاتحاد بالإسكندرية يبحث آليات الترشح على المقاعد الفردية في انتخابات الشيوخ
  • استبعاد 4 مرشحين معارضين من قوائم الانتخابات الرئاسية في ساحل العاج
  • انتخابات البرلمان.. توجيه مهم من القومي لحقوق الإنسان للأحزاب السياسية
  • سياسي كردي:الأحزاب الكردية تدخل الانتخابات العامة بقوائم منفردة
  • مرشح المعارضة لي جاي ميونغ يفوز بالأنتخابات الرئاسية في كوريا الجنوبية بعد أشهر من الفوضى السياسية
  • انتخابات القضاة بالمكسيك.. بدعة ديمقراطية أم خدعة سياسية؟