وسع عقلك.. السكوت من ذهب
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
سلطان بن محمد القاسمي
في سلسلة "وسع عقلك"، تناولنا أهمية تجاوز الصغائر والتركيز على الحاضر، وتعلمنا أنَّ التسامح والتخلي عن الضغائن يُمكن أن يفتح لنا أبوابًا للسلام الداخلي. واليوم، نواصل هذه الرحلة بفكرة جديدة مكملة، وهي: فن السكوت. وفي الحقيقة، كثيرًا ما نجد في حياتنا اليومية أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأحيانًا الصمت يكون أبلغ من الكلام.
فلو تأملنا، سنجد أن هناك مواقف قد يكون فيها هذا الخيار أفضل وسيلة للحفاظ على هدوء النفس وتجنب المشاحنات. فالكلمات ليست دائمًا ضرورية، بل أحيانًا يمكن أن تسبب ضررًا أكبر مما قد نتصوره. ولهذا، السكوت هنا لا يعني الخضوع أو القبول، بل يعني التحلي بالحكمة في اختيار الوقت المناسب للكلام. كما يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا" (البقرة: 83)، وهذا يدعونا لاختيار كلماتنا بعناية، ولكن في بعض الأحيان يكون الاختيار الأفضل هو الصمت.
لنأخذ مثالًا من الحياة اليومية، كم من مرة وجدنا أنفسنا في مواقف خلافية أو نزاعات؟ ربما كان الحوار يأخذ منحى تصاعديًا، وكل كلمة تضيف زيتًا على النار. هنا تظهر أهمية السكوت. فالصمت في هذه اللحظات هو إشارة للقوة، وليس للضعف، لأنه يعكس سيطرتك على نفسك وعدم انسياقك وراء الاستفزازات. إذ إن السكوت في مثل هذه الحالات يمنحك وقتًا للتفكير بعمق ولتهدئة الأجواء، وهذا ما يفتح المجال للحوار البناء عندما تكون النفوس هادئة.
وفي القرآن الكريم، نجد أن الله عز وجل دعانا إلى الصبر والهدوء في مواجهة المشكلات، وأحيانًا أفضل وسيلة لذلك هي السكوت. قال تعالى: "وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا" (الفرقان: 63). هذه الآية الكريمة ترشدنا إلى أن التجاهل والصمت في مواجهة الإساءة هو خيار العقلاء، وهو ما يعزز السلام الداخلي ويجنبنا الدخول في جدالات لا طائل منها.
ومن ناحية أخرى، نجد أنَّ هذا الموقف كان سمة أساسية للشخصيات العظيمة التي تفوقت في تاريخ البشرية. لنأخذ النبي محمد صلى الله عليه وسلم مثالًا؛ إذ كان معروفًا بصمته العميق في المواقف التي تتطلب الحكمة والتأمل؛ حيث لم يكن يرد على الإساءات اللفظية ولا يدخل في جدالات غير ضرورية، بل كان يفضل السكوت الذي يدل على قوة نفسه وثقته بربه. كما نجد في قصة نبي الله عيسى عليه السلام، حينما اختار الصمت كوسيلة للرد على الاتهامات والإساءات، وهذا دليل على أنَّ السكوت أداة فعّالة لرفع المقام وصون الكرامة.
إنَّ اتخاذه ليس فقط للحفاظ على هدوء النفس؛ بل هو أيضًا وسيلة لحفظ الكرامة. ففي العلاقات اليومية، يمكن أن نجد أنفسنا متورطين في أحاديث لا تحمل قيمة. وفي هذه اللحظات، إن بعض الأشخاص الذين يتحدثون كثيرًا قد يجدون أنفسهم يقولون أشياء غير موزونة أو غير دقيقة. هنا، تصبح الكلمة عبئًا عليهم، لأن الآخرين قد يقومون بتقييمهم بناءً على حديثهم غير المحسوب. بينما الشخص الذي يلتزم به ويختار كلماته بعناية، يصبح من الصعب تقييمه بسهولة. وكما يقولون، الأشخاص الذين يتحدثون كثيرًا قد يكشفون ما في جعبتهم، بينما أولئك الذين يصمتون يمنحون الآخرين مساحة للتفكير قبل إصدار الأحكام عليهم. ولذلك، الأشخاص الذين يلتزمون بالهدوء ويستمعون باهتمام، يحسب لهم الآخرون ألف حساب، لأنهم قد يظهرون حكمة أعمق وفهمًا أكبر. على العكس من الشخص الثرثار، الذي قد يكون فارغًا في محتواه، فإن الشخص الذي يتخذ هذا النهج غالبًا ما يعتقد الناس أنه يمتلك الكثير، وأنه يخفي في هدوئه حكمة لا تظهر بسهولة.
وكذلك، فإنَّ ذلك يعتبر من الفضائل التي تساهم في تهذيب النفس. فكم من مرة تحدثنا باندفاع وندمنا بعد ذلك على ما قلناه؟ والكلمة التي تُقال لا يمكن استعادتها، ولهذا فإن القدرة على التحكم في ما نقوله والتفكير قبل الكلام هي فضيلة عظيمة. خذ مثلاً الشخص الذي يدخل في جدالات كثيرة مع زملائه في العمل أو مع أصدقائه. فكلما كان يحاول الدفاع عن نفسه أو وجهة نظره بشكل متسرع، كلما تزداد حدة المواقف وتتعقد الأمور. لكن عندما يختار السكوت والتروي، فإنه يمنح نفسه فرصة لتهدئة الأجواء وربما يفكر بشكل أعمق في ردود أفعاله.
كما إن هذا التصرف له قيمة عالية في العلاقات الشخصية. ففي كثير من الأحيان، يكون الصمت هو الجواب الأمثل لتجنب تصاعد الخلافات، خصوصًا في العلاقات العاطفية أو الأسرية. فعندما نشعر بالغضب أو الإحباط، نميل إلى الرد السريع والعنيف. ولكن السكوت في هذه اللحظات يعطينا الوقت لاستعادة توازننا والتفكير بحكمة في كيفية التعامل مع الموقف. وهذا بالضبط ما يجعل الصمت أداة فعالة لتحسين العلاقات وبناء جسور من التفاهم والتواصل.
ولا يقتصر هذا التصرف على التوقف عن الحديث؛ بل على القدرة على الاستماع والتأمل. فنحن بحاجة إلى أن نصمت ونستمع لما يدور حولنا بعمق. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الإنصات الجيد هو أحد أهم المهارات التي يفتقر إليها الكثيرون، فالكثير من الناس يميلون إلى الكلام أكثر مما يسمعون. لكن الشخص الذي يملك عقلًا واسعًا وقلبًا هادئًا، يعرف متى يجب أن يصمت ليُصغي؛ لأن في الاستماع تنكشف الكثير من الحقائق التي قد لا نراها في وسط الكلام المتبادل. كما أن الإنصات يُظهر الاحترام للآخرين ويجعلهم يشعرون بالتقدير، وهو ما يعزز الروابط الإنسانية ويزيد من مستوى التواصل الفعّال.
إضافة إلى ذلك، فإنه يمنحك القدرة على التفكير بعمق قبل اتخاذ أي قرار. فالتسرع في الرد أو التعليق قد يقودنا إلى اتخاذ قرارات غير محسوبة، ولكن الصمت يتيح لنا الوقت للتأمل والتفكير في الخيارات المتاحة. وفي الإسلام، نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوصي بالصمت كفضيلة؛ حيث قال: "من كان يُؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت" (رواه البخاري ومسلم). هذه الحكمة النبوية تؤكد لنا أن الصمت ليس فقط وسيلة للهدوء، بل هو أيضًا وسيلة للحفاظ على العلاقات وتجنب الوقوع في المشاكل.
ولنأخذ مثالًا من حياتنا المهنية: تخيل أنك في اجتماع مهم، وهناك جدال حول موضوع مُعين. بينما يُحاول الجميع فرض آرائهم، أنت تجلس صامتًا تستمع لكل ما يُقال. وعندما يأتي دورك، تكون كلماتك موزونة ومدروسة، وقد تفتح آفاقًا جديدة لحل الخلاف. وهذا ما يجعل الصمت أداة للتأثير، فكل كلمة تأتي بعده تحمل ثقلًا أكبر وتأثيرًا أعمق؛ لأنه يسمح لك بالتفكير بشكل أعمق ويعزز من تأثير كلماتك عندما تختار أن تتكلم.
وفي الختام.. نجد أن اتخاذ هذا الخيار ليس ضعفًا، بل هو قوة داخلية تدل على حكمة الشخص واتساع عقله. ما أجمل أن نتحلى بالسكوت في الأوقات التي تستدعي ذلك، وما أجمل أن نختار كلماتنا بحكمة عندما نقرر التحدث. وعندما نتحلى بهذه السمة، نحن لا نسيطر فقط على ألسنتنا، بل نسيطر أيضًا على مشاعرنا وأفكارنا. وبالفعل، السكوت من ذهب لأنه يتيح لنا التفكير، التأمل، والعيش بسلام داخلي بعيدًا عن التوترات والنزاعات.
لذا.. دعونا نتعلم كيف نُوَسِّع عقولنا بالصمت في الأوقات المناسبة، ولنتذكر دائمًا أن الكلمات ليست دائمًا الحل، وأن الصمت في كثير من الأحيان يكون الخيار الأفضل لحياة هادئة ومليئة بالتفاؤل والحكمة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
اليد التي تُدافع عن شرف الأمة لا تُدان
في عالم لم نجد فيه مكانًا للعدالة، وفي زمن اختلطت فيه المفاهيم وتاهت البوصلة، يقف شاب فلسطيني، يحمل بارودة صنعها بيديه، في وجه جندي صهيوني مدجج بأحدث الأسلحة، مدعومًا بجيش ضخم وغطاء سياسي وعسكري أمريكي كامل، مدعومًا بمليارات الدولارات، ممتلكا صواريخ محرمة دوليًا، وقنابل لم تعرف الرحمة في تاريخ الحروب، لكن الفلسطيني اختار ببساطة عتاده أن يدافع عن أرضه و شعبه وأهله على أن يجلس مستسلما متخاذلا يرفع الراية البيضاء أمام محتل غاصب احتل أرضه منذ عقود و لا يزال يساوم على تهجير شعبه في سنوات متتالية من المجازر و الحروب التي كان ضحيتها هذا الشعب الأعزل و ثلة من الرجال و الشباب الذين آمنوا بعدالة قضيتهم و حقهم في استرداد أرضهم.
أبواق للعدو وخذلان الأشقاء
في زمن التزييف الإعلامي، والتواطؤ الصامت، تتسابق فيه بعض الأصوات العربية إلى تلميع صورة المحتل، والتقليل من شرعية المقاومة، أصبح العديد من الشباب العربي بوقا للمحتل الذي لا يفهم إلا منطق القوة، ولا تعرف هذه الأبواق أن المقاومة ليست خيارًا، بل ردّ فعل طبيعي على احتلال الأرض.
فهؤلاء الشباب، الذين تركوا بيوتهم، وأمهاتهم، ودفاتر أطفالهم، ليرابطوا في أزقة غزة، أو خلف أسوار القدس، يُصوَّرون كأنهم مجرمون… بينما يُترك القاتل حرّ اليد، حرّ الكلمة، ويُدان من يحمل سلاحه دفاعًا عن أهله وبيته ومقدساته، ويُذمّ من يقف في وجه محتل عنصري يسرق الأرض ويقتل الطفل ويدنّس المسجد.
والمفارقة المؤلمة رغم وضوح العدو، لكن الخذلان أقسى، فالكيان الصهيوني يُسلّح، ويدعمه الإعلام الغربي، وتباركه بعض العواصم العربية تحت مسميات “التهدئة” أو “مكافحة الإرهاب”، أما شباب غزة، فكل ما يملكونه عقيدة نُقلت في وصاياهم، وسلاح بسيط صنعوه تحت الأرض.
منذ نكبة عام 1948، لم تعرف فلسطين هدنة حقيقية مع المجازر والانتهاكات التي توالت فيها الاعتداءات، وسُفكت دماء آلاف المدنيين في مذبحة تلو أخرى، لتبقى الذاكرة الفلسطينية مثقلة برائحة الدم وصدى الوجع، وعبق الشهادة..
رواية طويلة من الظلم
لم تكن فلسطين مجرّد أرض محتلة، بل جرح مفتوح في جسد الإنسانية. ولم تكن المجازر التي ارتُكبت ضد الفلسطينيين أرقامًا في كتب التاريخ، بل أرواحًا كانت تحلم بالحياة، ووجوهاً طُمست تحت الركام، وقلوبًا توقفت عن النبض وهي تحتضن الأمل. عبر أجيال متتابعة قتل فيها جد الجد والجد والحفيد من دير ياسين إلى كفر قاسم، من صبرا وشاتيلا إلى جنين، وصولًا إلى غزة الجريحة، كانت الدماء الفلسطينية تسيل، لا لأنهم حملوا سلاحًا، بل لأنهم تمسّكوا ببيوتهم، بمفاتيحها القديمة، وبذكريات الطفولة في الحارات التي دُمّرت.
لم تكن المجازر لحظات عابرة، بل رواية طويلة من الظلم، تُكتب بدم الأبرياء، وتُروى بدموع الأمهات، وتحيا في ضمير من لم يفقد إنسانيته بعد وهي محطات وجع تُعيد تشكيل ملامح الشعب الفلسطيني، وتمنحه قسوة التجربة ورقة القلب معًا. فلم تُنسِهم المجازر إنسانيتهم، بل زادتهم إصرارًا على استرداد أرضهم وحقهم.
مقاومة لا تمتلك رفاهية الجيوش
لكنهم الفلسطينيون بصبرهم وعنادهم أعادوا تشكيل مقاومتهم من تحت التراب. فلم يكن النفق مجرد وسيلة للنجاة أو للحرب، بل ملاذًا للهارب من انكشاف، وللمقاتل الذي لم يعد يملك سماء يحتمي بها، دون أن تراقبه أقمار التصوير الإسرائيلية هناك تحت الأرض، حيث لا تطير الطائرات ولا ترِد الصور إلى أقمار التجسس، لا يتحدثون كثيرًا. فقط يحفرون بصمت، يخفون بنادقهم، يعدّون ذخائرهم، يتقاسمون اللقمة والترقب، ويتناقلون إشارات الصمت، فالصوت قد يُسمع، والنظرة قد تُرصد، وحتى الوجع إن خرج بصوت عالٍ قد يتحوّل إلى إحداثيّة لغارة، تودي بقضيتهم قبل حياتهم.
في ذلك النفق المظلم، الذي لا تفرق فيه بين الليل والنهار، وُلدت مقاومة لا تمتلك رفاهية الجيوش، لكنها تمتلك ما هو أندر: الإصرار على البقاء، وحقها في استرداد أرضها.
وحده الفلسطيني يدافع
اليد التي تقاتل من أجل القدس لا تدان، فالقدس وقفٌ إسلامي، وتراثٌ عربي، وقبلة روحية تتقاطع عندها قلوب الملايين من المسلمين والمسيحيين في أنحاء العالم. غير أن شرف الدفاع عنها لم يتقاسمه أحد؛ وحده الشاب الفلسطيني يقف عند بواباتها، بحجر وبسلاح محلي الصنعي شهدت عليه أنفاق حُفرت باليد و جبلت بعرق أجسادهم و دمائهم التي اختلطت بتراب الأنفاق ليكونوا صفحات عز مشرقة في تاريخ القضية الفلسطينية و ليكتب التاريخ ان شباب فلسطين لم يبيعوا أرضهم ولم يفرطوا في مقدساتهم بل قُدَِّمت لها الدماء و الروح و الأوقات التي غابوا فيها عن عوائلهم و عن ممارسة حياتهم الشخصية التي لم تعد موجودة في قاموسهم بل جعلوا جل أوقاتهم في الإعداد و التصنيع و كم روح ستلاقي بارئها يوم البعث وهي مجبولة بتراب نفق أعدته ليوم لقاء العدو، وفي لحظة إعداد حاولوا فيها إعداد مادة كان ثمنها روح لاقت خالقها لتقول له يارب أنت كتبت :”وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل “، وأنا ألاقيك على ما كتبت.
فاليد التي تدافع عن شرف الأمة لا تدان بل ترفع لها القبعة، ويجب أن تُسانَد بالقول والفعل، بالرجاء والدعاء، بالمال وإلإعداد، فهم ليسوا إرهابيين بل خط الدفاع الأول والأوسط والأخير عن كرامة الأمة النائمة في ثبات عميق أعلنت فيه خذلانها لهم بصراحة لم يكن لها مثيل في تاريخ العروبة.
ليسوا “مليشيا” بل أحرار
هؤلاء الشباب ليسوا مليشيات فمنهم المهندس الذي اعتاد تصميم الأبنية، أصبح اليوم يصنع دروعًا لحماية المقاتلين، والمبرمج الذي يكتب الأكواد، أصبح يطور نظم اتصالات بسيطة ومبتكرة، وطالب الكيمياء والفيزياء يحول المعرفة إلى أسلحة دفاعية صنعها بجهده ويده، هؤلاء الشباب دمجوا بين العقل واليد، بين المعرفة والعزيمة، ليخلقوا نموذجًا فريدًا من المقاومة، لا يعتمد فقط على السلاح، بل على الذكاء والابتكار هؤلاء شباب رضعوا معاني الرجولة مع حليب أمهاتهم ليست بالكلمات، بل (فِعلًا) يبدأ من لحظة الوداع، حين يُقبّل الشاب جبين أمه أو زوجته، ويخرج نحو المجهول، هؤلاء الشباب الذين تركوا خلفهم أحلامًا مؤجلة، وزوجات تنتظر، وأمهات تودّع كل مرة كأنها الأخيرة، وبيوتًا مفتوحة على الخطرـ وأطفال لهم يودعونهم الوداع الأخير.
لكنهم أعدّوا العدّة بما استطاعوا رغم الحصار، وإغلاق الحدود والسدود، لم يتراجعوا، ويسألوا عن الدعم الخارجي، بل سألوا أنفسهم: «ماذا نملك لنحمي أرضنا؟ وكانت الإجابة: الإيمان، والحق، والإرادة هم نموذج المقاومة الحديثة، إنهم ليسوا فقط أبطالًا في ساحات القتال، بل هم بناة مستقبل يرفض أن يخضع أو ينكسر تحت وطأة الحصار والظلم، هؤلاء ليسوا سبب الدمار، بل درعٌ يحاول الصمود أمام آلة القتل التي لا تفرّق بين طفل ومقاتل. هم لم يختبئوا خلف الناس، بل كانوا دروعًا بشرية لأبناء شعبهم. هم لم يهربوا، بل ظلوا يُقاتلون، ويُشيّعون الشهداء، ويُعزّون الثكالى، ثم يعودون إلى مواقعهم بصمت.
وختاما فإن هذه المقاومة ليست مجرد قتال بالسلاح، بل معركة على الوجود، و الهوية، والحقيقة الباقية هي أن الحق لا يقاس بحجم السلاح، بل بحجم الإرادة والعدالة، والأمل الذي لا يُقصف، لأنه يسكن في قلوب لا تموت، وشبابنا هم أصحاب الحق، والتاريخ، والأرض، بيدهم إرادة لا تقهر، وكرامة لا تموت.
كاتبة فلسطينية