حرب الإبادة .. الغاية والأهداف
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
بقلم : عامر جاسم العيداني ..
إن معركة “طوفان الأقصى” أوجعت النظام الصهيوني بكل أركانه، وكان رد الفعل تجاه ما حصل من مفاجآت في هذه المعركة غير مسبوق، حيث التدمير الشامل لكل شيء على الأرض من الحرث والنسل والبناء. أي إن الجيش الصهيوني استخدم في حربه على أبناء فلسطين عامة وغزة خاصة سياسة “الأرض المحروقة” لأنه لا يستطيع المواجهة المباشرة مع جنود المقاومة الفلسطينية من حماس والقسام والجهاد الإسلامي الذين اتخذوا مواقعهم في المواجهة من تحت الأرض.
إن غاية الجيش الصهيوني من استخدام التدمير الشامل هي لإخراج أو قتل المقاومين باستخدام هذا الأسلوب، أما الهدف من تهديم البيوت على رؤوس ساكنيها وإبادة العوائل بالجملة فهو لعدة أمور، أهمها التأثير على نفسية المقاومين وجعلهم يتألمون على عوائلهم الذين يقتلون، مما يؤثر على معنوياتهم ويجعلهم يتخلون عن القتال والاستسلام. ولكن هذا لم يحصل، واستمروا في المقاومة والقتال.
أما الأمر الثاني، فهو لإيذاء المجتمع الفلسطيني وتعميق جراحه، وخلق فجوة بينه وبين المقاومين والانقلاب عليهم، ومنع أبنائهم من القتال، وتحويل المعركة بين أبناء المجتمع الفلسطيني. وهذا أيضًا لم يحدث، بل بالعكس، كان الدعم كبيرًا للمقاومين في خوض المعركة مع جيش الاحتلال.
أما الأمر الثالث، وهو أهم هدف سعى له الصهاينة ولم يستطيعوا تحقيقه، فهو الضغط على المجتمع الغزاوي لترك أرضهم والهجرة منها من خلال الطلب بإخلاء المناطق التي يقطنونها إلى مناطق أخرى لأكثر من مرة تحت ذريعة أنها مناطق عسكرية، وخلق حالة الملل والقهر في نفوسهم، والإمعان في قتلهم وتدمير البنى التحتية الصحية وإيقافها وحرمانهم من العلاج، وإجبارهم على الهجرة إلى خارج فلسطين. ولكن ذلك الأمر جعل من الفلسطينيين أكثر تمسكًا بالأرض، ورفضوا الهجرة منها.
إن الغاية من كل الحرب الهمجية التدميرية وأدواتها التي يستخدمها الصهاينة ضد الشعب الفلسطيني هي من أجل إفراغ غزة، لغرض جعلها بؤرة استيطان جديدة، وتوسيع موانئها، وإلغاء فكرة إنشاء الدولة الفلسطينية على أرض غزة والضفة الغربية التي قرر الصهاينة ابتلاعها أيضًا بتهجير أبنائها وإنشاء مستوطنات جديدة على الأراضي الزراعية الخاصة بالمواطنين الفلسطينيين. حيث يستخدم جيش الاحتلال المستوطنين بالاعتداء على أصحابها وحرق مزروعاتهم وتدمير أدواتهم.
أما عملية التدمير التي يمارسها جيش الاحتلال في جنوب لبنان، والطلب من أهلها إخلاء مناطقهم، فهي لغرض فتح الطريق لقواته وجعل الأرض خالية من أي معوقات عسكرية، ولسهولة كشف عناصر المقاومة ومقاتلتهم، لغرض احتلال المنطقة والسيطرة عليها، وإبعاد سلاح حزب الله عن المستوطنات في شمال فلسطين وإعادة سكانها. ومن أجل الانتصار على المقاومة الإسلامية عن طريق التأثير على معنوياتهم بالحرب النفسية، وأساليب قتل عوائلهم الذين يسكن أغلبهم الضاحية الجنوبية لبيروت، وذلك بتدمير منازلهم وتهجيرهم، ومحاولاته قتل قيادات المقاومة كافة من أجل إضعافهم وتفكيك تنظيماتهم العسكرية. وهذا التكتيك العسكري الحربي لم ينفع مع حزب الله الذي أثبت قوته المحصنة بالمبادئ والعقيدة الجهادية الإسلامية، والتي تتصاعد كلما طال زمن الحرب.
ومن هنا نقول لأهلنا في فلسطين ولبنان: عليهم الثبات والتمسك بالأرض واستمرار المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني، وإسقاط أهدافهم وإفشالها، ودحر جيشهم بكل ما أوتيتم من قوة. والنصر قريب بإذن الله.
عامر جاسم العيدانيالمصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
غليون لـعربي21: أوروبا تعترف بفلسطين خوفاً من وصمة الإبادة التي شاركت فيها
اعتبر المفكر العربي وأستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور برهان غليون أن إعلان عدد من الدول الأوروبية نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية في أيلول/ سبتمبر المقبل، لا يعكس صحوة ضمير أو تحولاً جوهرياً في السياسة الغربية، بل هو "رد فعل متأخر يهدف لتفادي تهمة التواطؤ في حرب إبادة جماعية يتكشف فظاعتها تدريجياً"، مشيراً إلى أن "أوروبا كانت وما تزال شريكة أصيلة في الجريمة، تسليحاً وصمتاً وتغطية سياسية".
وقال غليون في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، إن "ما غيّر موقف بعض العواصم الأوروبية ليس معاناة الفلسطينيين ولا احترام القانون الدولي، بل الخوف المتزايد من تحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية عن صمتٍ طويل رافق مذبحة جماعية شُنّت بدم بارد على الشعب الفلسطيني في غزة".
وأضاف: "لا يوجد إنسان لا يتأثر مبدئياً باعتراف أوروبي بالدولة الفلسطينية، لكنه اعتراف متأخر ومشروط وفارغ من مضمونه، لأن دوافعه لا تنبع من شعور بالعدالة، بل من حسابات سياسية باردة تهدف لغسل اليدين من دماء أطفال غزة".
وأوضح المفكر السوري أن "الاعتراف يأتي بعد 21 شهراً من حرب همجية على غزة أوقعت مئات آلاف الضحايا ودماراً شاملاً في البنية التحتية والحياة المدنية، ولم يتحرك خلالها الأوروبيون إلا دفاعاً عن إسرائيل وحقها في القتل بلا ضوابط"، مضيفاً: "كان أغلب القادة الأوروبيين ينتظرون أن تنهي إسرائيل المهمة، أي تدمير غزة، وإلحاق الضفة الغربية، وتحويل فلسطين إلى ذكرى قديمة… ثم تُغلق القضية بهدوء".
وأكد غليون أن "نجاح إسرائيل الكلي في تنظيم المقتلة، وتحويل الحرب إلى محرقة ممنهجة، هو ما أسقط كل مبررات التغطية الأخلاقية والدبلوماسية، ودفع بعض الدول إلى محاولة الحد من تداعيات التورط الغربي".
وقال: "الغرب يعرف أن إسرائيل لم تخسر عسكرياً، لكنها خسرت سياسياً وأخلاقياً، لا بسبب عجزها عن تنفيذ الإبادة، بل بسبب تنفيذها الكامل لها أمام عدسات الكاميرات وضمير العالم، الذي بدأ يصحو متأخراً".
ووصف غليون الاعتراف الأوروبي المرتقب بـ"المناورة الوقائية"، مشدداً على أن "الغرب لن يجد صعوبة في التنصل من مسؤوليته، ورمي الجريمة على إسرائيل وحدها، رغم أنه كان مشاركاً في التخطيط والتنفيذ والتمويل".
وختم بالقول: "الاعتراف بالدولة الفلسطينية بعد سبعة عقود من قرار الأمم المتحدة وبعد واحدة من أبشع الحروب في العصر الحديث، لا يُعدّ خطوة تقدمية، بل محاولة مكشوفة لإعادة ترميم صورة انهارت تحت ركام غزة".
وأول أمس الأربعاء، أعلن رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين خلال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول المقبل.
إعلان كارني جاء عقب إطلاق 15 دولة غربية بينها فرنسا، نداء جماعيا للاعتراف بدولة فلسطين ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، نشرته الخارجية الفرنسية الأربعاء على موقعها الإلكتروني، وبعد إعلانات مشابهة في الأيام الماضية صدرت عن فرنسا وبريطانيا ومالطا.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في 24 يوليو/ تموز الماضي، أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر المقبل.
والثلاثاء، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في مؤتمر صحفي، إن بلاده ستعترف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل، إذا لم تتخذ إسرائيل "خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المروع" بقطاع غزة.
والأربعاء، أعلنت مالطا أنها ستعلن اعترافها رسميا بدولة فلسطين، في سبتمبر المقبل.
وفي 28 مايو/ أيار 2024، أعلنت إسبانيا والنرويج وإيرلندا اعترافها بدولة فلسطين، تلتها سلوفانيا في 5 يونيو/ حزيران من العام نفسه، ليرتفع الإجمالي إلى 148 من أصل 193 دولة بالجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأمس الخميس وصف وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو خطط بعض الحكومات الغربية للاعتراف بالدولة الفلسطينية بأنها "غير مجدية"، وزعم أنه "لا دولة فلسطينية دون موافقة إسرائيل".
وردا على سؤال خلال مقابلة مع إذاعة فوكس الأمريكية: "كيف تنظر الولايات المتحدة إلى خطوة قرارات دول غربية الاعتراف بفلسطين؟"، أجاب روبيو: "هذه خطوة محبطة للبعض، ولا تعني شيئًا".
وأكد دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، مضيفاً: "لا تملك أي من هذه الدول (التي تخطط للاعتراف بفلسطين) القدرة على إنشاء دولة فلسطينية. لن تكون هناك دولة فلسطينية حتى توافق إسرائيل".
وزعم أن الدول التي تعتزم الاعتراف بفلسطين لا تعرف أين ستكون الدولة الفلسطينية ومن سيحكمها، قائلاً: "هذا القرار سيأتي بنتائج عكسية"، بحسب تعبيره.
وزير الخارجية الأمريكي رأى أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية "مكافأة لحماس".
وأشار إلى أن هذه "الخطوات اتخذت بسبب ضغوط سياسية داخلية في البلدان المذكورة، وأن هذا لا يتوافق مع الواقع على الأرض"، بحسب زعمه.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 207 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.