أستاذ محليات عن تعديل قانون البناء: هناك 7 ملايين عقار مخالف بمصر
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
دعوة جادة وجهتها الحكومة بضرورة تعديل قانون البناء الموحد، وهو الأمر الذي تبناه مجلس الشيوخ من خلال تخصيص عدة جلسات لمناقشة هذا الشأن وبدأت بالاستماع لرؤية المهندس شريف الشربيني وزير الإسكان جول فلسفة تعديل القانون، كما أكد المستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي - أن مناقشات مشروع قانون البناء الموحد كشفت أن هناك حاجة حقيقية للتعديل، مشيرا إلى أن اللجنة بذلت جهدا كبيرا في المناقشات وإدخال بعض التعديلات والتي خرجت بعدة أفكار تستلزم إعادة النظر في بعض الأمور وبينها اعتماد المخططات التفصيلية وتيسير التوسع الرأسي وضبط التجمعات الريفية.
كما أكد وزير الشئون النيابية، أن بعض مداخلات أعضاء مجلس الشيوخ ذهبت إلى أهمية وضوح الإحالات إلى اللائحة التنفيذية وكذلك تبسيط الإجراءات من أجل الحفاظ على السلامة، فضلا عن تعدد استخدامات المبنى الواحد وأهمية أخذ رأي القطاع الخاص في النصوص، وأوضح أن القانون أحيل إلى مجلس النواب في 2018 وتم إحالته لمجلس الشيوخ في 2022 وهو الأمر الذي يتطلب مزيدا من إعادة النظر والمناقشة، وأشار إلى أن الحكومة تقدمت بطلب إلى المجلس لإعادة مشروع القانون إلى لجنة الإسكان لإضافة المستجدات لدى الحكومة في هذا الشأن.
وتعليقا على ذلك، أكد د. حمدي عرفة أستاذ الإدارة المحلية خبير استشاري البلديات الدولية، أن قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 لم يتم تعديله منذ سنوات وهو الأمر الذي يزيد من حدة العقارات المخالفة بطريقة غير مباشرة، مشيرا إلى إنه لَم يتم أيضا تعديل قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 لوجود مواد مشتركة بين وزارتي التنمية المحلية والاسكان تتعلق بصفة مباشرة والبناء المخالف.
وأضاف د. حمدي عرفة، في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن قانون البناء يؤدي إلي تدهور التخطيط العمراني في البلاد وهو ما لم يتم تعديله حتي الآن لأسباب غير مفهومة وغير معلنة، فضلا علي أن عدد العقارات المخالفة وصلت منذ إنشاء جمهورية مصر العربية وحتي الآن إلي ٧ ملايين و٣٨٠ ألف عقار مخالف، مطالبا المحافظين بالتدخل لحل القصور في بعض الأحياء والمدن والمراكز والوحدات القروية وخاصة في الإدارات الهندسية مع إلغاء ندب الحاصلين علي المؤهلات المتوسطة مؤقتا لحين نقل الإدارات الهندسية إلي وزارة الإسكان.
وتابع أستاذ الإدارة المحلية خبير استشاري البلديات الدولية، إنه للخروج من الأزمة يجب أيضاً تعديل قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 لوجود مواد مشتركة بين وزارتي التنمية المحلية والاسكان تتعلق بشكل مباشر بمشكلة العشوائيات والبناء المخالف ولابد من سرعة نقل جميع الإدارات الهندسية التابعة لـ 184 مركزا و92 حي و1211 وحدة محلية قروية و214 مدينة تتبع الإدارة المحلية إلي مديريات الاسكان المنتشرة في المحافظات البالغ عددها 27 محافظة لأنها هي المختصة، حيث أن عدد المهندسين في تلك الإدرات لا يتعدى 8% والباقي هم من حملة دبلوات تجارة وصنايع، ولابد من اهتمام المحافظين بمحدودي ومعدومي الدخل من حيث توفير المساكن لهم بأسعار رمزية مناسبة منعا وتجنبا لزيادة العشوائيات والبناء المخالف.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: البناء قانون البناء البناء الموحد مجلس الشيوخ التنمية المحلية الإدارة المحلیة قانون البناء تعدیل قانون
إقرأ أيضاً:
تقديس المدير
جابر حسين العماني
عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
تعاني بعض المجتمعات العربية والإسلامية من ظاهرة خطيرة على المجتمع، وهي تقديس المديرين المسؤولين، ظاهرة مؤسفة جعلت بعض المديرين شخصيات مغرورة لا ترى إلا نفسها، ترفض النقد البناء، وكأنها لا تزال تعيش في عصر من عصور الطغاة، كفرعون الذي كان يقول: "أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ"، وهو سلوك سلبي لا يهدد مكانة المؤسسات الحكومية والخاصة فحسب، بل يؤخر التقدم والازدهار ويجعل روح الفريق الواحد في بيئة العمل ضعيفة جدا، لا اعتبار لها ولا مكانة ولا إجادة، وذلك بسبب تقديس المديرين وغرورهم وعدم تقبلهم للنقد البناء.
قال الإمام محمد الباقر: "مَا دَخَلَ قَلْبَ اِمْرِئٍ شَيْءٌ مِنَ اَلْكِبْرِ إِلاَّ نَقَصَ مِنْ عَقْلِهِ مِثْلَ مَا دَخَلَهُ مِنْ ذَلِكَ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ".
إن من المؤسف جدا أن يتحول النقد البناء للمدير المغرور في بعض المؤسسات العربية والإسلامية إلى جريمة نكراء، تقابل بالتوبيخ أو الإقصاء أحيانا، بينما يحترم الموظف المتملق والمرائي، ويرتفع بسلوكه درجات لا يستحقها في بيئة العمل فقط لأنه لمع مكانة المدير، وكأننا نعمل لخدمة المسؤول، وليس لخدمة الوطن وازدهاره، وحفظ أمجاده.
لا بد أن يعلم كل من يعمل في بيئة العمل أن النقد البناء الصادق يعد البوابة الرئيسية للتطوير والارتقاء إلى بيئة عمل أفضل، وهو من أهم المظاهر الحضارية التي لا غنى عنها، والذي له دلالات واضحة ومن أهمها تجنب الغرور وتعزيز العمل الجماعي على الشراكة الحقيقية والانتماء الوطني المخلص في أثناء العمل.
إن تقديس المدير المسؤول في مواقع العمل لا يصنع البيئة المناسبة والصالحة للإنتاج المثمر في التكامل المهني المطلوب، بل يخلق الكثير من القلق والتوتر بين الموظفين، ويحفزهم على التعامل بالتملق بدلا من إبداء الصراحة والنقد البناء، وهنا من الطبيعي جدا غياب روح الحوار، وانطفاء الأفكار الخلاقة والمطلوبة، واختفاء الإبداع والتألق والنجاح، لأن الموظفين مشغولون بإرضاء المسؤول وتلميع صورته لمصالح خاصة، بدلا من خدمة الوطن والمواطنين، وتغيب بذلك روح العمل الجاد والفاعل الذي ينبغي أن يكون متحققا في بيئة العمل.
اليوم نحن بحاجة ماسة إلى مؤسسات حكومية نافعة وجادة، تتبنى النقد البناء والفعال وترفض الغرور بأشكاله ومسمياته، وتميز بين احترام المسؤولين ومحاسبة قراراتهم، ذلك أن الإدارة سواء كانت في المؤسسات الحكومية أو الخاصة ينبغي أن تنصت للجميع، ولا تميز أحدا دون آخر إلا بالتميز والإجادة، وتؤمن بمبدأ الحوار والنقاش الجاد، وتعيد النظر فيما يخص القرارات المطروحة بهدف التطوير ونقل العمل إلى ما هو أفضل وأجمل وأحسن، بما يخدم الوطن والمواطنين، وتجنيب بيئة العمل سياسة تكميم الأفواه وتقديس المسؤولين مهما كانت درجاتهم ومناصبهم وشأنهم في الوسط الاجتماعي.
اليوم ومن أجل نجاح بيئة العمل، لا بد من التركيز على ممارسة الصفات الأخلاقية والتي منها التواضع، فليس هناك سلوك أرقى منه، فينبغي على المسؤولين، من مديرين وغيرهم من أصحاب المناصب العليا أو ما دون ذلك، أن يتواضعوا مع موظفيهم، ويكون ذلك من خلال الاستماع إليهم، وتحفيزهم على العمل، والمرونة في الإدارة، والقدوة الحسنة، واحترام ثقافة النقد وتقبلها.
أخيرًا: نحن في زمن تكاثرت فيه المناصب بأنواعها المختلفة، وتقلصت الكثير من القيم والمبادئ الإنسانية، ولا زالت أوطاننا العربية والإسلامية بحاجة ماسة إلى مديرين مسؤولين مخلصين يصنعون الفرق بأخلاقهم الطيبة واجتهادهم، يحاربون التفرقة والتمزق والغرور وحب الذات، ساعين لإدارة القلوب قبل الملفات والاجتماعات والقرارات، تلك هي أفضل وأجمل وأقوى أدوات الإدارة الناجحة التي لا بد من ممارستها وتقديمها في بيئة العمل بكل إخلاص ووفاء وتفان، وكما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
تَوَاضَعْ تَكُنْ كَالنَّجْم لاحَ لِنَاظِرِ**عَلَى صَفَحَاتِ الْمَاءِ وَهُوَ رَفِيعُ
وَلا تَكُ كَالدُّخَانِ يَرْفَعُ نَفْسِهُ**إلى طَبَقَاتِ الْجَوِّ وَهُوَ وَضِيعُ
رابط مختصر