استعادة الميدان بالصوت القادم من الجنّة
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
يمانيون – متابعات
“إخواني المجاهدين المقاومين الشرفاء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نتطلع جميعاً إلى عقولكم النيرة، وإلى قلوبكم المؤمنة، وإلى سواعدكم الفتية القوية، لأننا، بعد الله سبحانه وتعالى، نراهن عليكم وعلى حضوركم، وعلى إيمانكم وعلى جهادكم، للدفاع عن شعبكم وأهلكم ووطنكم وقيمكم وكرامتكم، والدفاع عن هذه الأرض المقدسة والمباركة، وعن هذا الشعب الشريف، وكل إنجازات دماء الشهداء الذين سبقونا إلى الله سبحانه وتعالى”.
لم تمر دقائق، بعد نشر هذه الكلمات المسجَّلة بصوت سيد الشهداء، سماحة السيد حسن نصر الله، حتى اختلطت الأخبار العاجلة عبر شاشات الأخبار.
مقطع صوتي من الفيديو المنشور هنا، وأخبار عن سماع انفجارات في حيفا هناك. اقتباس مكتوب من نص الخطاب هنا، وتواتر الأخبار عن أثر الضربة في القاعدة العسكرية هناك.
في عالم الأفكار، هنالك من يمنحك فكرة تصلح ليومك، وهنالك من يهديك منهجاً يكفيك لحياتك كلّها، وهنالك من يهديك مذكرة، وآخر يهديك قاموساً. لذلك، لم يكن غريباً أن تكون أولى الكلمات القادمة من الجنة تتحدث عن الاعتماد على العقول النيّرة، التي أدركت الفكرة وعاشتها، وأصبحت جاهزة للقرار في الخطوة الملائمة في التوقيت الصحيح.
إنه الزمن، الذي اعتقدت “إسرائيل” أنّه توقف بعد رحيل نصر الله، ولكن الزمن أيضاً يتواطأ مع الأفكار العظيمة، ليجعلها أبدية تعمل في فضائه اللانهائي. خطابات نصر الله لن تحال على الأرشيف، وجرّبوا اختباراً بسيطاً في ربط الكلمات والأفكار، قبل تنفيذ العمليات وخلالها وبعدها، قبل التحرير وبعده، خلال جولات وقف إطلاق النار وشروطه ومعطياته وبعدها.
إعطاب الدبابات هو صدى الميدان لـ “لن تبقى لكم دبابات”، والإصرار على الانتصار هو صدى الواقع لفلسفة “نحن لا نُهزم، عندما ننتصر ننتصر، وعندما نستشهد ننتصر”. وإسقاط أوهام الانتصار الإسرائيلي عبر استهداف القادة هو صدى “يجب أن نحمل نهجه، ونتقدم”. وإسقاط الوهم بالقوة المطلقة لـ”إسرائيل” هو ترجمة “إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت”!
لأن عقل “إسرائيل” مشتقّ في الأساس من الثقافة الغربية الباردة، بوحشيتها وجفافها الروحاني، فهي تَعُدّ تحييد القادة المادّي عن الميدان ضربةً قاضية في هيكل القيادة وآليات اتخاذ القرار.
إنها الفجوة الواسعة بين الشرق والغرب، ليس في بعد المكان هذه المرة، وإنما في الفرق بين من يَعُدّونه مديراً لعمليات، من دون الانتباه للقوة الروحية المخزّنة فيه، والتي لا يعتمد إشعاعها على فكرة وجوده المادي من عدمه، هو ببساطة الذي لا يمكن إعادته إلى الفناء أو العدم، فعندما يحدث لا يتبدّى.
قامت الدولة الحديثة في الصين على آراء ماو تسي تونغ، الذي ما زالت مبادئه تعلّم في مدارس الأطفال. في فيتنام تعتمد الدولة على تكريس ثقافة “العناد الإيجابي” على استحضار هوتشي منه والقائد العسكري جياب، اللذين لم يكن لديهما إلا شعار واحد في المفاوضات، هو “المقاومة مستمرة حتى خروج الاحتلال كاملاً”.
مبدأ الثورة المستمرة في كوبا ما زال يعمل بالتجربة الحية لغيفارا وكتاباته في “حرب الغوار” وكتابات كاسترو، حتى تلك التي كان ينشرها تحت بند “الخواطر”. لم يكن المغرب ليحظى باستقلاله لولا ثورة الريف، التي قادها عبد الكريم الخطابي.
واستقلال ليبيا عام 1951م، حدث بعد عشرين عاماً من استشهاد عمر المختار. في العودة إلى الميدان وفي ارتدادات الصوت القادم من الجنة في بعث العملية الكبرى، نعود مرة أخرى إلى الميدان بتفصيلاته:
1. العملية ليست حدثاً منفصلاً أو منسلخاً عن مروحة العمليات الواسعة للمقاومة. وفي المتابعة للبيانات الصادرة عن غرفة عمليات المقاومة والإعلام الحربي، فإن ما حدث في جنوبي حيفا يتزامن بسلاسة مع التصدي لمحاولات التوغل البري بالاشتباك من مسافة صفر والعبوات وصليات الصواريخ قريبة المدى، ويتزامن مع قصف القواعد العسكرية في عمق أراضي فلسطين المحتلة، ويتزامن مع ما اعتدنا عليه، منذ الثامن من أكتوبر 2023، عبر استهداف حشود العدو والمستوطنات.
2. في عملية عملية المسيرات الناجحة، تجد “إسرائيل” نفسها ليس فقط في مواجهة “الأضرار المؤجلة” (الاقتصاد، والهجرة العكسية)، وإنما أيضاً في مواجهة الأضرار الفورية، الآن وهنا.
3. يعمل الخوف العام لـ “يهود بن غوريون” وفق منطق مغاير للخوف العام لدى “يهود نتنياهو”. فإذا كان الأول يحول الخوف إلى وقود للمواجهة (إذا خرجتم من هنا فستعودون إلى الغيتو والجذام والتهميش)، يعمل الخوف الثاني في ظل المنظومة الليبرالية للاقتصاد العالمي، في اتجاه البحث عن معطيات الحياة الأفضل في مكان آخر.
“بكّير، بكّير، بكّير”، ثلاثية قالها مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله. ومن الواضح أنه محق في تأكيده، فالاستعجال في الحكم على قوة المقاومة بالتراجع النهائي، أو الاستعجال في الاستثمار السياسي، هو دليل آخر على صمّ الآذان مجدداً عن سماع الصوت القادم من الجنة!
—————————————–
– الميادين – محمد فرج
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
هل يجوز الجهر بالأذكار التي نرددها بعد التسليم من الصلاة ؟.. أزهري يجيب
ورد سؤال إلى د. عطية لاشين، عضو لجنة الفتوى بالأزهر، من سائل يقول: "ما حكم الجهر بختام الصلاة؟"
وأجاب د. لاشين عبر صفحته الرسمية على موقع فيس بوك قائلاً: إن ختام الصلاة يكون بجلسة بعد التسليم، حيث يسبح الإنسان الله ثلاثًا وثلاثين، ويقول الحمد لله ثلاثًا وثلاثين، ويكبر الله ثلاثًا وثلاثين، ثم يتمم المائة بكلمة التوحيد: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير».
وأوضح عضو لجنة الفتوى أن قراءة آية الكرسي بعد التسليم مستحسنة، مستشهدًا بالأحاديث الصحيحة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أن من قرأها دبر التسليم لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت، مشيرًا إلى أن هذا من تمام الخاتمة الروحية للصلاة وتعظيم ذكر الله.
وبخصوص الجهر أو الإسرار في ختام الصلاة، بين د. لاشين أن هناك رأيين لدى أهل العلم:
الرأي الأول يرى مشروعية الجهر بختام الصلاة ما لم يفض ذلك إلى تشويش على المصلي أو تعطيل تركيزه، مستدلًا بما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يعرف انقضاء صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتكبير بعد الصلاة.
أما الرأي الثاني فيرى الإسرار في ختام الصلاة، مستندًا إلى حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، حيث أشار الإمام أحمد إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كشف سجف غرفته عن الصحابة وقال لهم: «ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضًا ولا يرفع بعضكم على بعض بالقراءة».
وأشار د. لاشين إلى أن الإمام النووي جمع بين نصوص الجهر ونصوص الإسرار، فاستنتج أن الإخفاء أفضل حيثما خاف المصلي الرياء أو إيذاء المصلين، أما الجهر فيكون أفضل في غير ذلك، لأن فائدته تمتد إلى السامعين ويُستفاد منها.