ذكرت صحيفة "Financial Times" البريطانية أنه "بعد شهر من بدء الحملة العسكرية الإسرائيلية المتعددة الأبعاد ضد حزب الله ولبنان، لم يستوعب اللبنانيون بعد حجم ما حل ببلدهم. فقد أصبح ربع لبنان الآن خاضعا لأوامر الإخلاء الإسرائيلية، وما يقرب من ربع السكان في حالة نزوح، ينامون في المدارس، أو في الشوارع، أو في منازل مستأجرة أو غرف فنادق.

بعد أسبوعين من القصف المكثف للضاحية الجنوبية لبيروت المكتظة بالسكان، مرت بضع ليال هادئة، لكن الطائرات من دون طيار لم تتوقف عن التحليق فوق المدينة. كما وتستمر الحرب في الجنوب وسهل البقاع".
وبحسب الصحيفة، "لقد تم تدمير بلدات بأكملها. وهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتحويل لبنان إلى غزة أخرى وطالب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المنتشرة في الجنوب بالتراجع. وفي الوقت نفسه، اغتالت إسرائيل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله. في هذه الدوامة، يواجه لبنان تحديات متعددة. أولاً، الضغوط الاجتماعية الهائلة. لقد أدى نزوح أكثر من مليون شخص من المناطق المستهدفة بالضربات الإسرائيلية إلى اكتظاظ سكاني في أجزاء مختلفة من العاصمة. وعلى الرغم من ذلك، هناك شعور عميق بالتضامن، وقد هرع المجتمع المدني إلى العمل لإيواء وتأمين الطعام للاجئين. ولكن في بلد يعاني بالفعل من أزمة، فإن القدرة على دعم مثل هذا الجهد ستكون محدودة".
وتابعت الصحيفة، "يشعر اللبنانيون بأنهم معاقبون على قرار اتخذه حزب الله بمفرده، وربط مصير لبنان بغزة وجر البلاد إلى الحرب.لكن الطائفة الشيعية هي التي تتحمل وطأة غضب إسرائيل، فمدنهم وأحياؤهم هي البيئة التي يعمل فيها حزب الله، كما استهدفت الضربات الإسرائيلية مناطق أخرى، حيث تزعم إسرائيل أنها تستهدف أعضاء حزب الله الذين لجأوا إلى مناطق أخرى. ففي يوم الإثنين، استشهد ما لا يقل عن 21 شخصًا، نزحوا من الجنوب، إلى بلدة أيطو الشمالية. قد يعتقد نتنياهو أن هذا من شأنه أن يدفع بقية لبنان إلى الانتفاض ضد حزب الله أو الشيعة، وبالتالي الدخول في حرب أهلية. إن التحديات السياسية في الداخل هائلة وحساسة، كما وتعارض أغلبية كبيرة من اللبنانيين حزب الله. ولكن في حين يرى معارضوه، وحتى حلفاؤه، فرصة لتقليص قوته، لا أحد في لبنان يتطلع إلى الإسرائيلي ليسحق حزباً سياسياً أو مجتمعاً آخر".
وأضافت الصحيفة، "تم تعلم هذا الدرس في عام 1982 خلال الغزو الإسرائيلي الأخير الواسع النطاق. والآن لبنان، الذي شاهد تدمير غزة على مدى العام الماضي، حذر للغاية من نوايا إسرائيل.بالإضافة إلى ذلك، في حين تم اغتيال رأس قيادة حزب الله، إلا أن الحزب لم يرفع الراية البيضاء. فحزب الله لم يكن يوماً المشكلة الوحيدة في لبنان. واللافت أن الساسة المتخاصمين في البلاد لم يتحدوا بعد في مواجهة الأزمة. ويحتل انتخاب رئيس لبنان مكانة عالية على جدول الأعمال، ولكن لم يتم التوصل إلى اتفاق بعد وتختلف الآراء حول التوقيت. فهل ننتخب شخصاً بسرعة للتفاوض على شروط وقف إطلاق النار؟ أم ننتظر وقف إطلاق النار لتجنب أي شكوك حول شرعية الانتخابات؟"
وبحسب الصحيفة، "هناك الكثير من النشاط الدبلوماسي الدولي ولكن ما من وقف لإطلاق النار في الأفق، وربما لن يكون هناك وقف لإطلاق النار قبل الانتخابات الأميركية، وهذا يقودنا إلى بعض أهداف الحرب الإسرائيلية، إلى جانب الهدف المعلن الذي لا يمكن تحقيقه والمتمثل في تدمير حزب الله. لقد تحدثت إسرائيل عن توغلات برية محدودة وأصرت على أنها لن تحتل جنوب لبنان. وقال وزير الدفاع يوآف غالانت إن الجيش الإسرائيلي سوف يدمر القرى الواقعة على طول الحدود واحدة تلو الأخر، وقد تم بالفعل تدمير العديد من القرى. ويبدو أن الهدف هو إنشاء منطقة عازلة خالية من السكان على عمق عدة كيلومترات داخل لبنان، حيث تستطيع إسرائيل مراقبتها من أراضيها. ومن الواضح أن إسرائيل تريد إبعاد حزب الله عن الحدود، ولكن هذا يعني أيضاً أن أحداً من سكان هذه القرى لن يعود إلى دياره في أي وقت قريب".
وختمت الصحيفة، "إن الحرب مستمرة، وسوف يكون تأثيرها على الجنوب وعلى لبنان بأكمله طويلاً".


المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تتوعّد حزب الله مجدداً وتُصعّد عملياتها في غزة: لن نسمح للحزب بإنتاج أسلحة مجدداً

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مقتل أربعة جنود في مبنى مُفخخ بخان يونس، لترتفع حصيلة قتلى الجيش الإسرائيلي منذ بدء الهجوم البري على غزة إلى 429. اعلان

أكّد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أنّ تل أبيب "ستُهاجِم كلَّ مكانٍ يستدعي الهجوم"، مشيراً إلى أنّ قواته تواصل تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان "من دون السماح لحزب الله بإعادة تنظيم صفوفه أو استعادة قدراته التسليحية". وشدّد على أنّ الجيش "يُفعِّل أساليب متعددة" لمنع "حماس" من استعادة السيطرة في غزة، ولتحقيق أولويته "إعادة المخطوفين أحياء"، متعهداً بالنجاح "مهما طال الزمن".

وفي تلخيص للموقف الميداني، أوضح المتحدث أنّ الجيش "يعمل بقوة وبطرق مختلفة ويُحقِّق إنجازات"، بينما "تُمارس حماس حرب عصابات". وأضاف أنّ رئيس الأركان، إيال زامير، صادق على خطط عملياتية جديدة في القيادة الجنوبية لاستمرار القتال في القطاع.

من جهته، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مقتل أربعة جنود في مبنى مُفخخ بخان يونس، لترتفع حصيلة قتلى الجيش منذ بدء الهجوم البري على غزة إلى 429. وقدّم نتانياهو تعازيه لذوي الجنود، مؤكداً أنّهم "ضحّوا بحياتهم من أجل سلامة الشعب الإسرائيلي"، فيما أفاد الجيش بإصابة ضابط احتياط آخر بجروح خطِرة في الحادث ذاته.

وفي جبهة الشمال، صعّدت إسرائيل تحذيراتها، إذ توعّد وزير الدفاع يسرائيل كاتس بأن "لا هدوء في بيروت ولا استقرار في لبنان ما لم يُضمَن أمن إسرائيل"، مؤكّداً الاستمرار في الضربات "بقوة كبيرة" إذا لم يُجرّد "حزب الله" من سلاحه. جاء ذلك غداة سلسلة غارات استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت، وُصفت لبنانياً بأنّها "انتهاك سافر" لاتفاق 27 تشرين الثاني/نوفمبر الذي أنهى أكثر من عام من الأعمال العدائية.

Relatedبعد 25 عامًا على الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان.. هل تدخل "مزارع شبعا" مرحلة التفاوض؟رئيس الحكومة اللبنانية من دبي: نريد بلدًا يمتلك قراره في السلم والحربخلال جولة في لبنان.. وزير الخارجية الإيراني: تخصيب اليورانيوم خط أحمر

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنّه استهدف "أهدافاً تابعة للوحدة الجوية" في الحزب، بينها مواقع تحت الأرض لإنتاج الطائرات المسيّرة. وقد سبقت الغارات إنذارات للإخلاء تسبّبت في نزوح كبير وازدحام مروري خانق، وسط إطلاق نار تحذيري في الهواء لتنبيه الأهالي.

في المقابل، ندّد الرئيس اللبناني جوزاف عون بـ "الاستباحة الإسرائيلية"، فيما دعا رئيس الحكومة نواف سلام المجتمع الدولي إلى "ردع إسرائيل وإلزامها بالانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة". وأكد وزير الصحة ركان ناصر الدين إصابة عدد من المدنيين نتيجة الدمار وتساقط الزجاج.

وأعلنت قيادة الجيش اللبناني أنّه "فور إعلان العدو الإسرائيلي عن تهديداته، باشرت التنسيق مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية لمنع وقوع الاعتداء، فيما توجهت دوريات إلى عدد من المواقع للكشف عليها بالرغم من رفض العدو للاقتراح"، محذّرة من أنّ استمرار الخروقات "يُضعِف دور اللجنة والجيش، وقد يدفع إلى تجميد التعاون معها".

يُذكر أنّ اتفاق وقف إطلاق النار ينصّ على انسحاب مقاتلي حزب الله من جنوب الليطاني مقابل تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوات "اليونيفيل" قرب الحدود، وانسحاب إسرائيل من الأراضي التي توغلت إليها إبّان الحرب.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • مصادر: الحكومة اللبنانية كانت على علم ببناء حزب الله مسيرات قبل أسبوع من الضربة الإسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية
  • إسرائيل تتوعّد حزب الله مجدداً وتُصعّد عملياتها في غزة: لن نسمح للحزب بإنتاج أسلحة مجدداً
  • الجيش اللبناني يُدين الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب
  • فضل الله: نجدّد دعوتنا للدولة إلى العمل بجديّة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وإزالة الاحتلال
  • إسرائيل تهدد بيروت: لا هدوء في لبنان ما لم يُنزع سلاح حزب الله
  • إسرائيل تحدد "شرطا" لوقف الهجمات على لبنان
  • الغارات الإسرائيلية.. رسالة إلى الحزب ولبنان الرسمي وواشنطن
  • إسرائيل تكشف طبيعة الأهداف التي تهاجمها في لبنان
  • تصعيد خطير في لبنان.. إسرائيل تقصف عمق الضاحية الجنوبية لبيروت
  • تصاعد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت قبيل عيد الأضحى