قال الدكتور عباس شومان، من علماء الأزهر الشريف، إن مشكلة إدمان الخمور كانت من أعقد المشكلات التي واجهها الإسلام حين بشر به رسول الإسلام، فغالب المجتمع الجاهلي الذين أرسل فيهم رسول الله، كانوا يشربون الخمر.

وأضاف شومان، في خطبة الجمعة، من الجامع الأزهر الشريف، أن شرب الخمر وتقديمه للضيوف على موائدهم كان من دلالات إكرام الضيف ومن علامات الكرم، لا سيما إن كانت الخمر معتقة لها القدرة على تغييب العقل في أسرع وقت.

وأشار إلى أن الإسلام كره الخمر، فهي كبيرة ومحرمة وآفة لكنه عالجها بحكمة بالغة ليتعلم منها البشر، كما قال رسول الله (من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب حرمها في الآخرة) كما رواه البخاري، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن".

وتابع: لقد أخر الإسلام الحديث عن الخمر والإدمان حتى يستقر الإيمان في صدور المؤمنين وحين بدأ يعالج هذه القضية لم ينزل حكمها مرة واحدة وإنما بدأ بالتثقيف وتصحيح ثقافة المجتمع المسلم الذي كان جاهليا بالأمس، فبدأ يبين لهم أن الخمر ليست كما يظنون وأنه لا نفع فيها، فحين سألوا رسول الله عن حكم الخمر قال الله في الآية (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ۗ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ).

وأشار إلى أن العلماء قالوا إن هذه الآية ليس فيها تحريم وإنما هو استعداد وتهيئة للحكم التالي في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) وهذا تحريم جزئي.

وأوضح أنه بعد أن أصبح المؤمنون مهيأين لتحريم الخمر نزل قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الخمر شرب الخمر الدكتور عباس شومان الازهر الشريف خطبة الجمعة رسول الله

إقرأ أيضاً:

في ذكرى الهجرة النبوية .. الرحلة إلى الحبشة وخطوات التخلص من اضطهاد قريش

 نُحيي اليوم الخميس، الأول من شهر المحرم، بداية العام الهجري الجديد 1447هـ، ونستحضر ذكرى من أسمى مواقف الصبر والثبات في تاريخ الدعوة الإسلامية. 

فالهجرة النبوية الشريفة إلى المدينة المنورة لم تكن فجائية، ولا قرارًا عشوائيًا، بل جاءت في سياقٍ مدروس تَقدَّمته محطات مهمة، لعل أبرزها هجرتا المسلمين إلى أرض الحبشة، التي شكّلت أولى خطوات الخلاص من قيد الاضطهاد المكي، وبداية الانفتاح على فضاءات الحرية والعدالة.

لماذا اختار النبي الحبشة ملاذًا أول للمسلمين؟

اختيار النبي صلى الله عليه وسلم للحبشة لم يكن اعتباطيًا، بل كان نابعًا من دراية عميقة بطبيعة الأرض وأهلها، فالحبشة كانت بلدًا لا توجد فيها قبائل عربية يمكن أن تسعى قريش لمهادنتها أو تحريضها ضد المسلمين، وهو ما وفّر نوعًا من العزلة الآمنة للمهاجرين.

علاوة على ذلك، كان النجاشي، ملك الحبشة، معروفًا بالعدل والحكمة، وقد ورد عن النبي قوله: "إنَّ بأرضِ الحَبَشةِ مَلِكًا لا يُظلَمُ عِندَهُ أحدٌ، فالحَقوا بِبِلادِهِ حتَّى يَجعَلَ اللهُ لكم فَرَجًا ومَخرجًا"، وقد عرف أهل مكة مكانة هذا الملك وعدله بحكم تجارتهم معه.

كما أن طبيعة المجتمع الحبشي النصراني، القريب في عقيدته من الإسلام، لعبت دورًا في تسهيل الاندماج، خصوصًا وأنهم أهل كتاب، قال تعالى عنهم: (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى)، وهو ما جعل من الحبشة أرضًا آمنة، بعيدة عن بطش قريش ونفوذها، بل ومتحضّرة لها كيان سياسي واقتصادي مستقل، يدرك قيمة الإنسان وحرية المعتقد.

دعاء نهاية العام الهجري 1446.. 20 كلمة في وداع سنة واستقبال أخرىتفاصيل الهجرة الأولى إلى الحبشة

في شهر رجب من السنة الخامسة للبعثة، كانت أولى الهجرات في الإسلام حين اشتدّ الأذى بالمسلمين في مكة، فأذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالفرار بدينهم إلى الحبشة. 

خرج الفوج الأول سرًّا متسللين تحت جنح الظلام، خشية أن تتعقبهم قريش، حتى وصلوا ميناء جدة، وركبوا سفينتين تجاريتين أقلّتاهم إلى بر الأمان.

كان من بين هذا الفوج 12 رجلًا و4 نسوة، يتقدمهم الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه، وزوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 وما إن بلغ خبر هجرتهم قريشًا حتى أرسلت في إثرهم، إلا أن المسلمين كانوا قد عبروا البحر، واستقروا بأرض النجاشي، حيث استقبلهم بالحفاوة والرعاية، وضمن لهم الأمان الكامل، وتركهم يمارسون شعائرهم بحرية مطلقة، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد روت السيدة أم سلمة -رضي الله عنها- تفاصيل تلك المرحلة المؤثرة بقولها: "لما ضاقت علينا مكة، وأوذي أصحاب رسول الله وفتنوا، ولم يكن بيد رسول الله ما يقدر به على حمايتهم، قال لنا: إن بأرض الحبشة ملكًا لا يُظلم عنده أحد، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجًا..."، فهاجر الصحابة جماعات، حتى استقروا في خير دار، إلى خير جار.

الهجرة الثانية

وفي نفس السنة، أي الخامسة من البعثة، سمح النبي صلى الله عليه وسلم لفوج جديد بالهجرة إلى الحبشة، وهذه المرة كان العدد أكبر بكثير. فقد خرج 83 رجلًا، و18 امرأة، واستقروا أيضًا عند النجاشي الذي لم يخذلهم. وحين وصلت أنباء هجرتهم إلى قريش، بعثت عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة، لمحاولة استردادهم، إلا أن النجاشي رفض تسليمهم بعد حوار مؤثر دار بينه وبين الصحابي جعفر بن أبي طالب، الذي شرح له عقيدة الإسلام وما لاقاه المسلمون من ظلم واضطهاد، فأُعجب النجاشي برسالة الإسلام وأقر للمسلمين بالإقامة الآمنة.

مكانة المهاجرين إلى الحبشة في الإسلام

الصحابة الذين هاجروا إلى الحبشة حازوا مكانة عظيمة عند الله ورسوله، ومما يدل على ذلك، ما حدث بين عمر بن الخطاب وأسماء بنت عميس، حين قال لها إنهم – أي من هاجروا إلى المدينة – أحق برسول الله، فغضبت وقالت: "كذبْتَ يا عمر، كنا في أرضٍ البُعداء البُغضاء، وذلك في الله وفي رسوله..."، فلما أخبرت النبي بما قاله عمر، قال صلى الله عليه وسلم: "ليسَ بأَحَقَّ بي منكم، ولَهُ ولأصحابِهِ هِجرةٌ واحدةٌ، ولكم أنتم أهلَ السَّفينةِ هجرتانِ".

وهكذا، كانت الهجرة إلى الحبشة أول خطوة عملية في طريق تأسيس كيانٍ إسلامي مستقل، وأول نجاح سياسي للمسلمين خارج جزيرة العرب، وبرهانًا واضحًا على حنكة النبي في إدارة الأزمة، وحكمته في حماية الدعوة ورجالها.

في بداية هذا العام الهجري الجديد، نستحضر هذه المشاهد لنستلهم منها دروس الثبات واليقين، وندرك كيف كانت بدايات الإسلام محفوفة بالتضحيات، لكنها دومًا مؤيدة من الله، وموصولة بالفرج.

طباعة شارك بداية العام الهجري الجديد الهجرة النبوية ذكرى الهجرة النبوية الهجرة الى الحبشة

مقالات مشابهة

  • المسيح الدجال.. تعرف على صفاته وكيف تعصم نفسك من فتنته
  • قصة الهجرة النبوية.. أسباب ودروس وعبرر
  • في ذكرى الهجرة النبوية .. الرحلة إلى الحبشة وخطوات التخلص من اضطهاد قريش
  • من مكةَ إلى المدينةِ: رحلةُ بناء أمة
  • علماء الأوقاف والأزهر يناقشون حق التعليم في الإسلام عبر "المنبر الثابت" بالفيوم
  • دعاء من كلمتين.. رددهما كل يوم يفرج همك ويصلح حالك
  • ماذا نتعلم من الهجرة النبوية؟.. 5 دروس وعبر ستغير حياتك
  • ذكرى الهجرة النبوية.. 4 معجزات حدثت في رحلة الرسول من مكة إلى المدينة
  • الأزهر: في البحر أو بين الأهل الكل محتاج إلى الله
  • علي جمعة: ابدأ بنفسك دعوة للإصلاح في زمن الغربة على نهج رسول الله ﷺ