عين ليبيا:
2025-08-12@09:51:35 GMT

أمم في خطر

تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT

الأمة كلمة تعبر عن مفهوم متحرك. تكوين بشري، يتخلق في مسيرة الزمن الطويل المتغير. تبدع عوامل قوتها، بما لها من إمكانات بشرية، ومصادر طبيعية فوق وتحت أرضها. لكن قدرات العقل هي القوة الفاعلة، التي تبدع وتصنع وتبني، وتحقق التقدم. منذ انطلاق عصر النهضة في أوروبا، إلى الثورة الصناعية الكبرى، كان العلم هو القاطرة التي صنعت قوة أمم، في حين تخلفت أمم أخرى، وصارت طرائد هزيلة، يلاحقها ويستولي عليها ويستعمرها ويحكمها من حاز قوة العلم.

الولايات المتحدة الأميركية، التي قامت في القرن التاسع عشر، بقيادة نخبة من أصول أوروبية، وتدفق إليها ملايين الباحثين عن حياة جديدة في مجتمع جديد، من جميع أنحاء العالم، كان العلم قوتها الضاربة، التي تفوقت بها على غيرها من الأمم. في الحربين العالميتين الأولى والثانية، صنعت الولايات المتحدة الأميركية سلم رقيها إلى سدة سيادة العالم، بعد غروب شمس الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية. القنبلة الذرية، التي أنهت بها الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية، كانت السلاح الرهيب الذي صُنع في معمل العلم، انتهى خطر الفاشية والنازية، وولد عالم جديد تقوده قوتان، شيوعية ديكتاتورية ورأسمالية ديمقراطية. العلم هو السلاح الذي يصنع القوة في دنيا جديدة، تغيرت فيها أدوات الإنتاج، وحجم ونوعية الاستهلاك.

ناقوس ضخم هزّ صوته الحاد أرجاء الولايات المتحدة، في نهاية العقد الخامس من القرن الماضي. نبّه البلاد القارة القوية إلى خطر حقيقي يحدق بها، اكتشفت أميركا بكل ما تملكه من مال وسلاح أنها «أمة في خطر»، كانت الصدمة واسعة، ليس للنخبة فحسب، بل لكل الأميركيين، قامت المؤسسات المتخصصة بإجراء امتحانات للطلاب في مواد الرياضيات والعلوم واللغة الإنجليزية. كان متوسط النتائج أقل من 40 في المائة في المواد العلمية والرياضيات، و50 في المائة في اللغة الإنجليزية، أجري امتحان لتلاميذ في سن السابعة عشرة في مادة الرياضيات، وكانت النتيجة أن عدداً قليلاً جداً منهم له القدرة على حل مسائل الامتحان، أما الامتحان في اللغة الإنجليزية فقد تبين أن 5 في المائة فقط من الممتحنين لهم قدرة على الكتابة بلغة صحيحة، كانت هذه النتائج صادمة بلا حدود، أصدر الخبراء الذين قاموا بالاختبار بياناً بعنوان «أمة في خطر»، صار هذا البيان شبه العسكري قضية الساعة في كل أنحاء البلاد، صدر قرار بتشكيل لجنة من 18 خبيراً في مجال التعليم، ومن بينهم شباب يمثلون الجيل الجديد، قد تكون المفاجأة أن اثنين من ممثلي الجيل الجديد ترأسا البلاد في ما بعد، وهما جون إف كيندي وجورج بوش الابن، قامت اللجنة، ومعها فريق كبير من المساعدين المتخصصين، بدراسة واسعة وعميقة لأسباب الخطر الذي يواجه الدولة الأقوى في العالم. ضربة عنيفة مثّلت تحدياً علمياً للولايات المتحدة، عندما انطلق صاروخ سبوتنك السوفياتي إلى الفضاء عام 1957 ودار حول الأرض لمدة 3 أسابيع. أُعلن شبه حالة طوارئ علمية في أميركا، كانت وسائل الإعلام الأميركية تصف الاتحاد السوفياتي بدولة الجهل والتخلف، لكن هذه الدولة غزت الفضاء بعلمها، ولم تجد وسائل الإعلام الأميركية بداً من متابعة ذلك الحدث غير المسبوق في التاريخ البشري، وشد انتباه عقل أهل الأرض كافة، وأعلن تفوق الاتحاد السوفياتي علمياً، على غيره من دول العالم.

بدأت تعبئة واسعة في الولايات المتحدة لتنفيذ المخرجات التي أوصت بها لجنة الثمانية عشر خبيراً، وهي وضع منهج جديد للغة الإنجليزية، وأن تدرّس على مدى 4 سنوات في المدارس، لأن اللغة هي الوعاء الذي يحمل كل العلوم إلى عقول الناشئة. التركيز على تدريس مادتي العلوم والرياضيات، مدة 4 سنوات لكل منهما، وشدّدت التوصيات على جعل وظيفة التدريس مهنة تندفع نحوها نخبة المجتمع، وأن يكون راتب المدرس من أعلى الرواتب في البلاد، وأن يجري إعداد المدرسين وفقاً لبرامج مكثفة بشكل مستمر، وإجراء اختبارات مستمرة لهم، للتأكد من قدرتهم على تحقيق الأهداف المحددة للعملية التعليمية، ورفع قدرات المدرّس الثقافية، وشخصيته من حيث الهندام والسلوك والمعاملة، بحيث يكون النموذج والمثل الأعلى لتلاميذه، والاستغناء عمن يثبت تدني كفاءته، ولا تتوفر فيه المواصفات المحددة.

مثلت قضية التعليم، أو لنقل الخطر الذي يواجه الأمة الأميركية، تحدياً قومياً حقيقياً، سيطر على اهتمام رؤساء البلاد المتعاقبين، الرئيسان رونالد ريغان وباراك أوباما هما أبرز الذين كانت القضية حاضرة في مدة حكمهم، النتيجة كانت تحقيق قفزة كبيرة في مجال العلم والبحث العلمي، حافظت على مكان أميركا ومكانتها. اليابان أبدعت برنامجاً تربوياً وتعليمياً فريداً، من الروضة إلى الجامعة، جعلها في مقدمة الأمم، اقتصادياً وثقافياً. سنغافورة البلد الصغير الفقير، حوّله العلم إلى حلم بشري.

كم من أمة تسبح في دياجير الجهل، وتلوك لذائذ تخلفها، تحتفي بالسحر والرقية، وتهمش علماءها، وتدمر مؤسساتها العلمية، ويعاني الأساتذة والمدرسون الفقر والتهميش، وتباع الدرجات العلمية العليا في أسواق الفساد. تلك أمم قد هوت، من دون أن تعلم أنها تعيش في جوف الخطر.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

ترامب يقدم عرضا للصين لخفض العجز التجاري مع الولايات المتحدة

الثورة نت/..

اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن تعمل الصين على تقليص العجز التجاري الثنائي الموجود مع الولايات المتحدة من خلال شراء فول الصويا الأمريكي.

وكتب ترامب على صفحته على شبكة التواصل الاجتماعي Truth Social: “تشعر الصين بالقلق إزاء نقص فول الصويا. ومزارعونا المتميزون ينتجون أجود أنواع فول الصويا. آمل أن تضاعف الصين طلبياتها من فول الصويا أربعة أضعاف بسرعة. وهذه أيضا طريقة لخفض العجز التجاري مع الصين بشكل كبير”.

وتخوض الصين والولايات المتحدة حاليا ما يمكن اعتباره حربا تجارية، والتي اندلعت بعد أن فرض الرئيس ترامب في فبراير رسوما جمركية بنسبة 10% على جميع الواردات الصينية.

وفي مارس الماضي تم رفع هذه الرسوم الجمركية إلى 20%. وبعد عدة خطوات متبادلة، وصلت الرسوم الجمركية الأمريكية على البضائع الصينية إلى 145٪، وبلغت الرسوم الجمركية على الموردين الأمريكيين للصين 125٪. ولكن في منتصف شهر مايو، اتفقت الصين والولايات المتحدة على خفض الرسوم التجارية بشكل متبادل إلى 10%، اعتبارا من 14 مايو ولمدة 90 يوما.

ونتيجة لذلك، بدأت الصين بفرض تعريفة جمركية بنسبة 10% على الواردات الأمريكية، بينما تفرض الولايات المتحدة تعريفة جمركية بنسبة 30% على المنتجات الصينية، إذ لا تزال رسوم “الفنتانيل” البالغة 20% سارية. في أواخر الربيع وأوائل الصيف، تبادل الطرفان الاتهامات بانتهاك الاتفاقات الأولية.

وهكذا، وفقا لنتائج شهر يونيو، انخفضت واردات الولايات المتحدة من السلع الصينية بنسبة 7.5%، لتصل إلى 18.95 مليار دولار، مقارنة بـ 20.49 مليار دولار في مايو. وكان آخر انخفاض في الإمدادات في فبراير 2009، حين بلغت الواردات 18.85 مليار دولار. وفي الوقت نفسه، ارتفعت الصادرات من الولايات المتحدة إلى الصين في يونيو 2025 بنسبة 44%، إلى 9.44 مليار دولار، مقارنة بـ6.55 مليار دولار في الشهر السابق.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع أسعار النفط وسط تفاؤل بعد تمديد هدنة الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين
  • الولايات المتحدة والصين تمددان «الهدنة التجارية» 90 يوماً
  • التجديد التلقائيّ لولاية اليونيفيل يقابل بمعارضة الولايات المتحدة واسرائيل
  • بقيمة 7.7 مليار دولار.. باراماونت تبرم عقداً لبث يو إف سي في الولايات المتحدة
  • تحطم نيزك في الولايات المتحدة أقدم من الأرض ب 20 مليون سنة
  • ترامب يقدم عرضا للصين لخفض العجز التجاري مع الولايات المتحدة
  • تسونامي بارتفاع 100 قدم.. تحذيرات من زلزال مدمر يهدد الولايات المتحدة
  • طقس فلسطين : موعد تراجع الموجة الحارة التي تضرب البلاد
  • سويسرا منفتحة على مقترح لخفض الرسوم الجمركية الأميركية
  • عراقتشي: لم يحسم شيء في التفاوض مع الولايات المتحدة