حلقة نقاشية حول دور الفن في دعم الفنانين اللاجئين.. تفاصيل
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
في إطار التزامها المستمر بالمشاركة المجتمعية وإيمانها بضرورة منح الفرص لكل المواهب الفنية، عقدت مؤسسة "كلتشرفيتور- آرت دي إيجيبت" بالتعاون اليونسكو جلسة نقاشية حول دور الفن والثقافة في دعم الفنانين اللاجئين وتمكين البشر في ضوء معرض "النساء يروين حكايتهن" و "أصداء" بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، وذلك بحضور ومشاركة نوريا سانز مدير مكتب اليونسكو الإقليمي في القاهرة، ونادين عبد الغفار مؤسسة آرت دي إيجيبت.
وناقشت الجلسة أهمية خلق مساحة لسماع أصوات تستحق أن تُسمع مثل الفنانين اللاجئين، كما استعرضت الأعمال الفنية والأشغال اليدوية التي شارك بها 20 فنانا من السودان في فعاليات معرض "النساء يروين حكايتهن" و "أصداء" ضمن النسخة الرابعة من معرض "حي القاهرة الدولي للفنون" (CIAD)، والذي تنظمه مؤسسة "كلتشرفيتور- آرت دي إيجيبت" في الفترة من ١٠ إلى ٣٠ أكتوبر الجاري وذلك في ثلاثة مواقع رئيسية بمنطقة وسط البلد وهي سينما راديو، والمصنع، وآكسس آرت سبيس.
وقالت نادين عبد الغفار، مؤسسة "كلتشرفيتور- آرت دي إيجيبت": "نؤمن في أرت دي إيجيبت بضرورة إتاحة الفن للجميع، وأنه الوسيلة التي يمكن من خلالها التعبير عن المجتمع وقضاياه، وتعريف الآخرين بالهوية والثقافة". مضيفة أن الروابط بين مصر والسودان وثيقة وتضرب في أعماق التاريخ.
وتابعت : " ووسط الأزمات التي يمر بها، تمثل مشاركة الفنانين السودانيين في "حي القاهرة الدولي للفنون" خاصة السيدات منهن تكريما وتقديرا لقوة المرأة السودانية ومرونتها، ويسلط الضوء على شجاعتها وتضحياتها وسط فوضى الحرب.
وأشارت "عبد الغفار" إلى أن أعمال الفنانات السودانيات تعكس تجاربهن والثقافة المحلية وهو ما يرفع وعي زوار حي القاهرة الدولي للفنون بالقضايا الهامة وبمدى التأثير العميق للصراع على حياة هؤلاء النساء، وتشجع الجمهور على التفاعل بعمق مع الأعمال الفنية، والتعرف على قوة القصص البصرية في الدعوة إلى السلام والعدالة، وكيفية تعامل الفن مع فكرة الانتقال إلى دولة أخرى بالنسبة لسكان مناطق الصراعات خاصة النساء.
وقالت نوريا سانز مدير مكتب اليونسكو الإقليمي في القاهرة: "يأتي تعاون منظمة اليونسكو مع مؤسسة أرت دي إيجيبت في تنظيم معرض للفنانات السودانيات ضمن معرض "حي القاهرة الدولي للفنون" في إطار جهود منظمة اليونسكو الممتدة لدعم المجتمع والفنانين السودانيين وإبراز إبداعهم وقدرتهم على التعبير عن مجتمعهم المحلي والقضايا التي يواجهونها".
وأكدت مدير مكتب اليونسكو الإقليمي في القاهرة، على أهمية تطبيق توصية عام 1980 بشأن وضع الفنانين واتفاقية عام 2005 والتي تدعو إلى حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي وآليات دعمها؛ لذلك يأتي تنظيم المعرض ليوفر منصة هامة يمكن للفنانات السودانيات من خلال مشاركتهن فيها الترويج لأعمالهن الفنية ورسائلهن، وعرض تعبيرهن الإبداعي، ومشاركة وجهات نظرهن وخبراتهن، والتحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يواجهنها كفنانات في مرحلة انتقالية.
وأشارت "سانز" إلى أهمية الاستماع إلى أصوات النساء في حرب السودان؛ وتسليط الضوء على قصصهن والتي غالبا ما يتم تجاهلها وسط الصراع، ومن خلال الأعمال الفنية المميزة لهن نتعرف على روايتهم الخاصة في مواجهة الأزمات وقصص صمودهن والمرونة والأمل في مواجهة الشدائد التي لا يمكن تصورها، مؤكدة على أهمية وضع خارطة طريق وصياغة استراتيجيات العمل وتعزيز التعاون بين أصحاب المصلحة من القطاع العام والجمعيات المهنية والمجتمع المضيف.
وقالت الفنانة هالة نور الدين، أن مشاركتها هذا العام هي الثانية مع أرت دي ايجيبت حيث سبق شاركت في الدورة الماضية بعد خروجها من السودان بعد الحرب مباشرة، وأضافت أنه لا توجد أي كلمة يمكن أن تعبر عن التجربة المريرة التي مروا بها والصدمة التي عاشوها من لحظة معرفتهم ببدء الحرب، وكان لديهم بريق أمل أن كل شيء سينتهي وتعود البلاد كما كانت، ولكن لم يحدث هذا.
وتابعت في حديثها : " أن أصعب شيء في الدنيا هي الحرب، وأصعب قرار أن تخرج من بيتك؛ لذلك تعتبر لوحاتها اسقاطات من التجربة المريرة التي عاشتها هناك.
كما عبرت عن سعادتها بما تفعله أرت دي ايجيبت من تجميع لكافة الفنون حول العالم في مكان واحد، فالفن هو الأمر الوحيد الذي في استطاعته أن يخرجنا من الضغوط النفسية، ويعطينا متنفس وحياة.
وقالت الفنانة ريان جمال، أن الحقيبة هي أهم شيء في الحرب فهي البيت وهي المستقبل الذي تحمل بداخله الماضي، كما أنها حاضرهم حيث يحملون بداخلها أوراقهم.
وأضافت : "أن الحقيبة تحوي على ذكرياتهم عن وطنها السودان، واستطاعت أن تضع في حقيبتها رسمة واحدة وهي ما تذكرها بحياتها في السودان.
وتابعت ريان في حديثها، أن المعارض الفنية نقطة التقاء عالمية؛ حيث يعبر الكل عما بداخله بنفس الطريقة، لا اللغة أو الجنسية تهم هنا، فاللغة هنا هي الفن الذي يشترك فيه الجميع.
وتحدثت عن الحرب قائلة : " أنه أقسى على النساء لأنهن من يخضن الرحلة ويواجهن العالم، غير الاعتداءات التي يتعرضن لها طوال الطريق؛ فالتحديات صعبة والتجربة مريرة وصعب أن تُحكى لذلك تحاول النساء التعبير عنها بالفن.
وتحدث الفنان محمد عثمان، عن معرض حي القاهرة للفنون قائلا إن أرت دي إيجيبت تقوم بعمل رائع حيث يلتقي الكثير من فنانين العالم في مكان واحد فتكون فرصة للتعرف على أنواع مختلفة من الفنون الإبداعية.
وأضاف : "أن الفن هو مفتاح لإلقاء الضوء على المشاكل والصراعات، فكل ما يحاول الفنانون فعله هو التعبير عما يحدث حتى يكون هناك بريق أمل لأن ما حدث مؤسف وصعب ولا يتمنى أحد الحرب، وهو يحضر لعمل كبير قريبا عن الحرب والسلام.
وقالت الفنانة السورية منار محيي الدين، أنها رسمت حقيبة مرسومة عليها قلب بشري وريشة تعبر عن بداية الحرب، وهي نعبر عما فعلوه أو ما قرروا مغادرة سوريا؛ فقد وضعوا أشياءهم الضرورية في هذه الشنطة، وكان أول ما وضعته هو أدوات الرسم لأنها مهمة جدا بالنسبة لها.
وأضافت : " أن الحقيبة تعبر عن كل ما هو ضروري والريشة على الحقيبة هي الحرية بشكل عام، وحرية المرأة بشكل خاص؛ فالمرأة حرة ويجب أن تخرج من القوقعة التي وضعتها فيها المجتمعات العربية.
وتابعت أن تأثر الشخص بالحرب يرجع إلى طبيعة شخصيته، ولكن الخوف على المرأة أكبر لأنها كائن عاطفي أكثر، ويوضع عليها الكثير من القيود أثناء الحرب.
وأعربت أكاتسوكي كاتاهاشي، أخصائي برنامج الثقافة للمكتب الإقليمي لليونسكو في مصر والسودان، عن سعادتها بالتعاون مع "أرت دي إيجيبت" في تنظيم معرض الفنانات السودانيات في القاهرة هذا العام والذي سبقه ورشة عمل، مشيرة إلى أن المعرض يمثل لهؤلاء الفنانات فرصة للتعبير عن أنفسهم ومشاركة تجاربهم في مجتمعهم وأيضًا رحلتهم من بلادهم إلى القاهرة، مؤكدة أن المعرض يعزز فكرة التفاعل والحوار بين اللاجئين والمجتمع المضيف في مصر.
يشار إلى أن "حي القاهرة الدولي للفنون" معرضًا موازياً للنسخة الرابعة من معرض "الأبد هو الآن"، المقرر إقامته في منطقة أهرامات الجيزة في الفترة من ٢٤ أكتوبر إلى ١٦ نوفمبر، ويشارك فيه عدد من الفنانين من مصر والسعودية وأمريكا، بلجيكا وإيطاليا وفرنسا، ويقدم كل منهم أعمالا تتنوع بين الفيديو، المنحوتات، اللوحات، والعروض الحية، ما يظهر تفاعل الفن المعاصر مع السرديات التاريخية والثقافية لمنطقة وسط البلد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المواهب الفنية الفن الفن والثقافة الفنانين اللاجئين مؤسسة آرت دي إيجيبت السودان حي القاهرة الدولي للفنون حی القاهرة الدولی للفنون آرت دی إیجیبت أرت دی إیجیبت فی القاهرة
إقرأ أيضاً:
الصلادة الاقتصادية.. مبادرة لدعم المشاريع النسائية في غزة
غزة- في أحد أزقة مدينة غزة، حيث تتعالى أصوات القصف وتتناثر رائحة البارود، وسط ركام الذاكرة ومرارة النزوح المتكرر، صنعت أريج عرندس -السيدة الغزية- من مطبخها المتنقل ملاذا جديدا للحياة، أطلقت عليه اسم "مشروع الأريج للمخبوزات والمعجنات"، لم يكن الأمر مجرد محاولة للبقاء، بل فِعل مقاومة ناعم، يناضل بالدقيق والفرن بدلا من السلاح.
أريج، وهي أم في الثلاثينات من عمرها ومعيلة لأسرتها، خاضت الحرب والنزوح مرات عدة، وفي كل مرة كانت تعود إلى نقطة الصفر، تحمل مشروعها معها كطفل صغير يحتاج للرعاية، ورغم الألم والخسائر، كانت تُعيد تأسيسه بإصرار، لتؤكد أن المرأة الغزية قادرة على صناعة الحياة حتى من العدم، فمشروعها ليس مجرد طعام، بل رمز للصمود والتحدي في وجه الحرب والحصار.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الأمم المتحدة: الفجوة التمويلية قد تؤدي إلى خفض مساعدات اللاجئينlist 2 of 2يونيسيف: رضع غزة يعيشون رعبا ويتشاركون أقنعة الأكسجينend of listانضمت أريج إلى مشروع "الصلادة الاقتصادية"، الذي ينفذه اتحاد لجان العمل الزراعي في قطاع غزة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي يستهدف تمكين النساء النازحات والمتضررات من الحرب، وحصلت على دعم تقني ومادي ساعدها في استعادة نشاطها الغذائي الصغير، وتحويله إلى مصدر دخل مستدام.
"أنا مش بس ببيع خبز ومعجنات.. أنا ببيع أمل لأولادي وجيراني"، تقول أريج بابتسامة متعبة، وتضيف للجزيرة نت "كل مرة أنزح فيها أبدأ مشروعي من الصفر.. لكني ما فقدتش الأمل، المشروع رجّعلي ثقتي بنفسي".
في قلب الأزمات المتلاحقة التي يعيشها قطاع غزة، يواصل الفلسطينيون البحث عن أدوات للبقاء، ومن بين هذه الأدوات برز مشروع "بناء الصلادة الاقتصادية" الذي ينفذه اتحاد لجان العمل الزراعي، ليضع النساء في مقدمة معركة الصمود الاقتصادي والاجتماعي.
يقول بشير الأنقح، مدير العمليات والمشاريع في الاتحاد للجزيرة نت "إن المشروع ليس مجرد مبادرة إنتاجية، بل جزء من برنامج أوسع للتمكين الاقتصادي والاجتماعي وتعزيز الإنتاج المحلي.
إعلانويوضح "الهدف الرئيس هو تعزيز صمود الشعب الفلسطيني على أرضه عبر تطوير الجمعيات الزراعية والمصانع المتوسطة وبناء قدرات النساء، بما ينعكس على الأمن الغذائي لاسيما في ظل الحرب والحصار والمجاعة".
ويكشف الأنقح عن آلية اختيار المستفيدات بالقول "تم الإعلان عن المشروع بشكل مفتوح، وتقدمت النساء عبر نموذج إلكتروني، بعدها جرى تحليل الطلبات والقيام بزيارات ميدانية للتحقق من البيانات، فيما تم اعتماد معايير دقيقة، منها أن تكون المرأة معيلة لأسرتها، ولديها خبرة في التصنيع الغذائي، أو تملك وحدة قائمة بحاجة للتطوير".
وبحسب الأنقح، فإن تشغيل الوحدات النسوية وتطويرها أسهم في "زيادة الإنتاج المحلي وتوفير بعض المواد الغذائية بأسعار معقولة، وهو ما خفف من معدلات انعدام الأمن الغذائي في غزة ورفع دخل الأسر المستفيدة".
ويرى الأنقح أن الطريق لم يكن ممهدا، فقد واجه المشروع عقبات عديدة أبرزها ارتفاع أسعار المواد الخام وعدم توفر المعدات المناسبة، إلى جانب انقطاع مصادر الطاقة وارتفاع التكاليف التشغيلية بشكل غير مسبوق، وتضرُر العديد من الوحدات بفعل الحرب والنزوح، ما أجبر بعض النساء على ترك أعمالهن، إضافة إلى الضغوط النفسية والاجتماعية التي أثرت في استمرارية بعضهن.
ورغم هذه التحديات، نجح المشروع في خلق تحول ملموس في حياة كثير من النساء كما يقول الأنقح، مضيفا "مجرد توفير مصدر دخل ثابت ساعد الأسر بعض الشيء على مواجهة تكاليف الحياة اليومية في ظل الحرب والحصار، هذا التحسن الاقتصادي انعكس اجتماعيا، فخفف الضغوط داخل الأسرة، وساهم في تحسين الظروف النفسية، وازدياد القدرة على تغطية بعض تكاليف المعيشة ولو بشكل جزئي".
رغم الاعتماد على الدعم الخارجي في تمويل هذه المشاريع، يؤكد الأنقح أن الاتحاد سيواصل الاستثمار في خبراته وتجاربه لتوسيع نطاق المشروع وتعزيز السيادة على الغذاء.
ويضيف "سنعمل على استدامة هذه النماذج الناجحة لأنها تمثل حائط صد أمام الأزمات المتفاقمة" منبها إلى أن المشروع ساعد 12 سيدة على كسر حاجز التبعية، ليكون بمثابة أداة للنجاة الاقتصادية في بيئة تخنقها الحرب والحصار، فيما كانت أريج عرندس من أبرز قصص النجاح في ذلك.
وبين ركام الحرب وأزمات الاقتصاد، تبقى قصص النساء اللواتي أعدن بناء وحداتهن الصغيرة شاهدًا على أن الإرادة الفلسطينية أقوى من الحصار والجوع، وأن الاستثمار في تمكين النساء ليس فقط خياراً تنموياً، بل ضرورة وجودية لضمان بقاء المجتمع وصموده.