كرسي وعصا ولثام.. يحيا هازم الأنظمة والإعلام
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
نشر الصحفي الإسرائيلي دوجلاس موراي صورة له عبر حسابه الرسمي على موقع إكس (تويتر سابقا) وهو يجلس على نفس الكرسي الذي جلس عليه زعيم حركة حماس يحيى السنوار في لحظاته الأخيرة، داخل مبنى في منطقة تل السلطان في رفح الفلسطينية.
موراي الذي نظفوا له كرسي السنوار، وأعادوه إلى ما كان عليه، بدا قزما ضئيل الحجم يتصنع الشجاعة والجسارة والقوة، فكتب بعض عبارات حاول أن يقلل بها من السنوار ولكن السحر انقلب على الساحر.
تعليقات المتابعين وجلهم من الأجانب، سخروا من الصحفي الإسرائيلي ووضعوه في حجمه الطبيعي، وصفوا السنوار بالبطل الذي قاوم حتى اللحظة الأخيرة، وبأن هذا الكرسي كان شاهدا على صمود السنوار وشجاعته رغم إصابته وقوته رغم مواجهته للطائرة الدرون الإسرائيلية حتى حاول إسقاطها بعصا خشبية، في رسالة جعلت منه أسطورة حيا كان أو ميتا.
كرسي السنوار تحول إلى أيقونة فلسطينية، الأطفال في شوارع غزة يجلسون نفس جلسته، يقلدون حركاته، يستلهمون روحه المناضلة، ويوجهون رسالة للعالم أجمع وفي القلب منه الكيان الصهيوني أنهم باقون على عهد السنوار
كرسي السنوار تحول إلى أيقونة فلسطينية، الأطفال في شوارع غزة يجلسون نفس جلسته، يقلدون حركاته، يستلهمون روحه المناضلة، ويوجهون رسالة للعالم أجمع وفي القلب منه الكيان الصهيوني أنهم باقون على عهد السنوار.
كرسي السنوار، بجلسة صاحبه الشامخة رغم إصابته، بنظرته الواثقة رغم جراحه، بشجاعته الملهمة في مواجهة الخطر، كلها مشاهد قزّمت ملوكا ورؤساء وأمراء يجلسون على كراسي أخرى مطلية بالذهب، يحكمون من فوقها شعوبا مقهورة، ينبطحون وهم جلوس عليها من أجل رضا الكيان وداعميه.
ضيق عليهم السنوار كراسيهم، وجعلهم بداخلها صغارا، كلما رآهم مواطن من المحيط إلى الخليج سخر منهم وتذكر السنوار وهذا الكرسي الهزيل الذي يكسوه التراب وتغطيه دماء الرجل، ولكن هيهات أن ترقى كراسي الحكم في بلداننا العربية إلى مكانة كرسي السنوار.
"ألقيت عليه عصا السنوار"
عبارة جديدة ستعتمد في معاجم اللغة العربية، ستدرسها المدارس، ويعلمها المعلمون لطلابهم، ستظهر في صدر كل قصيدة، ستتحول إلى لغة دارجة في كل بلد عربي، يستدل بها الناس على تمام السعي، ودوام البذل، واستفراغ الجهد في أي مسألة وكل مسألة.
عصا السنوار ستدخل في قوانين الفيزياء والكيمياء، فهي معامل قوة، وذراع رافعة، وعنصر تحول في كل معادلة، ستدخل في أسس تربية الأبناء، فإن أرادت أم أن تربي ابنها على مفاهيم الاجتهاد والسعي والبذل والأخذ بالأسباب والمثابرة والمواظبة فلن تحتاج أن تحكي قصصا من هنا أو هناك، يكفيها أن تسأل ابنها سؤالا واحدا: هل ألقيت عصا السنوار في هذه المسألة؟
خلال طوفان الأقصى وعلى مدار عام كامل، حاول إعلام مصري- سعودي- إماراتي أن يدجن الشعوب في حظيرة لا إنسانية، جردها من كل تعاطف مع فلسطين، أقنعهوها بألا دور لها في نصرة غزة وأهلها، أخبروها بأنه ما باليد حيلة وأنه ليس بالإمكان أفضل مما كان، فجاءت عصا السنوار لتضربهم فوق رؤوسهم وتعلمهم درس حياتهم أن الانبطاح والتبرير والسلبية لا تحرر أرضا ولا تنقذ وطنا ولا تصنع بطلا.
في لحظاته الأخيرة، لعب لثام السنوار دورا كبيرا في إخفاء هويته عن جنود الاحتلال، كان إلهاما من الله للرجل وفطنة وحكمة كبيرة منه أيضا أن يخفي وجهه بعد إصابته، فظل في اشتباكه معهم حتى لفظ أنفاسه الأخيرة مقبلا غير مدبر وهو ما كان له أثر كبير في إخراج صورته كأسطورة مقاوم واجه المحتل حتى اللحظة الأخيرة.
ما فعلته قناة إم بي سي السعودية من عرض ذلك التقرير الفاضح لها ولقيادة المملكة ما هو إلا كشف للثام وإعلام تلك الأنظمة العربية المنبطحة؛ التي أرادت التطبيع مع الاحتلال ولو على جثة اثنين وأربعين ألفا من شهداء فلسطين
لثام السنوار الذي أخفى به وجهه، فضح لثاما آخر غطى به حكام العالم العربي وإعلامهم سوءاتهم وانبطاحهم وتآمرهم على فلسطين وأهلها تحت شعار حماية الأمن القومي، وتجريم الفصائل الفلسطينية ووصمها بالإرهاب في تبن صارخ للرواية الإسرائيلية الصهوينية وتبرير الإبادة الجماعية في حق أهل غزة على مدار عام كامل.
ما فعلته قناة إم بي سي السعودية من عرض ذلك التقرير الفاضح لها ولقيادة المملكة ما هو إلا كشف للثام وإعلام تلك الأنظمة العربية المنبطحة؛ التي أرادت التطبيع مع الاحتلال ولو على جثة اثنين وأربعين ألفا من شهداء فلسطين.
كرسي وعصا ولثام.. يحيا هازم الأنظمة والإعلام الذي تحول مشهد مقتله لأسطورة تتغنى بها الألسنة عربية وأعجمية، فهناك من شبهه بجيفارا وهناك من قارن بينه وبين نيلسون مانديلا، وهناك من ربط بينه وبين قادة النضال في المغرب والجزائر ضد الاستعمار.
ولكن يبقى التشابه الأكبر والأقرب بين يحيى السنوار وأسد الصحراء عمر المختار الذي أبى إلا أن يختم حياته بكلمات من ذهب وكأنها تحكي حكاية مقتل السنوار، حين قال: "نحن لن نستسلم، ننتصر أو نموت، سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه، أما أنا فإن حياتي ستكون أطول من حياتي شانقي".
x.com/osgaweesh
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السنوار غزة الاحتلال غزة الاحتلال الإعلام السنوار مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
هآرتس: حماس خرجت من الحرب متماسكة وتحققت أهداف السنوار
قال محلل إسرائيلي في صحيفة هآرتس إن الحرب في غزة تقترب من نهايتها، لكنها لا تمثل انتصارا حقيقيا لإسرائيل، إذ خرجت حركة حماس من الصراع متماسكة وحررت الأسرى الفلسطينيين، وأعادت القضية إلى مركز الاهتمام العالمي، في حين لم تحقق تل أبيب انتصارا حقيقيا في القطاع.
ورأى الكاتب والمحلل السياسي حاييم ليفينسون في مقاله التحليلي بصحيفة هآرتس الإسرائيلية أن حماس استطاعت حتى اليوم الأخير من الحرب الحفاظ على هيكلها التنظيمي وقيادتها السياسية في القطاع.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحف عالمية: الغزيون يشعرون بفرح ممزوج بالخوف والسيطرة على القطاع السؤال الأصعبlist 2 of 2تايمز: اتفاق غزة كان جاهزا منذ عامend of listولفت المحلل إلى صمود أفراد الحركة الذين لم ينشق منهم أحد أو يحاول إنشاء منظمة منافسة أو التفاوض بشكل مستقل على الاستسلام أو بيع الأسرى الإسرائيليين مقابل المال، وهو ما يدل على صلابة بنية حماس التنظيمية وقدرتها على البقاء رغم الحصار والدمار.
وأكد أن حركة حماس ستظل فاعلا مؤثرا في مستقبل القطاع، مشيرا إلى أن التهديدات التي تواجهها من المليشيات الموالية لإسرائيل داخل غزة ضئيلة، ومن المرجح أن تتلاشى هذه المجموعات بمجرد توقف الجيش الإسرائيلي عن حمايتها.
وأشار الكاتب إلى أن حماس خرجت من الحرب بإنجازين رئيسيين، أولهما إعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة الأجندة الدولية بعد أن سعى نتنياهو طوال فترة رئاسته للحكومة إلى طمسها من خلال التطبيع مع دول عربية وتهميش الفلسطينيين سياسيا والعمل على تقسيمهم وعزلهم دوليا.
وفي هذا الصدد، أشاد المحلل بفهم يحيى السنوار العميق للمشهد الدولي، ففي حين أصر نتنياهو على أن "إقامة الدولة الفلسطينية تعد مكافأة للإرهاب" تمكن رئيس حماس السابق منذ البداية من قراءة المزاج الغربي وفهم المشهد الدولي بشكل أفضل.
يرى الكاتب أن نجاح حماس المرتقب في الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين يعد رسالة خطيرة لكل مقاوم "اهجم، وحتى لو صدر بحقك 100 حكم مؤبد فسنخرجك"
ونجح السنوار -عبر هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وتبعاته- في إيصال معاناة غزة إلى الملايين حول العالم، واستطاع استمالة شعوب بأكملها إلى صف الفلسطينيين، مما أعاد ملف إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى صدارة المبادرات السياسية، وفق التحليل.
إعلانوقارن الكاتب ذلك بموقف نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية الذي أصبحت إسرائيل تحت حكمه "محاصرة دبلوماسيا" في أوروبا الغربية، وتراجعت صورتها كـ"دولة ضحية".
وأضاف ليفينسون أن الإنجاز الثاني لحماس يتمثل في إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، وهو إنجاز يكشف في الوقت نفسه ضعف السلطة الفلسطينية وعجزها عن تحقيق ما يريده الكثير من الفلسطينيين على الرغم من تعاونها الأمني الكامل مع إسرائيل.
وأوضح المحلل أن حماس استطاعت عبر الصفقة الأخيرة أن تؤكد للفلسطينيين والعرب أنها -وليس السلطة- الطرف القادر على "إعادة الأسرى إلى بيوتهم" وتحقيق مطالب الشعب، مما يعزز مكانتها كحركة مقاومة ويمنحها شرعية كبيرة رغم التكلفة البشرية الباهظة للحرب.
ويرى الكاتب أن نجاح حماس المرتقب في إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من أصحاب الأحكام الطويلة يعد رسالة خطيرة لكل مقاوم "اهجم، وحتى لو صدر بحقك 100 حكم مؤبد فسنخرجك".
وسيط لا غنى عنهووفق تحليل ليفينسون، فإن المستفيد الأكبر من الحرب قطر التي عززت مكانتها وسيطا لا غنى عنه، وأصبحت قوة عالمية مهمة.
وعلق الكاتب بتهكم أنه "يمكن للإسرائيليين تكرار تهمة أن قطر تدعم الإرهاب ألف مرة، ولكن في عالم الواقعية السياسية لا أحد يهتم".
وأشار إلى أن القطريين استطاعوا تحقيق رؤية وضعوها لأنفسهم قبل 40 عاما، لتصبح البلاد قوة عالمية في الرياضة والتعليم والاستثمار والتحالفات الدبلوماسية، كما أنها من بين الدول القليلة التي تملك اتصالا مباشرا بالقيادة الأميركية، مما يمنحها دورا مركزيا في جميع النقاشات بشأن غزة.
إسرائيل لا تزال مجرد "قرية صغيرة تمتلك سلاح جو"
بواسطة قائد سلاح الجو الإسرائيلي في 1973 بيني بيلد
أما إسرائيل -يتابع الكاتب- فقد فشلت -رغم تفوقها العسكري- في تحويل إنجازاتها الميدانية إلى مكاسب سياسية، لأن نظامها السياسي منقسم وغير قادر على اتخاذ قرارات إستراتيجية.
وعلى عكس نمو قطر -يتابع التحليل- فإن إسرائيل عالقة في المكان نفسه الذي كانت فيه قبل 52 عاما، ولا تزال مجرد "قرية صغيرة تمتلك سلاح جو"، وفق وصف قائد سلاح الجو الإسرائيلي في عام 1973 بيني بيلد.
وخلص الكاتب إلى أن إنجازات إسرائيل لا تتجاوز ما يمكن للقوة المدفعية تحقيقه، وأن التفوق العسكري لا يكفي لحسم صراع مع خصم غير تقليدي مثل حماس، وأن المؤسسة العسكرية وقعت في أخطاء فادحة ناجمة عن الغطرسة وسوء الاستعداد، ولم تحقق بذلك نصرها المرجو.