اتهامات متبادلة في العراق بشأن آلية التعامل مع قضايا الإعدام
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
بغداد- أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق فتيل جدل واسع بشأن قضية الإعدامات، إذ انتشرت بشكل واسع روايات تفيد بتنفيذ أحكام إعدام بحق عدد كبير من السجناء ضمن وسم "#أوقفوا_الإعدام_التعسفي_بالعراق"، ودفعت هذه الحملة على المنصات الرقمية رئاسة الجمهورية العراقية إلى نفي هذه الادعاءات، مؤكدة عدم صحتها.
لكن هذه التصريحات المتضاربة لم تهدئ روع السياسيين الذين يطالبون بالتريث في هكذا خطوات، وضرورة الإسراع بتشريع قانون العفو العام.
قلق مستمرواعتبرت هيئة علماء المسلمين في العراق أن اتهامات رئاسة الجمهورية "باطلة ومستفزة، ولا تعكس سوى محاولة التغطية على الحقائق المزعجة التي تكشفها هذه الحملات".
من جهتها، كانت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق هينيس بلاسخارت قالت في 16 أيار/مايو الماضي خلال إحاطتها الأخيرة لمجلس الأمن مع انتهاء مهمتها في العراق إن هناك في الآونة الأخيرة زيادة في عمليات الإعدام الجماعية غير المعلنة مسبقا للمدانين بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، وهو ما يثير قلقا كبيرا.
بدورها، طالبت منظمة العفو الدولية في تقرير لها صدر في أبريل/نيسان الماضي بالإيقاف الفوري لجميع عمليات الإعدام في العراق، معربة عن قلقها من احتمال إعدام عدد أكبر من الأشخاص سرا نظرا لـ"انعدام الشفافية المثير للقلق" فيما يتعلق بعمليات الإعدام في العراق في الأشهر القليلة الماضية.
كما أشارت إلى أن نحو 150 شخصا معرضون لخطر الإعدام الوشيك بعدما صدّق الرئيس عبد اللطيف رشيد على أحكام إعدامهم كما ورد.
وبحسب الوثائق الرسمية للمحكمة التي اطلعت عليها منظمة العفو الدولية، فإنه في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2023 طلبت محكمة الاستئناف الاتحادية من مكتب رئاسة الجمهورية التصديق على أحكام الإعدام الصادرة بحق 51 شخصا، ويُعتقد أن هناك ما يزيد على 8 آلاف سجين محكوم عليهم بالإعدام في العراق.
رئاسة الجمهوريةوأكد مستشار رئيس الجمهورية كريم التميمي عدم صحة ما يتم ترويجه بشأن وجود مراسيم صادرة عن الرئاسة تتعلق بالتصديق على أحكام الإعدام بالجملة، مشددا على أن هذه الأخبار لا أساس لها من الصحة.
وقال التميمي في حديثه للجزيرة نت إنه "للأسف الشديد تظهر من وقت لآخر بعض الأصوات التي تحاول استهداف رئاسة الجمهورية بتهم غير مشروعة، ومن بينها ما يتم ترويجه عن وجود تصديق من رئاسة الجمهورية على أحكام إعدام تسبق تشريع قانون العفو العام".
وأضاف التميمي أن "رئاسة الجمهورية تعلن بكل صراحة أنها مؤسسة حامية للدستور الذي حفظ حقوق الإنسان، وتقف على مسافة واحدة من الجميع، بما في ذلك الحق في الدفاع عن النفس".
وأشار إلى أن "الرئاسة عملت سابقا وتعمل حاليا على تحقيق محاكمة عادلة للمتهمين، وكذلك إنصاف الضحايا، ومتابعة أي مظلومية تخص أي مواطن يشعر بوجود ظلم له بالتنسيق مع السلطة القضائية والجهات التنفيذية".
وأكد التميمي أن رئاسة الجمهورية لن تتوانى في الدفاع عن دماء الأبرياء، موضحا أنها راعت وتأخذ بعين الاعتبار صدور قانون العفو الذي من المنتظر تشريعه من قبل مجلس النواب، وذلك قبل التصديق على أحكام الإعدام".
ولفت التميمي إلى أن رئاسة الجمهورية وشخص الرئيس كان لهما الدور الكبير في احتواء العديد من الأزمات و"بالتالي فمن المستغرب توجيه التهم اليوم لهذه المؤسسة بخلق أزمات في هكذا توقيت".
بدوره، طالب القيادي في تحالف العزم النائب رعد الدهلكي بالتريث في قضية التصديق على أحكام الإعدام، مشددا على ضرورة المضي في خطوات الإسراع في إقرار قانون العفو العام، وفقا لما تم الاتفاق والتصويت عليه ضمن البرنامج الحكومي.
وقال الدهلكي للجزيرة نت إن "هنالك بعض الأحاديث عن وجود حالات تصديق على أحكام بالإعدام لعدد من المحبوسين"، مضيفا أنه "بغض النظر عن دقة تلك المعلومات أو ما يثار بشأنها فإننا نعتقد أن المنطق السياسي -خصوصا في ظل الظروف الراهنة- يستوجب وقفة جادة لتوحيد الصفوف وليس تفريقها".
وأضاف أن "هناك اتفاقا سياسيا ضمن تحالف إدارة الدولة، وورقة برنامج حكومي تم التصويت عليها داخل قبة البرلمان، وبموجبها تشكلت الحكومة الحالية التي نعتقد أنها حققت الكثير من الإنجازات التي لا تخفى علينا جميعا، وبالتالي فإن أي خطوات تجهض تلك الجهود لا نعتقد أنها مناسبة في هذا التوقيت".
وأكد الدهلكي أن قانون العفو العام استكملت القراءة الثانية له، ولم يتبق إلا التصويت عليه و"بالتالي فمن باب المسؤولية القانونية والإنسانية فإن مجلس النواب والقوى السياسية مطالبون بالإسراع بالتصويت على القانون يقابلها تريث رئاسة الجمهورية بأي تصديق على أحكام إعدام، وما زال الكثير منها يدخل في باب شبهة الاعترافات تحت الإكراه أو المخبر السري أو الدعاوى الكيدية".
وشدد الدهلكي على أن الجميع أمام مسؤولية قانونية وشرعية لإنصاف الأبرياء، وذلك من خلال التريث بأي إجراء إلى حين إقرار قانون العفو العام، وإنصاف المظلومين ممن قبعوا لسنين طوال خلف قضبان السجون.
من جهته، وصف رئيس مركز دار السلام لدراسات حقوق الإنسان والتنمية المستدامة صفاء اللامي الحملات الإعلامية المتعلقة بالإعدامات الجماعية بأنها "حملات غير مبررة وليس لها أساس قانوني أو واقعي".
وقال اللامي إن النواب الممثلين للمكون السني والذين يتمتعون بالسلطة الرقابية وفقا للقانون يمكنهم الاطلاع على جميع الإعدامات المنفذة وفقا لما يتم نشره في وسائل الإعلام.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن وظيفة النواب تتمثل في الرقابة على السلطة التنفيذية، بالإضافة إلى دورهم التشريعي، وفي حالة وجود حالات إعدام جماعية مخالفة للقانون يمكن للنواب توجيه استجواب إلى وزير العدل خالد شواني وإظهار تلك الحالات أمام الرأي العام.
وفيما يتعلق بعلاقة قانون العفو العام بتنفيذ أحكام الإعدام، أوضح اللامي أن عقوبة الإعدام لم يشملها القانون، خاصة في المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب والمادة 406 من قانون العقوبات.
وأشار إلى أن "هذه المواد لا تتضمن تنازلا عن الحق الشخصي من قبل المدعين بالحق الشخصي، مما يعني أن قانون العفو العام ليس له علاقة بتنفيذ أحكام الإعدام، خاصة أن مسودة التعديل لا تشمل هذه الأحكام أساسا".
وأكد اللامي على أهمية الدور الرقابي للنواب في ضمان الالتزام بالقانون، ومنع أي تجاوزات قد تحدث في إطار تنفيذ أحكام الإعدام، مشيرا إلى أن الحملات الإعلامية التي تهدف إلى التشكيك في سير العمل القضائي ليست إلا محاولات لإثارة الشكوك والتشويش على النظام القانوني المعمول به.
ودعا إلى الالتزام بالقانون والعمل على تعزيز الدور الرقابي للنواب، لضمان حماية حقوق الإنسان والالتزام بالمعايير القانونية في جميع القضايا المتعلقة بالإعدام.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قانون العفو العام على أحکام الإعدام رئاسة الجمهوریة أحکام إعدام فی العراق إلى أن
إقرأ أيضاً:
حكومة الإمارات تُصدر مرسوماً بقانون اتحادي بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية
أصدرت حكومة الإمارات مرسوماً بقانون اتحادي بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون اتحادي بشأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، وذلك في إطار جهود دولة الإمارات المستمرة لتطوير منظومتها التشريعية، وتعزيز حماية المجتمع، وترسيخ مبادئ العدالة وصون الحقوق، ودعم المنظومة الوطنية لمكافحة المخدرات وفق أعلى المعايير التنظيمية والصحية والأمنية. ويأتي المرسوم بقانون انسجاماً مع المستجدات المؤسسية والتنظيمية، التي شهدتها الدولة في قطاع المنتجات الطبية ومكافحة المخدرات، حيث نص على استبدال الإشارات الواردة في القانون الأصلي إلى وزارة الصحة ووقاية المجتمع ووزير الصحة ووقاية المجتمع، بمؤسسة الإمارات للدواء ورئيس مجلس إدارتها، باعتبار المؤسسة الجهة المختصة بتنظيم المنتجات الطبية في الدولة. كما استبدل المرسوم بقانون الإشارات الواردة إلى وزارة الداخلية بالجهاز الوطني لمكافحة المخدرات، تجسيداً للدور المركزي للجهاز في قيادة الجهود الوطنية لمكافحة هذه الجرائم. وتعزّز التعديلات الجديدة قدرات القطاع الصحي في الدولة، حيث أجاز المرسوم بقانون للجهات الصحية الاتحادية والمنشآت الصحية الخاصة إنشاء وحدات متخصّصة لعلاج وتأهيل المدمنين على المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، على أن تصدر اللائحة المنظمة لعمل هذه الوحدات بقرار من مجلس الوزراء. كما أجاز للسلطات المحلية إنشاء وحدات مماثلة وفق التشريعات السارية لديها، بما يسهم في تطوير منظومة علاج وتأهيل متكاملة للحد من التعاطي. تضمّنت التعديلات تشديد العقوبات المرتبطة بصرف المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية دون وصفة طبية مستوفية للشروط، أو بصرف نسب تتجاوز الحدود المسموح بها في الجداول المعتمدة، لتصبح عقوبة الصيدلية المخالفة السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات والغرامة، التي لا تقل عن خمسين ألف درهم، واعتبار هذه المخالفات من جرائم تسهيل تعاطي المواد المخدرة. كما تضمّنت التعديلات تشديد العقوبة على الطبيب، الذي يحرر وصفة بأي مادة مخدرة أو مؤثر عقلي دون ترخيص أو دون مقتضى طبي أو بالمخالفة للنسب المعتمدة، لتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف درهم، واعتبار الفعل من جرائم التسهيل، وذلك في إطار سياسة صارمة تستهدف ضبط الوصفات الطبية والحد من إساءة استخدامها. وشملت التعديلات التي جاء بها المرسوم بقانون أيضاً تحديثاً للأحكام المنظمة لحيازة وتداول المواد المخدرة والمؤثرات العقلية للأغراض العلمية والطبية، من خلال تحديد الجهات المؤهلة للحصول على التراخيص، بما يشمل المنشآت الصحية ومختبرات التحاليل الكيميائية ومرافق الأبحاث ومؤسسات تصنيع وتخزين وتوزيع المنتجات الطبية، وفق ضوابط دقيقة وتحت رقابة الجهات المختصة، بما يضمن التأكد من استخدام هذه المواد للأغراض المشروعة فقط. كما نص على استمرار استثناء أجزاء معينة من النباتات الواردة في الجداول الملحقة بالقانون من نطاق التجريم، وفق الضوابط المعتمدة. وتضمنت التعديلات إبعاد الأجانب المدانين في جرائم المخدرات بعد الانتهاء من تنفيذ العقوبات المحكومة عليهم، حيث تقضي المحكمة بإبعاد أي أجنبي تثبت إدانته، مع استثناء حالتين وفق ضوابط محددة هما: إذا كان المحكوم عليه زوجاً أو قريباً من الدرجة الأولى لمواطن وقت ارتكاب الجريمة، أو إذا كان فرداً في أسرة مقيمة في الدولة ورأت المحكمة أن إبعاده يلحقُ ضرراً جسيماً باستقرار الأسرة أو يتسبب بحرمان أحد أفرادها من الرعاية اللازمة، وثبتت قدرة الأسرة المالية على توفير العلاج له. كما تضمنت التعديلات تحديثاً للإجراءات المتعلقة بالإيداع العلاجي للمتعاطين، حيث أجاز المرسوم بقانون عدم إقامة الدعوى الجزائية بحق المتعاطي إذا تقدمت المؤسسة التعليمية التي يتلقى تعليمه فيها بعد التنسيق مع اختصاصي حماية الطفل وموافقة ذويه، إلى الوحدة العلاجية أو النيابة العامة أو الشرطة قبل صدور أمر بالقبض عليه، لطلب إيداعه في وحدة العلاج، وبما لا تتجاوز مدة العلاج والتأهيل سنة كاملة، وذلك تعزيزاً للنهج العلاجي الوقائي في مكافحة التعاطي، وبما يحقق التوازن بين الحماية والعلاج. من جهة أخرى، تضمنت التعديلات التي نص عليها المرسوم بقانون، توحيد الإجراءات القضائية المتعلقة بجرائم الاتجار والترويج والتسهيل، من خلال حصر اختصاص نظر هذه الجرائم بالمحاكم الاتحادية، وضمان نفاذ أوامر النيابة العامة الاتحادية المختصة في جميع إمارات الدولة، بما يعزز وحدة الإجراءات وسرعة إنفاذ القانون. ويؤكد المرسوم بقانون التزام دولة الإمارات بتطوير منظومة مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، وفق نهج تشريعي متكامل يجمع بين الردع الصارم وبين توفير العلاج والتأهيل، ويواكب التطورات الصحية والأمنية والتنظيمية، ويعزز حماية المجتمع وسلامة أفراده، ويكرس مكانة الدولة نموذجاً عالمياً في سيادة القانون وحماية الإنسان.
أخبار ذات صلة