على وقع التصعيد الذي يستمرّ بين لبنان وإسرائيل، في ظلّ توسّع "بنك الأهداف" الإسرائيلية بصورة شبه يومية، وفي المقابل كثافة العمليات العسكرية التي ينفذها "حزب الله" في عمق الأراضي المحتلة، تتّجه الأنظار إلى الحراك الأميركي المتجدّد لإحياء المفاوضات، مع ترقّب ما يمكن أن تحمله زيارة وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن إلى المنطقة، والتي يتصدّر ملف العدوان على لبنان جدول أعمالها، إضافة إلى خطط "اليوم التالي" في غزة.


 
وقبل أن يحطّ بلينكن في المنطقة، حضر المبعوث الأميركي أنتوني بلينكن من البوابة اللبنانية، في زيارة لم يستطِع تحديد رقمها بدقّة في تصريحاته إلى الصحفيين، وقد تفاوتت توصيفاتها هذه المرّة، بين من اعتبرها "الفرصة الأخيرة"، ولا سيما أنّ الإدارة الأميركية الجديدة تدخل قريبًا مرحلة "انتظار" الانتخابات، ومن قرأ فيها "جسّ نبض" لاستكشاف مدى إمكانية الذهاب إلى مفاوضات لوقف إطلاق النار، وأسُس أي اتفاق من هذا النوع يمكن التوصّل إليه.
 
وإذا كانت بعض التسريبات التي سبقت زيارة هوكشتاين بالغت في "التشاؤم"، خصوصًا في ضوء الشروط التي تمّ تداولها، والتي وصفها كثيرون بـ"التعجيزية"، على غرار منح إسرائيل ما سُمّيت بـ"حرية الحركة والعمل" في الأجواء اللبنانية، فإنّ الأجواء التي أحاطت بها لم تبدُ بحجم السلبيّة نفسه، ما يشرّع السؤال عن النتائج التي قد تفضي إليها زيارة هوكستين، وما إذا كانت تؤشّر في مكانٍ ما، إلى أنّ نهاية الحرب أضحت "وشيكة"...
 
الأميركيون جادّون.. ولكن
 
في كلامه للصحافيين بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، قال المبعوث الأميركي آموس هوكستين إنّ الولايات المتحدة "ترغب في إنهاء النزاع وفي أسرع وقتٍ ممكن"، وتحدّث عن مسعى قائم بالفعل "من أجل التواصل إلى معادلة لوقف النزاع بشكلٍ نهائيّ، ووضع الآليات في مكانها لتمكن هذا النزاع من الانتهاء، ليتمكن الجميع من العودة إلى ديارهم"، مشدّدًا على أنّ "مجرد القول بالالتزام بالقرار الدولي 1701 لا يكفي" للوصول إلى هذا الحلّ.
 
لعلّ هذه الكلمة تحديدًا تختصر الرسالة التي أراد هوكستين إيصالها إلى المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم، ومفادها أنّ المطلوب "أفعال لا أقوال" على مستوى الالتزام بالقرار 1701، وهو تحدّث صراحة عن قصور في تطبيق هذا القرار من كلّ الأطراف، أدّى إلى إشعال النزاع وتفاقمه، علمًا أنّ المبعوث الأميركي قال كلامًا واضحًا عن أنّ ربط مستقبل لبنان بنزاعات أخرى في المنطقة لم يكن وليس في مصلحة الشعب اللبناني.
 
استنادًا إلى ما تقدّم، يقول العارفون إنّ الأميركيين جادّون بالفعل في الرغبة بالتوصل إلى حلّ دبلوماسي وسريع للصراع، وإنّ إدارة الرئيس جو بايدن تريد تسجيل مثل هذا الإنجاز قبل موعد الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل، للتعويض على الأقلّ عن الإخفاق في وقف حرب غزة طيلة عامٍ كامل، إلا أنّ المشكلة تبقى في التعنّت الإسرائيلي، الذي اختصرته التسريبات الأميركية حول شروط تل أبيب لوقف النار، وهي شروط قد لا تكون قابلة للتطبيق.
 
لا بديل عن 1701
 
وإذا كان هوكستين بكلامه عن أنّ الالتزام بالـ1701 غير كافٍ، قصد أنّ المطلوب أكثر من مجرّد الكلام، ولا سيما أنّ القرار الذي أنهى حرب تموز 2006 لم يطبَّق فعليًا على الأرض، فإنّ ثمّة من يتحدّث عن مقاربتين "متناقضتين" للمسار، فما تريده إسرائيل هو "أكثر" من الـ1701، بمعنى أنّ القرار الدولي كما هو منصوص عليه لم يعد مقبولاً بالنسبة لها، في حين أنّ "حزب الله" يريد وفق معارضيه، ما هو "أقلّ" من القرار المذكور.
 
إلا أنّ هذا الكلام تنفيه الوقائع والمعطيات الرسمية، والتي سمعها هوكستين مجدّدًا من المسؤولين الذين التقاهم، ولا سيما رئيسي الحكومة نجيب ميقاتي ومجلس النواب نبيه بري، حول الالتزام الكامل والشامل بالقرار الدولي 1701 "لكونه الركيزة الأساسيّة للاستقرار في المنطقة"، كما قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، علمًا أنّ "حزب الله" يوافق على ذلك، وسبق أن أعلن "تفويضًا كاملاً" لرئيس مجلس النواب نجيب ميقاتي بهذا الخصوص.
 
وأبعد من الموقف اللبناني الرسمي الواضح لجهة تطبيق القرار 1701، من دون تعديلات تتناقض مع السيادة اللبنانية، يقول العارفون إنّ السؤال الذي يجب أن يُطرَح هو حول الموقف الإسرائيلي، خصوصًا إذا ما صحّت التسريبات عن شروط لا يستشَفّ منها إلا رفض الحلّ والتشويش على المفاوضات، علمًا أنّ العدو الإسرائيلي لم يتردّد في توسيع مروحة استهدافاته تزامنًا مع زيارة هوكستين، في مؤشر شديد السلبية.
 
لا بديل عن القرار 1701. هو الموقف الرسمي الواضح، الذي يتّفق عليه الجميع في لبنان، باعتباره مفتاح الحلّ للأزمة القائمة. أما الموقف الإسرائيلي فهو الذي يشكو من عدم الوضوح، خصوصًا في ظلّ التسريبات التي تفرغ القرار من مضمونه، وتزيد التعقيدات. وما بين الموقفَين، يبقى الترقّب سيد الموقف، بانتظار ما يمكن أن ينجم عن زيارة بلينكن للمنطقة، والتي يمكن أن يُبنى عليها الكثير... المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

وسط تصاعد مخاوف من الرد.. حراك أمريكي لمحاولة احتواء تداعيات العدوان على إيران

الجديد برس| بدأت الولايات المتحدة، الاحد، حراك واسع لاحتواء تداعيات العدوان على ايران وسط تصاعد المخاوف من الرد .. واكد نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس في تصريح صحفي ان بلاده تبحث تسوية طويلة الأمد مع ايران ، مشيرا إلى أن بلاده لا تسعى لتغيير النظام ولا ارسال قوات برية. وجاءت تصريحات فانس مع تصاعد القلق الأمريكي من تبعات العدوان الأمريكي الأخير على ايران. وشنت القوات الامريكية ضربات لثلاث منشات نووية في ايران استخدمت خلال قنابل نووية غير تكتيكية. واحدثت الضربة التي نفذها ترامب بعيدا عن السلطة التشريعية التي يفترض ان تناقش مثل هكذا قرار  انقسام داخلي وسط مخاوف من العواقب. ووصفت وسائل اعلام أمريكية  الخطوة بمثابة جر أمريكا لحرب استنزاف طويلة في المنطقة، بينما انتقدها نواب في الكونجرس عن الحزبين الجمهوري والديمقراطي. كما اعتبرها الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون بانها لا تخرج عن سياق الحفاظ على  رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بالسلطة. ولم يخفي القادة الامريكيون ان تكون الضربة بمثابة  فتح باب الجحيم. وأعلنت وزارة الدفاع الامريكية اجلاء ما تبقى من قواتها في الشرق الأوسط  بعد أسابيع من سحب قدرات عسكرية بحرية وجوية، فحين حاولت أخرى على راسها ترامب التهديد بضربات اقوى في محاولة لاثناء ايران عن الرد . كما قلصت الخارجية أعضاء بعثتها الدبلوماسية في دول مجاورة ابرزها العراق. ويتوقع ان تشن ايران ردا دقيقا على العدوان الأمريكي قد يطال قواعد ومصالح  في المنطقة .

مقالات مشابهة

  • حراك دبلوماسي عراقي في اسطنبول لإيقاف الهجمات ضد إيران
  • البزري: وحدة الموقف ضمانة بأن لبنان سيكون بمنأى من التصعيد الراهن
  • حراك سوق الجمعة: مستمرون في مظاهراتنا السلمية ولن ننجر لأي صراع يبعدنا عن هدفنا  
  • وسط تصاعد مخاوف من الرد.. حراك أمريكي لمحاولة احتواء تداعيات العدوان على إيران
  • بالإشارة إلى القرار الصادر الذي قضى بالنشر عن المتهم الفار من وجه العدالة وهو سليم علي الحداد
  • مدير مكتب الجزيرة بطهران: حراك إسطنبول مهم لإيران ويؤسس لمظلة سياسية
  • مدير مؤسسة توليد الكهرباء يبحث مع ممثلي شركة UCC نتائج الجولات الميدانية التي تم تنفيذها
  • أخبار بني سويف| فحص وتوفيرالعلاج لـ1300 حالة والمحافظ يناقش نتائج 29 زيارة للتفتيش على المحليات
  • تنظيم الاغتراب المريمي بكنائس الإيبارشيّة لزيارة منازل شعب الرعية
  • محافظ بني سويف يناقش نتائج 29 زيارة للتفتيش على المحليات والخدمات