التوسع العسكري الصهيوني في الصومال وتأثيره على الأمن القومي اليمني
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
يمانيون – متابعات
نشر موقع “ميدل إيست مونيتور” مأدة بعنوان ” سعي إسرائيل إلى العمق الاستراتيجي في منطقة القرن الأفريقي عبر أرض الصومال”، للكاتب أحمد فيفا رندي. تحليل هذه مادة التقرير من منظور الصراع الراهن في الإقليم بين الكيان الصهيوني ومحور المقاومة، يكشف عن مجموعة من الأبعاد الاستراتيجية المتعلقة بالتحالفات العدوانية الإقليمية ومحاولة العدو الصهيوني توسيع النفوذ الجيوسياسي، يمكن فهم سعي “إسرائيل” إلى تعزيز علاقاتها مع “أرض الصومال”(1) عبر عدد من النقاط الرئيسية:
العمق الاستراتيجي للصهاينة
يسعى الكيان الصهيوني دائمًا إلى توسيع عمقه الاستراتيجي بعيدًا عن حدوده، بهدف مواجهة التهديدات الإقليمية المتعددة، خاصة من قوى المقاومة ومن ذلك الجمهورية اليمنية اليوم.
التحالفات مع دول الخليج:
تشير الوساطة الإماراتية في إقامة قاعدة عسكرية إسرائيلية في أرض الصومال إلى عمق التعاون بين “إسرائيل” والإمارات، الذي تعزز بشكل كبير بعد “اتفاقيات إبراهيم”. الإمارات و”إسرائيل” تشتركان في العداء لمحور المقاومة، وتعتبران الجمهورية اليمنية بقيادة أنصار الله تهديدًا مشتركًا، ما يجعل التعاون العسكري والاستخباراتي بينهما في أماكن مثل أرض الصومال وسقطرى أمرًا منطقيًا في هذا السياق.
وباعتبار اليمن نقطة رئيسية في الصراع الإقليمي بين التحالف العربي العدواني المدعوم من الغرب، وجبهة إسناد رئيسة في معركة طوفان الأقصى، فإن إنشاء قواعد إسرائيلية قرب مضيق باب المندب يعزز قدرة “إسرائيل” على رصد والتحكم في التحركات البحرية اليمنية في المنطقة.
التنافس الدولي في القرن الأفريقي:
منطقة القرن الأفريقي باتت ساحة للتنافس بين العديد من القوى الإقليمية والعالمية، بما في ذلك الصين وتركيا والإمارات. سعي الكيان إلى تعزيز وجوده في المنطقة يعكس هذا التنافس، لا سيما في ظل الأهمية المتزايدة لموانئ المنطقة ومضيق باب المندب في التجارة العالمية.
الأبعاد الاقتصادية:
إلى جانب الأبعاد الأمنية، تقدم أرض الصومال فرصًا اقتصادية لإسرائيل، خاصة في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والبنية التحتية، هذه الاستثمارات قد تعزز التواجد الصهيوني في المنطقة بشكل أكبر، مما يمكن أن يؤدي إلى تعزيز السيطرة الإسرائيلية على المنافذ التجارية والموانئ الهامة.
العلاقة بإثيوبيا:
رغم أن الاتفاق بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال قبل شهر قد يبدو ظاهريًا كاتفاق محلي يعزز العلاقات الاقتصادية أو الأمنية، إلا أن التحرك الإسرائيلي في المنطقة قد يكون مرتبطًا بشكل غير مباشر بهذا الاتفاق، كجزء من سعي “إسرائيل” لتعزيز وجودها في القرن الأفريقي وحماية مصالحها البحرية والإقليمية غير المشروعة، خاصة في ظل التحالفات الإقليمية المعقدة التي تشمل الإمارات وإثيوبيا.
باختصار، يسعى التوسع الإسرائيلي في أرض الصومال إلى تأمين المصالح الإسرائيلية على المدى الطويل، سواء عبر مواجهة التهديدات الأمنية أو تعزيز فرصها الاقتصادية، مع الحفاظ على علاقات وثيقة مع الإمارات ودول أخرى في المنطقة.
التأثيرات على الأمن القومي اليمني
التواجد الإسرائيلي بالقرب من السواحل اليمنية:
سعت “إسرائيل” إلى إقامة قاعدة عسكرية في أرض الصومال يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي اليمني، خصوصًا بالنظر إلى الموقع الجغرافي الاستراتيجي لأرض الصومال بالقرب من مضيق باب المندب. هذه المنطقة البحرية الحيوية تؤثر على التجارة الدولية، ووجود “إسرائيل” قد يعرقل أو يحد من السيادة اليمنية على مياهها الإقليمية وقدرتها على التحكم في باب المندب، ويؤثر على ممارسة اليمن النفوذ العسكري البحري.
هذا التحالف قد يزيد من الضغوط على صنعاء ويغذي الصراع الداخلي في اليمن بدعمه المرتزقة، مما يعزز استمرار الانقسامات السياسية والعسكرية.
التهديدات البحرية والاستراتيجية:
قاعدة عسكرية إسرائيلية في أرض الصومال أو جزيرة سقطرى كما تم التلميح في الخبر، قد تزيد من المخاطر الأمنية البحرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب. التحكم الإسرائيلي-الإماراتي في هذه المناطق الاستراتيجية قد يحد من نفوذ اليمن البحري.
التأثير على السيادة اليمنية في جزيرة سقطرى:
الخبر يشير إلى وجود تعاون بين الإمارات و”إسرائيل” لإنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة سقطرى اليمنية. هذا يمثل تهديدًا مباشرًا للسيادة اليمنية على سقطرى، والتي تعتبر منطقة حيوية واستراتيجية. السيطرة على سقطرى من قبل أطراف خارجية مثل الإمارات و”إسرائيل” قد تؤدي إلى فقدان اليمن لأحد أهم مناطقه الاستراتيجية في المحيط الهندي.
التنافس الإقليمي في البحر الأحمر:
التواجد الإسرائيلي في القرن الأفريقي يعزز التنافس الإقليمي على النفوذ في البحر الأحمر والقرن الإفريقي، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى زيادة عسكرة المنطقة وتصعيد الأوضاع العسكرية على سواحل اليمن، مما يشكل تهديدًا طويل الأمد للأمن القومي اليمني.
باختصار، التوسع الإسرائيلي في منطقة القرن الأفريقي، بمساعدة الإمارات، يمثل تهديدًا مركبًا للأمن القومي اليمني، من خلال التأثير على سيادة اليمن، زيادة الضغوط العسكرية، والتحكم بالمنافذ البحرية الاستراتيجية.
في مواجهة هذه التهديدات التي تستهدف الأمن القومي اليمني، على حكومة صنعاء اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاستراتيجية التي تتناسب مع تعقيد الأوضاع الإقليمية والدولية.
—————————————————-
موقع أنصار الله . تحليل | أنس القاضي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: القرن الأفریقی فی أرض الصومال الإسرائیلی فی القومی الیمنی البحر الأحمر قاعدة عسکریة باب المندب فی المنطقة تهدید ا
إقرأ أيضاً:
د. منال إمام تكتب: الدبلوماسية الثقافية.. أداة إستراتيجية لحماية الأمن القومي المصري
في المقال السابق، سلطتُ الضوء على الدبلوماسية الثقافية بوصفها إحدى أنبل أدوات القوة الناعمة، وتشمل الفنون والتعليم والدين، لتقيم جسورًا من التفاهم والتقارب بين الشعوب، وتعزز من صورة الدولة في الوجدان العالمي، وتخدم مصالحها بعيداً عن صخب السياسة. واستجابةً لما وردني من اقتراحاتٍ من قراءٍ أعزاء وأصدقاء كرام، أضع بين أيديكم اليوم رؤية عملية تتضمن خطوات واقعية لتعظيم دور الدبلوماسية الناعمة، وتفعيل أثرها في خدمة الأمن القومي المصري.
أولًا: تحويل المقومات الثقافية المصرية إلى أدوات استراتيجية
(أ) مواجهة الفكر المتطرف بالفكر المستنير، الجهات المسؤولة: (الأزهر، وزارة الأوقاف، وزارة الخارجية) الخطوات العملية:
• زيادة عدد المبعوثين الأزهريين إلى الدول الإفريقية والآسيوية ذات القابلية للتطرف.
• إنشاء منصات إلكترونية متعددة اللغات لنشر الفكر الوسطي الأزهري.
• تنظيم مؤتمرات دولية للحوار الديني تستضيفها مصر وتُبث عالميًا.
• تخصيص منح دراسية لطلاب من مناطق متأثرة بالتطرف لدراسة العلوم الإسلامية والإنسانية في مصر.
ثانيًا: تعميق العلاقات الثقافية مع إفريقيا والعالم العربي، الجهات المسؤولة:( وزارة الثقافة، وزارة الخارجية، الهيئة العامة للاستعلامات)
الخطوات العملية:
• فتح مراكز ثقافية مصرية جديدة في 10 عواصم إفريقية وعربية خلال 3 سنوات.
• تنظيم أسابيع ثقافية متنقلة (فنية، تراثية، موسيقية) في الدول المستهدفة.
• دعم مشاركة الفنانين المصريين في مهرجانات دولية تحمل البعد الإفريقي والعربي.
• إنتاج أفلام وثائقية عن الروابط التاريخية والثقافية بين مصر وإفريقيا تُترجم وتُعرض محليًا في تلك الدول.
ثالثًا: تعزيز الدبلوماسية التعليمية – صناعة حلفاء المستقبل، الجهات المسؤولة: (وزارة التعليم العالي، الجامعات المصرية، وزارة الهجرة)
الخطوات العملية:
• توسيع برنامج المنح الدراسية الموجهة للطلاب من إفريقيا والدول العربية.
• إنشاء مكتب "رعاية الخريجين الأجانب" للتواصل المستمر معهم بعد العودة لبلدانهم.
• تنظيم "الملتقى السنوي لخريجي الجامعات المصرية" بالتعاون مع السفارات المصرية بالخارج.
• إدخال مواد عن "الهوية والثقافة المصرية" ضمن البرامج الموجهة للطلبة الأجانب.
رابعًا: ربط الجاليات المصرية بالخارج بالهوية الوطنية، (الجهات المسؤولة وزارة الهجرة، وزارة الثقافة، الهيئة الوطنية للإعلام)
الخطوات العملية:
• تنظيم مهرجانات ثقافية سنوية للجاليات المصرية (بداية في 5 دول ذات كثافة عالية).
• تطوير تطبيق رقمي يضم محتوى ثقافي وتراثي باللغة العربية واللغات الأجنبية موجه لأبناء الجيل الثاني والثالث.
• إنتاج برامج إعلامية خاصة بالجاليات تبث على المنصات الرقمية.
• إقامة معسكرات ثقافية صيفية للشباب المصري بالخارج داخل مصر لتعزيز الارتباط بالوطن.
خامسًا: استخدام السينما والفنون كرسائل موجهة للعالم، الجهات المسؤولة: (وزارة الثقافة، وزارة الإعلام، نقابة المهن السينمائية)
الخطوات العملية:
• إطلاق صندوق دعم الأفلام التي تقدم صورة مصر المتنوعة والمعتدلة (بشراكة حكومية-خاصة).
• ترجمة المسلسلات والأفلام المصرية الناجحة للغات الأفريقية والآسيوية وتوزيعها في تلك الأسواق.
• إرسال وفود فنية تمثل مصر في المعارض والمهرجانات الدولية بشكل دوري.
• دمج البعد الثقافي والدبلوماسي في أعمال درامية تُبث خلال مواسم رمضانية وسينمائية رئيسية.
سادسًا: التنسيق بين مؤسسات الدولة: خطة وطنية شاملة ومطلوب تشكيل لجنة وطنية عليا للدبلوماسية الثقافية تضم ممثلين عن:
• وزارات: الثقافة، التعليم، الأوقاف، الإعلام، الخارجية، الهجرة
• الأزهر الشريف
• الهيئات الإعلامية والجامعات
مهامها:
• إعداد استراتيجية وطنية للقوة الناعمة المصرية خلال 5 سنوات.
• تقييم البرامج الثقافية الحالية وتطويرها وفق أهداف الأمن القومي.
• متابعة التنفيذ ورفع تقارير دورية لمجلس الوزراء والرئاسة.
وفي النهاية: الدبلوماسية الثقافية لم تعد ترفًا، بل ضرورة لحماية الأمن القومي في بيئة إقليمية معقدة. إن ما تملكه مصر من رصيد حضاري وديني وثقافي يجب ألا يبقى فقط في المتاحف والكتب، بل يتحول إلى أدوات نشطة للتأثير الإقليمي والدولي. حين تُدار الثقافة بوعي، تصبح خط الدفاع الأول عن الوطن.