تنوعت استخدامات الكتاب المسموع منذ بداياته بشكله البدائي عبر شركة فيكتور عام 1931م، حين كان ذلك مقتصرًا على فئات محدودة من الناس ولنوعيات معينة من الكتب. ورغم تطور الكتاب المسموع وتحوله إلى كتاب مسموع رقمي، فإنه يظل محدودًا بنوعيات خاصة من الكتب تدور حول القصص والروايات والكتب ذات الطبيعة السهلة، بعيدًا عن الكتب الفكرية العميقة أو الفلسفية أو الكتب التي تعتمد على الصور والرسومات، التي يصعب أو يستحيل إفهامها للمستمع بالصوت.
وتعدّ بعض مجالات الكتب صعبة على المستمع؛ لكونه لا يستطيع مواصلة الاستماع إليها وقتًا طويلًا. كما قد يصعب أو يستحيل على المستمع البحث عن معلومة معينة وسط تسجيل طويل إلا في حال تحويلها إلى نص مكتوب، إما يدويًّا أو اعتمادًا على الذكاء الاصطناعي الذي يتنامى دوره في هذه المرحلة.
كما أن الكتب المسموعة تبقى محدودة التأثير والاستدامة عندما يكون الحديث حول الاحتفاظ بها مرجعًا داخل المكتبة سهل التناول والرجوع إليه.
لكن الكتاب المسموع يمكن مع ذلك أن يكون خير رفيق لكثيرين ممن تضيع منهم ساعات طويلة في المواصلات العامة في المدن المكتظة بالسكان، إن في الحافلات أو القطارات أو حتى الطائرات. وهناك نسبة يعتد بها من السكان الذين تضيع منهم ساعتان فأكثر كل يوم، إما في وسائل النقل أو في انتظار قدومها. وما أكثر الكتب التي يمكن إنهاؤها في ساعتين أو إنهاء نصفها على الأقل، خاصة أن ما يحتاج إليه القارئ هنا هو الأذن والإصغاء لقارئ الكتاب.
ويمكن لفئة واسعة من العازفين عن القراءة في الكتب المطبوعة الركون إلى الكتاب المسموع بوصفه بديلًا رائعًا يغطي جوانب معرفية مهمة، ويسد نقصًا في حياتهم، حتى يصلوا إلى مستوى من اللياقة القرائية التي تمكنهم من الإمساك بالكتب الورقية وقراءتها.
وأخيرًا يمكن الاستفادة من الكتب المسموعة في إعادة قراءة كتاب ما سبقت قراءته ورقيًّا، حيث تساعد هذه القراءة الثانية على ترسيخ أفكار القراءة الأولى.
yousefalhasan@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
“حلب: تراث وحضارة” كتاب للباحث الفرنسي جان كلود دافيد
يسلط كتاب “حلب: تراث وحضارة”، للباحث الفرنسي جان كلود دافيد الضوء على مدينة حلب كواحدة من أقدم المدن المأهولة في العالم، حيث يقدم قراءة معمقة لتاريخها الحضاري وتطورها الجغرافي عبر العصور المختلفة.
يتوقف مؤلف الكتاب عند احتفاظ المدينة بشواهد حية من تاريخها البيزنطي والروماني والهلنستي والآرامي والحيثي والأكادي، مقابل وجود آثار قد تبدو صامتة لا تنطق سوى بما تبقى من تاريخها.
ويتناول الكتاب جدلية الذاكرة والهوية في السياق الحلبي، معتمداً على قراءة متعددة الأبعاد تبرز خصوصية المجتمع الحلبي وتراثه الغني ومهاراته الحرفية.
ويظهر المؤلف وعياً نقدياً بخلفيته الاستشراقية، ساعياً من خلال قراءة موضوعية إلى تجاوز النظرة النمطية السائدة، وإنصاف مدينة حلب وتراثها، بعيداً عن الأحكام الجاهزة.
يُذكر أن جان كلود دافيد هو من أبرز المتخصصين في الجغرافيا العمرانية والتراث الثقافي للمدن التاريخية، وقد بدأ اهتمامه بحلب من خلال أطروحة الدكتوراه التي تناول فيها “المناظر الطبيعية الحضارية في حلب” وعمل لاحقاً مستشاراً في بلدية المدينة، حيث ساهم في إعداد مخططها العمراني وحماية مدينتها القديمة.
وصدر الكتاب عن مركز أبو ظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة – أبو ظبي، ضمن مشروع “كلمة” للترجمة، وترجمته إلى العربية الدكتورة هلا أحمد أصلان، وراجع ترجمته كاظم جهاد.