في نسخة موسعة جمعت بين التنوع المعرفي والحضور المجتمعي والابتكار الثقافي شهدت المدينة المنورة انطلاقة جديدة لمعرضها الدولي للكتاب 2025.
وعلى مدى أيام المعرض، تحول مركز الفعاليات إلى مساحة تفاعلية يتقاطع فيها القارئ مع المؤلف، وتلتقي فيها دور النشر بالمجتمع، ضمن برنامج ثريّ احتضن مئات العناوين من مختلف التخصصات، وفعاليات مصاحبة تُجسد الرؤية الثقافية الحديثة للمملكة, ورغم تنوع المحتوى،كانت المدينة حاضرة في التفاصيل، لا كمادة مكتوبة فقط، بل كمكان يحتضن المعنى، ويفتح أبوابه لكل من يرى في الكلمة وجهًا من وجوه الهوية.


ويُقام المعرض بوصفه أحد أبرز التظاهرات الثقافية في المملكة، وواحدًا من ملامح التحول المعرفي بالمشهد السعودي.
ومع تنوع المؤلفات والجهات المشاركة من داخل المملكة وخارجها، كانت المدينة حاضرة لا كموضوع رئيس، بل كإطار روحي وثقافي شكّل خلفية فريدة لهذا الحراك المتجدد، ويمتد المعرض على مساحة واسعة، استضاف خلالها دور نشر من مختلف دول العالم العربي، ومؤلفين في شتى التخصصات مثل الفكر، والفلسفة، والعلوم، والفن، وكُتب الأطفال، والتاريخ، والرواية، وكانت الندوات المصاحبة والورش التفاعلية جزءًا أساسيًا من هذا الحضور النوعي، إذ لم يقتصر المعرض على بيع الكتب، بل تجاوز ذلك إلى تشكيل تجربة معرفية وحوارية شاملة.
ورغم أن معظم الكتب المعروضة لم تكن عن المدينة المنورة، إلا أن وجود المعرض على أرضها منح الحدث طابعًا خاصًا, المدينة بتاريخها وهدوئها وعمقها، حضرت كراوية صامتة في تفاصيل المشهد وأسلوب التنظيم، ونوعية الزوار، وتقاطعات الحديث، ولحظات التأمل بين جناح وآخر, وكان لجناح “أنا المدينة” دور بارز في توظيف التقنية لسرد جوانب من التاريخ المحلي عبر محاكاة الواقع الافتراضي، مما أتاح للزوار خوض تجربة بصرية وذهنية تستدعي الذاكرة وتعيد قراءتها، بعيدًا عن الأساليب التقليدية.
واللافت في دورة هذا العام هو اتساع الشريحة الحاضرة، من الأطفال الذين وجدوا مساحة إبداعية ومسرحية خاصة، إلى الأكاديميين الذين خاضوا نقاشات نوعية حول المحتوى الثقافي، مرورًا بالجمهور العام الذي تفاعل مع العروض الحيّة والجلسات المفتوحة, وقُدمت ورش مثل “تسويق المحتوى الثقافي”، و”كيف تصل بفكرتك إلى القارئ”، مساحة للتفكير في آليات الاتصال المعرفي، وصناعة الخطاب الثقافي في عصر يتغير فيه شكل التلقي والاهتمام.
وجاءت مشاركة وزارة الثقافة لتضيف بُعدًا خاصًا، عبر جناحها الذي احتفى بعام الحرف اليدوية 2025، مستعرضًا الحرف بوصفها جزءًا من التراث الثقافي الوطني، وموثقًا علاقتها العضوية بالهوية السعودية, وفي هذا الفضاء البصري الحي، تلاقت اليد التي تنقش مع اليد التي تكتب، في مشهد ثقافي متكامل أعاد الاعتبار للتجربة الحرفية كجزء لا يتجزأ من السرد الثقافي العام.
وفي دورته لهذا العام، لم يكن معرض المدينة للكتاب مجرد فعالية لبيع الكتب، بل ممارسة ثقافية حيّة أعادت تذكير الجميع بأن المعرفة ليست سلعة، بل موقف وتجربة واستدعاء للهوية في زمن التحولات والمدينة، رغم أنها لم تكن موضوعًا مباشرًا في معظم المؤلفات، ظلّت تؤطر الحدث، وتعيد تشكيل ذاكرتنا عبر الجو والتنظيم والحضور واللغة التي تتهامس بها الأروقة.
وفي هذا المعرض، لم تَعرض المدينة نفسها كموضوع، بل كمساحة يتقاطع فيها التنوع الثقافي مع الذاكرة، وخرج الزوار ليس فقط بعناوين جديدة بل بصورة مختلفة عن المدينة التي احتضنتهم، وعن الكتاب الذي يجمعهم، وعن الثقافة التي لا تزال حيّة، مادامت تُقرأ وتُحكى وتُحتفى بها.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية

إقرأ أيضاً:

افتتاح معرض ومؤتمر العمران والبيت والبناء.. وتوقيع 7 اتفاقيات تطوير للمدن المستقبلية

انطلقت اليوم في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض النسخة الخامسة لمعرض ومؤتمر العمران والبيت والبناء تحت رعاية معالي الشيخ الفضل بن محمد الحارثي، الأمين العام لمجلس الوزراء.

يستمر المعرض حتى التاسع من أكتوبر الجاري، بتنظيم من وزارة الإسكان والتخطيط العمراني بالتعاون مع إكسبو مسقط.

وقد تم التوقيع على 7 اتفاقيات شراكة وتطوير في مشاريع المدن المستقبلية ممثلة في مدينة السلطان هيثم، ومدينة الثريا والجبل العالي، بما يفتح آفاقًا جديدة للاستثمار، ويعكس الالتزام بتسريع تنفيذ هذه المدن وفق أعلى المعايير العصرية، حيث تم إسناد مناقصة تنفيذ محطة الصرف الصحي في مدينة السلطان هيثم إلى شركة الصاروج للتجارة والمقاولات، بقيمة استثمارية تجاوزت 7 ملايين ريال عماني بالتعاون مع شركة نماء للمياه، كما تم إسناد مناقصة إنشاء الخط الرئيسي للصرف الصحي القادم من ولاية السيب إلى مدينة السلطان هيثم إلى شركة "أونيك" بقيمة استثمارية تجاوزت 8 ملايين ريال عماني بالتعاون مع شركة نماء للمياه.

الجبل العالي

كما تم توقيع سلسلة من اتفاقيات الشراكة والتطوير في الجبل العالي شملت اتفاقية تطوير المنطقة الصحية بالقرية الغربية، على مساحة 600 ألف متر مربع، يضم وحدات سكنية تصل إلى 500 وحدة سكنية و120 وحدة فندقية تشمل فندقًا من فئة خمسة نجوم متخصصًا في الرعاية الصحية والاستجمام، إضافة إلى مطاعم فاخرة ومسطحات خضراء وحدائق ومماش عامة، بقيمة استثمارية تجاوزت 200 مليون ريال عُماني، من تطوير شركة مستير.

وتوقيع اتفاقية مشروع تلال العلعلان وإنشاء ملعب الغولف على مساحة 2.26 مليون متر مربع، ويضم 2100 وحدة سكنية وفندقين من فئة الخمس نجوم، وملعب غولف عالمي مكوّن من 18 حفرة وساحة للفعاليات والمهرجانات ومرافق تجارية ومطاعم عالمية بقيمة استثمارية تجاوزت 400 مليون ريال عُماني، من تطوير شركة "كامكورب للاستثمار" الإماراتية.

وفي الجانب البيئي والسياحي، تم توقيع اتفاقية لتطوير منتجع بيئي فاخر بقيمة استثمارية 3 ملايين ريال عماني، على مساحة تتجاوز 150 ألف متر مربع، ويضم 15 شاليه فاخرًا مصممًا بروح الطبيعة الجبلية، ليكون أحد أبرز الوجهات الفندقية البيئية في الجبل العالي، من تطوير شركة السرايا للتطوير.

وتوقيع اتفاقية تطوير مخيم بيئي يضم 60 شاليهًا بيئيًا ومرافق خدمية متنوعة، على مساحة 12 ألف متر مربع بقيمة استثمارية تبلغ 3 ملايين ريال عُماني من تطوير شركة مشاريع نخيل الصحراء السياحية (عُمان).

ولتعزيز التكامل بين السياحة والسكن في الجبل العالي، تم توقيع اتفاقية شراكة وتطوير حي سكني ومرافق مجتمعية على مساحة 185 ألف متر مربع يضم 200 وحدة سكنية، باستثمار يبلغ 30 مليون ريال عُماني من تطوير شركة مشاريع نخيل الصحراء السياحية (عُمان).

وفي سبيل توفير بيئة سكنية متكاملة وتعزيز الشراكة المجتمعية، تم التوقيع على اتفاقية تطوير حي سكني متكامل الخدمات ضمن مبادرة صروح في الجبل العالي، على مساحة 200 ألف متر مربع، تضم 200 وحدة سكنية، من تطوير شركة أهلية مؤسسة من قبل أهالي ولاية الجبل الأخضر، ويعد أحد المشاريع المجتمعية النموذجية التي تعزز مفهوم الشراكة المجتمعية وتوفير بيئات سكنية متكاملة لأهالي المنطقة.

كما تم التوقيع على اتفاقية إعادة تأهيل القرية التراثية الواقعة في حديقة الجبل العالي وتوفير تجربة سياحية مميزة وإضافة مرافق خدمية تجارية وخلق تجربة سياحية تراثية وتاريخية متميزة، على مساحة 10 آلاف متر مربع، من تطوير شركة الجرف الشرقي.

كما شهد الحدث توقيع اتفاقية الخدمات الاستشارية للتصميم التفصيلي للمخطط الرئيسي لمشروع الجبل العالي، وذلك بقيمة استثمارية تتجاوز 3.6 مليون ريال عُماني، بالتعاون مع شركة شركة نيكولسون جونز بارتنرشيب عمان.

إلى جانب هذه المشاريع، شهد الحدث تقديم مساهمات مجتمعية من الشركات المطوّرة، حيث قدّمت كل من شركة مستير وشركة كامكورب مساهمات بقيمة 2 مليون ريال عُماني لكل منهما دعمًا للمشاريع والخدمات المجتمعية في الجبل العالي.

مدينة الثريا

تم توقيع اتفاقية تطوير الحي رقم (8)، على مساحة تبلغ 73 ألف متر مربع، ويضم المشروع 28 وحدة سكنية وحديقة عامة ومرافق مجتمعية متكاملة، بقيمة استثمارية تجاوزت 25 مليون ريال عُماني، من تطوير شركة مدن للتطوير المستدام.

كما تم إسناد مناقصة تنفيذ الأعمال الإنشائية لخدمات البنية الأساسية والطرق في مدينة الثريا لشركة تارجيت، بقيمة استثمارية إجمالية بلغت 38.2 مليون ريال عُماني، بالشراكة مع بلدية مسقط وشركة نماء لخدمات المياه، وشركة نماء لتوزيع الكهرباء، والشركة العُمانية للنطاق العريض، مما يعكس تكامل الجهود الوطنية في توفير بنية أساسية متقدمة.

دليل البناء

وجرى خلال الحدث تدشين دليل اشتراطات ومتطلبات البناء في سلطنة عُمان، الذي يُعد مرجعًا وطنيًا شاملاً يجمع معايير السلامة والجودة في منظومة واحدة، ويشكّل خطوة محورية نحو توحيد الممارسات الهندسية والإنشائية في مختلف المحافظات.

ويأتي إصدار الدليل في إطار جهود الوزارة بالتعاون مع الشركاء في اللجنة الفنية الدائمة للدليل، لتطوير منظومة البناء والتشييد ورفع كفاءة البنية التنظيمية والفنية، بما يضمن الحد الأدنى المقبول من متطلبات السلامة، والصحة العامة، وجودة الحياة، استنادًا إلى الأسس العلمية والظروف الطبيعية والمعايير الهندسية المعتمدة، وبما يعزز توفير بيئة عمرانية آمنة ومستدامة وذات كفاءة اقتصادية عالية.

ويُعد دليل اشتراطات ومتطلبات البناء جزءًا من منظومة فنية متكاملة تضم ستة أدلة متخصصة تغطي مختلف الجوانب الإنشائية والبيئية والتقنية، تشمل: دليل البناء العام، ودليل المباني القائمة والتاريخية، ودليل كفاءة الطاقة والاستدامة، والدليل الميكانيكي، ودليل التمديدات الصحية وشبكات المياه، ودليل الصرف الصحي الخاص.

وتُسهم هذه الأدلة في رفع كفاءة التصميم والتنفيذ وتحقيق التوازن بين متطلبات السلامة والاستدامة والتكلفة الاقتصادية، بما يرسخ ثقافة البناء المسؤول ويعزز من جودة البيئة العمرانية في سلطنة عُمان.

مشروعات "صروح"

وجرى خلال حفل الافتتاح التوقيع على اتفاقيتين لتطوير أحياء سكنية متكاملة في محافظتي جنوب الباطنة وجنوب الشرقية، بإجمالي قيمة استثمارية تتجاوز 11 مليون ريال عُماني، تمثلت الاتفاقية الأولى في تطوير حي الملتقى بولاية الرستاق على مساحة تتجاوز 766 ألف متر مربع، ويضم المشروع 715 وحدة سكنية، بإجمالي قيمة استثمارية تُقدّر بنحو 7 ملايين ريال عُماني، وذلك من تطوير شركة أساور للتطوير العقاري، أما الاتفاقية الثانية، فتشمل تطوير حي الفلاح بولاية جعلان بني بو علي على مساحة تتجاوز 200 ألف متر مربع، ويضم المشروع 188 وحدة سكنية، بقيمة استثمارية بلغت 4 ملايين ريال عُماني، من تطوير شركة تنفيذ العقارية.

مقالات مشابهة

  • "أوبرا دمنهور" تشارك في المعرض الثامن للكتاب
  • ما الذي تعرفه آن باتشت عن إنقاذ مهرجانات الكتب؟
  • الشركات الإسرائيلية تغيب عن معرض دبي للطيران هذا العام
  • اختتام فعاليات معرض ومؤتمر صحارى 2025
  • تنظيم متكامل وتجربة معرفية للزوار في معرض الرياض الدولي للكتاب
  • مناطق للقراءة في معرض الرياض الدولي للكتاب
  • وزير الثقافة: معرض الزمالك الأول للكتاب يجسّد إيمان الدولة بدور الثقافة والإبداع في بناء الإنسان
  • وزير الثقافة يفتتح معرض الزمالك الأول للكتاب ويوجّه بخصم 50% لطلاب المدارس والجامعات
  • افتتاح معرض ومؤتمر العمران والبيت والبناء.. وتوقيع 7 اتفاقيات تطوير للمدن المستقبلية
  • وحدة أيادي مصر بالأقصر تشارك في معرض الحرف اليدوية والتراثية بمركز دندرة الثقافي