يمن مونيتور/ من إفتخار عبده

حصارٌ خانق وغلاء معيشي فاحش اختتم بإسقاط أسماء أكثر من 30 ألف أسرة من المستفيدات من برنامج الغذاء العالمي في مدينة تعز المحاصرة والتي تعد الأكثر سكانا والأكثر فقرًا وبطالة وترديًا في الخدمات الإنسانية.

وفي الوقت الذي انهارت فيه العملة المحلية بشكل غير مسبوق أمام العملات الأجنبية تفاجأت العديد من  الأسر المعدمة وقت حضورها لاستلام السلة الغذائية بأن  برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة قد أسقط اسمها من كشوفات المساعدات الغذائية.

هذا الأمر نزل على المواطنين كسياف يقطع رقابهم؛ فمن أين لهم بالقدرة على عول أسرهم المعدمة في ظل هذا الغلاء المعيشي والبطالة القاتلة.

ناشطون مجتمعيون ومواطنون يصفون الطريقة التي قام به برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة بإسقاط أسماء العديد من المستفيدين من كشوفات المساعدات الغذائية التي يقدمها في المحافظة بأنها” ليس لها علاقة بالعدل إطلاقا” نافيين مقولة أن  الحذف مضى  على قاعدة حذف الأقل فقرًا، مؤكدين أن  الاختيار كان  عشوائيًا وغير منصف.

قرار جائر

بهذا الشأن يقول، طلال الشرعبي رئيس اللجنة المجتمعية بحارة غزة مدينة تعز” في الوقت الذي يعاني فيه أبناء تعز الأمرّين، الحرب والحصار وما نتج عنهما من انهيار العملة الوطنية وارتفاع أسعار السلع الأساسية وتدهور الوضع الاقتصادي، يأتي برنامج الغذاء العالمي ليزيد الطين بلّة و يعلن عن إسقاط أسماء المستحقين من الفقراء والمعوزين والنازحين من كشوفات السلة الغذائية  للبرنامج”.

وأضاف الشرعبي لموقع” يمن مونيتور” هذا الأمر بالنسبة للمواطنين المعوزين يعد مذبحة كبرى على مقصلة الجوع، وكارثة إنسانية لها  مآلات  خطيرة  في ظل الحرب  والمجاعة والحصار،  وقد تنعكس آثاره  سلبًا على وحدة  النسيج  الاجتماعي  و السلم  الأهلي   وعلى الأمن والاستقرار المجتمعي”.

وأردف” الكثر من الذين سقطت أسماؤهم في حارة غزة وغيرها من حارات مدينة تعز هم من أشد الناس فقرًا وربما سمعتم   عن أحد المواطنين الذي سبق و شنق نفسه قبل حوالي سنة بسبب عدم قدرته على توفير لقمة العيش لأسرته لتكون أسرته اليوم ضحية لمجزرة الغذاء العالمي للأسف”.

وتابع” السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: لماذا الإصرار على عدم تسليم السلة الغذائية لشريحة الأشد فقرًا من الأرامل و الأيتام والمعدمين والنازحين  الذين يعتمدون اعتمادًا كليًا على الإغاثة الشهرية في حياتهم المعيشية  في مثل  هذه  الظروف  العصيبة، وفي زمن   الحرب التي طحنت    الأخضر  واليابس، وفي ظل اتساع رقعة الفقر  وتدهور الحياة الاقتصادية و المعيشية  ومتوسط دخلهم  الشهري لا يتجاوز  20 دولارًا تقريبًا”.

وأشار إلى أن” هذا الأمر أحدث صدمة كبيرة و مخاوف مجتمعية   لجميع المستفيدين في مديريات الريف و المدينة من جراء سقوط أسمائهم   ومصادرة  حصتهم الغذائية بشكل  غير  متوقع، بعيداً عن  الشفافية و بدون  معايير  علمية  أو  موضوعية؛  مما ينذر بعواقب و خيمة نخشى وقوعها في ظل  المجاعة التي  حاصرت كل بيت”.

وواصل”  نحمّل السلطة المحلية بمحافظة تعز  مسؤلية هذا  العبث  وتلك  الإجراءات  غير  العادلة ،  ونطالب ممثلي  برنامج  الغذاء  العالمي بإعادة  النظر   في  قرارهم   الجائر  الذي حكم  على  غالبية الأسر  المستحقة   بالإعدام جوعًا”.

ودعا الشرعبي كافة الناشطين والإعلاميين  والجهات الرقابية والرسمية للتفاعل  مع  هذه القضية الملحة وهذا  الملف  الإنساني  والذي يمس المواطن البسيط و أمنه الغذائي واستقراره المعيشي فالعاقبة وخيمة” بحسب قوله”.

سخط شعبي كبير

في السياق ذاته يقول عبد الرحمن العديني ( عاقل حارة الضربة العليا  في مدينة تعز )” إسقاط أسماء المستفيدين من برنامج الغذاء العالمي أحدث سخطا شعبيا كبيرا؛ لأن هذا القرار غير منصف إطلاقا فهناك ممن سقطت أسماؤهم وهم لا يجدون قوت يومهم وهناك ممن بقيت أسماؤهم وهم  يمتلكون عمارات مؤجرة”.

وأضاف العديني لموقع” يمن مونيتور”  الناس اليوم تشعر بالحنق الكبير إزاء هذا ومعهم حق في ذلك فالتوقيت الذي جاء به هذا الإجراء توقيت صعب للغاية، الناس اليوم لا تجد ما تأكله في ظل هذا الغلاء الفاحش في أسعار المواد الغذائية، وقدت كانت هذه السلة الغذائية التي يحصلون عليها تسد عليهم أبوابا من الحاجة”.

 

وتابع” أعرف أحدهم سقط اسمه وهو يعمل بائعا متجولا على عربة صغيرة، يبيع” طرزان للأطفال” مثل هذا الرجل الذي يعيل أسرة عن طريق هذا العمل ويتم استبعاد اسمه من أين له أن يعيش في هذا الوضع،  فما بالكم بمن لا يحصل على العمل إطلاقا ومن لا يمتلكون المعيل لهم من الأيتام وغيرهم”.

وأردف”  كانت الإجراءات عشوائية لا تمتثل لأي عدل ولا ندري ما هي المعايير التي اتخذها من قاموا بذلك فالواقع يشرح عكس ما قالوا عليه بأنهم استبعدوا الأسر الأقل فقرًا؛  وهم في الحقيقة قد اسبعدوا الأسر الأشد فقرا وحاجة”.

وواصل” نناشد برنامج الغذاء العالمي بأن يشكل لجنة تنزل للميدان وترى من المستحقين فعلًا،  ترى الأشخاص الذين سقطت أسماؤهم وتنزل لبيوتهم لتنظر ماذا يمتلكون  ثم تقوم بعد ذلك بإجرات مناسبة للناس”.

واختتم” كان الأولى بأصحاب القرار أن يعملوا على محاسبة التجار المتلاعبين بمعيشة المواطنين، وأن يوصلوا صوت الشعب  للعالم بأنه بحاجة ماسة إلى المساعدات الغذائية والإنسانية،  لا أن ينتشلوا اللقمة من أفواه الجوعى ويعطونها لمن لا يستحق”.

محمد اليوسفي أحد أبناء  مدينة تعز،  يعمل  بالأجر اليومي  ومع غياب الأعمال  لا يحصل في الشهر الواحد على أكثر من  53 ألف ريال بالعملة الجديدة،  أي ما يعادل 100ريال سعودي،  ويشكو اليوسفي من الحال التي وصل إليها قائلًا” سقط اسمي من برنامج الأغذية العالمي وقد كنت أحصل بين حين وآخر على سلة غذائية  تعينني على تخطي صعوبات المعيشة”.

وأضاف  لموقع” يمن مونيتور” كلما مرت أيام تزداد العملة المحلية انهيارا؛  الأمر الذي جعل العملة  لا قيمة لها، فما أحصل عليه في الشهر يكفي فقط لشراء كيس من الدقيق فقط لا غير، والموجع أكثر أنه في هذا الوقت العصيب الذي نمر به في ظل تدهور الوضع المعيشي يأتي من يخبرنا بسقوط أسمائنا من الإغاثة”.

وأردف” أنا والكثير من أمثالي كنا قد اعتمدنا على هذه السلة الغذائية اعتمادا كليا وما نحصل عليه من وراء العمل نشتري فقط الحاجات الأساسية الضرورية وقد كان  لا يكفي في الوقت الذي كانت العملة المحلية لا بأس بها لكن اليوم وفي الوقت الذي ازداد فيه الغلاء جنونا يقومون بإسقاط أسماءنا،  هذا والله ليس عدلا إطلاقًا”.

وتابع” نتمنى أن يوضع حل جذري لمشكلة المعيشة الصعبة التي يتجرعها  اليوم المواطنون ويذوقون مرارتها، نتمنى أن نحصل على شيء نستعيد من خلاله قدراتنا ونشعر أننا قادرون على إعالة أسرنا، أما ما نحن فيه اليوم لا يبشر بالخير إطلاقًا”.

وواصل” على الحكومة أن تعمل على إعادة المساعدات الغذائية كما كانت عليه في السابق وفي الوقت نفسه عليها أن تعمل على إعادة الروح للعملة المحلية مقابل العملات الأجنبية حتى يتمكن المواطن من العيش بسلام”.

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: المساعدات الإنسانية تعز برنامج الغذاء العالمی المساعدات الغذائیة السلة الغذائیة فی الوقت الذی یمن مونیتور مدینة تعز

إقرأ أيضاً:

«الأغذية العالمي»: الوضع الإنساني خرج عن السيطرة في غزة

أحمد شعبان (غزة، القاهرة)

أخبار ذات صلة «ويبقى الأمل».. فيلم وثائقي عالمي يبرز  إنسانية الإمارات في غزة «مقترح ويتكوف».. اتفاق لوقف النار «يلوح بالأفق»

أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أن الوضع الإنساني في غزة خرج عن السيطرة، موضحاً أن إغلاق المعابر والجوع واليأس جعل إيصال المساعدات لغزة غير مستقر. كما شدد البرنامج على أن وقف إطلاق النار، هو السبيل الوحيد لإيصال المساعدات بأمان إلى القطاع. 
في السياق، أكد فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، أمس، أن إيقاف المجاعة الجماعية الحالية في غزة يتطلب إرادة سياسية، قائلاً : إن المساعدات التي يتم إرسالها الآن تسخر من المأساة الجماعية في القطاع، موضحاً، في منشور أوردته «الأونروا» على صفحتها بموقع فيسبوك : «عدنا إلى لعبة العتاب، بينما يتضور أهل غزة جوعاً ويحاولون النجاة من القصف الشديد»، كما أشار إلى أن «هناك تقارير تفيد بأن 900 شاحنة تم إرسالها خلال الأسبوعين الماضيين»ن مصيفاً أن هذا أكثر من 10 % من الاحتياجات اليومية لسكان غزة، لافتاً إلى أن المساعدات التي يتم إرسالها الآن تسخر من المأساة الجماعية التي تتكشف تحت مراقبتنا. ولفت لازاريني إلى أنه خلال وقف إطلاق النار في وقت سابق من هذا العام، عندما رفعت القيود البيروقراطية والأمنية بالإرادة السياسية، جلبت الأمم المتحدة بما في ذلك «الأونروا» 600 إلى 800 شاحنة في اليوم، لم يتم الإبلاغ عن أي تحويل للمعونة. وختم لازاريني قائلاً : «نحن لا نطلب المستحيل، السماح للأمم المتحدة بما في ذلك الأونروا والشركاء الإنسانيون بالقيام بعملنا، مساعدة المحتاجين والحفاظ على كرامتهم».  وقالت الأمم المتحدة في وقت سابق أمس، إن الوضع في غزة هو الأسوأ منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس قبل 19 شهراً، على الرغم من استئناف التسليم المحدود للمساعدات في القطاع الفلسطيني الذي تلوح فيه المجاعة.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، للصحفيين في نيويورك : «من الجيد وصول أي مساعدات إلى أيدي المحتاجين»، لكنه أضاف أن عمليات تسليم المساعدات «ليس لها تأثير يذكر» حتى الآن بوجه عام.
وقال : «الوضع الكارثي في ​​غزة هو الأسوأ منذ بدء الحرب».
سوء التغذية
من جانبه، كشف عدنان أبو حسنة، المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» ، عن أن 90 % من أهالي غزة يعانون أشكالاً متعددة من سوء التغذية، جراء نقص الغذاء الحاد، مما أدى إلى تدهور الوضع الإنساني بشكل كبير.
وأوضح أبو حسنة، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الواقع الإنساني في القطاع أصبح مأساوياً للغاية، ويُنذر بمجاعة وشيكة، لافتاً إلى أن مئات الآلاف من السكان يتضورون جوعاً، حيث دخل 250 ألف فلسطيني المرحلة الخامسة من تصنيف الأمن الغذائي، وهي المرحلة الأكثر خطورة، إضافة إلى أن هناك نحو مليون شخص يعيشون بين المرحلتين الرابعة والخامسة، مما يعني أنهم في وضع غذائي حرج للغاية.
ونوه أبو حسنة بأن هناك 77 ألف طفل بحاجة ماسة إلى مكملات غذائية وعلاج فوري، جراء إصابتهم بأمراض ناتجة عن سوء التغذية الحاد، وهو ما تسبب في مضاعفات صحية خطيرة، مشيراً إلى معاناة عشرات الآلاف من النساء الحوامل والمرضعات من أوضاع غذائية حرجة تهدد حياتهن وحياة أطفالهن.
وأكد أن المساعدات الإنسانية والإغاثية التي دخلت القطاع حتى الآن قليلة جداً، ولا تلبي الحد الأدنى من الاحتياجات، محذراً من خطورة التأثيرات النفسية على الأطفال، حيث أصيب المئات منهم باضطرابات نفسية وعقلية، إلى جانب ضعف في القدرات التعليمية والاستيعابية، نتيجة الجوع وسوء الظروف المعيشية.
وقال متحدث “الأونروا”، إن غالبية سكان القطاع يشربون مياهاً ملوثة، في ظل انهيار البنية التحتية، وتعطل محطات تحلية المياه والصرف الصحي. 

مقالات مشابهة

  • «الأغذية العالمي»: الوضع الإنساني خرج عن السيطرة في غزة
  • برنامج الأغذية العالمي: الوضع الإنساني في غزة يخرج عن السيطرة
  • منظمة الصحة تكشف عن موت أطفال غزة جوعا ونفاد الأدوية تحت الحصار
  • تدمير المساعدات الغذائية.. السودان يفضح جرائم الدعم السريع
  • وزارة الخارحية السودانية: المليشيا قصفت مستودعات برنامج الغذاء العالمي في مدينة الفاشر وأحرقتها
  • «أطباء بلا حدود»: فشل خطة أمريكا وإسرائيل لتوزيع الغذاء بغزة.. والمساعدات تستخدم لـ"أهداف سياسية"
  • القمة العالمي للحكومات تطلق تقرير “الإطار الرباعي لصياغة السياسات الابتكارية”
  • المقرر الأممي: إسرائيل تمنع الأمم المتحدة من إيصال المساعدات إلى غزة
  • تحذيرات من استفحال المجاعة بغزة ورفض متزايد لآلية المساعدات الجديدة
  • برنامج “مدن بدون صفيح” يُعلن 62 مدينة خالية من الصفيح ويُحسن سكن 366 ألف أسرة